مفارقات التحالف الصيني- الروسي «المرغوب الممنوع»!

عدو عدوي ليس بالضرورة «صديقي»

فلاديمير بوتين وشي جين بينغ في اجتماع في البرازيل عام 2019 (رويترز)

مفارقات التحالف الصيني- الروسي «المرغوب الممنوع»!

القاهرة: طوال معظم التاريخ الحديث، بدءًا من توسع بطرس الأكبر باتجاه الشرق في القرن السابع عشر، كانت بين روسيا والصين في المرحلة الإمبراطورية من تاريخهما، علاقات مثيرة للجدل. وأدى ظهور الشيوعية في أوائل القرن العشرين إلى تعايش قصير بينهما. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد سنوات قليلة من انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية، أصبح النظام الستاليني في موسكو المصدر الرئيسي للرعاية الاستراتيجية والمحاكاة الآيديولوجية والمساعدات الخارجية والدعم التكنولوجي لنظام ماو تسي تونغ الناشئ في بكين. ومن الحرب الكورية (1950) إلى المرحلة الأولى من حرب فيتنام (1955)، ساعدت القوتان العظميان معًا حلفاءهما الآسيويين ضد القوات الغربية. وبعد فترة وجيزة من موت جوزيف ستالين، تراجعت القوتان الشرقيتان إلى حقبة جديدة من المنافسة الآيديولوجية والاستراتيجية، وبلغت ذروتها في اشتباكات حدودية عنيفة بالإضافة إلى حروب بالوكالة عبر الهند والصين بالإضافة إلى أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا اللاتينية ودول أميركا اللاتينية. وفي علاقات البلدين صفحة قاتمة يشار إليها بتعبير: «الانقسام الصيني السوفياتي» حيث غير الزعيم الصيني ماو تسي نوتغ قواعد اللعبة مع أميركا ما ساعد في عزل موسكو وفي نهاية المطاف، قلب المشهد الاستراتيجي العالمي رأسًا على عقب في نهاية القرن العشرين.

تبديد وهم التحالف
منذ بدأت روسيا تعيد بناء مكانتها الدولية في عهد فلاديمير بوتين وهي تبحث عن مسار لهذه المكانة في إطار ممكنات العلاقات الدولية، وكان فلاديمير بوتين واقعيًا إلى حد إعلان استعداده لأن تنضم روسيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وبينما كانت أميركا تعيد هيكلة رؤيتها الاستراتيجية المستقبلية بعد زوال النظام الدولي ثنائي القطبية، كانت الصين تتحرك بوتيرة ثابتة نحو مكانة «المنافس المحتمل» بقدرات اقتصادية متنامية سرعان ما انعكست على القدرات العسكرية وما بدأت تثيره في الخيال السياسي الصيني من طموحات. ومع كل أزمة كبيرة في علاقات واشنطن مع بكين وموسكو كان كثيرون يتوقعون نشوء تحالف صيني روسي يعيد العالم إلى حالة الثنائية القطبية أو يؤسس نظامًا عالميًا جديدًا متعدد الأقطاب، ومن مفارقات هذا الخطاب أنه لم يضع «أوروبا الموحدة» أبدًا على قائمة الأقطاب، ما يعني: إما التسليم بأن أوروبا الموحدة هي بالفعل جزء من تحالف غربي تقوده أميركا، وإما أنها ستبقى رهينة يخوض القطبان المتصارعان معركتهما على أرضها، كما كان الحال خلال سنوات الحرب الباردة.


وتحت عنوان: «وهم التحالف الروسي/ الصيني» كتب المفكر الأميركي المعروف جورج فريدمان مقالًا (The Illusion of a Russia-China Alliance ، جيوبوليتيكال فيوتشرز، نوفمبر/ تشرين الثاني 2018) يقدم تقييمًا يبدو موضوعيًا لعلاقات بكين/ موسكو وممكنات تطورها المستقبلي. ويأتي فريدمان إلى القضية الأهم في تحليله، يقول: «على السطح، ينبغي أن يكون اشتراك روسيا والصين في مواجهة خصم مشترك وقوي أساساً لإقامة تحالف قوي بينهما... لكن المظاهر قد تكون خادعة... مع أن قيام تحالف صيني- روسي ربما يبدو موازناً منطقياً لخصمهما المشترك، فإنه يبقى مجرد وهم»، إنه في أحسن الأحوال تحالف على الورق (الغد الأردنية 20 نوفمبر 2018).

