وزير الصناعة اللبناني: السعودية تصدرت لائحة الدول المستوردة للمنتجات الصناعية

قال لـ«المجلة» انهيار الليرة أثّر سلباً على قطاع الصّناعة

وزير الصناعة الدكتور جورج بوشكيان

وزير الصناعة اللبناني: السعودية تصدرت لائحة الدول المستوردة للمنتجات الصناعية

بيروت: يعاني القطاع الصناعي في لبنان من مشاكل عدّة أهمها فقدان سياسة الحماية من المنافسة غير المتكافئة مع الصناعات المستوردة التي تغرق الأسواق المحلية، إضافة إلى التكلفة الإضافية التي تثقل كاهل الصناعة، من الكهرباء إلى المولدات والمحروقات والاتصالات، حيث تزيد هذه الكلفة عدة أضعاف عما هي عليه في بعض الدول المجاورة على الصعيد الإقليمي، وكذلك على الصعيد الدولي، وهو ما يفقد السلع اللبنانية منافسة غيرها في الأسواق الخارجية.

وإذا كانت السمة المميزة لتاريخ الصناعة في لبنان هي النهوض بعد كل أزمة أمنية أو سياسية، والقدرة على الصمود والاستمرار، فإنه يبرز في هذه المرحلة سؤال ملح، هو: هل تستطيع هذه الصناعة تجاوز المحنة التي تعاني منها في ظل تردي الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، وبعد أن أقفلت عشرات أو مئات المصانع أبوابها والنهوض مجدداً للقيام بدورها، وخصوصاً بعد الأزمة الكبيرة التي نشبت بين لبنان ودول الخليج العربي إثر التصاريح غير المسؤولة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي والتي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين دول الخليج ولبنان؟

هذه الهواجس والمشاكل التي يعاني منها القطاع الصناعي كانت مدار حوار مع وزير الصناعة الجديد الدكتورجورج بوشكيان.

 

نبدأ حوارنا بالحديث عن الانطباعات التي تكوّنت لديه بعد إحياء يوم الصناعة اللبنانية..

يقول: القطاع الصناعي اللبناني يمرّ بحالتين، الأولى تتمحور حول الأزمات والمشكلات والصعوبات التي يعاني منها، في مقابل الحالة الثانية التي تظهر النجاح والتفوّق ومواجهة التحدّيات من قبل صناعيين متمرّسين وأصحاب التزام وتصميم وخبرات واسعة في الصناعة والتبادل التجاري والسلعي. لقد نجح الصناعيون في تشغيل آلاتهم ودوران مصانعهم والإبقاء على عمّالهم والمحافظة على أسواقهم وزبائنهم في مرحلة عصيبة جداً، سواء الأزمة الصحيّة العالميّة والداخليّة التي تمثّلت بوباء كورونا وانعكاسها على الاقتصاد العالمي. هذه النجاحات بفضل العقل اللبناني والإبداع والابتكار ومواكبة العصرنة وتطبيق المواصفات والتصنيع ذات الجودة العاليّة. بهذه الطريقة تمسّكوا بالأسواق التقليديّة ودخلوا أسواقاً جديدة. هذه الصورة مبعث افتخار لجميع اللبنانيين. ونحن في وزارة الصناعة واكبنا النشاط الصناعي بكلّ تفاصيله، وحرصنا على القيام بالكشوفات الدوريّة للوقوف إلى جانب الصناعيين والتأكد من التزامهم بالمواصفات.

 

* ماذا عن التوصيات التي خرج بها اليوم الصناعي؟

- أبرز هذه التوصيات، مكافحة المصانع والمؤسسات غير الشرعية والتهرب الضريبي والتهريب عبر المرافئ الشرعية وغير الشرعية، واستكمال إجراءات الحماية من الإغراق ومراجعة تطبيق اتفاقيات التجارة الحرة، والمسارعة إلى حل مشكلة التصدير إلى المملكة العربية السعودية، ودعم المصانع التي تستخدم طاقة مكثفة عبر رديات تحسم من المستحقات الضريبية لهذه المصانع، والحفاظ على تنافسية المنتجات الصناعية اللبنانية عبر إيجاد برامج تمويلية طويلة الأمد لتحديث وتطوير الآلات الصناعية، الاستثمار في الطاقة البديلة وتنفيذ مشاريع الالتزام البيئي عبرOXYGEN FUNDأو أي مشاريع أخرى من الجهات المانحة، المتابعة الحثيثة مع مصرف لبنان لبت ودفع جميع الملفات العالقة لتمويل استيراد المواد الأولية الصناعية والحاصلة على موافقة مسبقة من المصرف، وإقرار عدد من التشريعات والقوانين لتحفيز القطاع الصناعي، منها: إعفاء الصناعيين من ضريبة الدخل للعام 2020، وإعفاء المصانع من ضريبة الأرباح على الصادرات 100 في المائة بدلاً من 50 في المائة، وقانون دمج المصانع، وقانون الشراء العام، وإلزاميّة مشتريات النازحين من الصناعة الوطنية.

