العد العكسي للانتخابات بدأ.. والتحدّيات «تُكبّل» مصير الاستحقاق الموعود

قلقٌ حول تأجيل أو تطيير «النيابية»

مخاوف من تأجيل الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في 15 مايو المقبل

العد العكسي للانتخابات بدأ.. والتحدّيات «تُكبّل» مصير الاستحقاق الموعود

بيروت: يتأرجح مصير الانتخابات النيابية اللبنانية المرتقبة في مايو (أيار) المقبل، لتبقى «التكهنات» حول مصير حصولها في موعدها رهن التطورات، فاحتمال «تطييرها» وارد بقوة بحكم عوامل تتربّص باستحقاق «مكبّل»، ليس فقط بعقبات محلية سياسية ومعيشية صعبة، بل أيضا بمستجدات عالمية فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية.

على وقع التحضيرات وبدء إطلاق ماكينات الأحزاب الانتخابية لاستحقاق سيجري في ظل معاناة اللبنانيين من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تشهد الشوارع في العاصمة بيروت، مثل مختلف المناطق اللبنانية: «زيادة ملحوظة» في حملات الترويج الإعلانية المستخدمة من قبل الأحزاب والشخصيات للتسويق لبرامجها، وسط تأكيدات على ضرورة إقامة الانتحابات في موعدها المقرر «الملغوم» بتساؤلات عدّة حول جديّة الالتزام به، ويتجلّى ذلك بـ«عدم حماسة» القوى السياسية لإجرائها ضمنياً، والنابع من إدراكها بنقمة الناس على أدائها الذي أوصلهم، كما البلاد، إلى الحضيض.

وسط كل ذلك، لا يزال النقاش حول مسألة إنشاء الميغاسنتر (أي المراكز التي يجب إنشاؤها في المناطق والمخصصة للناخبين لكي ينتخبوا في أماكن سكنهم) محتدم، و احتل صدارة العوامل التي تُهدّد مصير الانتخابات برمتها، إذ يُشكّل مدار «تجاذبات» بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل المتمسك به، وبقية الأطراف (القوات، وحركة أمل) التي تعتبر أنه «حجة» لتطيير الانتخابات لاستحالة العمل بنظام الميغاسنتر ضمن الفترة الفاصلة عن الاستحقاق، إذ إن توفيره وفق وزارة الداخلية «شبه مستحيل» كونه يحتاج، ليس فقط إلى تمويل لا يمكن تأمينه في هذه الظروف، بل إلى تغيير قانون الانتخابات في مجلس النواب.

 

الحكومة تؤجّل البلديّات وأسقطت طرح الميغاسنتر

 

انتهاء المهل يقترب.. و«زحمة» مرشحين!

يتخوّف المراقبون من أن يكون تمسك العهد بهذا الشرط يُمهّد إلى تأجيل الاستحقاق، الذي يشوبه «قلقٌ» حول ضمان الشفافية خلال عمليات فرز الأصوات في مراكز الاقتراع والفرز، بغياب التيار الكهربائي وشح المحروقات وعدم توافر خدمة الإنترنت السليمة للماكينات الانتخابية في الداخل والخارج.

وعلى الرغم من «البرودة» التي تطغى على الحركة الانتخابية عموماً، إلا أن مختلف القوى، بدأت الاستعداد للمعركة عبر اختيار مرشحيها وإنجاز تدابيرها اللوجستية وإعلان أسماء مرشحيها تدريجياً، فيما بدأ العد العكسي لانتهاء مهل تقديم تصاريح الترشيح والرجوع عنها وتسجيل اللوائح للانتخابات النيابية العامة لعام 2022. ففي منتصف مارس (آذار) الحالي يُقفل باب الترشيحات في وزارة الداخلية والبلديات.

ووفق ما أكدته المديرة العامة للشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية والبلديات فاتن يونس لـ«المجلة» فقد «شهدت بداية الأسبوع زحمة مرشحين، وبلغ عدد المتقدمين للترشّح 176. من بينهم 21 مرشحة»، مشيرة إلى أن «العدد الأكبر من المرشحين هو في دائرتي بيروت الثانية والجنوب الثالثة».

ومن المتوقع أن تحمل هذه الحركة «حماوة منتظرة» في الساعات الأخيرة بعد أن تكون مختلف القوى والأحزاب السياسية والتيارات المدنية حسمت خياراتها مع اقتراب إغلاق باب الترشيح ورسم صورة واضحة للتحالفات.

 

«إرجاء البلديات».. عوائق لوجستية

يعول اللبنانيون على إجراء الانتخابات النيابية في شهر مايو المقبل للخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية الراهنة، إلا أن المؤشرات الراهنة لا تُبشر بالخير.

فقد أقر مجلس الوزراء اللبناني مشروع قانون بتأجيل الانتخابات البلدية عاما واحداً، وذلك بسبب عدم الجهوزية المالية والبشرية، ما طرح العديد من التساؤلات بشأن دلالات هذا التأجيل وإمكانية أن يكون تمهيدا لإرجاء الانتخابات النيابية، فيما يصطدم المرشحون بسلسلة من العوائق اللوجستية، ما زاد الشكوك حول إمكانية استخدام نفس الذرائع «المدعّمة» بأسباب إضافية كعمق الأزمة وعدم توفر الأموال والمعدات وتداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا كارتفاع الأسعار وشح المحروقات وغيرهما.

