تحديات مبادرة «الحزام والطريق»... ومخاطر عدوى الديون الصينية في الخارج

بعد 6 سنوات على إعلان «مشروع القرن»... انضمام 106 دول و29 منظمة دولية

تحديات مبادرة «الحزام والطريق»... ومخاطر عدوى الديون الصينية في الخارج

* الرئيس الصيني: مبادرة الحزام والطريق تعزز تنمية الدول المشاركة بها.
* كريستين لاغارد: المشروعات الدولية قد تنطوي على مشاكل في الدين للدول المشاركة.
* نائب الرئيس الأميركي: الدول ينبغي أن لا تقبل بدين يقوض سيادتها... والصين تؤكد: لن تسقط أي من الدول النامية في فخ الديون لمجرد التعاون معنا.
*من التحديات الكبيرة التي تواجهها المبادرة الصينية المعارضة شبه العلنية الأمريكية -الهندية .
* سريلانكا اضطرت لتحويل ميناء هامبانتوتا إلى ملكية صينية بعد عجزها عن السداد.
* الواردات من السلع الرأسمالية في كمبوديا أدت لزيادة العجز التجاري.
ماليزيا تراجع العقود غير المتكافئة... وأفريقيا تحصل على 60 مليار دولار.
*3.18تريليون دولار احتياطيات الصين... والفوائض المالية كلمة السر للاستثمارات الصينية.
* نموذج الإنتاج الرخيص والتصدير لم يعد مناسبا للصين... وطريق الحرير البديل.
القاهرة: تعد مبادرة «الحزام والطريق» واحدة من أكثر برامج التنمية طموحًا في العالم، فقد أطلق عليها الرئيس الصيني لقب «مشروع القرن» وأنها ستطلق عصرًا ذهبيًا للعولمة، ومع ذلك هناك مخاوف من أن تصبح هذه المبادرة قناة يتم من خلالها نقل بعض من مشاكل ديون الصين إلى الخارج. فالمبادرة التي تضم 106 دول، و29 منظمة دولية، تشمل عددًا من الاقتصادات الأكثر تأثيراً في العالم. 
فيما يرى بعض الخبراء أن المبادرة هي أحد الحلول للمرض الصيني، فنموذج التنمية المطبق في الصين والقائم على التصدير والإنتاج الرخيص لم يعد نموذجًا مثاليًّا للحالة الصينية الآن.
كان الرئيس الصيني تشي جينبينغ قد بعث الروح من جديد في «طريق الحرير» التاريخي، الذي ربط الصين بالعالم قبل ألفي عام، من خلال مبادرة «الحزام والطريق عام 2013»، الذي يتضمن «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير»، المتمثل في شبكة الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية. و«طريق الحرير البحري»، المتمثل في شبكة خطوط الملاحة البحرية. و«خطوط أنابيب النفط والغاز الطبيعي»، التي تعزز فرص حصول الصين على احتياجاتها من الطاقة، بعيدًا عن مخاوف انقطاع الإمدادات. ومسار «طريق الحرير الرقمي»، الذي تتضمنه المبادرة لربط الصين إلكترونيًّا بالعالم، كآلية لمواكبة التطور التكنولوجي الحادث على المستوى الدولي.


 
مخاوف مشروعة
أبدت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، مخاوفها من تزايد محتمل لديون الدول المشاركة في المشروعات المشتركة. وقالت لاغارد إن أحد التحديات المطروحة هو ضمان وصول الحزام والطريق فقط أينما اقتضت الحاجة، والثاني هو التركيز على سياسات مالية سليمة، ولكنها أضافت: من حسن الحظ نعلم أن القيادة الصينية تعي تلك المخاطر المحتملة وكذلك الاستراتيجيات المثبتة التي يمكن أن تساعد في معالجة التحديات.
وأضافت أن المبادرة يمكن أن توفر تمويلا للبنية التحتية في دول شريكة هي في أمس الحاجة إليه، لكن لا ينبغي أن تعتبر تلك الدول الأمر وكأنه «غداء مجاني». وقد تؤدي مشروعات الحزام والطريق إلى زيادة تنطوي على مشاكل في الدين، مما قد يقيد مجالات الإنفاق الأخرى مع زيادة التزامات خدمة الدين، الأمر الذي قد يخلق تحديات في ميزان المدفوعات. وقالت في البلدان التي يرتفع فيها مستوى الدين العام تعد الإدارة الحذرة لشروط التمويل أمرا مهما لحماية الصين والحكومات الشريكة من الدخول في اتفاقات تسبب صعوبات مالية مستقبلا.
وفي قمة منتدي التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (أبك)، أعرب نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس عن قلقه من مبادرة الحزام والطريق الصينية، قائلا إن الدول ينبغي أن لا تقبل بدين يقوض سيادتها.
 
