صواريخ أربيل بين فيينا وكييف

صواريخ أربيل بين فيينا وكييف

هذه المرة طريق القدس مرت من أربيل، حيث شن الحرس الثوري الإيراني هجوما صاروخيا على أربيل عاصمة إقليم كردستان في العراق. ففي وقت أعلن فيه جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، أن هجوماً بـ«12 صاروخاً باليستياً»استهدف فجر الأحد، أربيل عاصمة الإقليم، والقنصلية الأميركية فيها. جاء تبني الحرس الثوري الإيراني للعملية وإعلانه مسؤوليته عن الهجوم الصاروخي قائلا إنه استهدف ما وصفه بـ«مقر استراتيجي لمؤامرات الكيان الصهيوني»بصواريخ دقيقة.

ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي تقصف فيها إيران أربيل بضربات صاروخية.

ولكن أربيل ليست استثناء، فطالما شن الحرس الثوري الإيراني بالمباشر أو عبر الميليشيات التي تدعمها إيران بعمليات إرهابية ضد دول الجوار وغير الجوار، بل يكاد لا يمر عام دون أن تعتدي إيران على دولة من دول الجوار وتمارس إرهابها، ودوما الذريعة هي تحرير القدس والقضاء على إسرائيل، والقدس وفلسطين من إرهابهم براء.

واللافت أنه ورغم العملية الإرهابية التي شنها الحرس الثوري الإيراني، ورغم الإدانات من المسؤولين العراقيين، إلا أن أحدهم لم يطالب بطرد السفير الإيراني، واكتفى زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر بمطالبة من سماهم «الجهات المختصة رفع مذكرة احتجاج للأمم المتحدة والسفير الإيراني، مع أخذ ضمانات بعدم تكرارها»، بينما اقتصرت باقي مواقف المسؤولين العراقين على الإدانة.

وبينما صدرت مطالبات من نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإدارة الرئيس جو بايدن بالانسحاب من المفاوضات النووية مع إيران بعد الاعتداء على القنصلية الأميركية في أربيل، إلا أنه لن يكون مستبعدا أن تستمر الإدارة الأميركية بالمفاوضات التي أرجأتها الحرب الروسية على أوكرانيا مؤقتا.

فعلى سبيل المثال، عندما شنت الميليشيات المدعومة من إيران هجوما على قاعدة عسكرية أميركية في مطار أربيل شمالي العراق قبل أكثر من عام، توقع البعض أن تخفف واشنطن من اندفاعتها للتفاوض مع إيران، إلا أن ما حصل كان العكس، حينها حرصت الإدارة الإميركية على إظهار حماستها الشديدة للعودة إلى المفاوضات النووية، وبقيت ردة فعلها من استهداف إحدى قواعدها العسكرية مجرد «غضب»لفظي، عبر عنه وزير خارجيتها أنتوني بلينكن.

فالمؤكد أن بايدن حريص على العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران لدرجة تجعله يتجاهل هجماتها ليس على حلفاء أميركا في المنطقة فحسب بل حتى على قواعد ومقرات أميركية.

قبيل بدء الحرب الروسية على إيران، أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن قائمة بأسماء سترفع عنها العقوبات في إطار المفاوضات حول إحياء الاتفاق النووي مع إيران.

وشملت القائمة أسماء مسؤولين سابقين وحاليين وعدد من الشخصيات المقربة من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، منهم على سبيل المثال لا الحصر  مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي للسياسة الخارجية وزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي، وهو نفسه المتهم بالاعتداء الإرهابي الذي حصل في بوينس أيرس في الأرجنتين في العام 1994، عندما وقع اعتداء على مركز يهودي أدى إلى سقوط 85 قتيلا و300 جريح في أكثر الاعتداءات عنفا في تاريخ الأرجنتين.

وكذلك الأمر، فإن اللواء محسن رضائي الذي سترفع إدارة بايدن اسمه من قائمة الإرهاب، متورط في تفجير بونيس أيريس، وقد كان يوما قائدا للحرس الثوري الإيراني ومن ثم أمينا عاما لمجلس تشخيص مصلحة النظام، ومرشحا للرئاسة إضافة إلى كونه مستشارا لخامنئي.

ومن الأسماء التي ذكرها بعض الإعلاميين الغربيين هو اسم الجنرال حسين دهقان، مستشار المرشد الأعلى لشؤون صناعات الدفاع، ووزير الدفاع السابق والمتهم بتفجير قوات المارينز في بيروت في العام 1983 الذي أودى بحياة 241 من مشاة البحرية الأميركية (المارينز).

وما حال دون ذلك هو إعلان الاتحاد الأوروبي الذي يتولى تنسيق المباحثات الهادفة لإحياء الاتفاق عن الحاجة إلى «توقف»مفاوضات فيينا، بسبب وجود«عوامل خارجية»(أي الحرب الروسية على أوكرانيا)، إلا أن رد إيران كان تأكيد رغبتها في إنجاز التفاهم بشأن الاتفاق النووي، مشيرة إلى أن ذلك لن يتأثر بأي«عامل خارجي».

من هو على استعداد لرفع أسماء شخصيات كهذه من على قوائم الإرهاب، وهم المسؤولون عن قتل مئات الأميركيين واليهود (كون أغلب ضحايا تفجير الأرجنتين من اليهود وليسوا فقط من الإسرائيلين)، فلن تمنعه صواريخ استهدفت مقراته دون أن تتسبب في سقوط أي ضحايا من الهرولة مجددا إلى فيينا للتوصل إلى اتفاق مع إيران الدولة الراعية للإرهاب، ومن يعرف، لولا بداية الحرب الروسية على أوكرانيا قبل نحو أسبوعين، لكانت هذه الأسماء وغيرها اليوم تتنقل بحرية وتنقل أموالها ونشاطاتها بحرية أكبر.

واليوم، العائق أمام الوصول لهكذا اتفاق ليست دول المنطقة ومصالحها وليست إسرائيل، فواضح أن إدارة بايدن لا تكترث كثيرا بحلفائها، اليوم العائق هي روسيا فلاديمير بوتين التي طالبت بضمانات بأن لا تشمل العقوبات المفروضة عليهم بسبب الحرب على أوكرانيا أي اتفاق يوقع مع إيران، هم لا يريدون ان يحل النفط الإيراني محلهم في الأسواق العالمية.

فهل يصح القول «رب ضارة نافعة»وننتظر، أم إن بوادر تحرك عربي تلوح في الأفق لوقف الإرهاب الإيراني فحسب بل أيضا اللامبالاة الأميركية تجاه أمن الدول العربية واستقرارها؟

font change