مرادخاني: إيران تستمد وجودها من القمع في الداخل وخلق الأزمات في الخارج

ابن شقيقة خامنئي قال لـ«المجلة»: تزايد الصراعات داخل النظام ستؤدي إلى انهياره

محمود مرادخاني

مرادخاني: إيران تستمد وجودها من القمع في الداخل وخلق الأزمات في الخارج

باريس: اعتقلت السلطات الإيرانية فريدة مرادخاني الناشطة والمناهضة لعقوبة الإعدام الخميس 13 يناير (كانون الثاني) في طريق عودتها إلى البيت في العاصمة الإيرانية لإشادتها خلال مكالمة بالفيديو بـ« فرح ديبا»أرملة الشاه محمد رضا بهلوي. وأكدت مصادر أمنية أن فريدة مرادخاني تقبع في العنبر 209 بسجن «إوين» الذي تديره وزارة الاستخبارات

 فريدة مرادخاني هي ابنة الشيخ علي طهراني وبدري خامنئي، شقيقة المرشد علي خامنئي ولديها شقيق مقيم في فرنسا وهو الدكتور محمود مرادخاني الذي يعد ضمن المعارضين للنظام الإيراني.

كان الشيخ علي طهراني زوج أخت خامنئي من علماء الدين المجتهدين البارزين وأستاذ الحوزة الدينية في إيران قبل الثورة غير أنه أصبح من أبرز منتقدي سياسات نظام الجمهورية الإسلامية بعد قيام الثورة.

وأصدرت المحكمة حكما بالسجن بحقه 8 أشهر، وبعدها تم وضعه تحت الإقامة الجبرية غير أنه تمكن من الهروب سرا إلى العراق في أبريل (نيسان) 1984.

عاد علي طهراني إلى إيران في يونيو (حزيران) 1995 وتم الحكم عليه بالسجن 20 عاما وأطلق سراحه عام 2005. يقيم علي طهراني البالغ من العمر 95 عاما في طهران بعيدا عن السياسة.

وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته «المجلة» مع الدكتور محمود مرادخاني الاختصاصي في الأذن والأنف والحنجرة حول تدخلات إيران في المنطقة وتشكيلها لميليشيات تابعة لها في عدد من دول المنطقة ودعمها لحماس وحزب الله والحوثيين والحشد الشعبي والمشاكل الاقتصادية في إيران وتوسع التجمعات الاحتجاجية من قبل المعلمين والعمال للمطالبة بحقوقهم وتحسين ظروفهم المعيشية ومغامرات النظام النووية وملف حقوق الإنسان والعدد الكبير للإعدامات والمشاكل الهيكلية القائمة في نظام الجمهورية الإسلامية.

 

فريدة مرادخاني

 

* أنفقت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال العقدين الأخيرين مليارات الدولارات لتشكيل ميليشيات تابعة لها لدعم النظام السوري والحؤول دون سقوطه. ويسعى النظام الإيراني لبسط نفوذه السياسي وترسيخه عبر دعم جماعات مثل حماس وحزب الله والحوثيين والحشد الشعبي. ما هي الكلفة السياسية والاقتصادية التي دفعها الشعب الإيراني وشعوب المنطقة بسبب تدخلات إيران؟

- إن دعم نظام الجمهورية الإسلامية في إيران للميليشيات المناهضة لفكرة الدولة على غرار الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية في العراق وحركة حماس وحتى جماعات مثل القاعدة وطالبان وغيرها حقيقة واضحة للجميع. أعتقد أن هذا الدعم اللامحدود الذي يقدمه النظام الإيراني لهذه الجماعات والميليشيات مفهومة لأن النظام القائم على نظرية ولاية الفقيه والذي أسسه الخميني واستمر فيه علي خامنئي يهدف إلى الهيمنة على الشرق الأوسط. يجب أن نتذكر أن الحرب الإيرانية العراقية بدأت إثر القلاقل التي ظهرت في العراق آنذاك بأوامر مباشرة من الخميني. ومنذ ذلك الوقت فإن الخميني ودائرته يطمحون في بسط هيمنتهم على العراق ودول الخليج العربية.

