فنانة كروشيه مصرية: هدفي ليس المنتج النهائي، بل عملية الإنتاج ذاتها

هاجر محمود... تتخلص من الضغوط بالكروشيه

فنانة كروشيه مصرية: هدفي ليس المنتج النهائي، بل عملية الإنتاج ذاتها

* كان على هاجر أن تبحث عن نشاط لا يتطلب وجود شقيقتها معها، ويخرجها من حالة الوحدة التي بدأت تشعر بها.

* بعد عدة أشهر، توسع نشاط هاجر وكذلك الطلب، ليس على ملابس الأطفال فحسب، بل الأوشحة والقبعات للكبار أيضًا وكان القدر الأكبر من نصيب الدُمى.

لندن: الفنان هو شخص مستغرق في نشاط يتعلق بإبداع فني أو ممارسة فنية أو عرض فني.
هاجر فنانة كروشيه تتخذ من الخيوط وسيلتها الفنية، حيث تحمل الفنانة المصرية هاجر محمود (28 عامًا) دبلومة في مجال التربية، ولديها حب للصوف والنسيج والألوان.
كان للفراغ الذي خلفته شقيقة هاجر بعد سفرها دور في لجوء هاجر إلى الانشغال بتعلم فن الكروشيه، فأختها التي كانت تقضي معظم وقتها معها في التسوق والتنزه أو تبادل الحديث قبل النوم سافرت إلى دولة أخرى. وكان على هاجر أن تبحث عن نشاط لا يتطلب وجود شقيقتها معها، ويخرجها من حالة الوحدة التي بدأت تشعر بها. وكانت إبرة الكروشيه والخيوط الملونة أول ما جذبها.



الكروشيه عبارة عن عملية إنتاج نسيج عن طريق حياكة خيوط الصوف أو خيوط مجدولة من مواد أخرى باستخدام إبرة أو صنارة كروشيه. والكلمة مأخوذة من كلمة «كروشيه» الفرنسية التي تعني «الصنارة الصغيرة».
كان جاليري خان السحر أول مكان يعرض أعمال هاجر وقد حقق المعرض نجاحًا كبيرًا مما ساهم في إطلاق شبكة أعمالها التجارية. قالت هاجر: «كانت تلك أول مرة أعرض فيها أعمالي أمام الجمهور، وكانت منتجاتي عبارة عن جوارب وقبعات أطفال بسيطة». بمجرد أن خرجت منتجاتها إلى النور، بدأت تتلقى طلبات شراء منتجات محبوكة أكثر تعقيدًا مثل الأوشحة والسجاد. ومن خلال البحث والمثابرة، تمكنت هاجر من تطوير عملها وإنتاج قطع أكبر حجمًا وأكثر تعقيدًا... «استغرق الأمر وقتًا طويلًا وتطلب صبرًا كثيرًا، كان علي في مرات كثيرة أن أحل الغُرز وأعيد العمل كله».
إلى جانب مشغولات الأطفال البسيطة، ضم معرضها الأول بعض الدُمى التي غزلتها. وكان النجاح الذي حققته هذه الدُمى غير متوقع. وبيعت جميع الدُمى الأولى التي صنعتها. وقالت: «كانت الدُمى منتجًا جديدًا، وهي مختلفة عن أي منتجات كروشيه أخرى يمكن أن تجدها في الأسواق. يشتريها الكبار كهدايا لأطفالهم أو أحفادهم، ولأغراض أخرى، فمثلًا يمكن وضعها لتزيين منازلهم أو مكاتبهم». وأصبحت هاجر تتلقى مكالمة تلو الأخرى، لاستقبال طلبات الدُمى المصنوعة خصيصًا وفق الشكل واللون الذي يفضله العملاء.


