رؤساء مجالس الأعمال اللبنانية الخليجية لـ«المجلة»: لبنان رهينة

اعتبروا أنّ «حزب الله» يستمرّ باستعداء الخليج خدمة لإيران

السفير السعودي في لبنان وليد البخاري متوسطا الخطيب وأبو زكي

رؤساء مجالس الأعمال اللبنانية الخليجية لـ«المجلة»: لبنان رهينة

بيروت: اكتسبت العلاقات اللبنانية- الخليجية تاريخيّا أهمية سياسية واقتصادية، تضاعفت بعد الطفرة النفطية، عام 1973. إنْ لجهة سفر مئات آلاف اللبنانيين على مدى عقود للعمل في دول الخليج، أو لجهة الدعم المالي الذي وفرته بعض هذه الدول للحكومات اللبنانية المتعاقبة، أو لجهة الاستثمارات المتنوعة في لبنان إضافة إلى أن أكثر من ثلث الإنتاج الزراعي اللبناني يصدر إلى الدول الخليجية.

فالمناخ الذي يسود العلاقات اللبنانية- الخليجية، والذي نتج عن سلوك سياسي يقوم به ما يسمى حزب الله بإيعاز من إيران، أصاب مقتلا في الاقتصاد اللبناني. ومع أنّ هذا الواقع كان يستدعي عملا سياسيا مسؤولا وشجاعا من رئيس الجمهورية ينتج تحركا عمليا يزيل هذه الغمامة السوداء ويضع حدا لهذه الحالة الظرفية التي تجافي مشاعر الخليجيين تجاه لبنان والتي هي في الأساس مشاعر محبة وصداقة. ويعيد بالتالي صفو العلاقات مع إقليم عربي شكل على مدى العقود الماضية العمق الاقتصادي للبنان، ولعب دورا كبيرا في نهوض اقتصاد لبنان وتعزيز مداخيل أبنائه. فتحول لبنان، وحتى في أصعب الظروف، واحة للاستثمارات الخليجية، ومقصدا للسياحة والطبابة والاستشفاء والتعليم.

كانت حكومات بلدان الخليج عموما، وبالأخص السعودية والإمارات والكويت وقطر، سندا للبنان في أصعب الظروف فوفرت الدعم للإستقرار النقدي، وساهمت في تمويل الكثير من مشاريع البنى التحتية بهبات وبقروض ميسرة، ويمكن القول وبكل موضوعية، إن هذه المواقف الخليجية وتجاه لبنان لم تكن في مقابل ارتهان سياسي، كما هو الحال لما يسمى حزب الله بل كان واقعها حرصا على استقرار لبنان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

 

 

الخطيب: دول الخليج تشكل العمق الاقتصادي للبنان

وهذه الدول تستضيف أكثر 350 ألف لبناني يعملون في كل المجالات من دون أي قيود وليس كما ادعى أمين عام حزب الله أنّهم أسرى في هذه الدول وهذا ما أكده رئيس اتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانية - الخليجية المهندس سمير الخطيب بأن «دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، كانت ولا تزال تشكل العمق الاقتصادي للبنان وعلى مختلف المستويات»، لافتا إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار هذه الاعتبارات والحقائق الدامغة للحفاظ على مصالح لبنان واللبنانيين العليا وعلاقاتهم الأخوية والإنسانية والتاريخية».

ونبّه الخطيب إلى «أهمية وخصوصية العلاقات الاقتصادية بين لبنان ودول الخليج، والتي تطال مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية من استثمارات، سياحة، تصدير منتجات صناعية وزراعية وخدماتية، تحويلات مالية، واحتضان اللبنانيين عاملين ومستثمرين، وكذلك الوقوف مرارا وتكرارا إلى جانب الدولة اللبنانية لا سيما في عمليات إعادة الإعمار بعد حرب تموز، فضلا عن الالتزامات التي قدّمتها في مؤتمر سيدر»، معتبرا أن «هذا الأمر لا يمكن أن نرى مثيلا له بين أي دولة ودولة حول العالم».