عندما عاد الخميني بعد سنوات من المنفى إلى إيران في 1979 سأله أحد الصحافيين عن شعوره بالعودة، فأجاب: «لاشيء»! لم يهتم أو لم يدرك أحد آنذاك ما كان يقصده الخميني بهذه الإجابة. ولكننا اليوم ندرك ونعلم أن ما كان يقصده الخميني آنذاك بـ«لاشيء» هو أن العودة إلى إيران ليست نهاية المطاف بل إنه كان لديه طموحات أخرى! كان يطمح بالهيمنة على العراق والشرق الأوسط برمته!

إن نظام خامنئي بسبب طبيعته المناهضة للإنسانية وعجزه في إدارة البلاد مضطر لنهج أساليب قمعية وجعل شعبه في حالة من الفقر والجوع ولم يكف عن خلق الأزمات الخارجية في كل الأماكن وكل الفترات للبقاء في السلطة. ونرى أن الأوساط الدولية ومنظمات حقوق الإنسان في العالم تندد وتشجب ممارسات النظام الإيراني وانتهاكاته المستمرة للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومنها حقوق المرأة.

ينبغي القول إن الغالبية الساحقة من الشعب الإيراني وحتى عدد غير محدود من أفراد عائلة علي خامنئي يعارضون النظام برمته وحكمه. أعلم وواثق تماما بصفتي أحد أعضاء عائلته العارفين بالأمور أن علي خامنئي وجماعته لا يهتمون إلا بتوسيع دائرة الأزمات في المنطقة للتستر على عجزهم في إدارة البلاد وإخماد الأصوات الاحتجاجية المتعالية للشعب الإيراني.

فبالتالي، أرى أن دول الشرق الأوسط عليها أن تتخذ موقفا صارما إزاء هذا النظام وسياساته ويجب على دول المنطقة أن تعلم أن نظام علي خامنئي خاوِ من الداخل ولا يتمتع ببنية اقتصادية واجتماعية وعسكرية قوية.

 

* ما المخاطر التي تهدد النظام الإيراني في حال فشل المفاوضات النووية؟

- إن البرنامج النووي الذي تشرف عليه الجمهورية الإسلامية ليس إلا وسيلة لإلهاء الرأي العام الإيراني والدولي والحفاظ على اهتمامهم بعيدا عن المشاكل الداخلية والخارجية. يعلم الجميع أنه إذا حصل النظام الذي يقوده علي خامنئي على الأسلحة النووية فإن ذلك يشكل تهديدا خطيرا على السلم والاستقرار في الشرق الأوسط. إن النظام الذي أثار هذا الكم الهائل من الأزمات والتحديات الداخلية والخارجية في ظل إمكانياته العسكرية الضعيفة فماذا سيحصل إذا امتلك هذا النظام قوة عسكرية نووية؟

 

* ماذا يعني إحياء الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة؟ وإذا حصل ذلك فهل سيكون لصالح الشعب الإيراني؟

- عندما كانت المفاوضات النووية للوصول إلى الاتفاق في بداياتها أرسلت رسالة إلى الرئيس الأميركي آنذاك والتي انتشرت في الصحف. وأكدت في تلك الرسالة أن النظام الإيراني يكذب ولن يفي بوعوده. يستخدم النظام الإيراني الدعم المالي أو الأموال التي يحصل عليها من قبل الدول الأخرى في قمع الشعب الإيراني وزيادة أدواته التوسعية وتدخلاته التدميرية في دول الشرق الأوسط والعالم. بهذه المناسبة أدعو كل الأطراف المعنية مرة أخرى إلى الاطلاع على التفاصيل التي ذكرتها في رسالتي إلى السيد أوباما في 20 أبريل 2015.

