هل تكون «الكوميسا» نواة اتحاد أفريقي على غرار الاتحاد الأوروبي؟

تسلّمت مصر رئاستها بعد غياب عشرين عاماً

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي متحدّثاً بعد تسلّمه رئاسة الكوميسا

هل تكون «الكوميسا» نواة اتحاد أفريقي على غرار الاتحاد الأوروبي؟

القاهرة : بعد غياب 20 عاماً تسلّمت مصر رئاسة تجمّع السّوق المشتركة لدول شرق وجنوب القارة الأفريقية (كوميسا)، من دولة مدغشقر، خلال انطلاق أعمال القمة الـ21 التي عقدت في العاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة، استلم خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، أدوات سلطة القمة ورئاستها من رئيس مدغشقر أندريه راجولينا.

وقد عقدت القمّة تحت شعار «تعزيز القدرة على الصمود من خلال التكامل الرقمي الاقتصادي الاستراتيجي» بهدف تشجيع استخدام أدوات الاقتصاد الرقمي، لتيسير ممارسة الأعمال داخل تجمع الكوميسا وتعزيز قدرة الدول الأعضاء على الصمود لمواجهة التداعيات السلبية لجائحة كورونا على اقتصادياتها.

والكوميسا هي اتفاقية مشتركة لدول الشرق والجنوب الأفريقي، ويضم التجمع في عضويته إلى جانب مصر، 21 دولة هي: الكونغو الديمقراطية، وجزر القمر، وبوروندي، وإريتريا، وجيبوتي، وكينيا، وإثيوبيا، وإسواتيني (سوازيلاند)، ومالاوي، ومدغشقر، وليبيا، وسيشيل، ورواندا، وموريشيوس، وتونس، والسودان، والصومال، وزيمبابوي، وزامبيا، وأوغندا.

 

أهداف الكوميسا

حدّدت الاتفاقية المنشئة للكوميسا، عدداً من الأهداف لتعزيز وتكامل التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء، ومن أهمّها دفع عجلة التنمية المشتركة في كافة مجالات النشاط الاقتصادي، والتبنّي المشترك لسياسات الاقتصاد الكلّي وبرامجه، بهدف رفع مستويات المعيشة السكانية، وتشجيع العلاقات الحميمة بين الدول الأعضاء، والتوصل إلى النمو المستمر والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء، وذلك عن طريق تشجيع هيكل إنتاج وتسويق متوازن ومتناسق مع التعاون في إيجاد بيئة مشجعة للاستثمار المحلي والأجنبي، بما في ذلك التشجيع المشترك للبحث والتكييف مع العلم والتكنولوجيا من أجل التنمية والتعاون لتشجيع السلام والأمن والاستقرار بين الدول الأعضاء.

ويهدف هذا التعاون إلى تعزيز التنمية الاقتصادية في المنطقة، وتقوية العلاقات بين دول السوق المشتركة وبقية دول العالم، واتخاذ مواقف مشتركة في المجال الدولي والإسهام في تحقيق أهداف الجماعة الاقتصادية الأفريقية، وكذلك تعميق مفهوم المصالح الاقتصادية المتبادلة.

ووفق بيانات حديثة لوزارة التجارة والصناعة المصرية، تعد مصر إحدى أهم القوى الاقتصادية في تجمع الكوميسا، حيث ساهمت بالنصيب الأكبر في حجم تجارة التجمع البينية خلال عام 2020 بإجمالي 2,7 مليار دولار، كما يعد تجمع الكوميسا سوقاً واعدة للصادرات المصرية حيث استحوذت مصر على نسبة 20 في المائة من حجم الصادرات داخل الكوميسا بإجمالي ملياري دولار، في حين بلغت واردات مصر من تجمع الكوميسا 700 مليون دولار.

 

القمة الـ21 التي عقدت في العاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة

 وأهم بنود الصادرات المصرية إلى دول التجمع: اللدائن، والملح، والكبريت، والجير والأسمنت، ومنتجات السيراميك، والآلات والأجهزة الكهربائية، ومنتجات المطاحن، والورق، والسكر، والصابون، والزيوت العطرية، والعطور. كما بلغ متوسط معدل النمو الاقتصادي للكوميسا 5,6 في المائة خلال عام 2019، إلا أن هذا المعدل شهد تراجعاً كبيراً خلال عام 2020 بسبب تبعات جائحة كورونا على معظم اقتصاديات الدول الأعضاء.

