عمالقة القانون استجابوا لإرادة الجماهير

عمالقة القانون استجابوا لإرادة الجماهير

بقلم: علي السمان

حينما ذهبنا إلى عمالقة القانون سواء في تاريخ ماضينا، فنتذكر العالم المتفرد د.عبد الحميد باشا بدوي، الذي عمل في المنظمات الدولية، وكان له كتب ومراجع عن القانون الدولي، وكان شرفا كبيرا لي أن ألتقي به قبل سفري للخارج وأن ينصحني عبد الحميد باشا بدوي أن ألحق عند وصولي لفرنسا بجامعة جرينوبل بالأقاليم.
ثم جاء في عصر حديث الدكتور العريان، ثم الدكتور فتحي سرور عميد القانون والمحامي المشهور، وفي مرحلة حديثة ظهر على الساحة الدكتور محمد حمودة، الذي اشتهر بسرعة البديهة والذكاء والقدرة على خطاب مفوه مقنع، وكان الدكتور حمودة زميلا لي بباريس الذي تعلم منها الكثير.
أما الدكتور فتحي سرور الذي عرفته عن قرب مستشارا ثقافيا أحبه طلابه وكان شخصية مستقلة في التعامل مع سفيرنا وقتها.. السفير عبد المنعم النجار.

وعلى المستوى الشخصي كان لابنه معزة خاصة لدي، نظر لتواضعه الجم، وعلى مستوى القانون والمرافعات كان للدكتور فتحي سرور قدرة استثنائية على الدفاع، ولن ينسى الكثيرون كيف أن فتحي سرور أثناء الأزمة الكبرى والمحاكمات كان محل تقدير كثير من رجال القضاء والجامعة، وأجمع الكثيرون على أنه يندر أن رجال القانون لم يشيروا إليه بكل التقدير والاحترام وأنه يندر أن أحدا منهم أنه لم يدرس على يديه.
أما الدكتور العريان فقد استشارته كثير من مؤسسات القانون والتشريع الدولية عن الرؤية المستقبلية لنا.
وعودة إلى الدكتور محمد حمودة الذي تفرد بتميز نادر وهو القدرة حينما يبدأ في دراسة دوسيه قضية إلا ترتفع عينه عن الأوراق قبل أن ينتهي فعليا من دراسة كل جوانب القضية، هذه هي الجدية وإعطاء أمانة العمل كل حقها من الاحترام والاهتمام.
من منا ينسي شخصيات لهم مكانتهم في عالم القانون، أولهم أرفع علماء القانون الدكتور فؤاد رياض اختصاصي الدولي الخاص الذي تولى مسؤولية عالية المستوى في المؤسسة الدولية الجنائية، ويأتي بعد ذلك المفكر المحترم الدكتور أحمد القشيري الأخ والصديق وزميل جامعة باريس وهو من الاختصاصيين الذين يستحقون كل التقدير والاحترام.

وهو أيضا يتمثل بالخلق العالي بين زملائه داخل مصر وخارجها، أما العنصر الثالث فيتمثل في سيدة محترمة الدكتورة الأستاذة سامية راشد أستاذة القانون الدولي الخاص التي اشتهرت بعلم عزيز، ومن المفيد أن نذكر هنا شابا وعملاقا في نفس الوقت وهو الدكتور طارق رياض تميز بذكاء متميز وله مكانة محترمة كمحام في الدولي الخاص كتخصص بقية عائلته والده الدكتور فؤاد رياض ووالدته د. سامية راشد، ولن أنسى العزيزة هالة رياض بنت د.فؤاد رياض ولا ينقصها العلم بالقانون، هذه هي الصورة الكاملة المشرفة لعائلة من عمالقة القانون التي نالت احترام الجميع وتقديرهم.
وأرجو أن نعلم أن مصر كانت وما زالت مدرسة القانون وأيضا مدرسة القضاء، فحينما نعلم أن المحاكم بدرجاتها المختلفة من محكمة الاستئناف إلى محكمة النقض مارا بالمحكمة الدستورية العليا هي بمثابة مؤسسات تعليمية تعلم رجال القانون القواعد الثابتة التي تحتاجها في تطورها وعلمها.

ونحن نعلم أيضا أن بقية الدول العربية الأخرى مثل سوريا ولبنان والعراق هي أيضا مدارس للقانون والقضاء على مستويات مختلفة من العلم.
وأذكر أن سوريا حينما كنت أتعلم في كلية الحقوق جامعة جرينوبل الفرنسية كان لها شباب تميز في دراساته القانونية رغم أن تفوق وتخصص المصريين كان حول دراسة القانون وفروعه، ولا أدري هل تركيز المصريين على القانون يأتي من خلفه سبعة آلاف سنة من العلوم المصرية القديمة.
ومن ذكريات دراسة القانون وكلية الحقوق وذكريات دراسة القانون وكلية الحقوق وذكريات لزملاء وزميلات أعزاء لن أنسى زميلة تفوقت علينا جميعا، وهي حسن شاه الهاكع، وكانت دائما «أولى الدفعة»، وكانت بقية الدفعة تعجب بها شكلا أيضا فتسير وراءها في الطريق الذي تختاره في طريقها بمترو الإسكندرية إلى بيتها.

أما الزميل العزيز الراحل فتحي نجيب العظيم الذي كان في كثير من الأحيان ينجح ويصبح أول الدفعة، وكان يسكن معي في نفس المنزل بحي الشاطبي، ولا تعرف عيناه النوم إلا بعد أن تكتمل مذاكرته.
هؤلاء كانوا قدوة ونماذج تميزت وتفوقت على زملائهم، وكان فتحي الطيبي من عائلة التجار بطنطا، وكان والده يأتي إلى الإسكندرية كل شهر ليقيم ليلة معنا في بيتنا بحي الشاطبي ليطمئن على ابنه فتحي.
كل هذا الجو العائلي أعوام الخمسينات كان جوا مطمئنا، حيث يساعد كل منا الآخر بطريقته.. وحينما أقول بطريقته بمعنى ذلك أن المتميزين بكونهم أوائل الدفعة كانت لهم مكانة بيننا.
لا حسد ولا حقد على من تفوقوا، الكل تربطهم المحبة والمودة.
font change