 

رؤوف أبو زكي

 

 

أبو زكي: آن الأوان أن يقف هذا النهج التدميري

كلام الخطيب أثنى عليه رئيس مجلس الأعمال اللبناني السعودي رؤوف أبو زكي الذي قال لـ«المجلة»: «في الوقت الذي تحتضن فيه دول الخليج وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، اللبنانيين العاملين لديها وجلهم من رجال الأعمال والمهنيين والخبراء، وفي الوقت الذي تثمن هذه الدول عاليا كفاءة اللبنانيين المهنية ودورهم في نهضتها الاقتصادية والعمرانية، وكذلك سلوكهم في احترام الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، يستمر حزب الله باستعداء دول الخليج ومهاجمة السعودية، وذلك خدمة لمشروع إقليمي يبتعد كليا عن مصالح اللبنانيين وتطلعاتهم، ويتنكر للعلاقات التاريخية مع دول الخليج وفي مقدمها المملكة العربية السعودية».

وتابع: «إنه لأمر مؤسف أن يصل البعض إلى هذا الدرك من غياب المسؤولية الوطنية، ومن استمرار تغطية حالة البؤس والانهيار الاقتصادي والنقدي الذي تسببت فيه مواقفه وأفعاله، من خلال إصراره على إبعاد لبنان عن محيطه العربي وجعله في مواجهة دول الخليج. ومن المؤسف أيضا، أن يعمد هذا البعض في كل مرة يقترب فيها لبنان إلى تحسين علاقاته بالسعودية ودول الخليج، إلى إطلاق تصريحات ومواقف تتماهى مع مصالح رعاته الإقليميين، وتهدف إلى تعميق الشرخ القائم والقضاء على فرص تحسين علاقات لبنان بمحيطه وكأن المقصود باستمرار، القضاء على أي آمال باستعادة لبنان لعافيته السياسية والاقتصادية».

وأكمل قائلا: «من غير المقبول، أن يتنكر هذا البعض لكل مسار العلاقات الطيبة مع المملكة ودول الخليج الأخرى، التي تحتضن مئات الآلاف من اللبنانيين وتوفر لهم فرص العمل في أسواقها، الأمر الذي يمكنهم من الاستمرار في إرسال الأموال إلى ذويهم وعائلاتهم، المحاصرين بالبؤس والفقر من جراء سياسات ورهانات هذا البعض، والتي لم يحصد منها لبنان سوى الفقر والعزل عن محيطه العربي وعن المجتمع الدولي».

وأضاف: «إننا إذ نلفت انتباه من يسعى إلى تخريب علاقات لبنان بالمملكة، إلا أن التصريحات والأفعال التي يقوم بها، لا تنحصر تداعياتها فقط باللبنانيين المقيمين في دول الخليج، بل تشمل اللبنانيين في مناطق أخرى، لا سيما في الدول الأفريقية، إذ يوجد مئات الآلاف من اللبنانيين الناجحين في أعمالهم، والذين يخشون من تداعيات المواقف غير المسؤولة التي تلحق الضرر الكبير بمصالحهم وباقتصاد بلدهم، في الوقت الذي يتطلعون فيه إلى أن يستعيد لبنان عافيته، لأن استمرار الوضع على حاله من شأنه أن يعيدنا إلى العصور الغابرة ويقضي على أي فرصة لإعادة النهوض».