 

رؤية مصر

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال القمة أن الاقتصاد العالمي والإقليمي، شهد العديد من التطورات منذ انعقاد القمة الأخيرة للكوميسا في يوليو (تموز) 2018، في العاصمة الزامبية لوساكا، حيث دخلت منطقة التجارة الحرة القارية، حيز النفاذ في يناير (كانون الثاني) 2021.

كما صاحب التقدّم المحرز، في التكامل الاقتصادي القاري، العديد من التحديات التي واجهتها دول الإقليم والعالم أجمع، بسبب جائحة كورونا، وانطلاقًا من هذه التحديات، وفي ظل الدور المهم الذي تضطلع به الكوميسا، كتجمع اقتصادي إقليمي يهدف إلى بلوغ التنمية المستدامة للدول الأعضاء فقد قامت مصر بوضع رؤيتها، بهدف تعميق تكامل الأعمال بين دول الإقليم، لتسريع وتيرة التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا، حيث ترى مصر أن تشجيع الأعمال بمفهومها الشامل، للأعمال التجارية والاستثمارية والإنتاجية سيساهم بشكل كبير في تسريع وتيرة التعافي.

وأشار الرئيس السيسي إلى أن مصر تؤمن إيمانًا راسخًا بأهمية التكامل الإقليمي والقاري، وتسعى دائمًا لتنمية التجارة البينية، في إطار هذا التكامل، ولقد دأبت مصر منذ انضمامها للكوميسا على تطبيق الإعفاءات الجمركية المتفق عليها، في إطار منطقة التجارة الحرة، وفقًا لمبدأ المعاملة بالمثل، وتسعى مصر بالتنسيق مع الدول الأعضاء والأمانة العامة، للعمل على إزالة أية عقبات، تحول دون قيام الدول الأعضاء، بتقديم الإعفاءات اللازمة في هذا الصدد حيث اقترحت وضع آلية لمراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء، بشكل دوري وهو الأمر الذي سيساهم في مشاركة الدول بفعالية لتطبيق الامتيازات الجمركية، في إطار منطقة التجارة الحرة لإقليم الكوميسا وستسعى مصر لمتابعة هذه الآلية، بالتعاون مع الأمانة العامة والدول الأعضاء.

وقال الرئيس السيسي، إن «تشجيع وجذب الاستثمار في إقليم الكوميسا يتطلب بذل المزيد من الجهود من الدول الأعضاء والأمانة العامّة، لاستغلال المقومات الفريدة التي تحظى بها دول الكوميسا، وفي هذا الإطار لاحظنا أن نقص البيانات اللازمة للفرص الاستثمارية يشكل عقبة تحول دون تنمية الاستثمارات في المنطقـة، لذلك فإن مصر ستعمل على دعم وتشجيع الأمانة العامة للتعاون مع الدول الأعضاء، لإعداد قائمة بفرص استثمارية واضحة ليتم عرضها على مجتمع الأعمال ومؤسسات التمويل، للعمل على تنفيذها بما يساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتوفير مزيد من فرص العمل لمواطني الإقليم، موضحا إن مجتمع الأعمال، هو الفاعل الرئيسي، وأهم مستفيد من معاهدة السوق المشتركة للكوميسا».

وأكّد الرئيس السيسي أنّ مصر تولي اهتمامًا كبيرًا، لتذليل أية عقبات تواجه حركة الأعمال في الإقليم، لأنها تؤمن بأن تكامل الأعمال ضرورة ملحة لتسريع وتيرة التعافي من جائحة كورونا ولتحقيق ذلك، فإن مصر ستعمل خلال رئاستها للتجمع على تشجيع كافة المبادرات التي تساهم في تيسير بيئة الأعمال خاصة المبادرات الهادفة للتحول الرقمي، والشمول المالي لخدمة الشركات الصغـيرة والمتوسطة وكذلك كافة المبادرات الهادفة، لتشجيع مشاركة سيدات وشباب الأعمال، في عملية التكامل الاقتصادي بالإضافة إلى تشجيع حركة الاستثمارات البينية للقطاع الخاص، في القطاعات الإنتاجية المختلفة.

