جان العلية لـ«المجلة»: لا خصومة مع أي جهة سياسية وأستغرب الحملة ضدي

مدير عام المناقصات تحدث عن الهجوم الذي تتعرض له إدارة المناقصات

مدير عام المناقصات جان العلية

جان العلية لـ«المجلة»: لا خصومة مع أي جهة سياسية وأستغرب الحملة ضدي

بيروت: حين انتخب اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية سنة 1958 بعد الثورة الشعبية التي اندلعت ضد حكم الرئيس الراحل كميل شمعون، رفع الرئيس شهاب شعار بناء دولة المؤسسات والقانون وإلغاء دولة الطوائف التي كانت سائدة منذ استقلال لبنان.

ولبناء دولة المؤسسات، ركز الرئيس شهاب على إنشاء المؤسسات التنموية والبحثية والاجتماعية وعلى الإدارات الرقابية كهيئة التفتيش المركزي، ومجلس الخدمة المدنية،والتفتيش المالي وديوان المحاسبة،ومجلس القضاء الأعلى ومجلس شورى الدولة ومعهد الدروس القضائية،والمجلس التأديبي العام من أجل كبح تمدد الفساد في الدولة.

وكان الهدف من إنشاء مجلس الخدمة المدنية أن يمارس الصلاحيات المتعلقة بتعيين الموظفين، وترقيتهم وتعويضاتهم، ونقلهم، وتأديبهم، وصرفهم من الخدمة.

أما صلاحية التفتيش المركزي فهي مراقبة الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات وضبط المخالفات والتحقيق فيها من قبل المفتشين المختصين، وتحديد المسؤولية وتوقيع العقوبات بحق المخالفين وإحالتهم إلى المراجع المختصة لملاحقتهم.

أما مديرية المناقصات التابعة لهيئة التفتيش فهي تتولى إدارة المناقصات وتعيين لجان للمناقصات التي تجريها الإدارات والمؤسسات العامة..

 

إنجازات لم تدم طويلاً

لكن هذه الإنجازات وهذه المؤسسات لم تدم طويلاً، فبعد انتهاء ولاية الرئيس شهاب أخذ كل عهد جديد يسخر هذه المؤسسات لمصالحه الشخصية ولمصلحة فريقه السياسي أو يتجاهل دور هذه الهيئات وهذا الأمر حصل في عهد الرئيس الراحل  سليمان فرنجية وعهد الرئيس الراحل إلياس سركيس رغم المحاولات التي  قام بها مع الحكومة الأولى التي ترأسها الدكتور سليم الحص لأن الإدارة انقسمت بين المنطقتين الغربية والشرقية وعهد الرئيس أمين الجميل، وعهد الرئيس الراحل إلياس الهراوي، حيث خيم الوجود السوري على البلد ومؤسساته، وتأزم الوضع قضائياً في عهد إميل لحود الذي فرض من قبل النظام السوري.

وبعد مؤتمر الدوحة وانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان، وضعت الأحزاب يدها على مرافق الدولة وتمت قوننة الفساد وحمايته من خلال مبدأ «السلم الأهلي فوق كل اعتبار»،حيث أصبح من شبه المُستحيل محاربة فاسد نظرًا إلى الحماية التي تؤمنها له طائفته.

وفي عهد ميشال عون وصهره جبران باسيل ضربت كل هذه المؤسسات ومعها الجسم القضائي في الصميم بعدما عكف الفريق السياسي لرئيس الجمهورية على فبركة الملفات ضد جميع خصومهم السياسيين وشنت حرب شعواء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تعرض منزله قبل أيام للمداهمة من قبل «أمن الدولة»بموجب مذكرة إحضار صادرة عن قاضية العهد غادة عون التي دخلت إلى مكتب سكرتيرة الحاكم التي أخبرتها أن الحاكم غير موجود وفريق رئيس الجمهورية مستمر في الهجوم على قائد الجيش جوزيف عون كونه المرشح الأبرز لمنصب رئاسة الجمهورية.

واليوم يخوض باسيل ونواب تياره وبدعم من وزير العدل وبعض القضاة في مجلس شورى الدولة معركة شرسة ضد مدير عام إدارة المناقصات الدكتورجان العلية لعرقلة بدء قانون الشراء العام يوم 29 الشهر الجاري لأنه سيقيد كل المناقصات في الدولة ولم يعد بمقدور أي وزير إجراء مناقصات بالتراضي وللتشويش على إدارة المناقصات بشان تلزيم المنطقة الحرة في مطار بيروت حيث يريد التيار الوطني الحر إخراج شركة باك التي تدير المنطقة منذ العام 2002 ويرأس مجلس إدارتها المستثمر الصيداوي معمد زيدان والد زوجة النائب طوني سليمان فرنجية لإدخال شركة وورلد ديوتي فري غروب المقربة من التيار.