وتابع: «آن الأوان أن يقف هذا النهج التدميري، الذي وصل إلى حد الادعاء بأن دول الخليج تستخدم اللبنانيين العاملين لديها كرهائن، فيما الواقع المرير هو جعل لبنان رهينة لمشروع لم يجلب سوى البؤس والعوز والانغلاق على الذات. في الواقع، فإن الادعاء هذا، يهدف إلى حرف الأنظار عن المشكلة الحقيقية التي يعيشها لبنان، والتي تتمثل في مصادرة قرار دولته وأخذه رهينة لمشروع أصبح مكشوفا في محتواه وأبعاده، ويا ليت وكيل هذا المشروع يراجع ولو مرة واحدة، نتائج ما وصلت إليه مواقفه وأفعاله، عله يدرك، وقبل فوات الأوان، اين تقع مصالح لبنان دولة وشعباً. ويا ليته يفكر فيما آلت إليه دول الخليج والسعودية من ازدهار وتطور وحداثة، وما آلت إليه نماذج المشروع الذي يشغل وكالته، هذا المشروع الذي يتوسل العنف لتحقيق غايات سياسية والفقر لوضع اليد على مستقبل الناس وطموحاتهم، في حين يستعد وكلاء هذا المشروع التدميري إلى مزيد من إفقار الناس وإرغام الشباب اللبناني على السفر بحثا عن لقمة العيش، وتستعد المملكة في هذه المرحلة لفورة إعمارية واقتصادية جديدة، ستولد الآلاف من فرص العمل المفتوحة أمام الجميع، وخاصة اللبنانيين الذين يتطلعون إلى المشاركة في هذه الفرص والخروج من المأساة التي حلت بهم على الأصعدة المختلفة. فهل من مسؤول عاقل يفوّت على شعبه مثل هذه الفرص؟ وهل من مسؤول عاقل يستمر في مشروع لا ينتج سوى الفقر والعنف والمآسي؟».

ووجّه رئيس مجلس الأعمال اللبناني السعودي رؤوف أبو زكي إلى الأطراف التي تضر بمصالح لبنان بدول الخليج قائلا: «اتقوا الله فيما فعلتم وتفعلون، ودعوا شعبنا يتنفس ويعمل في الداخل ويقوم بأعماله ومصالحه في الخارج، بعيدا عن الممارسات التي لم تجلب سوى الانهيار المالي والاقتصادي. دعوا المغتربين في الخليج وغير مكان يعيشون بأمان، وينصرفون إلى أعمالهم وكسب العيش وتوفير مقومات الصمود لذويهم وعائلاتهم من المقيمين، اتركوهم بعيدا عن جهنم الموعودة واتركوهم بعيدا عن السجن الذي وضعتم لبنان فيه خدمة لمشروع لم يجلب سوى البؤس والآلام والفقر والهجرة والتشرد. والشواهد على ذلك كثيرة في سوريا والعراق وفي اليمن، وقد أصبح لبنان بفضلكم في منتصف الطريق إلى هذه النماذج».

ختاماً، نقول: «إن اللبنانيين في الخليج معززون ومكرمون والرهائن هم اللبنانيون الذين يعيشون في لبنان. هذه هي الحقيقة والمأساة».

 

شارل جحا

 

 

جحا: العلاقات بين الدول تتحكم فيها القوانين والضوابط

أما رئيس مجلس العمل اللبناني في دبي، شارل جحا، فأشار في حديثه لـ«المجلة» إلى أنّ «العلاقات بين الدول تتحكم فيها القوانين والضوابط والأصول والأعراف، وعندما تنهار الضوابط وتنتهك الأصول تصبح إمكانية التأثير غير قابلة للتحكم بها، وعندها فإن الأعمال سوف تتأثر لأن التجارة والأعمال وتطورهما يرتكزان على علاقات طبيعية وهادئة... أما المغتربون اللبنانيون في دولة الإمارات ودول الخليج عامة، فإنهم لم يتأثروا قطعيا، بل إنهم يمارسون أعمالهم بشكل أكثر من طبيعي، ويعتبرون أنفسهم في بلادهم ويملكون من الحرية ما يملكها أبناء الدول المضيفة، طالما أنهم يحترمون القوانين المرعية. أما ما يتأثر به الاغتراب حاليا فهو رؤية وطنهم ينهار بسبب حفنة ممن يعتبرون أنفسهم مسؤولين عن شؤون الوطن والمواطن، والمسؤولية منهم براء، وما يتأثر به المغتربون أيضا هو رؤية أهلهم في حالة من الفقر والعوز والجوع وفقدان كل مقومات العيش وأهمها الطبابة والدواء، بطريقة لم يعهدها لبنان وأهله سابقا، بسبب الفساد والسرقة والفوضى والاستهتار والتسلط وغياب تام لدولة القانون والعدالة والنظام»..

