قبيل الانتخابات النيابية في لبنان... 10 مطالب لتحقيق المساواة الجندرية

خارطة طريق لانتزاع حقوق المرأة في البرلمان اللبناني

خلال المؤتمر الصحافي لـ«منصة المجتمع المدني النسوي»

قبيل الانتخابات النيابية في لبنان... 10 مطالب لتحقيق المساواة الجندرية

بيروت: على وقع أصوات الماكينات الانتخابية التي انطلقت محركاتها في كل الاتجاهات، أسدل لبنان الستار عن تقديم طلبات الترشّح للانتخابات النيابية المزمع إقامتها في 15 مايو (أيار) المقبل، ورست البورصة على 1043 مرشحاً بزيادة 77 مرشحا عن العام 2018، بينهم 155 مرشحة لخوض غمار الاستحقاق بغية اقتناص دور مُكبّل بقيود لم يتم فكّها، على الرغم من نضالات مضنية على مدى عقود.


لم تكن حقوق النساء في لبنان أولوية، فالمعاناة مستمرة جراء التمييز اللاحق بحقهن، والحركة النسوية تواصل رفع صوتها ومطالبها مع كل استحقاق أو محطة مفصلية، محاولة انتزاع حقوق بديهية مسلوبة منها، في بلد تُهدر فيه حقوقهن بين مجتمع ذكوري ومؤسسات خانعة أمام هيمنة الطوائف والمصالح.


خرقت المرأة اللبنانية 8 حكومات من أصل 76 حكومة منذ دخولها إليها حتى العام 2004، إذ ضمت 5 حكومات امرأة واحدة فقط ، فيما لم يتخط العدد الـ6 في الحكومات السابقة، أما في البرلمان، فهناك اليوم 6 من أصل 128 أي ما نسبته 4.6 في المائة، وهو الرقم الأكبر منذ دخول النساء إلى الندوة البرلمانية عام 1963 واعتراف لبنان بحق المرأة في الاقتراع منذ العام 1953.


هذا الواقع لم يُحفّز الدولة اللبنانية على إدخال الكوتة النسائية إلى قانون الانتخابات من أجل حث المجتمع على التصويت لهن، وحجم العوائق التي تحيط بانخراط المرأة في العمل السياسي لا يزال كبيراً، وهذا ما دفع أكثر من خمسين مؤسسة وجمعية ضمن «منصة المجتمع المدني النسوي في لبنان»، عشية الانتخابات النيابية، لإطلاق لائحة المطالب لإحقاق المساواة الجندرية للمرشحين والمرشحات في الانتخابات النيابية المقبلة المرتقبة في 15 مايو 2022 من أجل عدالة ومساواة، وإحداث خرق في جدار العقلية الذكورية للمجتمع، في ظل إمكانات محدودة لتلك الشريحة، فهل سيُستجاب للمطالب النسائية من قبل المرشحات والمرشحين؟

صناديق الاقتراع.. مساحة لسلوك درب التغيير
52 منظمة تنشط لتعزيز حقوق النساء وعدد من الناشطات والناشطين في العمل النسوي، انضووا بدعوة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة للتلاقي في أعقاب انفجار 4 أغسطس (آب) 2020، وشكلوا في تلك المرحلة ميثاق المطالب النسوية الموحدة لوضع قضايا حقوق وحماية النساء والفتيات في صلب خطة الاستجابة الطارئة للانفجار.


تضافرت جهود أعضاء وعضوات المنصة للمناصرة والمساهمة في تطوير خطط الإصلاح والتعافي وإعادة إعمار لبنان، من خلال الاجتماع بممثلي المجتمع الدولي والمانحين والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لإطلاعهم على الأولويات والمطالب النسوية، وفق ما أكدته منسقة المنصة لارا سعادة لـ«المجلة»،  مشيرة إلى أنه «تجهد المنصة إلى المساهمة في تعزيز صوت النساء وجماعات حقوق النساء، بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان، من خلال اعتماد عدة وسائل منها: المدافعة والضغط، التعاون والتنسيق، البحوث والتقييم، والرصد والمساءلة».

