اللبنانيون سيدفعون فاتورة النفط الإيراني... عاجلا أم آجلا

اللبنانيون سيدفعون فاتورة النفط الإيراني... عاجلا أم آجلا

بيروت: انشغل اللبنانيون في الأيام الماضية بإعلان أمين عام حزب الله حسن نصر الله انطلاق أولى البواخر الإيرانية المحملة بالمحروقات، في ظل شحّ غير مسبوق في مادتي البنزين والمازوت تعاني منه الأسواق اللبنانية، الأمر الذي أنتج انقطاعا شبه تام للكهرباء، وتقنينا قاسيا من قبل أصحاب المولدات بسبب عدم قدرتهم على تأمين مادة المازوت.

استقدام المحروقات من إيران، أثار موجة من الانقسامات السياسية والتخوف من التداعيات السلبية على الدولة، إن كان لناحية العقوبات أو لناحية توريط البلد في الصراعات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، مع العلم أن هذه البواخر لن تحل المشكلة ولن تكفي السوق المحلية التي هي بحاجة لأكثر من هذه الكمية بأضعاف مضاعفة.

 

كيف ستدخل الباخرة الإيرانية إلى لبنان؟

السفينة الإيرانية التي أبحرت قبل أيام والتي من المفترض أن تصل المياه الإقليمية اللبنانية خلال 11 يوما، من المفترض أن تمر بمعابر وقنوات دولية.

ولكن على الرغم من «البروباغندا» الإعلامية التي حاول حزب الله إثارتها منذ إعلان نصر الله عن انطلاق الباخرة الإيرانية، فإنّ أسئلة كثيرة طرحها اللبنانيون حول تفرد حزب الله باتخاذ قرار باستقدام المحروقات من بلد عليه عقوبات، فكيف تستطيع هذه الباخرة أن تمر في المعابر والقنوات التي عليها رقابة وتخضع لإجراءات مشددة؟

والأهم، لا بد من السؤال عن المسار الذي يسلكه النفط الإيراني؟ هل سيأتي إلى الشواطئ اللبنانية؟ أم عبر سوريا، معتمداً خطوط التهريب عبر طرق يسيطر عليها الحزب، لذا لا بد من رصد رد الفعل الدولي، وتحديداً الأميركي والإسرائيلي. فحرب سفن النفط مستمرة، ولا بد من السؤال عن مصير هذه السفن أو الشاحنات التي تأتي إلى لبنان: هل تصبح الأراضي اللبنانية أو المياه الإقليمية مسرحاً لعمليات الاستهداف؟

ومعلوم أن الإسرائيليين استهدفوا في سوريا سابقاً الكثير من مخازن المواد الغذائية والمحروقات والمواد الطبية، العائدة لحزب الله. وفي المدة الماضية حصل تبادل تهديدات بين إسرائيل وحزب الله حول استهداف أي شحنة نفط إيرانية إلى لبنان.

قانونيا، لا يمكن للسفينة الإيرانية أن تدخل لبنان حتى لو أتت بأسماء رجال أعمال طالما أن المنطقة التي انطلقت منها هي إيران، أما لوجستيا فإن لوزارة الطاقة دورا أساسيا في هذا الملف، فهي «عبر المديرية العامة للنفط ومنشآت النفط تتلقّى العلم باستيراد أي باخرة للمحروقات، وتتبَيَّن مواصفاتها وأوراقها الرسمية المطلوبة وهوية مستورديها ومكان تفريغها.. وكافة الأمور الإدارية المطلوبة، قبل إعطاء الإذن بالاستيراد».

لذلك من الاستحالة إدخالها بصورة شرعية ما لم تحصل على الموافقات المطلوبة. لكن بحسب مطلعين فمن الممكن إيجاد «مخارج مناسبة»، خصوصاً مع الحديث عن إدخال المحروقات برا عبر سوريا. ومع تأمين حزب الله غطاء سياسيا عبر الإعلان عن أن الباخرة مستوردة عبر تمويل من رجال أعمال لبنانيين، لذلك من الممكن أن يأخذ رجال الأعمال الذين استوردوا الباخرة اسميا، على عاتقهم تأمين المستندات القانونية اللازمة لإدخال النفط إلى لبنان.

 

ولكن هل يعني ذلك انتهاء أزمة المحروقات؟

السماح للنفط الإيراني بالدخول إلى لبنان، لا يعني تأمين الكميات المطلوبة للسوق. حتى وإن أتت لاحقًا باخرتان أو عشر بواخر، فالسوق قادر على ابتلاع الكميات الإضافية. فالتهريب والتخزين عبارة عن ثقب أسود يشفط ما يدخل السوق، وحتى الذي لا يزال على رصيف الموانئ.

فلا البواخر الإيرانية ولا بواخر الشركات المستوردة المعهودة في لبنان، قادرة على كفاية السوق. ولا رفع الأسعار يخفّض الاستهلاك بصورة تسمح بتوفّر المحروقات وخفض الطوابير، لأن أزمة المحروقات أصبحت دوامة لا تتوقّف إلا بحلّ متكامل على مستوى الأزمة العامة في البلاد.

 

عدم الاكتراث بالعقوبات

يتخوف اللبنانيون من مشروع حزب الله الذي لطالما نادى به، وهو التوجّه شرقا، مع ما يعنيه من التحام لبنان التحاماً كاملا بالمحور الإيراني، ضاربا بعرض الحائط مصالح لبنان واللبنانيين، والفاتورة الباهظة التي ستدفعها البلاد.

ورغم كل محاولات حزب الله من إدخال الدواء الإيراني، وحاليا النفط الإيراني، فلا قدرة للأدوية الإيرانية على أن تلبي حاجات السوق اللبنانية. ولا مجال لأن يسد النفط الإيراني احتياجات لبنان وسوريا وفنزويلا، بعد إيران. وبالتالي، فإن ربط لبنان بالمنظومة الإيرانية كلفتها عالية جداً، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وصحياً.

وبمعنى أوضح، لا يمكن للمواطن أن يستفيد من هذه المنتجات الإيرانية، وستكون نتائجها عقوبات على لبنان. والنتيجة استمرار الأزمات وبروز العقوبات الموسعة.

 

 

 

font change