القمة الـ21 التي عقدت في العاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة

 

الرسوم الجمركية

اعتبر رشاد عبده الخبير الاقتصادي أن الكوميسا خطوة مهمة للقارة الأفريقية العملاقة والواعدة، وقال إنّ جميع دول العالم الآن تغازلها مثل الصين واليابان وروسيا وبلجيكا وتركيا.

وقال إنّ «ثمّة تكتلات اقتصادية في القارّة على رأسها الكوميسا التي تضم 21 دولة من دول شرق وجنوب أفريقيا، ولو سمحت هذه الدول أن يكون بينها تبادل تجاري دون رسوم جمركية، سيتسبب هذا الأمر في نقلة كبيرة في اقتصاد القارة، كما ستحقّق مكاسب لو تم إنشاء منطقة حرة بين هذه الدول، لأنّ هذه الأخيرة فتحت أبوابها فيما بينها، من هنا تبدأ الصادرات المصرية وعلى سبيل المثال بغزو الأسواق الأفريقية، ومن هنا أيضاً تزيد الصادرات وفي نفس الوقت تحصل مصر على احتياجاتها من المواد الخام من هذه الدول وعلى رأسها اللحوم وغيرها من السلع وفي ظل إلغاء الجمارك تكون أسعارها منخفضة».

وأضاف عبده أنّ الأمر لا يقف عند حدود السلع فحسب، إنّما ثمّة أسواق جديدة تفتح أمام المستثمر المصري مثل شركات المقاولات والتكنولوجيا والاتصالات، ومن خلال خبرات هذه الشركات في مجالاتها المتعددة، تكون الاستفادة متبادلة بين الطرفين، وتتحوّل المكاسب إلى دخلٍ مادّي أجنبي تستقطبه مصر ليزيد الاحتياطي النقدي الذي تحتاجه في استيراد بعض السلع. كما أنّ فتح أسواق جديدة سيؤدّي إلى خلق فرص عمل للحد من البطالة.

وأشار عبده إلى أن مصر ليست الوحيدة المستفيدة من الكوميسا، بل إن الدول الأفريقية كلّها ستستفيد بعد إلغاء الجمارك على السلع والصادرات، إذ سيحصل هناك تخفيض كبير لأدوات الإنتاج في إدارة المشروعات، مع اكتساب الخبرات من الشركات المصرية والخدمية في مجال الصحة والبنية التحتية من خلال الخبراء المصريين وسيتم نقلها إلى الدول الأفريقية.

وأكّد عبده أنّ هذا التجمّع يعتبر إعادة إحياء عودة مصر بقوة إلى قارتها الأفريقية التي ظلت بعيدة عنها مدّة طويلة، مع الوضع في الاعتبار أن مصر في السابق كانت تحضن كافة الجنسيات الأفريقية، وأنشأت العديد من المنشآت وفتح جامعاتها أمام أبناء القارة، وخرّجت العديد من العلماء في نفس الوقت كانت شركات المقاولات تعمل هناك، ومن هنا جاء اهتمام مصر في الماضي بالبعد الأفريقي والدليل على هذا ما حدث بعد نكسة 67 ورفض كافة الدول الأفريقية التعامل مع إسرائيل باستثناء دول جنوب أفريقيا. أيضا بعد الإطاحة بالإخوان من حكم مصر، وقفت هذه الدول مع مصر، وصوّتت لها للحصول على المقعد الدائم في مجلس الأمن.

 

تعظيم الفائدة

من جانبه أكّد نبيل نجم الدين الخبير في الشؤون الدولية أنّ الغرض من هذا التكتل ترسيم السياسات الاقتصادية والتجارية بين دول جنوب وشرق القارة الأفريقية، لتحقيق وتعظيم الفائدة من الموارد الذاتية.