وتابع: «انطلاقا من هنا فإننا نعتبر أن الدولة اللبنانية لا تقوم بواجبها نحو الوطن والمواطن، سواء كان المواطن في الداخل اللبناني أو في دول الخليج، بحيث إنها لم تقم بواجبها الطبيعي لإعادة العلاقات الأخوية اللبنانية الخليجية إلى طبيعتها إذ إننا نسمع الكثير من الكلام والمشاعر والعنتريات الإعلامية ولا نرى أعمالا ونتائج، خاصة أن إعادة العلاقات إلى طبيعتها، إضافة إلى أهميتها الأساسية على صعيد العلاقات الأخوية الصرفة، فإنّه مع الوضع الاقتصادي المتهرئ في لبنان بحاجة إلى إعادة الأمور إلى نصابها بسرعة، كما يتوجب على الحكومة أن تقوم بخطوات تنفيذية لا كلامية إعلامية، فبدلا من القبض على عدة شحنات من الكبتاغون ومرور عدة شحنات أخرى، عليها أن تقوم بمداهمة مصانع المخدرات وإغلاقها، كما إن عليها ضبط الحملات السياسية ومنع المؤتمرات الهادفة إلى زيادة الشرخ والتي لن تؤثر على دول الخليج بقدر ما ستؤثر على لبنان وعلاقاته الدولية، إضافة إلى خطوات عملية تضمن إعادة الأمور إلى نصابها وتبعد أي أمكانية لحصول أي تأثيرات مستقبلية على مجتمع الأعمال الاغترابي اللبناني في الخارج»..

 

فادي عقل قاصوف

 

 

عقل: عمليات تهريب الكبتاغون ممنهجة

بدوره، فإن أمين عام مجلس العمل والاستثمار اللبناني في المملكة العربية السعودية فادي عقل قاصوف، اعتبر في حديثه لـ«المجلة» أنّ «عمليات التهريب لمختلف أنواع الموبقات، التي كان آخرها وليس أخيرها الكبتاغون التي أتت ممنهجة ومتلاحقة إلى المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى ما سبقها وتبعها وما زال من حملات التعدّي السياسية والإعلامية، قد أثرت بشكل مباشر وفوري على مصالح الجالية اللبنانية ككل معنويا وماديا؛ إذ طالت سمعتها العطرة التي طالما تمتعت وتميّزت بها في المملكة الشقيقة عند أولياء الأمور ولدى الحكومة والشعب».

وتابع: «لقد طالت هذه الحملات والتعديّات في الصميم رزق الكثير من أبناء الجالية تجارا أو رجال أعمال، حيث توقفت بالكامل عمليات التبادل التجاري من استيراد وتصدير، وللإضاءة على حجم هذه الخسائر نود بالأرقام عرض بعض الحقائق:

 مثّلت المملكة الطليعة كأكبر اقتصاد في العالم العربي وفي منطقة الشرق الأوسط، ويتوقّع قريبا أن تحوز على المرتبة 16 بين أكبر اقتصادات العالم.

 السعودية هي السوق الثانية الكبرى بين الدول العربية لتصدير البضائع اللبنانية فقد بلغ متوسط حجم الصادرات السنوية إلى المملكة، وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية 349 مليون دولار، ومتوسط التبادل التجاري بين البلدين 718 مليون دولار.

 يبلغ مجموع السجلات التجارية بين البلدين 3467 سجلا، كما بلغت قيمة الشركات اللبنانية نحو 130 ملياراً. وقد أسهمت هذه الشركات بتنفيذ كبرى المشاريع الاستراتيجية الضخمة في المملكة لا سيما في البنية التحتية.

 تجاوزت قيمة الاستثمارات السعودية في لبنان 20 مليار دولار وفق دراسة قام بها المجلس اللبناني- السعودي.

 السعودية كانت ممر ترانزيت للبضائع اللبنانية، المشحونة برا عبر سوريا والأردن مرورا بالسعودية إلى مختلف دول الخليج العربي.

