المرأة العاملة في إيران... انتهاكات وممارسات تمييزية مضاعفة

مسؤول في وزارة العمل: 87 % من النساء لا يشاركن في أي نشاطات اقتصادية

المرأة العاملة في إيران... انتهاكات وممارسات تمييزية مضاعفة

* يتم تسريح العاملات من العمل بعد الحمل أو الإنجاب أو أثناء عودتهن للعمل، في كثير من المعامل والمصانع، بحجج واهية.
 
طهران:تكشف الإحصاءات الرسمية عن الظروف المأساوية التي تعيشها المرأة العاملة في إيران، وذلك في ظل تدهور الوضع الاقتصادي. وتكون ظروف المرأة العاملة أسوأ بكثير مما يعانيه نظراؤها من الرجال. ولم تتحسن ظروف المرأة العاملة خلال السنوات الماضية، وباتت أكثر هشاشة من الرجال، حيث إن 87في المائة من النساء في إيران لا يخضن نشاطا اقتصاديا وأن عدد النساء العاملات في إيران يبلغ 3 ملايين و500 ألف سيدة من أصل 27 مليون امرأة إيرانية يحق لها العمل.
وأفاد مركز الإحصاء الوطني في إيران بأن نسبة العاملين من الرجال بلغ نحو 65 في المائة في 2016 في الوقت الذي وصلت فيه نسبة النساء العاملات فوق سن 15 سنة نحو 15 في المائة فقط أي ما يقارب نحو 3 ملايين و500 ألف امرأة في إيران.
تشكل النساء أكثر من 50 في المائة من خريجي الجامعات غير أن حجم المشاركة النسائية في القوى العاملة بلغ 17 في المائة فقط. وقالت رئيسة الاتحاد العام للمرأة العاملة في إيران سهيلا جلودار زادة إن أكثر من مليونين و500 ألف امرأة تبحث عن العمل ولكنهن يعشن ظروفا بائسة بسبب عدم حصولهن على وظيفة.
وأشار الأمين العام لمؤسسة بيت العامل في إيران علي رضا محجوب إلى أن معدل البطالة للنساء العاملات تضاعف خلال الأعوام الأخيرة.
ولم يشر قانون العمل في إيران بوضوح إلى آليات لحماية النساء العاملات. ويعتبر فقدان مواد تحظر العمل الليلي للنساء وتسريحهن من العمل بعد إجازة الأمومة أو أثناءها في قانون العمل من نواقص القانون. على سبيل المثال، تحدد المادة 76 في قانون العمل الإيراني إجازة الأمومة للنساء العاملات بـ90 يوما حيث يجب أن يكون 45 يوما من هذه الإجازة بعد الإنجاب وإذا وضعت المرأة توأما يمكنها التمتع بـ14 يوما إضافية.
واللافت في هذه المادة أنها لم تشر إلى حظر تسريح المرأة من عملها بعد إجازة الأمومة ولزوم عودتها للعمل بل إنها لم تجبر صاحب العمل على إعادة النساء للعمل بعد قضاء إجازة الأمومة.
أدى هذا التخبط بأصحاب المصانع والأعمال في إيران إلى عدم تشغيل النساء، خوفا من قوانين إجازة الأمومة والرضاعة وتوفير الروضة لرعاية أطفال النساء العاملات في أماكن الشغل. وفي بعض الأحيان تضطر النساء العاملات إلى التوقيع على تعهد مكتوب بعدم الإنجاب حتى انتهاء فترة عقدها في العمل.
ويتم تسريح العاملات من الشغل بعد الحمل أو الإنجاب أو أثناء عودتهن للعمل في كثير من المعامل والمصانع وذلك بحجج واهية.
ويقول نائب رئيس مؤسسة التأمينات الاجتماعية في الشؤون الفنية والإيرادات «تم تسريح 47 ألف امرأة من أصل 145 ألف امرأة في غضون 18 شهرا وذلك بسبب قيامهن بإجازة الأمومة التي تمتد لـ6 أشهر».
وتعتبر الأجور المتدنية وفقدان الأمن الوظيفي والخوف من التسريح وإغلاق المصانع والوظيفة المؤقتة والموسمية وانخفاض ساعات العمل وعدم الحصول على وظيفة ثابتة والتقاعد المبكر وبعد المسافة بين البيت والعمل والتسريح أو تغيير القوى العاملة والثقافة التقليدية الذكورية والوصول إلى سن الشيخوخة والإصابة بالمرض والطرد من الشغل من العوامل التي تساهم في ارتفاع معدل البطالة بين النساء والمشاركة النسائية الخجولة في سوق العمل في إيران. كما يجب أن لا ننسى التمييز في الرواتب بين الذكور والإناث حيث تحصل المرأة على أجور أدنى من الرجل في ظروف شغل متشابهة.
وفي الوقت الذي ينص فيه قانون العمل على أنه على صاحب العمل أن يلتزم بالمساواة في الرواتب بين الرجال والنساء وذلك بناء على الأجور التي يتم تحديدها من قبل المجلس الأعلى للعمل غير أن الأجور التي تحصل عليها النساء في إيران أدنى من الأجور التي يحصل عليها الرجال في ظروف عمل مشابهة حتى إن النساء العاملات يحرمن في كثير من الأحيان من التمتع بالتأمين الصحي والزيادة في الرواتب.