ما أسباب الحملة على العلية وماذا حصل معه بعد الإخبار الذي قدمه وزير العدل ضده؟

«المجلة»التقت مدير عام المناقصات وكان معه هذا الحوار...

 

* بعد مثولكم أمام النائب العام الاستئنافي القاضي غسان عويدات ما هي خطوتكم الثانية؟

- لي الشرف أن أقدم واجباً وطنياً ووظيفياً مقدساً وأن أمثل أمام سعادة النائب العام الاستئنافي القاضي غسان عويدات الذي استمع إليّ على سبيل المعلومات. وكانت جلسة مطولة أجبت فيها على كل الأسئلة. وجلسة الاستماع مع عويدات ستكون في موضوع «الإخبار»(بين مزدوجين) «خبرية أم إخبار»التي تقدم بها وزير العدل هنري الخوري وموضوع الإخبار الذي سأتقدم به رسميا عبر المحامي نزار صاغية. ونحن لا نستهدف أي شخص، فهو ضد كل من يتطاول على المال العام أيا كان.

بعد مثوله امام النائب العام الاستئنافي

* ما الأسباب الحقيقية للحملة التي تشن ضدكم وضد إدارة المناقصات منذ فترة طويلة، هل لها علاقة بالمناقصات التي جرت في وزارة الطاقة أم في مناقصة المنطقة الحرة في المطار؟

- لا أعرف أسباب الحملة التي تشن على إدارة المناقصات اعتبارا من عام 2017 بشكل علني ووقح، بما يطال دور وشخص مديرالإدارة، من التهجم والافتراء. لا أريد أن أربط الموضوع بصفقة معينة ولا أريد أن أقاربه بطريقة سياسية فالمتطلع على تقارير إدارة المناقصات على موقعها الإلكتروني اعتبارا من العام  2012 وعلى المسار الذي انتهجته الإدارة من العام المذكور يرى أن الإدارة قد تصدت أو واجهت صفقات غير مطابقة للقانون وتعود ولا أحب استخدام هذه العبارة لكل الجهات السياسية في لبنان وبالتالي ليس لإدارة المناقصات خصومة مع أي جهة سياسية وليس لأي جهة سياسية خصومة مع إدارة المناقصات.

بالنسبة للحملة التي تشن على إدارة المناقصات هناك أفراد شاءت جهة سياسية معينة أن تتبناهم وتدافع عنهم هذا شأنها ولكن لا يوجد لدينا مشكلة مع جهة معينة بسبب لونها السياسي أو سبب آخر. أنا لا أتعاطى مع أي ملف من ناحية من يهم ومن يخص لا بالسياسة ولا بالطائفة أو بالدين ولا بالعرق أو اللون أوغيره. الذين يشنون الحملة بسبب رفض مديرية المناقصات بعض الملفات إذ إن هناك حوالي 10 ملفات رفضت لمطار بيروت لأنه يوجد فيها عرض وحيد وهناك ملفات بوزارة الاتصالات وللميكانيك ووضع عليها عدة ملاحظات وتم رفضها ولم يكن هناك ردة الفعل مثلما كانت ردة الفعل التي حصلت بعد رفض مناقصة بواخر العرض الوحيد في 2017 لأنها لم تكن مناقصة ولم يكن هناك دفتر شروط ولا منافسة وقبول إدارة المناقصات فيها تعتبر مخالفة وتستدعي المساءلة، لذا هناك مناقصات للنفط شروطها لم تنطبق إلا على شركتين فقط وقامت إدارة المناقصات بواجباتها ورفضتها. المتضرر من هذه الملفات بدل أن يعيد تكوينها بشكل صحيح وتصحيح الأخطاء كما تفعل الوزارات الأخرى وتقديمها بشكل قانوني لإعادة إجراء المزايدة هذا الطرف بدأ حملته على إدارة المناقصات ورئيسها وتوجها الوزير السابق والنائب الحالي سيزار أبي خليل باتهام إدارة المناقصات بالتزوير، ولا أعلم لا وزير العدل السابق ولا اللاحق قدم أخبارا أو صرح بأن إدارة المناقصات هي مؤسسة رقابية لا يجوز النيل من مكانتها. وحصل الكثير من التهويل تكلمت عنه خلال المناظرة مع وزيري الطاقة التي حصلت قبل الانتخابات ولم تكن لدى الإدارة أي خصومة مع هذا الطرف السياسي أو سواه إدارة المناقصات تواجه مخالفي القانون وهذا الطرف أو جزء منه يشير بإصبعه إلى نفسه ويتطوع لفرض المخالفات القانونية ومهاجمة إدارة المناقصات.