 احتلّت السياحة السعودية المرتبة الأولى عام 2010 مع 150 ألف سائح في لبنان، وبذلك يكون قد خسر لبنان 39 في المائة من عائداته السياحية.

 الكثير من المصالح اللبنانية والسعودية في المملكة كانت تعتمد على استيراد مواد صناعية وزراعية وطبيعية من لبنان وقد تعطلّت بالكامل فأصبحت البضاعة اللبنانية مفقودة من السوق، كذلك أعمال الفرانشايز اللبنانية التي توقفت بسبب عدم التمكن من الاستيراد مع شلل كامل لقطاع النقل البرّي».

وأضاف قائلا: «استنادا إلى ما ورد من أرقام وحقائق، يمكننا إدراك حجم الضرر المباشر وغير المباشر الذي لحق برجال الأعمال في الجالية اللبنانية، من تجار وصناعيين وفنيين على اختلافهم، هي علاقة أخوة تاريخية تعود جذورها منذ نشأة لبنان، بنتها الجالية بالكّد والجهد والمثابرة وحسن السيرة والتعامل والمصداقية، لتصبح الجالية اللبنانية، واحدة من أفضل الجاليات والأحّب على قلب الشعب السعودي».

ورأى أمين عام مجلس العمل والاستثمار اللبناني في المملكة العربية السعودية فادي عقل قاصوف أنّه إلى هذه الدرجة كان الضرركبيرا في الوفاء والسمعة والماديات.

وتابع: «لا بدّ في النهاية من التنويه بأن المعاملة من طرف المملكة حكومة وشعبا لم تتأثّر ولم تتبدّل تجاه الجالية التي اعتبرت من نسيج هذا المجتمع، بل نشهد بالعكس تعاطفا ومراعاة. ولها منّا كل دعاء بالخير، ووفاء في العمل، ومحبّة في النفس أمّا للمسيئين، المغرضين، الضالين من بلدنا نقول ارجعوا إلى رشدكم وضمائركم فقد دمرتّم لبنان المقيم والمغترب».

 

 

ربيع الأمين

 

الأمين: إضرار بالسمعة اللبنانية

بدوره رئيس مجلس التنفيذيين اللبنانيين في السعودية ربيع الأمين قال لـ«المجلة»: «لا شك أنّ عمليات تهريب الممنوعات على اختلافها من لبنان إلى مختلف دول العالم وتحديدا دول الخليج العربي أضرت كثيرا بعلاقات لبنان واللبنانيين بهذه الدول، ومن يقوم بهذه الأعمال هم عصابات منظمة خارجة على القانون وأعمالها مستنكرة من كافة فئات الشعب اللبناني».

وتابع: «زاد الطين بلة تداخل عمليات التهريب مع نشاطات لأطراف لبنانية خارج الحدود هددت أمن دول الخليج، متدخلة في شؤونها بالتزامن مع عجز السلطات اللبنانية عن ضبط هذه العمليات والأنشطة. فما كان من هذه الدول إلا أن اتخذت إجراءات قاسية شملت فيما شملت وقف الاستيراد من لبنان وسحب السفراء ومقاطعة تجارية مع لبنان مما أضر بالاقتصاد اللبناني وبالسمعة اللبنانية».

وأكمل قائلا: «هنا يأتي الانعكاس السلبي على رجال الأعمال اللبنانيين في دول الخليج العربي، حيث تراجعت سمعة اللبناني وتراجع المنتج اللبناني، وما بني خلال سبعين عاما نراه ينهار في أشهر قليلة وليس من السهل إعادة بناء هذه السمعة في المستقبل القريب، لكن أملنا يبقى دائما بحكمة قيادات البلدان المضيفة وبمحبة شعوبها للبنان واللبنانيين».

