خبير مالي تركي: الليرة التركية ستواصل خسائرها

قال: أكثر من 60 % من ودائع الأتراك في البنوك بالعملة الأجنبية وهذا أمر خطير

جونيت أكمان الخبير المالي والاقتصادي التركي

خبير مالي تركي: الليرة التركية ستواصل خسائرها

القامشلي: تواصل الليرة التركية تسجيل مستوياتٍ قياسية منخفضة هي الأولى من نوعها على الإطلاق، في وقتٍ يحاول فيه البنك المركزي السيطرة على سعر صرفها أمام العملات الأجنبية، لكن الليرة تستمر في هبوطها الحادّ منذ مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي رغم أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أقال لطفي علوان وزير المالية من منصبه مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري في خطوة للحدّ من تدهور العملة الوطنية في بلاده.

ووسط تراجع الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، وجّهت أحزاب المعارضة التركية بما في ذلك أكبر حزبين معارضين في البلاد وهما حزب الشعب الجمهوري الذي يقوده كمال كيليشتدار أوغلو، وحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، الاتهامات لكلٍّ من حزب العدالة والتنمية الحاكم وزعيمه الرئيس التركي، بسوء إدارة الاقتصاد المحلي.

كما خرجت مظاهرات في مدينتي إسطنبول وأنقرة قبل أيام بعد تدهور الليرة، وهو أمر يحصل للمرة الأولى، إذ خرج الآلاف إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم من السياسات الاقتصادية للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية الحاكم بالتحالف مع حزب الحركة القومية. واعتقلت السلطات الأمنية العشرات من المشاركين في تلك المظاهرات.

ومع أن الرئيس التركي عيّن نورالدین النبطي وزيرا للمالية خلفاً لعلوان، إلا أن الليرة التركية التي خسرت أكثر من %40 من قيمتها خلال عام 2021 الجاري، ما تزال تسجّل مستويات قياسية منخفضة أمام الدولار الأميركي، حيث تجاوزت عتبة الـ 15 هذا الأسبوع بعدما تجاوزت عتبة الـ 14 لیرة أكثر من مرة خلال هذا الشهر وشهر نوفمبر الماضي.

وقال جونيت أكمان الخبير المالي والاقتصادي التركي إن «هذا التدهور الذي تشهده الليرة التركية سوف يستمر إذا لم تغير الحكومة استراتيجيتها وخططها الاقتصادية»، متوقعا أن «تخسر الليرة المزيد من قيمتها في الفترة المقبلة إذا ما تمسّك البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة».

وأضاف الخبير المالي المعروف أن «الحكومة لا تستطيع جذب المستثمرين الأجانب إن لم تغير سياساتها الاقتصادية التي تتمسك بها في الوقت الحالي»، لافتا إلى أن «السكان المحليين يحاولون الحفاظ على مدخراتهم بالعملات الأجنبية فقط».

وإليكم النص الكامل للمقابلة التي أُجرتها «المجلة»هاتفيا مع أكمان المقيم في تركيا:

 

* باعتقادكم، إلى متى ستستمر الليرة التركية في تسجيل الخسائر أمام العملات الأجنبية؟

- لا يمكن أن ينتهي التدهور الحالي الذي تشهده الليرة التركية إن لم تقم الحكومة بوضع خططٍ جديدة غير التي استخدمتها في السابق دون جدوى، وبطبيعة الحال، لا يمكن أن يستمر هذه التراجع الحادّ لليرة أمام العملات الأجنبية إلى أجلٍ غير مسمّى. لكن لا يمكن ربط أزمة العملة الحالية بالعوامل الاقتصادية فقط، فهناك أيضا عوامل سياسية تسببت في ذلك.

 

* ما هي المستويات القياسية التي تتوقع أن تسجلها الليرة مقابل العملات الأجنبية على المدى القصير وكذلك الطويل؟

- على المدى القصير وإذا افترضنا أن الحكومة تمسّكت بتخفيض أسعار الفائدة، فهذا يعني أن قيمة الدولار الأميركي الواحد أمام الليرة قد تبلغ بسهولة 16 ليرة. أما على المدى الطويل، فقد يتجاوز الـ20 ليرة، لكن ربما يحتاج هذا المستوى وقتا إضافيا أكثر من المستويات التي سجّلتها الليرة في السابق. لكن إذا تخلّت الحكومة عن سياسة تخفيض أسعار الفائدة، فربما يعود سعر صرف الدولار الواحد أمام الليرة التركية إلى 12 أو 13 ليرة.

 

* هل يمكن وصف ما تشهده الليرة من خسائر بالانهيار؟

- بعد إصرار الحكومة على تخفيض سعر الفائدة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وحتى اليوم، بدأت الليرة بتسجيل خسائر كبيرة في قيمتها، ونتيجة ذلك حتى السكان المحليون تركوا الليرة وشأنها، فالودائع المصرفية بالعملات الأجنبية تقترب من 60 في المائة لأول مرة في تاريخ البلاد، ولذلك يمكن وصف ما تشهده الليرة بالخطير بناءً على تمسّك الناس بالعملات الأجنبية عوضا عن العملة المحلية، وهذا ليس انهيارا كاملا حسب وجهة نظري على الأقل، فهناك مستويات قياسية أخرى منخفضة قد تسجلها الليرة في الفترة المقبلة رغم أن المتحدّثين باسم الحكومة يقولون إن هذا التراجع ليس سيئاً، فهو مفيد لتصدير المواد المصنوعة في تركيا إلى الخارج.

 

* ما مصير الاستثمار الأجنبي في تركيا بعد خسائر الليرة؟

- لا أعتقد في الوقت الحالي أن تتمكن الحكومة من الاستفادة من الاستثمار الأجنبي في تركيا إذا ما تمسكت بخططها الحالية، فالاستثمارات التي دخلت البلاد قبل سنوات تغادرها اليوم بالفعل بعدما تراجعت قيمة أصول الشركات الأجنبية أيضا إثر الخسائر التي سجّلتها الليرة أمام العملات الأجنبية، لذلك إن لم تتخلَّ الحكومة عن سياساتها الاقتصادية الحالية، فلن يكون بإمكانها جذب المزيد من المستثمرين.

font change