الأمن الغذائي.. إرادة السعوديين تُطوع عقبات الطبيعة

تجربة مميزة في تعزيز البحث وتسخير التكنولوجيا في الإنتاج

مزارع سعودي في محافظة الخرج (رويترز)

الأمن الغذائي.. إرادة السعوديين تُطوع عقبات الطبيعة

 

القاهرة: استطاعت المملكة العربية السعودية تجاوز العقبات الطبيعية التي تقف عثرة في طريق تحقيق الأمن الغذائي لشعبها، عبر استراتيجيات وخطط مكتملة تجمع بين الاستزراع في الخارج،  وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج الداجني والحيواني، وزيادة الاهتمام بالصناعات الغذائية حتى أصبحت الشركات السعودية أحد اللاعبين الكبار في أسواق الشرق الأوسط حاليًا.  

وظهر التطور الكبير لملف الأمن الغذائي في المملكة أبان أزمة كورونا، التي شهدت اتجاه كثير من الدول المصدرة للغذاء لفرض سياسات حمائية، وتقليص حجم الصادرات للخارج، فلم تواجه المملكة أي نقص في الطعام بمختلف أصنافه، ولم تشهد متاجرها موجة تكالب على الشراء، ولم  تفرغ أرففها من البضائع مثل كثير من دول العالم المتقدم في ظل ثقة المواطنين في تمتع بلادهم بالوفرة.   

تأسر التجربة السعودية الألباب.. كيف يمكن لدولة صحراوية في المقام الأول ويقطنها 35 مليون نسمة أن لا تعاني نقصًا في الغذاء؟ لكن يتبدد الاستغراب مع تتبع لغة الأرقام التي تحمل في أحشائها دلالات عن مدى تقدير القيادة الحكيمة، لذلك الملف والإجراءات المبتكرة التي وضعتها خلال السنوات الأخيرة، من أجل توفير الرفاهية لجميع المواطنين.   

تتمتع السعودية، حاليًا، بأكبر طاقات تخزينية في الشرق الأوسط للقمح والدقيق بما يتجاوز 3.3 مليون طن بطاقة طحن يومية تتجاوز 15 ألف طن، بجانب جني المملكة ثمار استثماراتها الزراعة في الخارج الذي تجسد في يونيو (حزيران) الماضي بوصول أول باخرة قمح من إنتاج استثمارات الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك) في أستراليا بكمية (60) ألف طن، ضمن الكمية المتعاقد عليها التي يصل إجماليها لـ355 ألف طن. 

تملك المملكة خيارات واسعة  في مصادر القمح، سواء عبر المناقصات العالمية التي يتم طرحها  والمناقصات الخاصة بالمستثمرين السعوديين بالخارج والمخصص لها 10في المائة من مشتريات القمح سنويًا، بجانب شراء كميات محلية من المزارعين ضمن ضوابط زراعة الأعلاف الخضراء، التي تحدد مساحة الزراعة وفق حجم كل مستثمر، لتتضمن 50 هكتارا (الهكتار يعادل 10 آلاف متر) فأقل للمزارع الصغير وما بين 50 و100 هكتار للمتوسط، وأزيد من 100 هكتار للشركات والمزارعين الكبار أصحاب المشروعات.

ووضعت المملكة 11 برنامجا ضمن استراتيجيتها الخماسية للأمن الغذائي تتضمن تحقيق نظام إنتاج غذائي محلّي مستدام للسلع ذات المزايا التفضيلية عبر رفع مستويات الاكتفاء الذاتي للسلع الملائمة للنظام البيئي وتحسين الإنتاجية والممارسات المستدامة في الإنتاج المحلي، ودعم صغار المزارعين وإنماء الزراعة الريفية ودعم التطور المحلي لقطاع تصنيع المنتجات الغذائية الاستراتيجية، مع تقليل الفقد والهادر الغذائي. 

ويقول الدكتور عبد الرحمن عليان، أستاذ التكاليف والمحاسبة الإدارية بجامعة عين شمس في مصر،  إن إحدى وسائل تحقيق الأمن الغذائي في الدول العربية يرتبط بتقليل الكميات المهدرة في الغذاء، وتغيير الثقافات الشعبية السائدة التي تعتمد على إعداد كميات كبيرة من الغذاء والتخلص من البقايا في القمامة، بجانب ثقافات الوجاهة والتفاخر في المناسبات، مشددًا على أن تكلفة الإهدار كبيرة وتناهز عربيًا نحو 40 مليون طن.