رد صيني
لكن وزارة الخارجية الصينية أكدت أن أيا من الدول النامية لن تسقط في فخ الديون لمجرد التعاون مع الصين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون يينغ: «بالعكس، التعاون مع الصين يرفع قدرات ومستويات التنمية المستقلة لتلك الدول ويحسن معيشة المواطنين».
وترتبط سلسلة الخلافات التي اندلعت في دول مثل باكستان وسريلانكا ولاوس وماليزيا والجبل الأسود وغيرها باستدامة الديون، إما بسبب عدم قدرة الدول على التعامل مع الديون المتضخمة للصين، أو بسبب الثمن غير المبرر لبعض مشاريع البنية التحتية الممولة من قبل بكين.
ويقول أندرو دافنبورت، المدير التنفيذي للعمليات لدى مجموعة «آر دبليو آر» الاستشارية، إن عدم الربط بين الجدارة الائتمانية لمشروع أو بلد ما وحجم القروض التي تقدمها الصين أدى إلى تأخيرات في المشاريع واضطرابات السياسة وادعاءات متعلقة بارتكاب مخالفات في إجراءات منح العقود.
وأظهرت دراسة أجرتها صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية أن الدول الـ78 التي اختارتها الصين للمشاركة في المشروع تشتمل على كثير من الاقتصادات الأكثر خطورة في العالم، وفقًا لتصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمخاطر على المستوى القطري.
وبحسب الدراسة، تشكل الدول الموجودة على طول «الحزام والطريق» متوسط 5.2 في مقياس المخاطر الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والذي يمثل الرقم 7 أعلى مستوى من المخاطر عليه، وهو ما يعد أسوأ بكثير من المتوسط البالغ 3.5 للأسواق الناشئة، ويتفق ذلك مع نتائج توصلت إليها وكالة التصنيف الائتماني «موديز»، حيث قالت إن متوسط التصنيف الائتماني للدول الـ78 هو «بي إيه 2»، وهو مستوى دون الدرجة الاستثمارية.
وقال أليكس هولمز، الخبير الاقتصادي المتخصص في شؤون آسيا لدى مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس»، إن باكستان على وشك الدخول في أزمة ميزان مدفوعات نتجت إلى حد كبير عن زيادة الواردات من السلع الرأسمالية المرتبطة بسلسلة من مشاريع البنية التحتية الصينية الضخمة.
وفي بداية يونيو (حزيران) الماضي، كان متبقيا لدى البنك المركزي الباكستاني 10 مليارات دولار فقط من العملات الأجنبية، أي أقل بكثير من 12.7 مليار دولار اللازم تسديدها إلى الخارج خلال العام المقبل، ولكن رغم الوضع المالي الهش لـ«إسلام آباد» تدير «بكين» أكبر برنامج لها في البلاد وتمول وتشيد بنية تحتية بقيمة 62 مليار دولار.
وأظهرت أيضًا كمبوديا، المستفيد الكبير من قروض مبادرة «الحزام والطريق»، علامات التوتر، فقد أدى ارتفاع الواردات من السلع الرأسمالية لمشاريع البناء إلى زيادة العجز التجاري إلى 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وحال تدهور تدفقات الاستثمار الأجنبي ستعاني البلاد لتمويل التزاماتها الخارجية.