على مدى عقود، كان نمو العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين الصين وروسيا صعبًا للغاية (غيتي)


واستناد فكرة إمكان تحالف موسكو وبكين- فقط- لمواجهة عدو مشترك يعني أن التحالف هو تحالف دافعه الخوف وليس الأمل، وقوامه الاختلاف عن العدو المشترك وليس الشراكة في القيم والتصورات، وقد أثبتت خبرة التاريخ الحديث أن شراكة القيم وحدها مرشحة للاستمرار، وإذا استُدعي التاريخ الصيني الروسي إلى ميزان التقييم، كان التفاؤل أقل بكثير. ولدى البلدين تاريخ طويل من غياب الثقة المتبادل وتنافستا على النفوذ في آسيا طوال فترة الحرب الباردة. وحتى 2017 كانت أميركا تستوعب 19 في المائة من صادرات الصين وتستوعب روسيا 2 في المائة فقط منها.

الحرب قريبة والتحالف بعيد
تحذير وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنرى كيسنجر الذي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية قبل أيام، من اقتراب اختلال توازن خطير في العلاقات الدولية  ومن أن أميركا «على حافة الحرب مع روسيا والصين»، هو تحذير من احتمال أن تجد أميركا نفسها في حربين مع الصين وروسيا في آن واحد، وهو حديث قديم/ جديد عن قدرة أميركا عسكريًا وليس عن رحجان احتمال نشوء تحالف روسي صيني. وحلف الناتو للمرة الأولى أصبح يعتبر النظامين الروسي والصيني يقاومان النظام الدولي القائم على القواعد، و«ليس لدى الناتو رفاهية اختيار تحدياتنا، يجب علينا مواجهتهما معًا». وقد حذرت مجلة «China Watcher» من «عاصفة جيوسياسية» على جانبي اليابسة الأوراسية حيث تستخدم الصين القوة ضد تايوان بينما حرب أوكرانيا لم تضع أوزارها. والطريقة التي يتشابك بها مصير تايوان وأوكرانيا بشكل وثيق أصبحت الآن في صميم مناقشات صناع القرار الغربيين، والشعب التايواني «يدرك تمامًا أوجه التشابه مع أوكرانيا، بل إن البعض انضم إلى صفوف المقاتلين الأجانب الذين يخاطرون بحياتهم لصد الغزو الروسي».


وفي الوقت الذي يجري فيه الحديث عن احتمال اشتعال حربين متزامنتين يتحدث الحلفاء الغربيون عن معركة واحدة وجبهة واحدة وشراكة قيم وثيقة، وكانت تايوان، بالطبع، (كما أعلنت وزارة الخارجية) سعيدة بالمفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو، حيث «ستواصل تايوان العمل عن كثب مع الشركاء الديمقراطيين في جميع أنحاء العالم ردًا على التهديد الهجين الذي تشكله الأنظمة الاستبدادية». وعبر تسليط الضوء على الحاجة إلى التعامل مع الشراكة المتنامية بين الصين وروسيا، نجح حلف شمال الأطلسي في إعادة صياغة مفهومه الاستراتيجي الجديد.