 

إخبار إلى النيابة العامة

 

* كيف تنظر إلى دخول وزير العدل على الخط؟ ألا يضر هذا الموقف بالجسم القضائي الذي يحسد عليه اليوم؟

- في أحد البرامج التلفزيونية أطل وزير العدل وأعلن أنه تلقى كتاب شكوى من مجلس شورى الدولة قام بتحويله كإخبار إلى النيابة العامة التمييزية بحق مدير عام إدارة المناقصات بموضوع مزايدة السوق الحرة. وكانت ضربة معنوية جديدة توجه إلى إدارة المناقصات أمام الرأي العام اللبناني والعالمي من دون الإعلان عن هذه الأسباب أو الشبهات، مع أنه على الأقل كان يفترض على وزير العدل الذي يجب أن يكون حريصا على الشفافية وعلى تطبيق الحوكمة في إدارته لوزارة العدل وأن يكون واضحا ويشرح للرأي العام لماذا تقدم بهذا الإخبار؟ اكتفى الوزير بالقول تلقيت كتابا ثم حولته. الوزير ليس صندوق بريد والقانون أعطاه سلطة استنسابية ومجرد تحويلك الكتاب إلى إخبار وتقديمه إلى النيابة العامة هو تبنيه لمضمونه. لنتعامل مع الأمور بصراحة لا يمكن ببساطة القول إنك تلقيت كتابا وحولته. أنت يا معالي الوزير أسمى شأنا من أن تكون صندوق بريد.

وهنا أود أن أقول إن موضوع الإخبار المحال إلى النيابة العامة التميزية  بسبب ارتكابات جنائية قمت بها فيجب التحقيق فيها إلى النهاية ومحاسبتي وهذا الأمر ليس بالأمر الصعب لأن الحصانة المعطاة لي كموظف ليست مثل الحصانة التي يتمتع بها الوزير أو النائب واليوم أنا أعلن أنني تحت القانون وأنني سأتجاوب مع أي استجواب وسأكون حيث تقتضي العدالة أن أكون، أما إذا كان الإخبار المقدم بمثابة رد على المؤتمر الصحافي الذي عقدته أو للترهيب على هيئة الشراء العام لإنهاء دورها قبل أن تبدأ ومنعها من القيام بعملها بذريعة التعرض للقضاء فإنني أسأل وزير العدل ألم يكن حرياً بك أن تقدم إخباراً بحق هؤلاء القضاة الذين كادوا يرتبون على الخزينة نحو نصف مليار دولار بسبب طيشهم.

 

* ما الأضرار التي ستلحق بالخزينة اللبنانية بعد قرار مجلس شورى الدولة بتجميد المناقصة القديمة للسوق الحرة في المطار؟

- في الواقع صدر قرار عن مجلس شورى الدولة بعد إعلان إدارة المناقصات في 12 مايو (أيار) من العام الجاري عن نيتها إجراء مزايدة عمومية لتلزيم السوق الحرة في المطار التي انتهت مدة تلزيمها الأساسية المحددة بأربع سنوات بعد هذا الإعلان وبعد تحديد موعد المزايدة بتازيخ 14 يوليو (تموز) 2022، وزع على وسائل الإعلام بطريقة ملتوية 3 صور من قرار صادر عن مجلس شورى الدولة في 26 مايو 2022 غير مألوف في تاريخ القضاء الإداري لا في لبنان ولا في فرنسا يبطل في العام 2022 لغير أسباب الإبطال المعروفة مزايدة جرت في العام 2017. ويتهم من خارج اختصاصه إدارة المناقصات بالتقاعس لو كان اختصاص مجلس شورى الدولة تقويم عمل إدارات الدولة لربما قلنا إنه أخطأ وطلبنا إعادة النظر ولكن أن يقوم قضاة مجلس شورى ولو كان هذا الأمر من صلاحيته لقلنا هناك خطأ ما وطلبنا إعادة النظر ولكن مجلس شورى الدولة هو قضاء نظامي ومطابقة وتعويض وتبعا لذلك يبحث في انطباق القرارات الإدارية على القانون وهنا نشأت إيحاءات سياسية بصدور هذا القرار في هذا التوقيت عن مجلس الشورى لضرب سمعة إدارة المناقصات التي ستكون هيئة الشراء العام. وما أعطى هذه القرينة الأرجحية أن أحد المستشارين العاملين أيضا لدى جهة سياسية قام بالتواصل مع وسائل الإعلام وسلم 3 أوراق من القرار وعنون الخبر الموزع إلى وسائل الإعلام بأن مجلس الشورى يدين إدارة المناقصات.

