ناصر سعيد  لـ«المجلة»: النفط الليبي مهدّد بالسرقة

المتحدث الرسمي باسم الحركة الوطنية الشعبية قال: قيس سعيد أسقط آخر قلاع الإخوان

مقاتل ليبي (أ.ف.ب)

ناصر سعيد  لـ«المجلة»: النفط الليبي مهدّد بالسرقة

القاهرة: توقع ناصر سعيد، المتحدث الرسمي باسم الحركة الوطنية الشعبية الليبية، أن تنعكس الأحداث الأخيرة التي تشهدها تونس على بلاده، معتبرًا أن جماعة الإخوان والميليشيات المؤيدة لها في الغرب الليبي كثيرا ما استقوت بحركة النهضة التونسية في تقديم الدعم السياسي لها. 

وقال سعيد، في حوار مع «المجلة»، أن الحراك الشعبي في تونس ضد تسييس الدين وتزييف إرادة الشعب قد يتسرب لداخل ليبيا، ويدفع بقاطني الغرب للانتفاضة ضد الجماعات الدينية، خاصة أن سياسات تلك الجماعة واحدة، مهما تغيرت البلدان التي تتواجد فيها بإفقار الشعب وتفكيك الدولة ومعاداة الجيوش الوطنية. 

وأوضح أن حركة الإخوان على بُعد خطوات من الانتهاء في تونس ومعها مشروعاتها العابرة للحدود ومصالحها الحزبية الضيقة التي خدمت أصحابها فقط وقوضت مصالح الشعب التونسي الاقتصادية والسياسية، وامتد تأثيرها لداخل الأراضي الليبية، مشددًا على أن هزيمة المشروع المتستر بالدين، بات وشيكاً وفي مراحله الأخيرة أمام حالة الوعي الشعبي المتنامية والغاضبة في المنطقة.. وإلي نص الحوار: 

 

* كيف تنعكس القرارات التونسية الأخيرة الموجهة ضد حركة النهضة على الداخل الليبي؟ 

- الخطوة التي اتخذتها الرئاسة التونسية شجاعة وجريئة، وتمت في إطار قانوني، لكنها تأخرت قليلاً، فالشعب عانى هناك من سياسات متعمدة للجماعات المتطرفة للإفقار والإرهاب وهيمنة سلطة جماعة النهضة الإقصائية، ومن المتوقع أن تصبح تونس بعد 25 يوليو (تموز) الموعد الذي انتصر فيه الرئيس قيس سعيد لخيارات الشعب، مختلفةً تمامًا عما قبلها، وتأثيرها سيكون كبيًرا على ليبيا، فإسقاطها لم يتم إلا بعد إغراق تونس ومصر في الفوضى الأمنية في أحداث ما يعرف بـ«الربيع العربي» في 2011. 

 

* يخشى العالم حاليًا من تحول غرب ليبيا إلى موطن للمرتزقة والإرهابيين الفارين من سوريا والعراق.. كيف ترى تلك المخاوف؟ 

 

- الاتفاقية التي وقعها فايز السراج رئيس الوزراء السابق في حكومة الوفاق الوطني، مع أنقرة مكنت الأخيرة من احتلال الغرب الليبي، فالواقع اللوجيستي على الأرض يشير إلى وجود قوات تركية في قاعدتي الوطية وعقبة بن نافع، والجماعات المتطرفة التي انهزمت في العراق وسوريا وجدت لها موطنًا، خاصة أن جماعة الإخوان لا تؤمن بالدولة وتريد تفكيكها، وإذا لم تتم السيطرة على نفوذهم في الغرب فسيمتد نشاطهم خارج الحدود ليتداخل مع جماعة بوكو حرام في نيجيريا ويهددون  جنوب الجزائر منطقة الساحل.  

 

ناصر سعيد، المتحدث الرسمي باسم الحركة الوطنية الشعبية الليبية

 

 

* هل تتوقع تغير الأمر بعدما باتت حركة النهضة في تونس في وضع لا تحسد عليه حاليًا بعد انكشافها أمام الشعب؟

- صبر الشعب الليبي نفد، واحتكار السلاح لن يجعل أحدا في مأمن من تنامي الوعي الوطني حتى لو كانت جماعة الإخوان موجودة في  مفاصل الدولة، وتسعى للحيلولة دون وصول البلاد للاستقرار، وعقيدتها الأساسية تعتمد على معاداة فكرة السيادة والجيوش الوطنية واستغلال كل الوسائل من أجل بقائها في السلطة، والليبيون سيصلون بالجماعة إلى نفس المصير الذي حدث لها في مصر وتونس، فثورة 30 يونيو (حزيران) 2013 بمصر كانت الضربة القاسمة التي مهدت الطريق نحو إسقاط مشروع تسييس الدين، وجاءت قرارات 25 يوليو (تموز) 2021 في تونس لتقضي عليهم بشكل نهائي.

 

* الاتفاقية التي وقعها فايز السراج رئيس الوزراء السابق في حكومة الوفاق الوطني، مع أنقرة مكنت الأخيرة من احتلال الغرب الليبي

 

* ما تقييمكم للدور العربي في الأزمة الليبية؟

- الدور العربي مهم ويتسم بأنه داعم وليس دورا تدخليًا، خاصة مصر التي يمتد أمنها القومي حتى طرابلس، وتؤكد دائمًا أن مستقبل البلدين ومصيرهما واحد، كما أن الخط الأحمر الذي رسمه الرئيس عبد الفتاح السيسي وتمثل في مدينتي سرت والجفرة كان إنذارًا وردعًا  للقوى الأجنبية التي أرادت التوسع في شرق ليبيا وعجزت حتى عن محاولة الاقتراب منه، كما حملت تعزيزًا لاتفاق برلين ووقفا لإطلاق النار، وصحيح أن هناك دور عدواني لقطر في الملف الليبي لكن باقي المواقف العربية إيجابية معها. 

