هبة البشبيشي: السودان أمام تفاقم أزماته الاقتصادية

الدكتورة هبة البشبيشي

هبة البشبيشي: السودان أمام تفاقم أزماته الاقتصادية

القاهرة:أكدت الدكتورة هبة البشبيشي، أستاذ العلوم السياسية وخبيرة الشؤون الأفريقية، أن الأحداث الأخيرة في السودان تصحيح مسار للمرحلة الانتقالية، التي شهدت عجًزا حكوميًا عن تلبية تطلعات الشعب السوداني.

قالت البشبيشي، في حوار مع «المجلة»، إن المرحلة الانتقالية لم تشهد تطورا على المستويات كافة، فسياسيًا لا يزال الإخوان من أتباع النظام السابق، يمسكون بمفاصل الدولة، واقتصاديًا تفاقمت الأزمات التي صعبت الحياة اليومية على المواطنين.. وإلى نص الحوار:

 

* تزايدت التأويلات السياسية لما شهده السودان أخيرا بين الانقلاب العسكري أو ثورة تصحيح.. كيف تقيمين الأمر؟

- أتحفظ على وصف ما شهده السودان بالانقلاب العسكري، وأراه محاولة لتصحيح المسار، فرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، منذ توليه مهام منصبه كرئيس للوزراء لم يسع لتحقيق مفهوم العدالة الانتقالية التي لها في أفريقيا ما يشبه التقديس ولم يدشن أي خطة تنموية، رغم أنه رجل مفكر واقتصادي، وشبه علماني التوجه.

 

* هل تقصدين أن ما شهده السودان قريب الشبه بما شهدته تونس أخيرًا.. حينما أقال الرئيس قيس بن سعيد الحكومة؟

- لا ما حدث بالسودان ما هو إلا ثورة تصحيحية والوضع فيها أصعب بكثير فرد الشارع غير محسوب أو متوقع على عكس تونس التي تمت فيها إقالة الحكومة بسبب تردي الوضع الاقتصادي وسوء إدارة أزمة كورونا صحيا وحل البرلمان الذي تسيطر عليهحركة النهضة الإسلامية التي تتم إدارتها خارجيا عبر مكتب الإرشاد التابع لجماعة الإخوان المسلمين وكلها كانت مطالب من الشارع ذاته.

 

* هل غاب التوفيق عن الحكومة السودانية  في جميع الملفات أم بعضها فقط؟

- لم يتم الإحلال والتجديد لعناصر الإخوان الموجودة في أركان الدولة والباقية من النظام السابق، والرئيس السابق عمر البشير رأس النظام لم يتم تسليمه الجنائية الدولية لمحاكمته في الاتهامات الموجهة إليه، ولم تتم محاكمة أركان نظامه أيضًا حتى الآن على الاتهامات الموجهة لهم على مدار حكم البشير بالكامل الذي استمر لمدة 30 عامًا.

 

* وماذا عن الشأن الاقتصادي؟

- تفاقمت المشكلات الاقتصادية، بداية من البطالة والتضخم وارتفاع الأسعار وأزمات الوقود منذ إغلاق المنطقة الشرقية نافذة البلاد على البحر الأحمر ومصدر الواردات التي يحتاجها من الخارج لأسباب تتعلق بالتهميش التنموي، كما شهدت البلاد نقصا في الدقيق وإغلاق بعض المخابز أبوابها، ما يعني أن الحكومة لم تقم بأعبائها، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها السودانيون.

 

* يعزو البعض لحكومة حمدوك الفضل في إسقاط جزء من ديون السودان وعودته للمجتمع الدولي.. ما تعليقك على ذلك؟

- جدولة الديون وإسقاط العقوبات الدولية عن السودان كان سيتم بصرف النظر عن الحكومة لأنها مرتبطة بحكم البشير الذي زال، وبرغبة المجتمع الدولي حينها في عودة الخرطوم للساحة الدولية، وبالتالي لا يحسب الفضل فيه لأي مسؤول أو حكومة.

 

* البعض يقول إن الأحداث الأخيرة ستزيد معاناة السودانيين ولن تحلها.. ما تعليقك؟

- المواطن كان يعاني بسبب عدم توافر الاحتياجات الأساسية له وغياب المواد والسلع الأساسية، ويواجهون حاليًا معاناة من الصراعات والتشتت وهَو سمة لأي مرحلة انتقالية تصحيحية حتى  عودة الأمور  إلى نصابها الطبيعي، ومن المتوقع أن يواجهوا مشكلات أكبر في ظل تغير مواقف الدول المانحة تجاه السودان الذي سيفرض عليه المزيد من الضغوط الخاصة بتمويل احتياجاته وخططه التنموية.

 

* رئيس مجلس السيادة السوداني أعلن من قبل رفضه سيطرة الجيش على السلطة.. فهل تغير ذلك أخيرا؟

- هدف الجيش السوداني، كان تشكيل حكومة جديدة بقاعدة أكثر اتساعًا، بدلا من حكومة حمدوك، الذي غلب التوافق على الحسم في كثير من القرارات المصيرية حتى في سد النهضة.

 

* ذكرت سد النهضة.. هل كان أداء حكومة حمدوك فيها مخيبا لآمال الشعب السوداني؟

- اتسم موقف حكومة حمدوك بالتذبذب والمراوحة والميل نحو تأييد إثيوبيا أحيانا، على عكس موقف عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، الذي كان موقفه واضحًا في رفض ما يمس السيادة الوطنية، أو الإضرار بمصالح بلاده وحقها في مياه النيل.

 

* كيف يخرج السودان من أزمته السياسية بسلام؟

- لا بد من تقريب وجهات النظر وإيجاد حلول وسطى، ووضع مصلحة الوطن فوق أي خلاف.. وتطهير مفاصل الدولة من بقايا جماعة الإخوان.. وأن يعمل المسؤولون بسرعة على تحسين حياة المواطنين وتشكيل حكومة مدنية برئيس حكومة متوافق عليه ويتضمن تمثيلاً للقوى الحقيقية التي شاركت في التغيير ومن الشباب ذاتهم.

 

font change