وبحسب الإحصائيات الرسمية، فإن كمية الهدر الغذائي في المملكة تبلغ 4 ملايين و66 ألف طن سنويا، بتكلفة تعادل 40 مليار ريال سنويًا، ما يحمل آثاراً سلبية على البيئة والصحة والاقتصاد ويتطلب من أفراد المجتمع التوازن في شراء المواد الغذائية بما يحقق الكفاية ولا يهدر الطعام.

ويقول عليان، لـ«المجلة»، إن تطوير شبكات النقل والتخزين للغذاء إحدى الوسائل الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي باعتبارها تزيد من العمر الافتراضي للمنتجات وتحول دون تعرضها للتلف السريع خاصة في المناطق الحارة، لا سيما أنها تعتمد في شق كبير من حاجاتها على الاستيراد من الخارج مع يجعل الاقتصاد يتكبد عبء الاستيراد والإهدار معًا.

 

 

مزرعة للنحل في منطقة جيزان في المملكة العربية السعودية (غيتي)

وتضمنت استراتيجية المملكة تحقيق تنوع واستقرار مصادر الغذاء الخارجية عبر إنشاء آليات وأطر للشراكات التجارية، لتحويل المملكة إلى مركز إقليمي لتجارة الأغذية، وتفعيل آليات التعاون في مجال الأمن الغذائي بين دول مجلس التعاون الخليجي والمستويين الإقليمي والدولي، وتعزيز مشاركة المملكة في المنظمات والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأمن الغذائي، وإعداد وإطلاق خطة الاستثمار الزراعي في الخارج.

ويشدد عليان على ضرورة القيام بحملات توعية للمواطنين ومناهج مدرسية توضح تكلفة إهدار الغذاء والتكلفة التي يتكبدها الاقتصاد من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وهو ما قامت به المملكة بالفعل في تطوير نموذج عمل مؤسسي على المستوى الوطني وإعداد برامج تدريبية وتوعوية لإنماء قدرات الكوادر الوطنية حول مختلف المفاهيم والسياسات والعمليات المتعلقة بالأمن الغذائي بما ينعكس على الاستثمار في البنية التحتية.

وتشمل الاستراتيجية أيضًا بناء قدرات مواجهة المخاطر المتعلقة بالأمن الغذائي وتصميم وإنشاء نظام فعّال للمعلومات وإدارة المخاطر، ووضع البروتوكولات والأنظمة والقدرات الإلزامية وإدارة الأزمات وحالات الطوارئ، وتطبيقها وفحصها واختبارها وصياغة الآليات والسياسات المناسبة لتشغيل وإدارة المخزون الاستراتيجي للأغذية في المملكة، بالشراكة مع الجهات الفاعلة في القطاع الخاص. 

* تأسر التجربة السعودية الألباب.. كيف يمكن لدولة صحراوية في المقام الأول ويقطنها 35 مليون نسمة أن لا تعاني نقصًا في الغذاء؟

وللسعودية تجربة في زراعة القمح الذي بدأت إنتاجه في الثمانينات اعتمادًا على المياه الجوفية، وتعاظم الأداء في التسعينات لتصبح ثاني أكبر منتج للقمح العربي بعد مصر بأربعة ملايين طن، لكنها قررت تقليص المساحات المزروعة من أجل الحفاظ على مخزون المياه الجوفية، وتبني إستراتيجيات جديدة للزراعة. 

ودرست المملكة، أخيرًا، طلبًا بإمكانية رفع إنتاجيتها من القمح إلى 1.7 مليون طن سنوياً مع إعادة  النظر في رفع سعر شراء القمح ليكون ألفي ريال للطن على أن يلتزم المزارع بعدم زيادة استهلاك المياه عن 5500 متر مكعب للهكتار، وعدم زراعة أي محصول صيفي بعد القمح والشعير حفاظا على المخزون، كما استغلت وزارة البيئة والمياه والزراعة المزايا النسبية لكل منطقة من ناحية المناخ ووفرة المياه، ما خلق نموًا في الإنتاج وتحقيق نسب اكتفاء عالية في كثير من المنتجات الزراعية، واكبه رفع في الجودة، وخفض استخدام المياه الجوفية للأغراض الزراعية.