 

* الشركة الدولية المكلفة من الأمم المتحدة بمراجعة حسابات مصرف ليبيا اتهمت ديوان المحاسبة الليبي بطرابلس بإعاقة عملها الخاص بمراعاة الشفافية والنزاهة.. ما تعليقك على دور البنك المثير للجدل؟ 

- رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط سبق له اتهام البنك المركزي بإهدار مليارات الدولارات لصالح «القطط السمان» وطلب إظهار مصير إيرادات مبيعات نفط بلغت 186 مليار دولار خلال 9 سنوات، وأنا أرى أن البنك المركزي الليبي كان ممولاً  للماكينة الإرهابية في ليبيا، وظل سلطة فوق كل السلطات الأخرى دون أن يستطيع أحد محاسبته. 

 

* هل يمكن اعتبار فتح الطريق الساحلي بداية لعودة الاستقرار إلى ليبيا؟  

- الطريق الساحلي تم غلقه منذ عامين رغم كونه شريانًا رئيسيًا للحركة بين شرق وغرب ليبيا ودون أن يضطر المواطنون للسير حوالي ألف كيلومتر في رحلة محفوفة بالمخاطر، وإعادة فتح الطريق تعطي التفاؤل بحل العديد من المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الليبي من نقص البضائع والوقود وتعقيد حياة المواطنين اليومية.

 

* هل تدفع ليبيا ثمن ثروتها النفطية الكبيرة حاليًا بوقوعها في تجاذبات الدول الكبرى ومصالحها؟

- الصراع العالمي بوجه عام يدور حول المصالح والثروات النفطية التي تعتبر الأكبر على مستوى القارة الأفريقية والأجود بين جميع الأنواع بنسبة 38.5 في المائة من احتياطي النفط في أفريقيا و2.8 في المائة من احتياطي العالم كله، كما تمتلك احتياطيا من الغاز الطبيعي يقدر بـ1.4 تريليون متر مكعب يضعها في المرتبة الرابعة في أفريقيا، وكل تلك الثروات كانت جاذبة للأتراك الذين يعانون من أزمة وقود منذ سقوط تنظيم داعش في سوريا والعراق، بعدما ظلت لسنوات تعتمد على الكميات التي يتم تهريبها في صهاريج لأنقرة، بجانب موقع ليبيا على البحر المتوسط وامتلاكها لشاطئ بمساحة 1900 كيلومتر ما يجعلها بوابة على القارة السمراء، بجانب قربها من السواحل الإيطالية.

 

طرابلس (أ.ف.ب)

 

* هل الأوضاع في ليبيا قابلة للإصلاح أم ستظل تعاني شبح الانقسام؟

- ليبيا لا توجد عندها مشكلة إثنية أو دينية، فمكوناتها الوطنية تسمح بالتعايش لكن المشكلة التي تعاني منها أمنيًا وتتمثل في السلاح خارج السلطة وانتشار الميليشيات، والعالم لو توفرت لديه النية لأنهى المشكلة وأخرج المرتزقة، لكن كل دولة لها مصالحها فألمانيا مشغولة بمخاوف تدفق اللاجئين، وإيطاليا رغم أن مصالحها مع ليبيا لكن سياساتها ملتبسة في التعامل مع طرابلس.

 

 

* صبر الشعب الليبي نفد، واحتكار السلاح لن يجعل أحدا في مأمن من تنامي الوعي الوطني حتى لو كانت جماعة الإخوان موجودة في  مفاصل الدولة

 

* ما الجديد بالنسبة لملف إعادة الإعمار في ليبيا حاليًا؟

- إعادة الإعمار مرتبط بالاستقرار ولن يتم إلا بتفكيك الميليشيات، فأي شركة تريد العمل لن تأمن على عمالها ومعداتها في ظل المشكلات الأمنية، وأعتقد أن ذلك الملف لا يتحرك إلا بعد الاستقرار السياسي أيضًا وإجراء الانتخابات.

 

* هل توجد عوائق قد تقف في طريق إجراء الانتخابات في ليبيا في موعدها المقرر؟

- تم الاتفاق في إطار المفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة على «إجراء انتخابات وطنية» في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والحكومة الحالية هدفها تسيير الأمور والتمهيد الأمني والسياسي لعقد الاستحقاقات في موعدها، لكن حتى الآن لم يتم إقرار القاعدة الدستورية والأساس القانوني للانتخابات العامة رغم اقتراب موعد عقدها، بجانب تعقيدات الموازنة العامة للدولة التي استمرت  لثماني جلسات بسبب الخلاف على ضخامة أرقامها وطلب مبالغ لعملية التنمية من مسؤولين يفترض أنهم  سيغادرون السلطة بعد 5 أشهر.

 

* ما تعليقك على عودة سيف الإسلام القذافي للمشهد السياسي في ليبيا وإثارته الجدل رغم عدم إعلانه الترشح؟ 

- سيف الإسلام مواطن ليبي من حقه الترشح، لكنه كان جزءًا من فترة حكم والده معمر القذافي التي امتدت 42 عامًا، وأرى أن الاحتكام يجب أن يكون للحرية والإرادة الشعبية، والمعركة الأهم بالنسبة لليبيين يجب أن تكون تحرير بلدهم المنتهكة من الميليشيات والمرتزقة واستعادتها. 

 

 

 

 

 

font change