 

* طالبت الصناعيين بالتزام معايير التصنيع واحترام شروط السلامة وهناك أكثر من ألف مصنع غير مرخص وليس له سجل في جمعية الصناعيين، كيف يتمّ ضبط هذه الفوضى؟

 -مطالبتي بالالتزام بالإنتاج الجيّد وبالحصول على العلامة التجاريّةNL التي تمنحها مؤسسة المقاييس والمواصفات (ليبنور) التابعة لوزارة الصناعة، وبالحصول على شهادات الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة وإجراء الفحوص المخبريّة في معهد البحوث الصناعيّة الذي يتبع أيضاً الوزارة، وإن كانت له استقلاليّة معيّنة عبر مجلس إدارة يرأسه وزير الصناعة. وهذا المعهد جهّز خمسة عشر مختبراً بأحدث التقنيات والمختبرات وآلات الفحص لإجراء الفحوص وإصدار النتائج بدقّة لا متناهيّة. لا يمكن التسويق والبيع من دون مواصفات والالتزام بها. الإنتاج الجيّد شرط أساسي للتصدير إلى الأسواق الخارجيّة الأكثر تطلّباً والأكثر تنافسيّة. أما بالنسبة إلى الرقم الذي ذكرته، ولتصحيح المعلومة، فإن وزارة الصناعة هي التي تمنح التراخيص الصناعيّة، وبالتالي المصانع المرخّصة تصبح مسجّلة تلقائياً في الوزارة حيث يصار إلى تسجيلها وإحصائها وإخضاعها للكشوفات الدوريّة. هناك نحو ستة آلاف مصنع مرخّص ومسجّل في وزارة الصناعة. بالنسبة إلى المصانع غير المرخّصة، والتي تعمل من دون علم الوزارة، فيبلغ عددها الآلاف. وتعمل الوزارة بالتنسيق مع وزارة الداخلية والبلديات مشكورة، ومع الإدارات والجهات المعنية للحصول على المعلومات المتعلقة بالمصانع التي تعمل من دون ترخيص، إما لقوننة المؤسسات التي يمكن تصحيح أوضاعها تحت سقف القانون، وإما لإقفال تلك غير القادرة على تسوية أوضاعها. لم يعد الوضع يسمح بالإبقاء على هذه المؤسسات المخالفة تعمل، كونها تؤثر على سمعة القطاع الصناعي ككل.

 

* الصناعي والتاجر يطالبان بوقف التهريب الذي يضر بالاقتصاد الوطني، هل الدولة عاجزة عن مكافحة التهريب؟

 -كلّ عملية غير شرعيّة أو أداء مخالف أو تهريب أو تهرّب أو تزوير أو غش أو احتكار أو مضاربة غير مشروعة، أو رفع الأسعار من دون سقف، كلّ ذلك ممنوع ويجب محاسبة المرتكب، وتولّي أجهزة الدولة الرقابة والتشدّد في ضبط المخالفين وجرّهم إلى العدالة. تقوم الدولة بدورها على هذا الصعيد. وشدّدت القوى الأمنية والجيش اللبناني والجمارك على إقفال المعابر غير الشرعيّة، ولقد نجحت في ضبط التهريب إلى حدّ كبير. وتواصل الدولة والأجهزة الأمنية عملها بكلّ مسؤوليّة حرصاً على الشرعية والأمن والاقتصاد.

 

* بعد انهيار العملة الوطنية وتدني القدرة الشرائية للمواطنين، ما حجم الضرر على الصناعة اللبنانية خصوصاً أن المواطن بات ينظر إلى السعر ولا تهمه الجودة؟

 -أثّر انهيار قيمة العملة اللبنانية سلباً على النمو وعلى الدورة الاقتصادية، مسبّباً تراجعاً وركوداً وجموداً في الحركة التجاريّة. الضرر كبير على كلّ القطاعات الإنتاجيّة وعلى مجمل الاقتصاد الوطني وليس على الصناعة فقط. غير أن الصناعة أثبتت قدرتها على مواجهة التحدّيات وتجاوزها أكثر من غيرها من القطاعات. وأودّ التذكير بالعام 2006 حين شنّ العدو الإسرائيلي عدوانه على لبنان، شلّ الاقتصاد بكلّيته باستثناء القطاع الصناعي الذي بقي مستمراً في الإنتاج رغم الحرب المدمّرة. ولمّا لم يستسلم أصحاب القطاع، لجأ العدو إلى تدمير عدد من المصانع اللبنانية الضخمة المعنيّة بالتصنيع الغذائي والحديد والأمصال. وقبل عامين ومع انتشار وباء كورونا، انخرط صناعيّون في صناعات جديدة عليهم تغطّي الحاجات الأساسيّة لمواجهة الوباء. ونجحوا في ذلك. بالنسبة إلى السعر، لا زال الصناعي يعمل بالمعادلة الذهبية التي تربط الجودة بالسعر، وذلك لا يعني أن الجودة لم تعدّ تهمّه. هذا غير صحيح. وإذا كان المستهلك يفتّش على السلعة الأرخص فذلك لا ينفي أنّه ما زال متطلّباً من حيث النوعيّة والجودة.