بلغ حجم الناتج الزراعي للمملكة 61.4 مليار ريال، تمثل 2.33 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتجاوزت نسبة الاكتفاء الذاتي من التمور بالمملكة 125 في المائة، ومن الخضراوات والدواجن نسبة 60 في المائة، والبيض نسبة 116 في المائة، والحليب الطازج ومشتقاته نسبة 109 في المائة، والأسماك نسبة 55 في المائة، ما رفع ترتيب المملكة في مؤشر الأمن الغذائي العالمي إلى المرتبة رقم 30 في 2019 من أصل 113 دولة تم قياسها. 

ووصل حجم الإنتاج المحلي للفواكه (دون احتساب التمور) 800.4 ألف طن، ويأتي البطيخ في مقدمة المحاصيل بنسبة اكتفاء تصل إلى 98 في المائة، والشمام بنسبة 81 في المائة، والعنب بنسبة 59 في المائة، والمانجو بنسبة 52 في المائة، والرمان بنسبة 28 في المائة، والليمون بنسبة 25 في المائة، والعديد من محاصيل الفاكهة التي يتم إنتاجها على مدار العام، وفق بيانات رسمية محلية. 

كما يشهد قطاع الزراعة العضوية نموا ملحوظا في المملكة بعدما بلغت  مساحته 270 ألف دونم (الدونم يعادل ألف متر)، وحجم الإنتاج الزراعي المحلي خلال عام للزراعة العضوية 98 مليون كيلو، وقيمة سوق الأغذية المحلية تبلغ أكثر من 752 مليون ريال،  وسط اهتمام حكومي كبير  يتماشي مع اعتبار الزراعة العضوية القطاع الأسرع نمواً والأعلى طلباً في صناعة الغذاء العالمي. 

 

صناعة الغذاء  

تولي المملكة حاليًا اهتماما كبيراً بالتصنيع الزراعي، وهي حاليا بصدد تدشين شركة زراعية عملاقة تعنى بتصنيع التمور وكافة منتجات شجر النخيل والعمل على تسويقها خارجيًا، في ظل وجود نحو 30 مليون نخلة، بلغ إنتاجها في عام 2020 حوالي 1.5 مليون طن.

وتحتل منتجات مصانع حفظ وتجهيز الفاكهة والخضراوات قائمة مصانع الغذاء بالمملكة بنحو 296 مصنعاً، تليها «المخابز» بنحو 240 مصنعا، بينما يبلغ حجم الاستثمار في صناعة المنتجات الغذائية في المملكة 87 مليار ريال، تشكل 8 في المائة من إجمالي حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي، وشكلت مصانع المنتجات الغذائية  ما نسبته 11 في المائة من إجمالي عدد المصانع في المملكة، وتسهم في توفير أكثر من 82 ألف وظيفة. 

وأوضح تقرير صادر عن المركز الوطني للمعلومات الصناعية، أن عدد مصانع الأغذية في المملكة بلغت حتى الربع الأول من العام الحالي نحو 1121 مصنعاً بنمو للنشاط بنسبة ‎9 في المائة، كما سجلت نمواً قدره 61 في المائة في عدد التراخيص الصناعية الصادرة في عام 2020 عن 2019 السابق، مشيرًا إلى أن مصانع المنتجات الغذائية تنتج أكثر من 1582 منتجًا.

وسجلت صادرات المملكة في مجال الأغذية 13.5 مليار ريال عام 2018، احتلت بها القطاع المرتبة الرابعة في قائمة الصادرات المُصنعة غير النفطية، وجاءت «منتجات الألبان» في المقدمة بصادرات أربعة مليارات ريال، تلتها «المخبوزات والحلويات» بنحو 2.2 مليار ريال، والحبوب 578 مليون ريال، والفاكهة والخضراوات بنحو 1.2 مليار ريال. 

 صورة بالأقمار الصناعية لدوائر المحاصيل في الصحراء في حوض وادي السرحان، شمال المملكة العربية السعودية. (غيتي)

إنتاج الألبان 

أطلقت المملكة عام 2017 ثلاثة مبادرات ضمن برنامج التحوّل الوطني، تستهدف تعظيم الإنتاج الحيواني والغذائي، لسدّ حاجة السوق المحلية، حيث بلغ حجم اللحوم الحمراء 30 في المائة من الاحتياج السوقي، ترتفع  في قطاع إنتاج الدواجن إلى نسبة تناهز 48 في المائة. 

