بين ترامب وبايدن... من أخفق ومن نجح في أفغانستان؟

رأيان أميركيان متعارضان

مسلحون في تجمع لإعلان دعمهم لقوات الأمن الأفغانية والقتال ضد طالبان في ضواحي كابل، أفغانستان، 23 يونيو 2021

بين ترامب وبايدن... من أخفق ومن نجح في أفغانستان؟

واشنطن: مع بداية هذا الأسبوع،  نقلت الصحف والتلفزيونات الأميركية مشاهد مرعبة للأفغان اليائسين الذين حاولوا، في مطار كابل، دخول الطائرات العسكرية الأميركية. وركضوا إلى جانب طائرة وهي تستعد للإقلاع. وسقط شخص واحد على الأقل من طائرة أقلعت. وعثر على واحد على الأقل ميتا داخل بئر عجلة طائرة عندما هبطت خارج أفغانستان.

في نفس الوقت، في خطاب إلى الأمة من البيت الأبيض، وصف الرئيس جو بايدن هذه المشاهد من مطار كابل بأنها «تفتت الأمعاء». ودافع عن الأمر الذي كان أصدره في أبريل (نيسان) الماضي ببداية انسحاب كامل للقوات الأميركية من أفغانستان. وجادل قائلا: «ندعم بقوة ذلك الأمر الذي أصدرته. وأعترف بأني تعلمت، بطريقة صعبة، أن أي أمر لسحب القوات الأميركية من أي مكان ليس أمرا سهلا».

لم تكن حجة بايدن جديدة لأن وجود القوات الأميركية في أفغانستان كان موضوع نقاش مستمر وسط الأميركيين منذ أن غزت تلك القوات أفغانستان قبل 20 عاما.

هذان رأيان أميركيان متعارضان، كجزء من النقاش الأخير بعد سقوط أفغانستان في أيدي طالبان. هذان رأيان لشخصين مطلعين على التطورات، من تغريداتهما، ومواقعهما في الإنترنت، وتصريحاتهما إلى الصحافيين:

في جانب، عضوة الكونغرس براميلا جايابال، ديمقراطية من سياتل (ولاية واشنطن)، ولدت في الهند، ورئيسة «كونغرشنال بروغريسف كوكاس»(تجمع التقدميين في الكونغرس). تأسس هذا التجمع قبل 30 عاما تقريبا، وهو أكبر تجمع لأكثر الديمقراطيين يسارية في الولايات المتحدة.

في الجانب الآخر، جيمس كارافان، مدير دراسات السياسة الخارجية في مؤسسة «هيرتدج»(التراث) اليمينية في واشنطن. وكان قضى 25 عاما عسكريا في القوات الأميركية المسلحة. ومن المقربين للرئيس السابق دونالد ترامب.

عضوة الكونغرس الأميركي براميلا جيابال (أ.ب)

عضوة الكونغرس براميلا جايابال: «الأمر الواقع»

في عام 2017، بعد أن خاطب الرئيس السابق ترامب الشعب الأميركي عن أفغانستان، قدمت ردا عليه من داخل قاعة مجلس النواب. وقلت إن خطابه يفتقر إلى تفاصيل، وإلى استراتيجية واضحة لإنهاء أطول حرب في تاريخ أمتنا.

بدلا عن ذلك، كان ترامب قد أفاد بتعرض مزيد من الجنود الأميركيين إلى الموت والاذى. وزاد اشتعال نيران صراع لا نهاية له.  ونكث بوعده، خلال حملته الانتخابية، بإعادة كل الجنود الأميركيين إلى وطنهم سالمين...

في خطابي في ذلك الوقت، دعوت الكونغرس إلى أن لا يتنازل عن مسؤوليته:

أولا، يستمع إلى الأميركيين الذين يريدون إنهاء الحرب في أفغانستان.

ثانيا، يدعو إلى جهد دبلوماسي، بسبب عدم وجود حل عسكري.

ثالثا، يؤكد سيطرته على قرار إعلان الحرب (بدلا عن انفراد رئيس الجمهورية بذلك)...

اليوم، ها نحن نرى الرئيس بايدن وقد أوفى بعهده الذي كان تعهد به خلال حملته الرئاسية الانتخابية: إنهاء أطول حرب في التاريخ الأميركي.

