لبنان.. هل اقترب اعتذار ميقاتي عن تشكيل الحكومة؟

رئيس الجمهورية ميشال عون خلال استقباله رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي

لبنان.. هل اقترب اعتذار ميقاتي عن تشكيل الحكومة؟

يبدو أنّ الزيارة الأخيرة للرئيس المكلّف نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا أعادت ملف تشكيل الحكومة إلى المربع الأول، فالرئيس ميقاتي الذي خرج من الاجتماع شاحب الوجه ولم يدل بأي تصريح للإعلام كما اعتاد أن يبشرهم بتقدم المشاورات عقب كل لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون، تؤكّد مصادره لـ«المجلة» أنّ عملية التشكيل تعثرت، وذلك بسبب تعنّت رئيس الجمهورية وفريقه، اللذين نسفا كل التفاهمات التي جرت خلال اللقاءات السابقة.

 

توتر حكومي

 

على وقع تعميم الأجواء الإيجابية، وقرب الانتهاء من عملية التأليف، أصدر المحقق العدلي المكلف بتحقيق انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الأمر الذي أدّى إلى رفع السقف من قبل دار الفتوى التي رفضت خطوة بيطار باعتبارها سابقة لم تحدث من قبل وتعدّيا على موقع الرئاسة الثالثة، خصوصا أن القاضي بيطار لم يصدر مذكرات إحضار بحق أي مسؤول رفض المثول أمامه، وأيضا كان لنادي رؤساء الحكومات السابقين موقف متقدم أكدوا خلاله أن خطوة بيطار حيكت في أروقة بعبدا، الأمر الذي سيحول بطبيعة الحال إلى توتر بين ميقاتي أحد رؤساء الحكومات السابقين من جهة وساكن بعبدا من جهة أخرى.

  

عقد داخلية 

  

لا يمكن لأحد أن يجزم أن لا عقد خارجية تواجه تشكيل الحكومة، خصوصا عن  التسريبات التي تؤكّد استخدام إيران ملف تشكيل الحكومة اللبنانية ورقة ضغط في مفاوضاتها النووية، ولكن بالعودة إلى الداخل، حتى الساعة وعلى الرغم من خطورة الوضع الاقتصادي التي وصلت إليها البلاد والتفلت الأمني الخطير الذي يأخذ في بعض الأحيان منحى طائفيا بين أبناء البلد الواحد، إلاّ أنّ تعنّت بعض القوى السياسية التي تعرقل تشكيل الحكومة واضح أمام الجميع.

حتى إنّ الإيجابيات التي يحاول بعض الأفرقاء التسويق لها إعلاميا، يبدو أنّها جرعة تخدير للشعب اللبناني الذي بات يصلي لتشكيل حكومة قادرة على انتشاله من الواقع المرير الذي يعيشه. ولكن الوقائع والحقائق واضحة ما إن يتحقق اتفاق على مسألة ما، أو تُتجاوز عقبة ما، حتى تبرز عقد وعقبات جديدة: سواء على خط الحصص أو الحقائب أو آلية توزيعها على الطوائف وإسقاط الأسماء عليها.

لذا بات واضحا كما ذهب الرئيس السابق سعد الحريري إلى خيار الاعتذار بعد جولات وصولات من المفاوضات والمبادرات التي عوّل عليها لتشكيل حكومة إنقاذ، يبدو أنّ ميقاتي سيصل إلى السيناريو نفسه، فحاكم البلاد يخوض معركة من نوع آخر ترتبط بالصراع على الصلاحيات والنفوذ السياسي، وبالسيطرة على الحكومة.

وقد يجد الرئيس المكلف أمامه فرصة أساسية في هذه الحال: البقاء على موقفه، والتمسك بتكليفه، حرصاً على عدم انفجار سعر الدولار، وإدخال البلاد في معركة سياسية جديدة على صلة بالاستشارات النيابية وكيفية إجرائها، وموقف الطائفة السنية، الذي يفترض بحسب المعلومات إذا قرّر ميقاتي الاعتذار، فسيكون لدار الإفتاء السنية والقيادات والأحزاب موقف حازم وحاسم بعدم المشاركة في استشارات نيابية ومقاطعة بعبدا، بالتالي أي خطوة سيتخذها ميقاتي حاليا، أو محاولات دفعه إلى الاعتذار كما حصل مع الحريري سيترتب عنها مقاطعة سنية، البلاد في غنى عنها خصوصا في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

  

السيناريو الأكثر ترجيحا

  

تؤكد المعلومات أن ميقاتي الذي أكّد منذ تكليفه أنّه لن يعطي نفسه مهلة مفتوحة، وبالتالي إما التشكيل في أسرع وقت وإما الاعتذار، سيذهب حتما إلى الاعتذار طالما يلتمس في قصر بعبدا إصرارا على تفرد رئيس الجمهورية تسمية الوزراء المسيحيين، الأمر الذي يخالف الأعراف والدستور اللبناني الذي يؤكد أن تشكيل الحكومة تقع على عاتق الرئيس المكلّف بالتشاور مع رئيس الجمهورية، ولا تعطي الحق لرئيس الجمهورية بالتفرد بتسمية الوزراء المسيحيين أو إلى أي طائفة انتموا، خصوصا إن كانت المعايير التي يحاول عون الترويج لها هي معايير طائفية ومذهبية ترفض الأطراف السياسية الأخرى السير بها لكي لا تشكل عرفا في المستقبل.

ولكن ما يؤخر الاعتذار هو تمني الثنائي الشيعي على ميقاتي التريث، لأن هناك استحالة بتسمية بديل عنه. فالرئيس بري يبدو قد يئس من الحلول في ظل عقلية عون المدمرة، والرئيس الحريري سئم تجربة المجرب، ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط يخاف الفتن في أرضية باتت خصبة. ويبدو أن الأمور ذاهبة إلى استمرار الرئيس حسان دياب في تصريف الأعمال حتى نهاية عهد عون، الأمر الذي سيترتب عليه المزيد من المصائب والتدهور الأمني والاقتصادي في البلاد.

font change