مؤيدو «حزب الله» يطلقون حملة شرسة على البطريرك الماروني بعد دعوته لتنفيذ القرار 1701

البطريك الماروني مار بشارة بطرس الراعي

مؤيدو «حزب الله» يطلقون حملة شرسة على البطريرك الماروني بعد دعوته لتنفيذ القرار 1701

بيروت: ما إن انتهت عظة قداس الأحد التي أطلق خلالها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي صرخات ومواقف عالية السقف تجاه كل ما يمرّ به لبنان، إلاّ وبدأت حملات التخوين على مواقع التواصل الاجتماعي.

الراعي الذي انتقد في كلمته تعطيل تشكيل الحكومة، قائلا: «لا يحقّ لأيّ مسؤول أن يتذرّع بصلاحيّاته ليؤخّر تأليف الحكومة أو لأيّ آخر بفائض صلاحيّات لحجب الحكومة». وشجب توتّر حالة الأمن في الجنوب وتَسخينَ الأجواءِ في المناطق الحدوديّة انطلاقًا من القرى السكنيّةِ ومحيطها، مشيراً إلى أن أهله سئموا «والحق معهم»الحرب والقتل والتهجير والدمار، وإقدام فريقٍ على تقريرِ السلمِ والحربِ خارجَ قرارِ الشرعيّةِ والقرارِ الوطني.

وأهاب الراعي في قداس الأحد «بالجيش المسؤول مع القوات الدولية عن أمن الجنوب، والسيطرة على كل أراضي الجنوب، والتنفيذ الدقيق للقرار 1701، ومنع إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية، لا حرصاً على سلامة إسرائيل، وإنما حرصاً على سلامة لبنان».

وقال: «نريد أن ننتهي من المنطق العسكري والحرب، واعتماد منطق السلام ومصلحة لبنان وجميع اللبنانيين».

وأضاف: «صحيح أنّ لبنان لم يوقّع سلاماً مع إسرائيل، لكن الصحيح أيضاً أنّ لبنان لم يقرّر الحرب معها، بل هو ملتزم رسمياً بهدنة 1949. وهو حالياً في مفاوضات حول ترسيم الحدود، ويبحث عن الأمن، والخروج من أزماته، وعن النهوض من انهياره شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردوداً إسرائيلية هدّامة».

 

حملة شرسة على الراعي

وعلى الأثر شنّت مجموعة ناشطين مؤيّدين لحزب الله حملةً عنيفة على البطريرك الماروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب المواقف التي أطلقها، والتي تدعو إلى تسليم قرار الحرب والسلم للدولة الشرعية وليس لميليشيا حزب الله.

وغرّد ناشطون عبر استخدام هاشتاغ «راعي الانحياز»، و«راعي الاستسلام»، حيث اعتبر بعضهم أنّ مواقف رأس الكنيسة المارونيّة لا تختلف عن مواقف دولة إسرائيل، وذلك بالتزامن مع بيانات لأحزاب حليفة لحزب الله.

 

مواقف متضامنة

الحملة على الراعي قوبلت باستهجان شعبي كبير وبردود من مناصري الأحزاب المسيحية ومن شخصيات على صلة بالبطريركية المارونية.

وفي المعلومات، فإن عددا من الحقوقيين باشروا إعداد شكوى عاجلة إلى المراجع المختصة بالتزامن مع مطالبات بتحرك القضاء للتحقيق في هذا الملف. كما أفيد بأن جهات معنية أجرت اتصالات بالصرح البطريركي متضامنة ومعلنة شجبها لهذه الحملات، مع تعهد صريح بوقفها ومنع تكرارها.

وفي المقابل أفادت مصادر الصرح البطريركي بأن «البطريرك الراعي قال كلمته ولن تثنيه عن قول الحق لا حملات ولا شعارات سوقية، وسيظل يطالب ببسط سلطة الدولة على كل أراضيها». وأصدرت سلسلة مواقف شاجبة للحملة المبرمجة على البطريرك الماروني ومؤيدة لمواقفه.