 

* هناك اتهام من بعض المصارف بأن الصناعي المصدّر يحتفظ بثمن بضائعه في الخارج ويطالب بالعملة الصعبة من مصرف لبنان لشراء المواد الأولية؟

 -من الظلم الحديث عن الصناعيين بصيغة الاتّهام. فهم خسروا كثيراً. وبذلوا تضحيات كبيرة. ورؤوس أموالهم مجمّدة في المصارف أسوة بسائر المودعين اللبنانيين والصناعي يحتاج أكثر من غيره للعملات الصعبة من أجل شراء المواد الأوّلية الضرورية لعمليات الإنتاج. جرى تأسيسCedar Oxygen في الخارج بواسطة رؤوس أموال لبنانية وأجنبيّة وهو صندوق برأسمال 175 مليون دولار مخصّص لإقراض الصناعيين لشراء المواد الأوليّة، وهذه المبادرات جيّدة لكنّها لا تغني عن ضرورة استعادة المصارف اللبنانية دورها في الإقراض وإطلاق برامج تمويليّة وإقراضية طويلة الأجل وتحرير أموال المودعين.

 

*يشكو بعض التجار في الخارج من أن أسعار السلع اللبنانية الموجودة في بعض الأسواق الأوروبية أغلى بكثير من البضائع الأوروبية والتركية المنتشرة في أوروبا...

 -أعتقد أن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق، وإلا لما تمكّن الصناعي اللبناني من المنافسة في أسواق تشتدّ فيها المنافسة إلى حدودها القصوى. لا رحمة في هذه الأسواق. الجودة والسعر متلازمان. والمنتجات اللبنانية مطلوبة كثيراً في الأسواق التي ذكرت، كما تصدّر إلى الولايات المتّحدة وكندا والبلدان العربية والخليجيّة، وصولاً إلى الصين واليابان وأستراليا  وحيث يوجد لبناني توجد صناعة لبنانية. والمطلوب من اللبناني في دول الانتشار أن يقوم بتشجيع المنتجات اللبنانية، وليس من المصلحة الوطنية ولا الاقتصادية الترويج لهذه الشائعات والأخبار غير الدقيقة، على كلّ لبناني، في لبنان والخارج أن يكون سفيراً لمنتجات بلاده وإذا أردنا أن نطلق شعاراً للمرحلة المقبلة، فيمكن أن يكون: «صناعة وطنية بجودة عالمية».

والأرقام تثبت ذلك،إذ بلغ مجموع قيمة الصادرات الصناعية اللبنانية خلال الشهرين الأولين من العام الحالي  282.8 مليون دولار أميركي مقابل 390.6 مليون دولار. خلال الفترة عينها من العام 2020.

كما أن المعدل الشهري للصادرات الصناعية اللبنانية خلال الشهرين الأولين من العام 2021 بلغ 141.4 مليون دولار مقابل 195.3 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2020.

واحتلت صادرات منتجات صناعة الأغذية والتبغ خلال شهر فبراير (شباط) من العام 2021 المرتبة الأولى، إذ بلغت قيمتها 33.1 مليون دولار. وتصدرت المملكة العربية السعودية لائحة البلدان المستوردة لهذا المنتج إذ استوردت ما قيمته 4.8 مليون دولار. تليها الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية بقيمة 28.8 مليون دولار. واحتل العراق صدارة الدول المستوردة لهذا المنتج بقيمة 3.5 مليون دولار. ثم المعادن العادية ومصنوعاتها بقيمة 24.4 مليون دولار. وتصدرت جمهورية كوريا لائحة البلدان المستوردة لهذا المنتج إذ استوردت ما قيمته 5.7 مليون دولار. ثم منتجات الصناعات الكيماوية بقيمة 17.3 مليون دولار.

شكلت الدول العربية خلال شهر فبراير السوق الرئيسية للصادرات الصناعية اللبنانية، فقد بلغت قيمة الصادرات إليها 76.6 مليون دولار. أي ما نسبته 52.1 في المائة من مجموع الصادرات الصناعية بينما احتلت الدول الأوروبية المرتبة الثانية، إذ استوردت ما نسبته 16.2 في المائة ومن ثم الدول الأفريقية غير العربية في المرتبة الثالثة بما نسبته 15.7 في المائة تليها الدول الأميركية بما نسبته 6.4 في المائة.

وبالنسبة للدول المستوردة للمنتجات الصناعية اللبنانية فقد تصدرت المملكة العربية السعودية لائحة هذه الدول، حيث بلغت قيمة الصادرات إليها خلال هذا الشهر 15 مليون دولار. أي ما يوازي 10.2 في المائة من القيمة الإجمالية للصادرات الصناعية، واحتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية حيث بلغت قيمة الصادرات إليها 12.4 مليون دولار. أي ما يوازي 8.5 في المائة يليها العراق حيث بلغت قيمة الصادرات إليه 9.4 مليون دولار. أي ما يوازي 6.4 في المائة.

font change

مقالات ذات صلة