وفي هذا الإطار، شدد المحلل السياسي جورج علم لـ«المجلة» على أن «تأجيل الانتخابات البلدية زاد من التكهنات حول مصير الانتخابات النيابية، ليبقى السؤال: هل العقبات اللوجستية والمالية التي اعترت عدم حصولها سيتم تذليلها في الانتخابات النيابية؟»، لافتا إلى أن «تأجيل الانتخابات النيابية أمر وارد بانتظار غوغلة الأسماء كما الحسابات المرتبطة بالتحالفات والنتائج وانعكاسها على تركيبة المجلس النيابي القادم، كما المستجدات المحلية والعالمية».

 

عنصر «سلبي» مستجد يُحاصر الاستحقاق

تحديات أساسية تواجه الانتخابات أُضيف إليها عنصر سلبي مستجد وهو الحرب الروسية على أوكرانيا، ليبقى السؤال: «هل الحكومة المربكة في إيجاد القمح والطحين والزيت والمحروقات ستتمكّن من التحضير للانتخابات؟».

وفق ما أوضحه علم، فهناك «انعكاسات خارجية ستلعب دورها في تحديد مسار الأمور قبيل الانتخابات، ومنها مستجدات الأوضاع في العالم نتيجة العملية العسكرية في أوكرانيا التي ستترك تداعياتها على الدول العربية، ومنها لبنان، وخصوصا في موضوع الأمن الغذائي الذي هو في خطر، ويندرج تحذير معهد الشرق الأوسط للأبحاث من تداعيات تعطيل الحرب لإمدادات القمح في العالم العربي ومنها لبنان، في إطار التخوف من ضغوط قد تُترجم بمظاهرات وعدم استقرار جراء ذلك».

واعتبر أن «انعكاس التحالفات والتغيرات الإقليمية على الساحة اللبنانية سيكون مؤثراً، ففي حال حصول اتفاق نووي فإن وضع إيران سيعطي دفعا إلى كل حلفائها في المنطقة، وخصوصا في الداخل اللبناني، أما في حال فشل الاتفاق فهناك سيناريوهات قد تحصل في المنطقة من مواجهة أو قد تضغط على لبنان».

ولفت إلى أن «موضوع ترسيم الحدود له ومسار المفاوضات سيفرضان تداعياتهما على الأحداث قبيل الانتخابات، في حال التوصل لاتفاق أو عدمه».

الانتخابات ضائعة بين الميغاسنتر والكهرباء وحرب أوكرانيا

 

الداخل مأزوم والحماس مفقود

وعن جهوزية الداخل للاستحقاق الموعود، أشار علم إلى أن الكل مأزوم، فتيار المستقبل بعد قرار رئيسه سعد الحريري خارج اللعبة، أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فأعلن أنه مستهدف وهناك حصار عليه كي لا يحصل على الحصة التي يمتلكها في الانتخابات، أما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فلديه تحالفات مع حزب الله وحركة أمل ولكنه على الرغم من هذا الأمر، فإن حظوظه بالعودة بنفس القوة ليست كبيرة في المجلس النيابي، وكل من هو خارج نطاق الثنائي الشيعي المتمكن من حصته في الانتخابات، تحيط به علامات استفهام تتجلّى في أمرين هما: الأول حركة التقدم إلى الترشح لا تزال دون المستوى المطلوب، وعلى الرغم من وجود زخم خلال اليومين الماضيين، فهناك إمكانية في أن ترتفع بورصة الترشيحات خلال الـ24 ساعة الأخيرة قبيل إقفال باب المهل، أما الثاني فهو عدم بلورة التحالفات وعدم وجود لائحة متكاملة واستمرار المشاورات خصوصا في الدوائر المهمة.

وإذ لفت إلى أن رئيس مجلس النواب يكرر إصراره على إجرائها في موعدها، ورئيس الجمهورية ميشال عون بحكم موقعه لا يمكنه إلا أن يؤكد على التمسك بإجرائها، ولكن بالإجمال لا توجد حماسة عند بقية الأطراف.

وأوضح أن الانتخابات قائمة عمليا، ولكن وفق التحديات الجمّة التي يعيشها لبنان فإن إجراءها سيكون صعباً، مشيرا إلى أن نسبة حصولها أو تأجيلها تتساوى بنسبة 50 في المائة للحالتين، لأن الدول الكبرى التي كانت تحث المسؤولين على إجراء الانتخابات أضحى لديها اهتماماتها المستجدة، إلى جانب قناعة بأن هذه الانتخابات لن تأتي بالتغيير المطلوب لأن الكتل الموجودة ستعود وإن بمقاعد أقل بقليل، وقوى التغيير لا تملك حظوظا كبيرة وخرقها لن يكون كبيرا وبالتالي ستبقى الأمور على حالها، في ظل عدم وجودها في لوائح مشتركة وقيادة موحدة وبرنامج واضح.

وتحدث علم عن عنصر إضافي أضعف وهج الاستحقاق، إذ إنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن التعويل كان على الصوت الاغترابي الذي بات اليوم منهمكا في المستجدات التي يعيشها عالمياً، وبات غير متحمس لقطع مسافات من أجل التصويت، والحكومة ووزارة الخارجية غير مهتمة لشدّ المغترب.

وجزم بأنه «لا حماس عند الناس للتصويت، فالأولوية لهمومها المعيشية واليومية، بغض النظر عن وجود ذلك عند مناصري بعض أطراف المنظومة، وهم أقلية، والحماس مفقود إلا في حال بروز الدولار الانتخابي».

 

 

font change

مقالات ذات صلة