وتمد الألبان ومنتجاتها الفرد في المملكة بحوالي 135 سعرًا حرارايًا تمثل حوالي 4.7 في المائة من جملة السعرات الحرارية في الغذاء اليومي كما تمده بنحو 7.4 غرام بروتين تمثل حوالي 28.2 في المائة من جملة المحتوى الغذائي الذي يأكله المواطنون يوميًا وتعادل المتوسط العالمي. 

ووفقا  للإحصاء الزراعي لعام 2016 الذي أصدرته الهيئة العامة للإحصاء،  فإن المملكة تضم على أراضيها أكثر من 17.5 مليون رأس ضأن، وماعز بحوالي 6.1 مليون، وإبلا بنحو 1.4 مليون رأس  وأبقارا بنحو 354 ألف رأس. 

وبلغ عدد الشركات المتخصصة في إنتاج الألبان ومشتقاتها بنهاية 2020 نحو 12 شركة وطنية  تنتج 7 ملايين لتر بسعة تعبئة يومية 18 مليون عبوة تشمل 35 منتجا متنوعا من الحليب الطازج ومشتقاته تغطي مجمل الاستهلاك المحلي في أنحاء المملكة التي اتجهت نحو التصدير بنسبة تعادل 25 في المائة من منتجاتها المشتقة من الألبان إلى الأسواق الخليجية، بينما تبلغ صادرات الحليب نحو 56.4 في المائة. 

وتبنت المملكة أحدث وسائل الإنتاج الحيواني في المزارع والاعتماد على التكنولوجيا، بعد انتهاء العمل منذ عقود بالنظام التقليدي للإنتاج الذي ساد الثمانينات من القرن العشرين والتوسع الرأسي على حساب الأفقي بنشر السلالات الأجنبية والتحسين الوراثي للقطعان وتوفير الأجواء البيئية المناسبة لها لنمو الإنتاج. 

 

الإنتاج الداجني

وتشهد صناعة الدواجن نموًا قياسًيا في المملكة بعدما ارتفع الإنتاج من سبعة آلاف طن سنويًا عام 1971، ليبلغ 425 ألف طن عام 2000، و535 ألف طن في 2006، قبل أن يسجل 670 ألف طن تقريبًا في 2016، و750 ألف طن عام 2019 بنسبة اكتفاء ذاتي تفوق 60 في المائة للدجاج اللاحم، وتزيد على  106 في المائة بالنسبة لإنتاج بيض المائدة. 

 

وتسجل المملكة أعلى دول العالم استهلاكاً للدجاج بمتوسط استهلاك الفرد 50 كغم سنوياً، وتستهلك البلاد نحو 1.5 مليون طن سنويا وهي نسبة مرتفعة للغاية مقارنة بالدول المثيلة في عدد السكان، ما يجعل المملكة تحتاج لاستيراد النسبة المتبقية من الخارج، خاصة البرازيل التي تحتل المرتبة الأولى في التصدير  للسوق المحلية. 

ويزيد عدد الطيور والدواجن في الحيازات غير المتخصصة عن 5.6 مليون طائر، بجانب 1.8 مليون طائر يتم تربيتها منزليًا، بينما يوجد 9 أنواع من التربية في مزارع متخصصة في إنتاج الدواجن بالمملكة، وهي «دجاج لاحم، ودجاج بياض، ودجاج أمهات اللاحم، ودجاج أمهات البياض، ودجاج جدات اللاحم، ودجاج جدات البياض، والسمان، والنعام، والأرانب». 

وقد اتخذت الحكومة السعودية عدة إجراءات لتنمية القطاع وفي مقدمتها إعادة توجيه الدعم المالي المباشر لتلك المشروعات حسب نوع المنتج؛ خلافاً لطريقة الدعم السابقة، ما من شأنه تعظيم الفائدة من الدعم الحكومي الموجه لتعزيز الإنتاج، ورفع جودة المنتج المحلي لجميع مشروعات إنتاج الدواجن، إضافة إلى المساهمة في استقرار تكلفة أسعار الدواجن للمستهلك النهائي، كما دشنت المملكة قبل سنوات برنامج «سجل» لتشجيع المزارع غير الرسمية للانضمام للتسجيل والتي قدرت أعدادها بمئات المزارع.  