 

* ما الرسالة وراء إحراق تمثال القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني بتكلفة 150 مليون تومان في شهركرد؟ ما الذي نفهمه من الفيديوهات العديدة المنتشرة على الشبكات الاجتماعية حول قيام المواطنين بتمزيق صور لروح الله الخميني وخامنئي وقاسم سليماني؟

- لقد بدأت معارضة الشعب الإيراني لهذا النظام منذ وصول الخميني إلى سدة الحكم وتأسيس ما سماها الجمهورية «الإسلامية» ولاتزال مستمرة حتى اليوم. مارس هذا النظام جرائم عديدة بحق الشعب على غرار الأرقام الهائلة للإعدامات واعتقال النشطاء السياسيين والمدنيين وقمع الاحتجاجات الشعبية المحقة. تحمل الاحتجاجات السياسية والنقابية والاقتصادية رسالة واحدة ألا وهي صرخة «لا» لهذا النظام وممارساته الاستبدادية والقمعية وسوء إدارته للبلاد. لم ولن تتوقف هذه الحركات الاحتجاجية الشعبية على غرار التهكم والسخرية من تصريحات مسؤولي النظام وإحراق التماثيل وتدميرها مثلما حدث لتمثال سليماني في شهركرد. ستستمر هذه الأنماط الاحتجاجية المختلفة التي تدل على أن الأغلبية الساحقة من الجماهير الإيرانية تكره هذا النظام وخاصة علي خامنئي ذاته الذي تحول بدوره إلى رمز للرذيلة والإجرام والكذب للجمهورية الإسلامية.

 

الشيخ علي طهراني

 

* ما رأيك في ملف حقوق الإنسان في ظل النظام القائم، مثل الإعدامات التي طالت أكثر من 25 شخصا من منتقدي النظام خلال الأسابيع الأخيرة؟

- کان والدي الشيخ علي طهراني يدعم الخميني قبل أن يصل الأخير إلى سدة الحكم ولكنه أعلن عن معارضته للنظام الديني ونظام الملالي بعد قيام الجمهورية الإسلامية ورفع صوته في وجه النظام. وبدأ والدي حركة ثورية لمعارضة نظام الخميني بشكل علني وحازم بعد أن ترك البلاد إلى العراق والمطالبات الدولية لوقف إطلاق النار خلال الحرب العراقية الإيرانية. وكنت أنا أيضا منذ فترة شبابي منتقدا للنظام الإيراني وتم حرماني من حقوقي كمواطن إيراني، ومنها حرماني من الدراسة الجامعية فاضطررت إلى ترك البلاد في 1985 وتوجهت إلى العراق فمكثت هناك لمدة عام ونصف العام، ومن ثم ذهبت إلى فرنسا التي أقيم فيها لأكثر من 25 عاما وأستغل جميع المنابر والمناسبات على غرار الجريمة النكراء المتمثلة في إحراق سينما ريكس في عبادان وسلسلة جرائم القتل بحق المعارضين السياسيين في إيران والإعدامات المستمرة واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان لإدانة النظام الإيراني والإعلان عن معارضتي له.

 

* برأيك من الذي سيكون خليفة المرشد الإيراني بعد وفاة خامنئي؟

- أنا شخصيا، أعتقد وعلى أمل أن يسقط نظام الجمهورية الإسلامية في إيران عبر حركة جماهيرية تقودها معارضة تؤمن بالديمقراطية حيث تنتقل البلاد من خلالها إلى مسار سياسي- ثوري مدروس بما يمكن تسميته عملية «الإطاحة» تفضي إلى وصول حكومة منتخبة من قبل الجماهير إلى السلطة. أعتقد أن النشطاء السياسيين المؤثرين والملتزمين لا يتوقعون ولا يميلون إلى فكرة الإطاحة بالنظام القائم من قبل جهات أو دول أجنبية.

أعتقد أنه في ظل غياب حركات وشخصيات معارضة مؤثرة هناك خياران واردان وأكثر احتمالية بعد وفاة علي خامنئي وهما ذهاب البلاد باتجاه الانهيار والفوضى أو استمرار النظام القائم. ولكنني على ثقة أن خليفة علي خامنئي بغض النظر عمن سيكون فلن يستمر في السلطة لفترة طويلة وبالتالي سينهار النظام لا محالة وذلك بسبب تزايد الصراعات والتناقضات بين كافة أجنحة النظام. حينها سيقع على الشعب الإيراني والقوى السياسية المعارضة مسؤولية كبيرة وهي استغلال هذه الفرصة المتمثلة في ضعف خليفة علي خامنئي بهدف الانتقال نحو سلطة الشعب.

 

 

 

font change

مقالات ذات صلة