بعد عدة أشهر، توسع نشاط هاجر وكذلك الطلب، ليس على ملابس الأطفال فحسب، بل وأيضا الأوشحة والقبعات للكبار، وكان القدر الأكبر من نصيب الدُمى.
يتطلب فن الكروشيه إجراء قدر من البحث والتخطيط قبل أن يبدأ العمل. بالنسبة لهاجر، كانت العملية تلقائية تبدأ بالإبرة والألوان المناسبة لحالتها المزاجية. تجلس بصبر وانتباه في غرفتها الهادئة، بعيدة عن أي مصدر للتشتيت حتى تغادر غرفتها ومعها قطعة فريدة محبوكة بذوق رفيع وأنيق ويعبر عن التفاني.
في أحيان أخرى، لا تتطلب بعض الأعمال تركيزًا كاملًا؛ حينها يمكن أن تستمتع هاجر بمشاهدة برامجها المفضلة على التلفزيون أو الاستماع إلى الموسيقى أو الجلوس مع أسرتها ويدها تغزل خيوط الكروشيه.
ولكن إبداع هاجر وشغفها بالخيوط والألوان يواجه قيودًا بسبب المتاح في السوق. أوضحت هاجر: «لدينا أزمة في الخيوط هنا في مصر. أغلب الخيوط التي أستخدمها مستوردة من تركيا، لذلك أسعارها مبالغ فيها».
ومن أجل إتقان منتجاتها، يجب أن تضمن هاجر استخدام خامات ذات جودة عالية وألوان خاصة تفتقر إليها السوق المصرية. غير أن ذلك لم يمنعها من إنتاج مشغولات ودُمى ذات جودة عالية يتزايد الطلب عليها من العائلة والأصدقاء والمعجبين بأعمالها الفنية.


تقضي هاجر من ست إلى سبع ساعات في العمل على مشغولاتها. ما يهمها هو استثمار الوقت والجهد في نشاط ما ورؤية منتج رائع في النهاية. وتعلق على ذلك قائلة: «ربما لا أتمكن من النوم لأن معي قطعة أصمم على الانتهاء منها».
ولكن في ليالٍ أخرى، هذا العمل هو ما يساعدها على الحصول على نوم هانئ ليلًا. وأضافت هاجر لـ«المجلة»: «ليس هدفي النتيجة النهائية أو العمل الفني، بل عملية الإنتاج ذاتها. جميعنا لدينا مشاكل ونواجه ضغوطًا وأسباب توتر يومية، ومن المعروف عن الكروشيه أنه يخفف التوتر وحتى الاكتئاب. وهو ما ساعدني عندما سافرت شقيقتي في العام الماضي، ولا يزال يساعدني على تجاوز أيامي السيئة».
من المثبت أن عدّ الأرقام يساعد على تخفيف القلق والتوتر، فهو أحد أشكال الاسترخاء والتشتيت عن أي مشكلة فعلية. كذلك ما يفعله الكروشيه لهاجر، يخفف عنها ضغوط الحياة اليومية. وتضيف: «غيرني الكروشيه كثيرًا. فقد أصبحت أكثر صبرًا وتركيزًا. من الرائع أن يكون للمرء مساحة ونوع من الفن يمكنه أن يستثمر فيه وقته وجهده وتفريغ طاقته».
في الماضي، كانت هاجر تشعر بالإحباط إذا أخطأت في غرزة ما، وتقرر أن لا تستمر في إكمال القطعة. ولكنها الآن يمكن أن تجلس لساعات دون أن تمانع في البدء من جديد إذا وجدت إحدى الغرز خارج مكانها قليلًا. وتقول: «أعتقد أنني سعيدة الحظ أني تحليت بالصبر الكافي للاستمرار في الكروشيه».
منذ بداية رحلتها، شاركت هاجر في معرضين، وباعت عشرات القطع الفنية لشبكة عملائها الممتدة الحالية. تحلم هاجر أن يكون لديها متجر صغير في الإسكندرية يمكنها أن تعرض فيها أعمالها وأن تعمل بداخله. كما تطمح أن تحقق شهرةً وانتشارًا في الخارج، ولذلك قالت: «أعرف أن هناك عددًا كبيرًا من فناني الكروشيه الموهوبين في الخارج، لذلك أعمل على ضمان أصالة منتجاتي وتفردها».
 

font change