ومن نتائج الابطال إعادة الحال إلى ما كان عليه وبالتالي قد يطالب المستثمر الحالي باسترجاع الفرق بين سعر المزايدة التي جرت عام 2017 والتي أبطلها مجلس الشورى وما كان يدفعه سابقا أي الفرق بين 100 مليون و15 مليونا و85 مليون دولار مضروبة في أربع سنوات تساوي 425 مليون دولار مع فوائدها التي تصل إلى 500 مليون دولار. والشركة التي كان مجلس الشورى في قرار ابتدائي صادر عن قضاء مرحلة ما قبل التعاقد وقرار استئنافي لم يعطها حقا، وقال إن عدم قبولها من قبل لجنة التلزيم لا يتعارض مع المناقسة ويقع في موقعه القانوني الصحيح قد تتقدم والأرجح أنها ستتقدم في حال أصبح القرار مبرما بالطلب التعويضي عن ربح فائت لمدى خمس سنوات. أنا لم أقل مليارا، قلت لا يقل عن نصف مليار للحذر.

 

هجوم على إدارة المناقصات

 

* يلاحظ أن هناك هجمة مركزة من قبل قضاة في مجلس شورى الدولة ضد إدارة المناقصات ورئيسها ما هي الأسباب؟

- نظرا لتعرض إدارة المناقصات من قبل قضاة في مجلس شورى الدولة وتوزيع قرار تحت عنوان إدارة المناقصات، يدين مجلس الشورى إدارة المناقصات، وانطلاقا من موجباتي الوظيفية كمدير عام لإدارة المناقصات وما أناطه القانون من مسؤولية للحفاظ على المال العام أطلقت في المؤتمر الصحافي الذي عقد 16 يونيو (حزيران) الماضي وبكل احترام دعوة لوزير العدل وهيئة القضايا للطلب بإعادة محاكمة بخصوص قرار الإبطال لتلافي الضرر الأكيد الذي سيلحق بالمال العام نتيجة تخاذلهم ومخالفتهم للقواعد والأصول وهذه المخالفة ثابتة بعدم احترام مبدأ الوجاهية والتحايل على المبدأ، إذ إن هيئة القضايا كانت تقوم بالجواب على المراجعات من دون الرجوع إلى إدارة المناقصات، وكان هناك رد مناسب على المتقاعس الحقيقي الذي احتفظ بالملف لمدة خمس سنوات وعاد وأصدر قرارا مخالفا في عام 2022 ولم تحدث واقعة جديدة أو حرف جديد يزاد إلى الوقائع الجديدة الموجودة في السابق.

 

* لماذا طعن التيار الوطني الحر بقانون الشراء العام؟

- هذه الجهة كانت تعارض في الأصل المبادئ الأساسية في هذا القانون وظهر ذلك خلال الجلسات العلنية للهيئة العامة في مجلس النواب والتي اطلع عليها الرأي العام والتي انتهت إلى عدم تصويت هذه الجهة على القانون، لست مخولا لأن أتكلم باسم هذه الجهة ولكن كباحث قانوني اطلعت على الطعن المقدم وعلى قرار المجلس الدستوري هذه الجهة طعنت ببضع نقاط هي عناوين المحاور الإصلاحية في قانون الشراء العام وهي الحوكمة في الشراء العام، التدريب والتأهيل في الشراء العام، تعيين اعضاء هيئة الشراء العام وأعلنت هذه الجهة عن مشيئتها الصريحة بتعيين الأعضاء حتى من الذين يفوزون في لوائح الترشيح في المراتب الأخيرة ولماذا تقف هذه الجهة ضد المحاور الإصلاحية في قانون الشراء العام ولماذا طعنت به؟ على كل حال المجلس الدستوري رد الطعون جميعها التي تقدمت بها هذه الجهة باستثناء نقطة واحدة تتعلق بمدى حصانة رئيس هيئة الشراء العام فالمجلس الدستوري أعطى بطاقة خضراء للسلطة السياسية لتقوم بتعيين رئيس بديل بدل الرئيس الموجود في إدارة المناقصات الذي سينتقل بحكم القانون من إدارة المناقصات إلى هيئة الشراء العام، خلافا لسائر الموظفين الذين اعتبر أنهم سيكونون دائمين في ملاك الشراء العام، وكانت حجة المجلس الدستوري أن رئيس الهيئة يعين من قبل السلطة التنفيذية ولكن هذا الأمر ينطبق أيضا على كل الموظفين الحاليين في إدارة المناقصات وقد تم تعيينهم من قبل السلطة التنفيذية إما بمراسيم في مجلس الوزراء وإما بمراسيم يوقعها الوزير المختص ووزير المالية في بعض الحالات.

font change