 

فادي صعب

 

صعب: نحتاج إلى إعادة بناء جسور الثقة

من ناحيته، قال رئيس مجلس رجال الأعمال اللبناني القطري فادي صعب لـ«المجلة»: «بشكل عام، تعتمد العلاقات الاجتماعية والاقتصادية وتبادل الفرص التجارية بين البلدان في المقام الأول على مستوى الثقة والاحترام والراحة النفسية التي يشعر بها مواطنو بلد ما عند التعامل مع البلد الآخر، أما بالنسبة للبنان، فإن السهولة في ممارسة الأعمال والروابط الأخرى العاطفية الداعمة هي الأكثر أهمية عند التعامل مع دول الخليج المجاورة».

وتابع: «على مدى العقود الماضية، تمتّع لبنان بعلاقات متميّزة مع الدول العربية المجاورة في العديد من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والتجارية وغيرها، بسبب التنوّع الاستثنائي من المنتجات والخدمات العالية الجودة على مستويات هامة مثل التعليم المتفوق، والمعالم السياحية الاستثنائية، والبنية التحتية الحديثة، والرعاية الصحية المتخصصة، والمنتجات الزراعية الصحية، والصناعات الفريدة، والخبرة المهنية، والعمالة الماهرة... أما في الآونة الأخيرة فقد خسرنا هذا المركز الفريد لوجهات مختلفة ولمنافسين تجاريين آخرين، وذلك بسبب ثلاثة أسباب رئيسية هي:

الأوضاع الأخيرة السلبية المؤدية لخسائر ونقص في السيولة على الاستثمارات الخليجية من ودائع مصرفية وعقارات وشركات غيرها والتي تطغى على المشاعر الإيجابية لأولئك الذين اعتادوا في الماضي على قضاء إجازاتهم، أو الذهاب إلى المدارس والجامعات، أو زيارة المرافق الطبية، أو التمتع بالعديد من الخدمات المتفوقة الأخرى التي كانت تقدمها البلاد.

المستويات المتدهورة الحالية للعناصر الأساسية لنوعية الراحة المعيشية وانحدار توافر الخدمات الأساسية.

لكن الأسباب الأكثر ضررا ناتجة عن تراكم المواقف السياسية غير المتضامنة والتي تزعزع العلاقات السياسية؛ وتكرار الخطابات العامة الضارة؛ وعدم القدرة على السيطرة الفعالة على منع السلع المهربة عبر الحدود؛ وغياب استراتيجية رسمية لإعادة الثقة وإعادة بناء علاقات قوية من الأخوة والشراكة الاجتماعية والاقتصادية».

وتابع: «على الرغم من أن معالجة الآثار الخطيرة للاقتصاد اللبناني الضعيف الحالي وما ينتج عنه من تدمير لمصلحتنا التنافسية قد تستغرق وقتا طويلا- والتي لا نلوم فيها إلا أنفسنا للاستمرار في انتخاب صناع القرار غير الأكفاء، إلا أن الحلول لإعادة توطيد العلاقات الإنتاجية مع جيراننا العرب يمكن، وينبغي، تحقيقها بسرعة».

وأضاف: «للأسف، العلاقات والصداقات الشخصية الخاصة التي كانت قد أقيمت سابقا بين قادتنا السياسيين ورجال الأعمال والمواطنين مع نظرائهم العرب لم تفقد روابطها القوية فحسب، بل إنها أيضا تعاني تدميرا أكثر ضررا بسبب افتقار لبنان إلى إجراءات داعمة ملموسة وحاسمة نحو إنهاء المواقف السلبية والتهجمات اللفظية المسيئة، والقضاء على تهريب المواد غير المشروعة، وتنفيذ خطوات ملموسة نحو إعادة بناء جسور الثقة والتعاون المثمر... لقد آن الأوان لعكس المسار السياسي والاقتصادي الانحداري، ووقف أجندات المصالح الذاتية الضيقة لصالح القضية الوطنية الكبرى وحماية ليس فقط العلاقات الاقتصادية والمعاملات التجارية والتدفقات التجارية وغيرها من إجراءات لجذب الاستثمارات والتعاون المالي، ولكن الأهم من ذلك هو الحفاظ على توافر فرص عمل جديدة جذابة وفرص تجارية مربحة من شأنها حماية مستقبل شبابنا والنهوض باقتصادنا»..

 

 

 

 

font change

مقالات ذات صلة