«حزب الله» يسعى لاستخدام لبنان كرهينة

«حزب الله» يسعى لاستخدام لبنان كرهينة

خلال الشهر الماضي، انفجرت قنبلة خارج بنك لبنان والمهجر (بلوم) اللبناني في وسط بيروت. تم وضع القنبلة خلف البنك بعد ساعات العمل الرسمي وفي وقت إفطار رمضان في وقت كانت فيه المنطقة شبه خالية. وهو ما يشير بوضوح إلى أن الانفجار الذي لم يسفر عن سقوط ضحايا كان يستهدف البنك ذاته.
يأتي الانفجار في الوقت الذي بدأت فيه البنوك اللبنانية إغلاق حسابات الأفراد والمؤسسات المرتبطة بـ«حزب الله» أو التابعة له التزاما بالقانون الأميركي. وتضمن ذلك أعضاء البرلمان عن «حزب الله» بالإضافة إلى كبرى مستشفيات «حزب الله» (مثل مستشفى الرسول الأعظم) ومؤسسات مثل مؤسسة الشهيد (النسخة اللبنانية من بنياد شهيد الإيرانية) وجمعية الإمداد (الفرع اللبناني للجنة الإمام الخميني للإغاثة). وتفيد التقارير بأن البنوك اللبنانية قررت أن تتوخى الحذر بإغلاق الحسابات وهو ما أثار حفيظة «حزب الله». وفي محاولة لاحتواء «حزب الله» واحتواء آثار هذه الإجراءات، أسس البنك المركزي اللبناني لجنة تحقيقات خاصة لمراجعة القضايا التي تحيلها له البنوك الخاصة خلال فترة من 30 إلى 60 يوما قبل أن تتمكن البنوك من إغلاق الحسابات.

ومع ذلك، ما زال «حزب الله» غاضبا. ففي تصريح صادر عن كتلته البرلمانية في مايو (أيار)، شن «حزب الله» هجوما على حاكم البنك المركزي، رياض سلامة وقال إن «القانون الأميركي يشن حربا محلية شاملة يغذيها البنك المركزي وعدد من البنوك». ويرى الحزب أن القانون يستهدف النظام الاجتماعي - الاقتصادي الشامل الذي أسسته في لبنان وداخل المجتمع الشيعي على نحو خاص- سواء كان من خلال الشراكة مع رجال الأعمال الشيعة أو من خلال الأدوات الأكبر للرعاية مثل كثير من المؤسسات الصحية والتعليمية والإعلامية ومؤسسات الإغاثة التي يديرها الحزب». وبحسب لغة «حزب الله» فإن ذلك يمثل حربا تستهدف «البيئة الحاضنة» لما يطلق عليه «مجتمع المقاومة».
وعبر «حزب الله» عن غضبه عبر كثير من المنصات خلال الأيام والأسابيع الماضية. فبخلاف تصريحات كتلته البرلمانية التي كررت هجومها على حاكم البنك المركزي، والحديث عن احتمالية حدوث «اضطرابات اجتماعية»، قدم ممثلو «حزب الله» أيضا تهديدات مباشرة في وسائل الإعلام. فقبل يوم من الانفجار، كان العنوان الرئيسي لصحيفة الأخبار اليومية والموالية لـ«حزب الله» «(حزب الله) للمصارف: كفى تآمرا» وعقدت المقالة مقارنة بين إجراءات البنوك والهجوم على أسلحة «حزب الله» ونقلت تهديدا عن أحد مسؤولي «حزب الله» من دون ذكر اسمه حول «المواجهة الحتمية» مع المصارف. وأشارت المقالة إلى الطبيعة العنيفة للمواجهة مستخدمة تعبير «غضب الأهالي». وكان هذا المصطلح قد تم استخدامه من قبل للتغطية على هجمات «حزب الله» جيدة التخطيط على قوات اليونيفيل وغيرها من الأهداف التي تخطت الخطوط الحمراء للحزب. وفي إطار هذه الإجراءات، نقل عن وزير الصناعة الذي ينتمي لـ«حزب الله» وهو يقول: «لقد تجاوزنا الخطوط الحمراء».

وكانت هناك تهديدات أخرى للمصارف من قبل «الصحافيين» الموالين لـ«حزب الله». وتحديدا، أشار أحد كتاب المقال بصحيفة الأخبار إلى بنك بلوم في تغريدة له على «فيسبوك»، كما أشار رئيس تحرير أحد المواقع الإلكترونية الموالية لـ«حزب الله» إلى بنك بلوم باعتباره «من يقود الحرب المالية الناعمة ضد (حزب الله)».

وجاء أكثر التهديدات وضوحا في مقال بموقع «فارس» الإخباري الإيراني الذي كان قد حرض على هجمات 7 مايو 2008 عندما قصف «حزب الله» بيروت وجبال الشوف كرد فعل على قرار الحكومة ضد شبكة اتصالاته. ويخبرنا عقد المقارنة بين الجانبين العسكري والاقتصادي لـ«حزب الله» بالكثير. عسكريا، جعل «حزب الله» لبنان والمجتمع الشيعي على وجه الخصوص أهدافا في أي حرب مستقبلية مع إسرائيل من خلال تحويل أغلبية البلاد إلى قواعد صواريخ. كما أنه فعل الشيء نفسه مع الاقتصاد اللبناني.
وما يريده «حزب الله» هو أن يستخدم لبنان كرهينة وأن يدفع الولايات المتحدة للانسحاب. وهذه كانت الرسالة التي عبر عنها «حزب الله» في اليوم التالي للانفجار في صحيفة الأخبار والتي جاءت بعنوان: (المصارف «تنصح» واشنطن: طمأنة الشيعة شرط للاستقرار). وفي تهديد آخر، وبعد يوم أيضا من الانفجار، أخبرت الصحيفة الموالية لـ«حزب الله» المصارف بأن السبيل الوحيد للتقدم يأتي عبر إقصاء أنفسهم عن «مشروع حصار (حزب الله)» ورفض الانصياع لـ«الحشد» الدولي ضده لأن البنوك ستكون هي الخاسرة في أي مواجهة مع «حزب الله».

وبمعنى آخر، يريد «حزب الله» من البنوك أن تنتحر. ولهذا السبب، ليس من الصعب أن نفهم لماذا قرر بنك كبير مثل «بنك عودة» أن ينقل مقره إلى الإمارات ويترك تلك البيئة المسمومة والخطرة في لبنان. فقد وضع «حزب الله» لبنان وقطاعها المصرفي أمام خيار مستحيل: إما المواجهة مع الولايات المتحدة وإما مع «حزب الله».
font change