 

الإنتاج السمكي 

ووصل عدد المزارع المتخصصة في إنتاج الأسماك لنحو 55 حيازة، تحتوي على أكثر مِنْ ثلاثة عشر نوعاً مِنْ الأسماك في مزارع الاستزراع السمكي، وتزايد الإنتاج بوتيرة سريعة  لتبلغ صادرات المملكة من المنتجات السمكية المستزرعة عام 2019 نحو 60 ألف طن بقيمة تجاوزت مليار ريال. 

وتعود تجربة الاستزراع بالمملكة إلى عام 1982 حينما تم الترخيص لأول مزرعة لإنتاج الأسماك البلطي في المنطقة الشرقية، قبل أن يتم تأسيس محطة لتفريخ أسماك المياه العذبة جنوب مدينة الرياض وتوزيع الإصبعيات مجانا للمزارعين لترتفع صادرات المملكة من الروبيان  40 ألف طن تجاوزت قيمتها 800 مليون ريال عام 2018، لتصبح من الدول الرائدة في ذلك المجال. 

* السعودية تستثمر حاليًا نحو مليوني هكتار في عدد من بلدان القارة السمراء التي تمتلك 60 في المائة من الأراضي غير المزروعة في العالم

ووقعت شركة «نيوم»، في أبريل (نيسان) الماضي، مذكرة تفاهم لإنشاء مزرعة أسماك تعتبر الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع شركة «أسماك تبوك» محلي،  تتعلق بتطبيق الجيل الجديد من تقنيات الاستزراع المائي داخل منطقة «نيوم»، بقدرة إنتاجية تصل إلى 70 مليون زريعة، وتحسين  إنتاجية أنواع الأسماك المحلية في البحر الأحمر لتحقيق هدف المملكة بإنتاج 600 ألف طن من المنتجات السمكية بحلول عام 2030. 

 

إنتاج الفاكهة

تنتج المملكة حاليًا 50 نوعًا من الخضراوات الشتوية على مساحة 100.7 ألف فدان في مقدمتها محصول البطاطس بنسبة  30.6 في المائة مِنْ إجمالي المساحة المزروعة للخضراوات الشتوية تلاه محصول البطيخ بنسبة 18.5 في المائة ثم الطماطم بنسبة 15.3 في المائة، بينما تنتج أيضا 40 نوعًا من الخضراوات الصيفية على مساحة 80.4 ألف فدان، علاوة على 40 نوعًا في الصوب المحمية على مساحة 150 ألف فدان في 66.529 صوبة محمية، و19 نوعاً من أزهار القطف المحمية على 380 فدانًا.

ويبلغ عدد خلايا النحل في كافة الحيازات الزراعية 38.8 ألف خلية، وقد بلَغَ إجمالي إنتاج العسل حوالي 109 أطنان، بينما تخطط الحكومة لتنمية المراعي النحلية لتعظيم المردود الاقتصادي للصناعة، مع مضي مؤسسات البلاد دعم الصناعة، في ظل النمو المستمر لأعداد النحالين الذين يمارسون الأساليب الحديثة لإنتاج العسل، والقدرة على زيادة عدد المتخصصين المؤهلين تأهيلا عاليا في هذا المجال. 

وتستورد السعودية سنويا ما يقارب 25 ألف طن من العسل، لكن وزارة الزراعة تسعى لتغيير ذلك الوضع عبر حزمة برامج لتطوير قطاع صناعة وإنتاج عسل النحل في 2018، مؤكدة أن العسل يسهم بنحو 660 مليون ريال تمثل 1.07 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الزراعي في البلاد.

أشجار النخيل في نجران (غيتي)

الزراعة الخارجية 

بلغ حجم الاستثمارات السعودية الزراعية بالخارج أكثر من 10 مليارات ريال (3.75 مليار دولار) خلال الـ10 أعوام الأخيرة في عدة دول، من بينها السودان ومصر وإثيوبيا والمغرب، والتي تعتمد في قطاع منها على توظيف الذكاء الصناعي والتكنولوجيا الرقمية والحيوية لاستدامة النمو، وتحقيق أعلى منفعة اقتصادية. 

