تونس: تحديّات أمنية واقتصادية في مواجهة خارطة التغيير

مظاهرة مناهضة للحكومة في تونس. (غيتي)

تونس: تحديّات أمنية واقتصادية في مواجهة خارطة التغيير

تونس- المجلة

بعد أن تلاشت ثورات الربيع العربي في المنطقة، انفجرت تونس مع رئيسها قيس سعيّد، راسماً خارطة طريق جديدة لبلاده، التي تواجه ثلاثة تحديات: اقتصاداً هشاً على شفير الانهيار، وأزمة صحية ناتجة عن ارتفاع كبير في إصابات كورونا، ومواجهة سياسية غير مسبوقة أطاحت بالحكومة والبرلمان (حيث يحتل الإسلاميون المعتدلون من حزب النهضة معظم المقاعد).

التونسيون في حالة ترقب


يترقب التونسيون ما ستؤول إليه بلادهم التي تتخبّط بالأزمات، فيما تطوف على سطح المشهد السياسي تساؤلات عديدة: هل سينتظر التونسيون شهراً بحسب ما تقتضيه المهلة الدستورية لتفعيل الإجراءات ضد حزب النهضة على أرض الواقع؟ وهل يمكن أن يتم تعيين لطفي زيتون، المنفصل عن النهضة، رئيساً للحكومة؟ وإلى أي مدى سيؤثر هذا الأمر في تفعيل الحوار الوطني؟
كما يتخوف التونسيون من أن يتم  تمرير السلاح من ليبيا عبر الحدود التونسية الى تونس؛ بالتوازي مع كل الغموض الذي يحول حول الأجندة المسيطرة على ملف التونسيين العائدين من بؤر التوتر الذين يتواجدون حالياً في ليبيا، بظل سيطرة الأتراك على الغرب الليبي.  فكيف يمكن أن يؤثر ذلك على الاحداث في تونس؟ وهل سيواجه التونسيون انفجاراً أمنياً؟ وكيف ستتعامل الدولة مع الأمر في ظلّ التحدي الذي تواجهه في تغيير خارطة طريق البلاد؟
أمّا على الصعيد الخارجي، فهناك تخوّف من زعزعة استقرار للبلاد، حيث دعا الاتحاد الأوروبي إلى «إعادة الاستقرار للمؤسسات في أقرب وقت»، إلى البلد الذي شكّل مهد انتفاضات «الربيع العربي».

تحرّك قضائي يطال الأحزاب


فتح القضاء التونسي تحقيقاً بشأن ثلاثة أحزاب سياسية، بينها حزبا النهضة، وقلب تونس، للاشتباه في تلقيها أموالاً من الخارج، خلال الحملة الانتخابية عام 2019.
حزب النهضة، وحزب قلب تونس الذي يتزعمه القطب الإعلامي نبيل القروي، هما أكبر حزبين في البرلمان المنقسم بشدة الذي تم انتخابه في سبتمبر (أيلول) 2019، والحزب الثالث محل التحقيق هو حزب «عيش تونسي».
ويترقب التونسيون محاكمة الفاسدين في أعقاب قرارات المؤسسة القضائية بفتح تحقيقات عاجلة في ملفات فساد تشمل الأحزاب الثلاثة بتهم الفساد المالي والسياسي والإضرار بأمن البلاد.

الغنوشي: أنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة


سعيّد رجل المرحلة المقبلة

في أجرأ تحرّك له بوجه قواعد القوة المنافسة منذ انتخابه عام 2019 كرئيس مستقل، يبرّر الرئيس التونسي الإجراءات التي اتخذها، وعلى رأسها تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه بـ«الخطر الداهم» الذي تواجهه البلاد في ظل أزمة سياسية عميقة أدت إلى شلّ الحكومة والمؤسسات العامة.
وقد جمّد سعيّد ليل الأحد أعمال البرلمان لمدة شهر، وأعفى المشيشي من مهامه وتولّى بنفسه السلطة التنفيذية. ثمّ أعفى الاثنين وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة ووزيرة الوظيفة العمومية والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان، من مهامهما.

وجاءت قرارات سعيّد الأحد بعد نهار تخللته مظاهرات واسعة في مدن عدّة، مناهضة للحكومة، وتحديداً لكيفية تعاملها مع تفشي وباء كوفيد-19 بعد تسجيل طفرة في الإصابات.
ووصف حزب النهضة، الأكبر تمثيلاً في البرلمان، إجراءات سعيّد الأحد بأنها «انقلاب على الثورة والدستور»، مطالباً إياه بالتراجع عنها.
كما علمت "المجلة" أنّه تمت إقالة مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، ويتم تداول اسم رضاء شهاب المكي لاستلام منصبها.
هذا، ويخشى خصوم سعيّد أن يعيد الأخير تونس إلى الأيام التي كانت فيها السلطة تتركز في يد الرئيس؛ معتبرين أن هذا يمكن أن يدمّر آمال التونسيين في تحقيق ديمقراطية فعّاله، بعد حصر السلطة بيد الرئيس.
وتعاني تونس منذ الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي قبل عشر سنوات، من أزمات عدّة أبرزها ارتفاع البطالة وسوء الخدمات العامة الأساسية وتدني القدرة الشرائية، وكلها شكّلت مطالب الثورة.
إذ لم تتمكن الحكومات المتعاقبة، التي وضعت البلاد على سكة الممارسة الديمقراطية، من إيجاد حلول. وأدى ذلك كله، فيما تثقل الديون الخارجية ونسبة التضخم كاهل البلاد، إلى تنامي الغضب الشعبي، على وقع انقسامات سياسية واحتدام الصراع على السلطة منذ انتخابات عام 2019. وعُيّن منذ ذلك الحين ثلاثة رؤساء وزراء، لم يتمكن أي منهم من تشكيل حكومة، وأُعفي آخر من مهامه بعد ستة أشهر، وسط أزمة اجتماعية وأخرى صحية حادة.

الرئيس التونسي يعفي وزير الدفاع ووزيرة العدل بالإنابة

font change

مقالات ذات صلة