 خلال المؤتمر الصحافي لـ«منصة المجتمع المدني النسوي»


تسعى المنصة، بحسب سعادة، إلى أن تُسفر الانتخابات المقبلة عن وصول أكبر عدد من النساء إلى الندوة البرلمانية عبر دعوة جميع السيدات في لبنان للانخراط في العملية الانتخابية والإقدام على الترشح والمشاركة في الحياة السياسية والعامة بكثافة وفعالية، كي تكون صناديق الاقتراع مساحة لوصول النساء من خلالها،  للقيام بدور ريادي في إعادة بناء المجتمع على أسس متينة وصحية، كما تتوجه لكل الأحزاب والتيارات والقوى والتجمعات القديمة والجديدة، وبشكل خاص إلى مشكلي اللوائح الانتخابية وداعميها، ومطالبتهم بتكوين هذه اللوائح من عدد أكبر من النساء الفاعلات والقادرات على التطوير والتغيير.


وأكدت أن «تحقيق المساواة الجندرية مسؤولية الجميع ويتطلب بشكل خاص إقدام النائبات والنواب المناصرين لقضايا حقوق النساء، عند وصولهم إلى الندوة البرلمانية، على اقتراح ودعم وإقرار إصلاحات تشريعية باتت ملحة».

ركائز لخارطة طريق نواتها 10 مطالب
 تتفاقم هوّة التمييز في ظل التحديات التي تواجه المرأة أو أي فئة مهمشة، وهي ليست تحديات مرتبطة بالقانون أو بالواقع السياسي فقط، بل أيضاً بالوضع الاقتصادي والمالي، لذلك شددت سعادة على أن «عمل المنصة تطوّر ليضع 10 مطالب تتناول السياسة وصحة التمثيل والعدالة الاقتصادية والمساواة الجندرية والحماية الاجتماعية، ضمن إطار المطالب السياسية»، مشيرة إلى أن الانتخابات «تُشكّل فرصة لحثّ المرشحين والمرشحات بتضمين برامجهم الانتخابية هذه المطالب، وأيضاً الوسائل الإعلامية لتكون شريكة بمساءلة المرشحين والمرشحات بمضمون هذه المطالب».


عشرة مطالب أساسية تشكل خريطة طريق للنائبات والنواب المستقبليين لتنزيه القوانين من التمييز القائم على النوع الاجتماعي وتحقيق المساواة الجندرية، والهدف وفق سعادة «دعوة المرشحين والمرشحات في الانتخابات النيابية إلى الالتزام بها والعمل على تحقيقها».
ولفتت إلى أن «المطلب الأول هو دعوة المرشحين والمرشحات إلى الالتزام بعدم تضمين خطاباتهم/ن وظهورهم/ن الإعلامي وحملاتهم/ن الانتخابية أي تمييز ضد النساء أو تنميط أو إشارات ذكورية أو أبوية أو كارهة للنساء».


وأوضحت أنه «يجب ضمان عدم تأثر النساء بالأزمة الحالية بشكل ضار بمصالحهن وحمايتهن في جميع تدابير إصلاح السياسات ومعالجة التشريعات الأسباب الجذرية لاستبعاد المرأة من الاقتصاد والسياسة والحياة العامة، مثل الأعراف الاجتماعية الجنسانية التي تملي على المرأة أن تبقى في المنزل أو في قطاعات معينة من الاقتصاد، وأعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر، وتحديات المرأة في الوصول إلى رأس المال وإنشاء الأعمال التجارية، والسياسات التمييزية في مجال العمل والضمان الاجتماعي في القطاعين العام والخاص،  لذلك ارتكز المطلب الثاني على مطالبة المرشحين والمرشحات بإدماج منظور النوع الاجتماعي في الخطط والتشريعات والموازنات المستقبلية. كافة».