الدكتورة سارة كيرشبيرغر الباحثة في معهد السياسة الأمنية في جامعة كيل الألمانية ترسم مسارًا لتطور رؤية الغرب لممكنات التحالف الروسي الصيني، فحتى سنوات قليلة ماضية، كان المحللون الغربيون يميلون في الغالب إلى التقليل من أهمية نشوء تحالف روسي/ صيني، وبدأ هذا التصور يتغير قبيل انتشار وباء كوفيد، عندما عززت الصين وروسيا تعاونهما العسكري وظهرت أوجه تآزر متزايدة. وبحسب كيرشبيرغر تمتلك روسيا والصين أهدافًا متوافقة، وتصورات متشابهة للتهديد. وأحد هذه المجالات الأمن العسكري، حيث أسهم التقارب السياسي في تقليل عبء حماية الحدود البرية الطويلة المشتركة بينهما، ما مكَّن كلًا منهما في نشر مزيد من القوات في أماكن أخرى. وهذه ميزة كبيرة في الوقت الحالي، بل ربما عجزت روسيا عن غزو أوكرانيا لولا هذا العامل. وهناك بُعد منهجي في التعاون الروسي الصيني وهو المصالح المشتركة لحكومتين استبداديتين تشعران بتهديد الثورات الملونة. وكلتاهما ترفضان قيادة أميركا وحلفائها للنظام الدولي باعتباره إمبريالية، وترفضان عالمية مفهوم حقوق الإنسان، وهما، وبهذا المعنى، تقفان الموقف نفسه في معارضة النظام القائم على القواعد الغربية وتعملان نحو ما يسمى: «دمقرطة العلاقات الدولية».

 

العمل في القسم الصيني من خط أنابيب الغاز الروسي عام 2017 (غيتي)


في الوقت نفسه فإن علاقة بكين وموسكو، تاريخيًا، مثقلة بتحيزات متبادلة وصور نمطية سلبية متبادلة نتيجة لتاريخ مليء بالصراع، مع ذلك، تشير دراسة أجراها الباحث مارسين كاتشمارسكي إلى أن روسيا توجد بها مجموعات مؤثرة من أصحاب المصلحة القريبين من الكرملين، طورت «رؤية إيجابية لتقارب وثيق مع الصين». وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى تأثير حرب أوكرانيا على التصور المتغير لروسيا في الصين، فقد يؤدي «السلوك الفاشل للحملة العسكرية وسوء التقدير الاستراتيجي للكرملين إلى تقليص مكانة روسيا كشريك قيم في نظر الصينيين إلى حد ما»، بينما قبل الحرب «كانت نظرة روسيا في الصين إيجابية بشكل لافت للنظر». وبينما خطر حدوث عدوان متزامن تقوم به الصين على تايوان (وهو سيناريو يمكن أن يتحدى قدرة الغرب) لم يعد مطروحًا على الطاولة الآن، فقد أصبح أقل احتمالًا على المدى المتوسط، نتيجة هذه الصدمة.

ماذا لو كان ممكنًا؟
مجلة «جورج تاون للشؤون الدولية» نشرت تحليلًا لأستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوسطن مين يي، الزميلة في هارفارد برينستون واللجنة الوطنية للعلاقات الأميركية الصينية، التحليل عنوانه: «المنطق وراء الشراكة الشبيهة بالتحالف الاستراتيجي بين الصين وروسيا». وترى الباحثة أن شراكة التنسيق الاستراتيجية بينهما تعكس انعدام الأمن وضعف النظام العالمي الذي تقوده أميركا، وشراكتهما إعلان عن التزام صريح بالدعم في مواجهة المخاوف الأمنية المشتركة. وثمة تباينات تخفيها اللغة التي لا تنظر إلا لمخاوف البلدين من «الخطر الأميركي»، ذلك أن روسيا بعد كل شيء، تعاني الفشل الاقتصادي والسمعة الدولية السيئة وبخاصة في سلوكها في أوروبا. وعلى النقيض من ذلك، تفتخر الصين باقتصادها المزدهر وبكونها برغماتية ومعتدلة، ومنخرطة في تعاون طويل الأمد مع الديمقراطيات المتقدمة. وعلى مدى عقود، كان نمو العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين الصين وروسيا صعبًا للغاية. تظهر إحصاءات التجارة أنه اعتبارًا من عام 2022، شكلت تجارة الصين مع روسيا 2.7 في المائة فقط من إجمالي التجارة، وتتركز في المواد الخام وموارد الطاقة، وفي الوقت نفسه فإن الاختلافات الثقافية الاجتماعية بينهما لم تزل عميقة. وعكس البيان الروسي الصيني المشترك (4 فبراير/ شباط 2022) ممكنات محدودة أبرزها التآزر في مواجهة ما يعتبرانه «الهيمنة الأميركية»، ويدافعان عن نظام الأمم المتحدة، والسيادة المطلقة للدولة وعدم التدخل، ويشعر البلدان بأنهما «ضحية» سلوك الغرب. وهذه مصالح مشتركة طويلة الأجل وتؤكد إمكان تعميق العلاقات الصينية الروسية منذ عام 2001 عندما وقع البلدان اتفاقية صداقة وتعاون.