 وقال إنّ أهمية هذا التجمع تأتي في ظل اختناق دولي للقارة الأفريقية، فالصين لها رؤية واضحة في اختراق القارة واستثمار مواردها وأسواقها، ومن هنا ينبغي على تجمّع الكوميسا الاقتصادي أن يسرع الخطى نحو بلورة هذا التكتل، ليتخطّى كونه مجرد اجتماعات ولقاءات وقمم رئاسية، إذ لا بد من قرارات على الأرض تفتح حرية التجارة وحرية انتقال رأس المال، ومن ثم حرية تنقل اليد العاملة، وبهذا تتحوّل فكرة التجمّع إلى واقع.

وأعطى نجم الدين مثالاً على الاتحاد الأوروبي الذي وصفه بالقدوة الحسنة، مشيراً إلى أنه لا يكفي أن تقوم الدّول بعمل تجمّع يحمل أفكاراً جيّدة، لأنّ الواقع وحده هو القادر على تحويل هذه الأفكار حيّز التنفيذ.

وقال إن مصر على دراية كاملة بعد استلامها رئاسة هذه المجموعة في الأيام القليلة الماضية، بأهمية القارة وبضرورة فتح أفق جديد في التعامل الاقتصادي، كما أن لديها آفاقا مفتوحة، وهذا الأمر يأتي من خلال حرية التنقل لرؤوس الأموال العاملة، وحرية التجارة، وحرية تحويل القرارات والاتفاقيات من الورق إلى حيز التنفيذ.

وأكد نجم الدين أنّه لغاية الآن ليس ثمّة رؤية واضحة في هذا الصدد، وأشار إلى أنّه لا بد من وجود رؤية استراتيجية أمام قادة الكوميسا يكون من أهم بنودها أن القارة الأفريقية محط أنظار القوى الاستعمارية.

وأشار نجم الدين إلى أن أهم ما سيواجه أطماع المستعمر السياسي والاقتصادي، هو تحويل هذا التجمع إلى وحدة اقتصادية، لأن أفريقيا ما زالت مطمعاً استعماريا لكل من دول فرنسا وأميركا وتركيا، وأشار إلى أن أهم دول تعمل على استعمار أفريقيا اليوم هي الصين والهند وإسرائيل، من هنا تأتي أهميّة أن لا ينظر إلى تجمع الكوميسا على أنه مؤتمرات ولقاءات فقط، ولا بد أن يحذو حذو ما تم في الاتحاد الأوربي، الذي بدأ باتفاقية اقتصادية وانتهى إلى اتحاد كامل.

 

مردود إيجابي

اعتبر وليد جاب الله الخبير الاقتصاد أنّ تجمّع الكوميسا من أهم التجمّعات الاقتصادية في العالم، باعتباره يضم أكثر من نصف سكان القارة الأفريقية.

وأشار إلى أنّ رئاسة مصر للتجمّع اليوم تأتي في مرحلة بالغة الأهمية، وهي مرحلة التعافي من فيروس كورونا، وهذا التعافي يحتاج التعامل معه خصوصاً وأن له مردودا إيجابيا على كافة اقتصاديات التكتل، الذي حقق نجاحاً في الفترة الماضية، من إلغاء القيود الجمركية بين 14 دولة من ضمن 21 من الدول الأعضاء، كما تم تخفيض الجمارك بنسب متفاوتة، ونجحت الكوميسا في عمليات التبادل التجاري قدرت بـ3 مليارات دولار.

وأكّد جاب الله أنّه من الضروري توسيع أفق التعاون بين دول الكوميسا، والذي يسمح بمضاعفة أرقام التبادل التجاري وتعميق العلاقات التجارية والصناعية ما بين الدول، لتفادي المشاكل الموجودة فيها مثل تراجع البيئة التكنولوجية وعدم وجود تنافسية كافية بين القطاعات بالإضافة إلى تراجع في وسائل النقل بين هذه الدول، فضلاً عن الفقر والكهرباء وعدم وجود طاقة كافية.