فقد غرد الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان عبر صفحته على «تويتر»قائلا: «الإساءة إلى البطريرك الراعي ترتد على أصحابها ولن تؤدي إلا إلى المزيد من التأييد له خارجياً وداخلياً من المواطنين الشرفاء الذين يؤمنون بلبنان فقط وقبل كل شيء».

كما أصدر رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري بيانا قال فيه: «إن الإساءة للمقامات الروحية وتناول مواقفها الوطنية ووجهات نظرها السياسية، بحملات الإهانة والتحريض والتخوين، على صورة ما جرى إزاء المواقف الأخيرة للبطريرك الراعي، تشكل تطاولاً مرفوضاً على كرامة اللبنانيين ولغة غير مقبولة تحت أي ظرف لأصول التخاطب السياسي».

وأكّد أنّ «الدعوة إلى التزام لبنان باتفاقية الهدنة ومقتضيات القرار 1701، ليس أمراً مستجداً على الخطاب الوطني وعلى حق الدولة في الدفاع عن سيادتها ورفض استدراجها إلى مغامرات غير محسوبة النتائج».

كذلك، شددت أمانة الإعلام في حزب الوطنيين الأحرار، في بيان اليوم «رداً على الحزب السوري القومي الاجتماعي»، على أن «البطريرك بشارة الراعي يصر مرة تلو الأخرى على تحييد لبنان وشعبه عن الصراعات العبثية التي تنهك بنيته الاقتصادية والبشرية معا. وفي المقابل يتعامى البعض عن مسؤولية الحكام في سوء الإدارة والإهمال والفساد، إلى حد إيصالنا إلى العهد الحجري، عفوا العصر الحجري، حيث لا دواء في الصيدليات، وهو غالي الثمن إن وجد، والمستشفيات تعلن حاجتها للمازوت وإلا الموت محتم بلا كهرباء. ويأتيك من يتعامى عن مسيرة طويلة من الطغيان الإسرائيلي والسوري والفلسطيني على أرضنا ومواردنا ومحاولات فرض الاستسلام علينا».

ولفت إلى أن «رفض الحرب ورفع الظلم وحصر السلاح بيد الشرعية، هو المخرج نحو النمو والازدهار، وغير ذلك يبشر بمآرب خطيرة. فلا الحرب مع العدو أتت بازدهار للبنان، ولا الحياد الإيجابي، إلا خيار الأحرار، خيار أصحاب الحق، خيار المسالمين».

بدوره، غرد النائب السابق فارس سعيد، عبر «تويتر»كاتبا: «الحملة على شخص البطريرك الراعي مرفوضة، إذا لم تتوقف سنقوم بتحركات».

ومن جهته، غرّد رئيس حركة التغيير، إيلي محفوض، عبر «تويتر»، قائلاً: «الهجوم الأصفر الملوّث بالوباء الإيراني والقادم من جماهيرية حزب الله الخارجة عن القوانين اللبنانية والدولية ضدّ البطريرك الراعي تؤكّد أن هذه الميليشيا التي يشغلّها الحرس الثوري الإيراني باتت جسماً غريباً عنا ومواجهتها بشتى الوسائل باتت ضرورية... اشتموا ما شئتم فسلاحكم إلى الصدأ».

ويبدو أنّ تنظيم حزب الله وجمهوره باتوا يستبيحون الكرامات والمقامات دون خجل، فكلّ من ينتقد ممارسات حزب الله التي تجرّ لبنان إلى ويلات يتحمّل تبعاتها غالبية الشعب اللبناني الذي يرفض ممارسات الحزب، بات عرضة لمشرحة الحزب الافتراضية التي تصنّف اللبنانيين بين خونة وأحرار، بين عملاء ومقاومين، فاللبناني الذي يريد العيش بسلام بعيدا عن أجندات النظام الإيراني وميليشيا حزب الله هو عرضة لحملات ممنهجة من قبل «شبيحة» الحزب.

font change