وتفيد الإحصاءات الرسمية منذ سنوات بأن نسبة المشاركة النسائية في سوق العمل تبلغ 5 في المائة ولكن هذه النسبة المتدنية من النساء تتعرض لضغوط ومشاكل كبيرة وممارسات تمييزية وعدم الاستقرار الوظيفي في العمل ولا تتمتع بالتأمين الصحي والتقاعدي والإجازة السنوية وإجازة الأمومة وفوق كل ذلك فإن بعضهن يضطررن إلى القيام بوظائف شاقة والعمل لساعات طويلة والحصول على أجور متدنية في ظروف عمل قاسية لا تراعي المعايير الدولية.
وتشير الإحصاءات غير الرسمية إلى أن نسبة النساء العاملات أعلى بكثير مما يتم الإعلان عنه ولكن الإحصاءات الرسمية لا تشير إلى الرقم الحقيقي لأن معظم النساء العاملات هن معيلات ويعملن في المصانع الصغيرة أو العائلية التي لا يتجاوز عدد العمال فيها 10 أشخاص. يعمل معظم النساء العاملات في هذه المعامل الصغيرة أو في بيوتهن في مجال إنتاج المواد الغذائية أو حياكة السجاد أو التغليف دون التمتع بتأمين صحي أو إجازات أو مكافآت ويتسلمن الحد الأدنى من المستوى الذي تم الإعلان عنه رسميا في حين أن عددا كبيرا من النساء مضطرات للعمل كخادمات في البيوت.
ويقول إبراهيم علي بور الناشط العمالي لـ«المجلة» بشأن المشاركة النسائية في المنظمات العمالية «يغلب الطابع الرجولي على الجزء الأكبر من الوظائف في إيران وبالتالي فإننا نلاحظ غياب العنصر النسائي في هذه الوظائف. توجد المشاركة النسائية في وظائف محدودة للغاية، على سبيل المثال إذا نظرنا إلى إضراب سائقي الشاحنات في الأشهر الأخيرة يوجد بينهم سائقة واحدة للشاحنة وهي تدعو الجميع إلى الانضمام لإضراب سائقي الشاحنات. من جهة أخرى، فإن السلطات الإيرانية قامت بعملية ممنهجة لتهميش النساء. عندما تحرم النساء من الدراسة في كثير من الفروع الجامعية بالتالي فإنهن لا يتمتعن بحق اختيار وظيفة مناسبة مما يؤدي إلى مشاركة نسائية خجولة في المنظمات العمالية باستثناء نقابة المعلمين لأن عدد المعلمات في إيران كبير وهناك معلمات قمن بتجمعات احتجاجية. وهناك محاولات من قبل كثير من المعلمات لتأسيس نقابات خاصة بهن».
وأضاف علي بور: «يعتبر الاتحاد العام للنساء العاملات المنظمة الفاعلة المستقلة الوحيدة في إيران. ترأس سهيلا جلودار زاده هذه المؤسسة التابعة لبيت العامل. ولدينا كثير من الناشطات العمالية على غرار بروين محمدي وهي نائبة رئيس الاتحاد الحر لنقابات العمال في إيران. كما أن أحد أعضاء نقابة سائقي الحافلات في طهران امرأة. وتم استدعاء ناشطة عمالية وهي من أعضاء نقابة شركة قصب السكر في هفت تبه إلى جانب عدد من نشطاء النقابة قبل فترة إلى المحكمة».
وأشار إبراهيم علي بور إلى تنفيذ قوانين مجحفة وممارسات تمييزية ضد المرأة في العمل في إيران قائلا: «تقوم السلطات بممارسات تمييزية في توظيف المرأة في القطاع الحكومي والخاص كأداة لتنفيذ آيديولوجيتها السياسية وتهميش النساء في الحياة الاجتماعية وإجبارهن على الاكتفاء بدورهن كربة للبيت وأم وزوجة».
وأضاف الناشط العمالي: «يعتمد أصحاب العمل في القطاع الحكومي والخاص على معايير تمييزية في التوظيف ويؤكدون على النوع، حيث لم توظف بعض الشركات امرأة واحدة. على سبيل المثال، لم توظف منظمة الطب البيطري قبل فترة أي عنصر نسائي أي أنهم يهدفون إلى إضفاء الطابع الرجولي على عدد كبير من الوظائف».
وأشار إبراهيم علي بور إلى هيمنة النظام الرجولي في أركان الجمهورية الإسلامية، قائلا: «يرى كل أركان الجمهورية الإسلامية أن المرأة لا يحق لها المشاركة في كثير من الوظائف ولا يحق لها المساواة في الأجور مع الرجال. يتم إلقاء هذه الفكرة للبنات منذ الروضة إلى المدارس بأنه يجب أن تكون الفتاة أماً وربة بيت صالحة، حتى الكتب الدراسية تروج لهذه الفكرة، وتقول إن الرجال يعملون والنساء عادة يلتزمن البيوت».
وتابع علي بور: «هناك شرخ كبير بين الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية. إذا نظرنا إلى إحصائيات منظمة التخطيط والميزانية فسنجد أن المشاركة النسائية في سوق العمل تتراوح بين 15 و16 في المائة، واللافت أن المشاركة النسائية في سوق العمل شهدت انخفاضا خلال 12 عاما مضت، حيث بلغت نسبة الوظائف المتاحة للنساء 100 وظيفة مقابل 400 للرجال في 2005، وارتفع العدد في 2015 ليبلغ 534 وظيفة للرجال، غير أن نسبة الوظائف المتاحة للنساء بقيت 100 وظيفة، وهذا يعني أن نحو 5 إلى 6 في المائة من النساء خسرن وظيفتهن أو أن الرجال حصلوا على نسبة أكبر من الوظائف. وقال مسؤول في وزارة العمل إن 87 في المائة من النساء لا يشاركن في أي نشاطات اقتصادية».
 
 
font change