وقال جاب الله إنّ رئاسة مصر لتكتل الكوميسا تأتي بعد تجربة ناجحة في التمويل اللازم لمشروعاتها التنموية، إذ حصلت القارة على تمويل من الغرب والصين ونجحت في زيادة الطاقة وتنفيذ استحقاقاتها من المشروعات الأفريقية بالكامل، أهمها أنها انتهت فيما يخصها من طريق ربط البحر المتوسط ببحيرة فيكتوريا.

وأشار إلى أنّ مصر ستستفيد من خلال فتح أسواق لشركاتها في دول التكتل، وفي الاستثمار الزراعي، مع الأخذ في الاعتبار أن لديها تصورا ستتم مناقشته في الأيام المقبلة مع دول الكوميسا لخطط عمل مستقبلية. كما أنّ السوق المصرية تمثّل لدول التجمع سوقاً كبيرة مستهلكة لكافة المنتجات التي ستأتي من هذه الدول من منتجات زراعية أو لحوم وغيرها من المنتجات.

 

تكامل اقتصادي

ومن جانبه، قال يسري عبيد خبير العلوم السياسية إنّ استلام مصر رئاسة مجموعة الكوميسا، يأتي من منطلق دورها في القارة الأفريقية، فضلاً عن الدّور الاقتصادي الذي تقوم به الشركات المصرية في الدول أعضاء الكوميسا، وعلى سبيل المثال شركات المقاولات التي تقوم بأعمال كبيرة في دول تنزانيا وبوروندي وكينيا في الشرق الأفريقي، بالإضافة إلى أنّ القمة الأخيرة ستساهم بشكل كبير في التكامل الاقتصادي بين هذه الدول عن طريق تصدير المنتجات المصرية لدول الكوميسا والتي ستصل إلى الضعف عما هي عليه الآن.

ورأى عبيد أن الكوميسا هو تجمع اقتصادي الهدف منه أن يكون لدى قارة أفريقيا تكامل اقتصادي ثم تكامل سياسي يعلي من شأن القارة، وينتشل دول هذه القارة من الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها مواطنوها، والهدف الأساسي من القمة التي عقدت مؤخرا في القاهرة هو العودة مجددا للتكامل الاقتصادي والنظر إلى المشروعات القائمة بين الدول الأفريقية خلال الفترة المقبلة، ومحاولة زيادة هذه المشروعات وزيادة سبل التعاون الاقتصادي والسياسي بين الأعضاء في منظمة الكوميسا، ومن هنا تجدر الإشارة إلى أنه عندما تسلمت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي قامت بجهود كبيرة لتنشيط الاتحاد ولإقامة فعاليات كثيرة تخدم دول القارة، ومن ثم فإن مصر عبر توليها رئاسة منظمة الكوميسا ستحاول تنشيط عمل هذا التكتل مع الوضع في الاعتبار أن أفريقيا قارة فقيرة، ومعظم قراراتها ليست بيدها وثمّة تدخّلات خارجية تؤثر على قراراتها.

واعتبر عبيد أنه من أهم الدول التي تتدخل بشكل مباشر في قرارات أفريقيا هي الصين والولايات المتحدة الأميركية، كما أنّ هناك دولا إقليمية وعلى رأسها تركيا، وكلّها دول تهدف إلى السيطرة على المنابع الغنية في أفريقيا، وعلى سبيل المثال هناك صراع بين الصين والولايات المتحدة على خام «الكوفريم» في دول الكونغو الجنوبية والذي تصنع منه البطاريات الكهربائية للسيارات، وهذا مثال على تغلغل الدول الغربية في أفريقيا ومنعها من أن تستقل بقرارها الاقتصادي والسياسي، وبالتالي لن تسمح القوى الاستعمارية بوصول أي تكتل اقتصادي داخل أفريقيا للتكامل، أو الوصول إلى اتحاد يشابه الاتحاد الأوروبي، والسبب في ذلك أن القارة ليس لديها حتى الآن قوى اقتصادية تستطيع الانفراد بقراراتها، بعيداً عن الدول الكبرى، ولكن هناك بعض الدول مثل مصر تحاول أن تأخذ الكوميسا إلى طريق جديد تكون فيه أفريقيا صاحبة القرار في الاقتصاد والسياسة.

font change

مقالات ذات صلة