وقبل عام 2019 كانت علاقة البلدين علاقة تقارب لا تحالف، بينما الآن توصف العلاقة بأنها «شبه تحالف». وقد أدى تطوران أخيران هما التدهور المتزامن في علاقات الصين مع دول منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا، إلى تسريع استعداد بكين للارتقاء بالعلاقات الصينية الروسية، وبخاصة مع منعطف الحوار الأمني ​​الرباعي بين أميركا واليابان وأستراليا والهند، ودمج الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية في هذا التعاون الرباعي. وفي الوقت نفسه، فإن مخطات تطوير الغواصات النووية متعدد الأطراف (أستراليا، بريطانيا، أميركا) يشكل تهديدًا للصين. وفي النهاية، طور الاتحاد الأوروبي موقفًا رسميًا علنيًا صراحةً شبه عدائي تجاه الصين وكثّف انتقاداته لسياسات الصين في هونغ كونغ والتبت وشينغ يانغ. وفي مارس (آذار) 2021، اعتمد الاتحاد الأوروبي أول عقوباته ضد الصين منذ ثلاثين عامًا، ما دفع إلى المزيد من ردود الفعل المناهضة للصين في أوروبا. وفي سبتمبر (أيلول) 2021، نشر البرلمان الأوروبي التقرير الاستراتيجي الجديد لأوروبا والصين، متضمنًا الإعلان عن «استراتيجية أكثر ثقة وشمولية وتنسيقًا تجاه الصين»، وهذا الاصطفاف الأوروبي فاقم خوف الصين من حصار استراتيجي. وباختصار، كما ترى الباحثة مين يي، في نهاية عام 2021، كانت الصين محاصرة وغير آمنة وغير قادرة على شق صف حلف شمال الأطلسي وعاجزة عن منع العوائق المحتملة في التجارة مع الاتحاد الأوروبي، ما يهدد تطلعاتها لتحديث اقتصادها وتوسيع تجارتها العالمية. ومع تعزيز أميركا تحالفاتها ضد الصين، اتبعت بكين ما يسمى: «علاقات من نوع جديد مع القوى العظمى» مؤكدة السيادة والتعاون واحترام نظام الأمم المتحدة ووصفت هذا النوع من العلاقات بأنه «شراكة دون تحالف»!
و«القوة العظمى» الوحيدة التي تشارك الصين تفضيلاتها السياسية هي روسيا. وفي يونيو (حزيران) 2021، أعلنت بكين وموسكو بشكل مشترك أن بعض الدول تستخدم الآيديولوجيا للتدخل في الشؤون الداخلية للآخرين. وفي 4 فبراير 2022، أعلن شي وبوتين معًا في البيان المشترك المطول حول «العلاقات الدولية في العصر الجديد» أن «الديمقراطية قيمة مشتركة للبشرية، وليست ملكية فكرية لعدد قليل من البلدان»، ولذلك، يجب أن لا تستخدم أية دولة الديمقراطية للضغط على الآخرين، والتدخل في شؤونهم الداخلية. وأشار البيان إلى أن بكين وموسكو شكلتا هذه العلاقة الخاصة لموازنة نظام التحالف الذي تقوده أميركا.