ويقول الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن السعودية تمضي بخطوات حثيثة في ملف الأمن الغذائي منذ سنوات لكن جهودها تعاظمت خلال السنوات الأخيرة في ظل قناعة قياداتها بضرورة توفير خيارات الإمداد لمواجهة أية هزات في الطلب في بلد المنبع.

ويوضح عبده، لـ«المجلة»، أن المملكة لديها وفرة مالية تؤهلها للاستيراد في أي وقت لكنها تعي جيدا أن التوريد قد يواجه أزمات طارئة كالحرائق والفيضانات والأزمات الطارئة كالأوبئة بجانب تداعيات التغير المناخي التي تؤثر على الإنتاجية، ولذا سعت لتنويع استثماراتها لتشمل جميع القارات في آسيا وأفريقيا والأميركتين  وأستراليا وأوروبا، بما يضمن سهولة الإمداد من أي مقصد، وفي أي وقت. 

وقبل عامين، نفذت الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك)، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي المملوك للدولة،  أول عملية استثمار زراعي في أستراليا بشراء شركة «بالادجي»، التي تستملك أرضا زراعية تتجاوز مساحتها 494 ألف فدان في منطقة زراعة القمح بولاية أستراليا الغربية، إلى جانب 40 ألف رأس من أغنام المارينو. 

واستحوذت «سالك»، قبل سنوات على شركة «مريا أجرو الزراعية» بأوكرانيا  لتدير في الأخيرة نحو 494 ألف فدان، بعد  استحواذها على شركتين زراعيتين أوكرانيتين على مراحل متعددة ودمجهما معا تحت اسم «كونتيننتال فارمز» لتدير 195 ألف هكتار من الأراضي الزراعية غرب أوكرانيا. 

تملك الشركات السعودية أيضًا استثمارات في البرازيل في قطاع الزراعة واللحوم والمنتجات الصناعية والكيميائية، بجانب  مساحات من الأراضي في لوس أنجليس وأريزونا، والأرجنتين بعضها مزروع لمحول البرسيم المستخدم كأعلاف للأبقار ويتم توريده  للمملكة بانتظام لخدمة شركات إنتاج الألبان، ووفقا لآلية زراعة الأعلاف الخضراء  التي تقضي بتوفير تلك الشركات احتياجاتها عبر الاستيراد من الخارج. 

ويضيف عبده أن تلك الاستراتيجية تضمن توريد الحدود المتوسطة للاحتياجات لمدى زمني طويل، خاصة أن المملكة راعت عنصر البعد الزمني والجغرافي للتوريد فضخت استثمارات في دول قريبة منها كمصر والسودان وإثيوبيا تتعلق بإنتاج السلع الأساسية، ويمكن نقل البضائع منها بطرق مختلفة سواء بريا أو بحريا أو جويا.

ويعتبر القطاع الزراعي في أفريقيا الأكثر جذبًا للمستثمرين السعوديين حالًيا، حيث استطاعت أن تضع قدما في منطقة ستصبح خلال سنوات أكثر المناطق العالمية جذبا للاستثمارات المتعلقة بالغذاء، فالدراسات توضح أنه بحلول عام 2030 يمكن لقطاع الزراعة الأفريقية إنشاء سوق بقيمة تريليون دولار حال استغلال الموارد المائية المتجددة التي لم يتم استغلال سوى 2 في المائة منها. 

وتشير الدراسات الاقتصادية الأفريقية إلى أن السعودية تستثمر حاليًا نحو مليوني هكتار في عدد من بلدان القارة السمراء التي تمتلك 60 في المائة من الأراضي غير المزروعة في العالم، ويعمل فيها 70 في المائة من الأيدي العاملة، ويمثل أيضًا القطاع الأكثر نموا في التوقعات المستقبلية بنسبة تزيد على 31 في المائة.

ويقول عبده إن الأمن الغذائي يتحقق عبر عدة عناصر في مقدمتها توافر كميات كافية من غذاء مناسب من إنتاج محلي أو مستورد، وإتاحته وتوفيره بكل السبل، وبصورة مناسبة لممارسات التخزين مع استدامة توافره في جميع الأوقات حتى في الحالات الطارئة، والواقع السعودي يشير إلى أن المملكة تتوافر فيها جميع تلك العناصر، وأن أمامها مستقبلا واعدا في طريق تصدير الغذاء وليس إنتاجه  لمصلحة شعبها فقط.

 

 
font change