 
سريلانكا تبيع الميناء
واجهت عدة دول أخرى مشاكل مماثلة، فقد اضطرت سريلانكا إلى تحويل ميناء هامبانتوتا الاستراتيجي إلى ملكية صينية، بعد أن باتت غير قادرة على مواكبة تسديد ديونها للدائنين الصينيين.
وخفضت «موديز» تصنيفها الائتماني للجبل الأسود بعد أن اقترضت من الصين لتمويل المرحلة الأولى من طريق سريع تصل تكلفته إلى 809 ملايين يورو، وهو مبلغ يعادل خُمس إجمالي الناتج المحلي للبلاد تقريبًا.
ووقعت «لاوس» على خط سكة حديد ممول من الصين بتكلفة 6 مليارات دولار، وهو ما يعادل 40 في المائة تقريبًا من إجمالي الناتج المحلي للبلاد في عام 2015، مما استلزم استيراد الآلات التي ساهمت في عجز تجاري متفاقم.
وتختلف صعوبات الحزام والطريق في ماليزيا، حيث لا تواجه «كوالالمبور» مشاكل ميزان المدفوعات، ولكن رئيس الوزراء الماليزي الجديد مهاتير محمد علق نحو 23 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية المدعومة من الصين، بينما تقوم حكومته بمراجعة العقود غير المتكافئة.
وتوصلت مجموعة «آر دبليو آر» الاستشارية، عبر دراسة أجرتها، إلى أن الخلافات القائمة حول الديون والمعارضة العامة للمشاريع والاعتراضات على سياسات العمالة الصينية وتأخيرات الأداء والمخاوف بشأن الأمن القومي، قد زادت من نسبة مشاريع «الحزام والطريق» المتعثرة إلى نحو 270 مشروعا من بين إجمالي 1814 مشروعًا تم تنفيذها منذ عام 2013، كما أن هذه المشاريع تمثل نحو 32 في المائة من القيمة الإجمالية للمشاريع.
وتتواجد مشاكل الديون أيضًا على مستوى الشركات، ويرجع ذلك إلى أن الشركات الصينية الكبيرة المملوكة للدولة التي تبني وتدير وتستثمر في كثير من مشاريع «الحزام والطريق» عالية الاستدانة إلى حد كبير في المتوسط.
وأظهرت دراسة أجرتها «فايننشيال تايمز» أن أكبر 10 مقاولين صينيين في التشييد والهندسة يعملون خارج الصين أعلى استدانة بنحو 4 مرات من أكبر 10 شركات غير صينية.
وأشارت البيانات إلى أنه فيما يخص إجمالي الدين إلى مقياس الأرباح قبل الفوائد والضريبة والإهلاك والدين – مقياس شائع لقدرة الشركة على سداد ديونها – كان لدى أكبر 10 مقاولين صينيين متوسط مضاعف يبلغ 9.2 مرة، مما يدل على مستوى مفرط من المديونية، بينما كان لدى نظرائهم غير الصينيين متوسط مضاعف يبلغ 2.4 مرة.
ولكن هذه اﻷمور بدأت في التغير وبطرق ربما تؤثر على استثمارات «الحزام والطريق»، ففي مايو (أيار) الماضي أمرت بكين شركات لجنة الإشراف على إدارة اﻷصول المملوكة للدولة بخفض نسب الديون إلى اﻷصول الخاصة بها بحلول عام 2020. ليقول المحللون إن هذا من المرجح أن يستلزم تركيزًا أكبر على جودة المشروعات الاستثمارية في الخارج.
 
أفريقيا... على الخط
وبجولة من المباحثات المثمرة في العاصمة بكين، خطا 53 زعيمًا أفريقيًا بالقارة السمراء أولى خطواتها في «طريق الحرير»، وحظيت القارة الأفريقية بـ60 مليار دولار، تتوزع على قروض بقيمة 20 مليارا، إلى جانب 15 مليارًا كمساعدة مجانية وقروض بلا فوائد، كما سيتم تخصيص صندوقين للتنمية وتمويل واردات السلع الأفريقية بذات القيمة. وتمتد حزمة التشجيعات الصينية إلى الشركات التي ستحثها بكين على استثمار 10 مليارات دولار على الأقل في القارة السمراء خلال الأعوام الـ3 المقبلة.
وسجلت التجارة الصينية مع أفريقيا نموًا سريعًا منذ عام 2000 وحتى عام 2017. حيث ارتفع إجمالي حجم التجارة بين البلدين نحو 17 مرة، لتصبح الصين بذلك أكبر شريك تجاري لأفريقيا لـ9 سنوات متتالية.
وفي عام 2017، ارتفعت تجارة الصين مع أفريقيا بنسبة 14 في المائة على أساس سنوي، لتصل إلى 170 مليار دولار أميركي، واستمرت وتيرة النمو السريع حتى النصف الأول من عام 2018، حيث قفز حجم التجارة 16 في المائة إلى ما يقرب من 100 مليار دولار، خلال الستة أشهر الأولى، في حين ارتفعت استثمارات الصين في أفريقيا بأكثر من 100 مرة منذ عام 2000 وحتى نهاية عام 2017.
 