قضت هذه الحرب المأساوية على حياة الآلاف من الجنود الأميركيين والأفغان. وشغلت الأميركيين عن مواجهة التحديات الداخلية والخارجية الأخرى.

اليوم، بعد عقدين من الاحتلال العسكري لأفغانستان، لا نقدر على التنازل عن مسؤولياتنا في تلك الدولة، وفي تلك المنطقة. لهذا، ندعو إلى الآتي:

أولا، دعم جهود السلام، وإعادة الإعمار هناك.

ثانيا، التعاون مع حلفائنا لتحقيق سلام مستمر.

ثالثا، إعادة توطين الأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية...

في هذا الوقت الصعب، نثني على الرئيس بايدن، وعلى وزير الدفاع لويد أوستن، بسبب الأوامر الشجاعة التي أصدرها لحماية الأميركيين هناك، ولحماية الأميركيين هنا. استمعا إلى رغبات الشعب الأميركي، وتجاهلا صيحات الذين يريدون حروبا لا نهاية لها.

ونحن، في تجمع الكونغرس التقدمي (سي بي سي) ندعو إلى الاستفادة من دروس أفغانستان بترجيح العمل الدبلوماسي، وفي نفس الوقت، تأكيد سلطة الكونغرس في إعلان الحرب، عندما تكون القوة العسكرية ضرورية. 

 مدير دراسات السياسة الخارجية في مؤسسة هيرتدج (التراث) اليمينية في واشنطن، جيمس كارافانو

جيمس كارافانو: هجمات 11 سبتمبر جديدة

بسبب قرار الرئيس بايدن بأن يسحب، فجأة، القوات العسكرية الأميركية من أفغانستان، ها هم الأفغان يواجهون فوضى دموية مدمرة، لا يعرف أحد نهايتها.

لكن، يوجد درس واحد من وراء هذه الكارثة، وهي إيقاظ قادة وطننا بالابتعاد عن «مبدأ أوباما بايدن»الذي أدخلنا في متاهات لا حدود لها. صار واضحا أن هذا المبدأ بترك قيادة سياستنا الخارجية لغيرنا، قد أوصلنا إلى قاع القاع. ولهذا، يجب التخلص منه مرة واحدة وإلى الأبد...

لكن، مؤسف أن نتعلم هذا الدرس وسط ما نرى من مناظر البؤس البشري في أفغانستان، ووسط ما استيقظنا عليه من تهديدات متزايدة لأمن وطننا.

سأرد، أولا، على الذين يحملون دونالد ترامب مسؤولية ما حدث. الحقيقة هي أنه، خلال فترة رئاسة ترامب، ورغم عيوب الحكومة الأفغانية الكثيرة، خطت أفغانستان خطوات كبيرة إلى الأمام: سيطرت على أكثر أراضي البلاد. وحققت نموا اقتصاديا حقيقيا. وطورت النساء ليعملن خارج المنزل. وفتحت للأطفال آفاقا جديدة بتوفير المدارس لهم.

كيف، بحق السماء، يقدر أي شخص على أن يقول شخص إن ترامب يتحمل المسؤولية، وليس بايدن الكارثي؟

نعم، تفاوض مع طالبان، اعتمادا على أكثر من نقطة:

أولا، لم يكن التفاوض خطأ في وجود القوة العسكرية.

ثانيا، وضع ترامب شروطا وجداول زمنية محددة.

ثالثا، حذر ترامب طالبان باستهدافها إذا تخلت عن مسؤوليتها...  

الآن، هجمت طالبان هجوما سريعا. وما كان يجب أن يفاجأ أي شخص بذلك. لأن طالبان لم تفعل سوى أن تلقفت الفاكهة التي رماها لها بايدن.

لماذا لا يستفيدون من تخلي بايدن عن أفغانستان؟

تأكد لهم أن بايدن لا يريد، وهو، حقيقة، كان يقدر، على مواجهة تطرفهم، وعربدتهم، وقتلهم، واغتصابهم النساء، وزواجهم القسري، ونشر الفوضى التي نراها اليوم بأعيننا...

طبعا، سيواصل بايدن لوم ترامب.  ولوم طالبان، ولوم حكومة أفغانستان، ولوم جيران أفغانستان.

لكن، لن يغير ذلك من الكارثة هناك، ومن تهديد أمننا هنا. ولن يغير من توقع مزيد من الكوارث هناك، ومزيد من الخطر علينا...

font change