إحياء تحالف «كواد» الذي يضم الولايات المتحدة، الهند، استراليا واليابان يهدف بحسب مراقبين إلى تطويق الصين (إ.ب.أ)


غياب إرادة التحالف
مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية نشر، في يونيو (حزيران) 2022، تقييمًا مهمًا لجود بلانشيت الباحث في الشؤون الصينية، وهال براندس أستاذ كرسي هنري كيسنجر للشؤون العالمية في كلية جون هوبكنز للدراسات الدولية، خلاصته أن حرب أوكرانيا كانت فرصة مثالية لنشوء التحالف المرتقب منذ عقود. ويقرر الباحثان أن الشراكة الصينية الروسية أصبحت واحدة من سمات العلاقة الاستراتيجية المعاصرة. وخلقت حرب أوكرانيا معضلات اقتصادية ودبلوماسية للصين، لكنها لم تغير التوافق الأساسي للمصالح والقيم الاستبدادية التي تقود تلك العلاقة. وفي شكل من أشكال التغريد خارج السرب، افترض محللون أن الحرب ستوقف مسار تعميق العلاقات الروسية الصينية، ما يضعف شراكة البلدين. وفي الواقع، هناك ما يدعم هذه الفرضية، إذ تراجعت شركات وبنوك صينية عن تطوير عملها في روسيا لتجنب العقوبات الغربية، ومنحت وسائل إعلام رسمية صينية مؤخرًا أوكرانيا مساحة حرة لانتقاد الكرملين!


هي إذن قيود على ما توهم البعض أنه شراكة «بلا حدود».

تستقبل محطة الصين في تيانجين الغاز الطبيعي المسال من روسيا (غيتي)


وقد تعمقت الشراكة الروسية الصينية- فقط- في حملتهما المشتركة ضد الديمقراطية وعالمية حقوق الإنسان. وبناءً على أولوية المعايير الاقتصادية، ستجلس الصين في مقعد القيادة في تحديد المسار المستقبلي للعلاقة، وهو ما لا تريده روسيا. وبينما التحالفات المستدامة تتطلب توافقًا واسعًا- يتصف بالثبات- بشأن القيم والمصالح، فإن الزعيمين الروسي والصيني أضفيا طابعًا شخصيًا على علاقتهما، بل إن علاقتهما الشخصية كانت محركًا رئيسيا لتعميق الشراكة، ومنذ عام 2012، عندما تولى شي القيادة وعاد بوتين إلى الرئاسة، أعطى كلا الزعيمين الأولوية للجهود المبذولة لصد ما يعتبرانه جهودًا أميركية للإطاحة بـ«الأنظمة المعادية». وبالنسبة لكلتيهما، كانت مواجهة ما يسمى «الثورات الملونة» أمرًا بالغ الأهمية، ليس فقط للرد على ما يريان أنه غير مقبول من جانب سياسات أميركا الأحادية، بل أيضًا للحماية مما يفترضان أنه الهدف النهائي: تغيير النظامين السياسيين في موسكو وبكين. لذا فإن أحد محركات استدامة العلاقة، في الأجل المنظور، أن الزعيم الصيني من المرجح أن يسعى إلى منع بوتين، أقرب أصدقائه وشريكه، من السقوط. وفي الواقع، سينظر شي إلى احتمال انهيار نظام بوتين باعتباره تهديدًا مباشرًا لحكمه، و«يجب أن لا يشهد سكان الصين الإطاحة الشعبية ببوتين»، شريك الصين في الترويج لرؤية بديلة للديمقراطية عبر «الحكم الاستبدادي الفعال».


إن مسار الحرب في أوكرانيا سيحدد مسار علاقة روسيا والصين، وهو من ناحية، أتاح فرصة تاريخية لتدشين التحالف، لكنه كشف في الوقت نفسه عن أن الطرفين- حتى الآن- لا يملكان «إرادة بناء التحالف».  

* باحثة في العلوم السياسية- مصر.

font change