قدرات مالية
تعد الفوائض المالية الصينية المصدر الرئيسي لتمويل إطلاق مبادرة «الحزام والطريق»، وتعتبر الصين الآن هي أكبر دولة مالكة لاحتياطيات النقد الأجنبي في العالم، بحجم احتياطيات تبلغ 3.18 تريليون دولار، بنسبة 27 في المائة من الاحتياطيات العالمية البالغة 11.59 تريليون دولار، متغلبة بذلك على جميع دول العالم من دون استثناء، وتعد الاحتياطيات النقدية الوفيرة وسيلة تستخدمها الحكومة الصينية في تمويل توسعها الاستثماري حول العالم، وتطبيق خططها المتعلقة بمبادرة «الحزام والطريق»، وهو ما يجعل تلك الاحتياطيات بمثابة الآلية الفعالة في يد الصين لترسيخ نموذجها الجديد من العولمة الذي تُطلق عليه اسم «العولمة الصينية».
وكان العامل الأكثر أهمية الذي ساعد الصين على تكوين احتياطياتها النقدية الضخمة عبر السنوات، هو أنها تحقق وبشكل شبه دائم فائضًا في الموارد المحلية، وظل «الادخار القومي الإجمالي» في الصين أعلى من «الاستثمار القومي الإجمالي» بها في أغلب السنوات منذ عام 1980 حتى الآن. بل إنه ظل أعلى منه وبشكل دائم بها بداية من عام 1994 حتى الآن. ولذلك فقد حققت الصين فائضًا في «الموارد المحلية»، بلغ متوسطه نحو 3.4 في المائة سنويًّا من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 1994 - 2018.
بالإضافة إلى فائضها في الحساب الجاري، وكذلك إيراداتها المتزايدة من القطاع السياحي، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشرة إليها، وظل توجه الاقتصاد الصيني إلى المزيد من الانفتاح على العالم الخارجي، مدفوعًا بفائض الإنتاج المحلي الكبير الذي لا يستطيع توفير طلبٍ محلي كافٍ لاستيعابه، هذا بجانب قيام الصين بتيسير قواعد الاستثمار الأجنبي، ومن ثم اجتذاب المزيد من التدفقات الاستثمارية من الخارج.
وقد تمتع الاقتصاد الصيني بقدرات تصديرية استثنائية خلال العقد الماضي، فأصبح أكبر اقتصاد مُصدّر في العالم بداية من عام 2009. متفوقًا على الاقتصاد الألماني، وساعده ذلك على تحقيق فوائض تجارية كبيرة على مدار العقد.
 