وشددت على أنه «بالنظر إلى الإقصاء المنهجي والتمثيل المنخفض المستمر للمرأة عبر المناصب المنتخبة والمناصب القيادية، كان تعزيز المشاركة السياسية للمرأة أولوية طويلة للهيئات النسوية في لبنان، فإلى جانب المزيد من المساحات السياسية والقيادية، تم استبعاد النساء بشكل منهجي من صنع السلام والحوارات السياسية في لبنان، كما أن تمثيلهن ناقص بشكل كبير في الهيئات المعينة في جميع مجالات الحياة العامة والمؤسسات الأمنية»، مشيرة إلى أنه «تمنعت النساء من تولي أدوار قيادية في المجال السياسي والمجال العام جراء التكاليف الباهظة، والتغطية الإعلامية غير الكافية والتي غالبا ما تكون متحيزة جنسيا والحواجز القانونية، وبالتالي، لذلك فإن المطلب الثالث يقوم على ضمان تمثيل المرأة الفاعل والهادف وقيادتها ومشاركتها في الحياة السياسية والعامة، بما في ذلك في صنع القرار، وطاولات الحوار، ومسائل السلام والأمن، ولا سيما سن تدابير مؤقتة مثل الكوتة والمعايير والأهداف للإسراع في تأمين تمثيل متساو للنساء في الهيئات المنتخبة والمعينة في كل مجالات الحياة العامة، اعتماد قانون يحمي النساء من العنف السياسي، بما في ذلك أي إجراء يهدف إلى حرمان المرأة من المشاركة في الأنشطة السياسية أو الحزبية أو التنظيمية».


 أما المطلب الرابع، فيرتكز على «المطالبة بإصلاحات اقتصادية مراعية للفوارق بين الجنسين وضمان أن تتضمن كل جهود التعافي قضايا المساواة الجندرية وحقوق المرأة»، إذ إنه وفق سعادة فإنه على الرغم من أن «لبنان أحرز تقدماً في توسيع الحماية للنساء العاملات، لكن لا تزال هناك تحديات كبيرة تفسح المجال لاستمرار عدم المساواة بين الجنسين، بما في ذلك خطة الإنعاش المالي الحكومية التي تتضمن خفض الإنفاق على الرعاية الصحية والتعليم بنسبة 7 في المائة».


وشددت على أن «المطلب الخامس هو دعم مقترحات القوانين الإصلاحية التي تهدف لمكافحة ومعاقبة العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما فيها اعتماد قانون لمكافحة تزويج الأطفال والطفلات وتحديد 18 سنة كحد أدنى لسن الزواج. تعديل المادتين 503 و504 من قانون العقوبات لتجريم الاغتصاب من الزوج».


ولفتت سعادة إلى أن «المطلب السادس يدعو إلى إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية يطبق على كل النساء والرجال في لبنان، فيما السابع يقوم على ضرورة  تعديل قانون الجنسية لضمان منح المرأة اللبنانية الحق ذاته الذي يتمتع به الرجل في إعطاء جنسيتها إلى أولادها وزوجها الأجنبي».


وفي المطلب الثامن، تطالب المنصة وفق سعادة «بمراجعة قوانين العمل والضمان الاجتماعي والقوانين الضريبية لإلغاء التمييز ضد النساء، وعلى وجه التحديد تعديل المادة 24 من القانون 46/12017 لزيادة إجازة الأمومة المدفوعة الأجر إلى 14 أسبوعا كحد أدنى وإقرار إجازة الأبوة، إلغاء المادة 26 من قانون العمل التي تحظر على النساء العمل في مهن معينة تعتبر شاقة أو خطرة. تعديل المادة 14 من قانون الضمان الاجتماعي الذي يعطي الزوج الحق بالاستفادة من التقديمات العائلية عن زوجته غير العاملة ولكنها لا تسمح للزوجة بالاستفادة منها إلا في حال كان زوجها قد بلغ 60 عاما أو أكثر أو إذا كان يعاني من عاهة جسدية أو عقلية، أما المطلب التاسع فهو سن قانون لتنظيم عمل العاملات في الخدمة المنزلية وإلغاء نظام الكفالة وتوسيع نطاق حمايتهن، فيما العاشر يقوم على تعديل القانون 164 المتعلق بمكافحة الإتجار بالبشر بما يتماشى مع بروتوكول الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار بالبشر لتحقيق أقصى قدر من الحماية للناجيات.

 

font change