استثمار الفوائض
تأخذ الفوائض المالية الصينية الكثير من الصور، ويتركز الجزء الأكبر منها في صورة أصول مملوكة لصناديق الثروة السيادية الصينية، حيث تمتلك الصين أربعة صناديق سيادية تبلغ القيمة الإجمالية لأصولها نحو 1.68 تريليون دولار، بما يساوي نحو 21.1 في المائة من إجمالي أصول صناديق الثروة السيادية حول العالم، وفق بيانات معهد صناديق الثروة السيادية لشهر يونيو 2018.
أما عن الجزء المتبقي، فهو إما أنه استثمارات وأصول مملوكة لشركات صينية أخرى، حكومية أو شبه حكومية أو خاصة، وإما أنه أصول سائلة لدى البنك المركزي الصيني، سواءً كانت مدَّخرة لديه بشكل مباشر أو كاحتياطيات في القطاع المصرفي الصيني بشكل عام.
أما عن قنوات إنفاق الفوائض المالية التي تمتلكها الصين، فإن أغلبها يأخذ صورة استثمارات موزعة على 111 دولة، ما قد يجعلها الاستثمارات الدولية الأكثر انتشارًا حول العالم. وتأتي الولايات المتحدة في مقدمة الدول المستقبلة للاستثمارات الصينية، إذ إنها تحتضن ما يناهز 1.36 تريليون دولار منها، بما يمثل 42.7 في المائة من إجمالي الاستثمارات الصينية في الخارج. ويذهب نحو 177.2 مليار دولار، بما يساوي 13 في المائة من استثمارات الصين في الولايات المتحدة إلى مجالات الاستثمار المباشرة، فيما تبلغ قيمة استثماراتها غير المباشرة هناك نحو 1.18 تريليون دولار، أو ما يساوي نحو 87 في المائة من الإجمالي. وتجدر الإشارة إلى أن الصين تعد أكبر مالك للسندات الحكومية الأميركية، إذ إنها تمتلك نحو 29.6 في المائة من إجمالي قيمة تلك السندات.
وتعتبر أستراليا ثاني دولة مستقبلة للاستثمارات الصينية، لا سيما الاستثمارات المباشرة منها، فهي تستحوذ على 8.6 في المائة من الاستثمارات الصينية حول العالم، بقيمة تبلغ 94.3 مليار دولار. فيما تأتي بريطانيا في المرتبة الثالثة، بقيمة 72.9 مليار دولار، وبنسبة 6.7 في المائة من الاستثمارات الصينية المباشرة حول العالم. فيما تحتل سويسرا المرتبة الرابعة، باستثمارات تبلغ 60.9 مليار دولار، وبنسبة 5.6 في المائة من الاستثمارات الصينية الخارجية، ثم تأتي البرازيل في المرتبة الخامسة بإجمالي 56.6 مليار دولار، وبنسبة 5.2 في المائة من استثمارات الصين المباشرة حول العالم.



 
متلازمة الصين
ومن جانبه، يرى علي صلاح، الباحث في مركز «المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة» بأبوظبي، في دراسة تحمل عنوان «متلازمة الصين» أن نموذج التنمية الذي تتبناه الصين والمبني على «التوجه نحو التصدير»، والمعزز بـ«ثورة الإنتاج الرخيص»؛ لم يعد نموذجًا مثاليًّا للحالة الصينية بعد الآن، أو على الأقل لم يعد كافيًا بمفرده. وتشير البيانات إلى أن الاقتصاد الصيني يعاني حاليًّا حالة مَرَضِيّة يمكن تسميتها بـ«متلازمة الصين»، بعد أن استنفد معظم إمكانات وفرص النمو والتوسع المتاحة أمامه محليًّا وعالميًّا بموجب النموذج التنموي المتبع، ليصبح في حاجة ماسة إلى علاج أكثر فاعلية عبر تبني نموذج تنموي جديد ذي طابع استراتيجي بعيد المدى، وأكثر تناسبًا مع احتياجات اقتصادها الجديد، لتخليصه من مرضه الحالي.
ويضيف، يُمكن وصف «مبادرة الحزام والطريق» بأنها تمثل هذا العلاج الذي أرادت الحكومة الصينية أن تعطيه لاقتصادها لتخليصه من تلك المتلازمة، ولا يمكن - في هذا الصدد - إغفال أن هذه المبادرة التي تم إطلاقها في عام 2013. لم تستطع حتى الآن إثبات كفاءتها في علاج المرض، بل إن المبادرة ذاتها بدت عليها أعراض الضعف خلال السنوات الأخيرة، وتقوم الحكومة الصينية الآن بمراجعتها بشكل شامل. إلى جانب ذلك، فقد تبنت الصين خلال الفترة الماضية إجراءات جديدة لإنعاش اقتصادها، حيث قام بَنْكها المركزي بتخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك بمقدار نقطة مئوية واحدة، وعمل على تسهيل شروط الإقراض متوسط الأجل للشركات الصغيرة. بجانب ذلك، أقرت الحكومة إجراءات من بينها تعزيز الإنفاق على البنية التحتية، وتخفيض معدلات الضرائب. لكن لا يبدو أن هذه الإجراءات ستكون كافية بمفردها، وهذا ما أكده بنك «جي بي مورغان» الذي يرى أن «هذه الإجراءات قد لا تكون كافية لتحفيز الاقتصاد الصيني المتباطئ».
 
font change