أبو بكر عمر هادي: ميناء جيبوتي الجديد يمنح السعودية مدخلا لقارّة أفريقيا كلها

رئيس هيئة الموانئ والمناطق الحرة بجيبوتي أكد في حديث مع «المجلة» أنّ بلاده تضطلع بدورها في الحفاظ على أمن خليج عدن

أبو بكر عمر هادي، رئيس هيئة موانئ جيبوتي والمناطق الحرة، في الدورة الثانية لمنتدى الاستثمار الصيني الأفريقي 2017. مراكش، نوفمبر 2017

أبو بكر عمر هادي: ميناء جيبوتي الجديد يمنح السعودية مدخلا لقارّة أفريقيا كلها

* يحتوي الميناء على أحدث جيل من المعدات، كما أنه مرتبط بشبكة السكك الحديدية وشبكة الطرق. مما يجعل منه منصة متعددة الوظائف
* يوفر الميناء الوسائل المطلوبة لتحقيق الطموحات المعقودة في مجال الخدمات اللوجستية على المستويين الإقليمي والدولي
* نخطط لكي تصبح المنطقة الحرة الجديدة، من الآن وحتى عام 2028. أكبر منطقة حرة في أفريقيا، بمساحة قدرها 4800 هكتار، باستثمارات قدرها 3.5 مليار دولار.

يرتبط تاريخ ميناء جيبوتي بتطوّر جمهورية جيبوتي ذاتها. هذا الميناء شهد تحوّلات كبرى وتطوّرات فعليّة، منذ إنشائه عام 1888، تواصلت بفعل التحوّلات الجادّة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
تحوّل الميناء إلى حافز لتنمية أراضينا، ونقطة عبور متميزة، كما يشكّل المنفذ الرئيسي لإثيوبيا. الإنجاز الذي تم تدشينه اليوم يأتي تتويجًا لثلاث سنوات من الأشغال الضخمة، بدعم من هيئة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي، وشركائها، بفعل العمل الدؤوب الذي قدّمه المستثمرون. نحن نقف أمام نافذة تطلّ على جيبوتي الحديثة والناشئة، علمًا بأنّ الميناء يحتوي على آخر جيل من المعدات. كما هو مرتبط بشبكة السكك الحديدية وشبكة الطرقات. مما يجعل منه منصة متعددة الوظائف، توفر الوسائل المطلوبة لتحقيق الطموحات المعقودة في مجال الخدمات اللوجستية على المستويين الإقليمي والدولي. كما هو قادر على التعامل مع سفن بحمولة أقصاها 100.000 طن، وعمق يتجاوز 15 مترًا. الميناء يملك قدرة التعامل مع 220.000 حاوية مكافئة و8.2 مليون طن من البضائع غير المحفوظة بالحاويات. سيتيح هذا الميناء الجديد لجيبوتي رفع إنتاجية تفريغ السفن، بأداء يفوق ثلاث مرّات ما كان في السابق. السيّد أبو بكر عمر هادي، رئيس هيئة الموانئ والمناطق الحرة بجيبوتي، يتحدث إلى «المجلة» بخصوص هذا المشروع.
 
* هل من نبذة عن ميناء دوراليه الجديد؟
- تتأكّد محطة حاويات دوراليه في صورة الميناء الناجح، حيث تديرها شركة جيبوتيّة عمومية بالكامل (SGTD)، تعمل من أجل المصلحة المشتركة. وتقع عند مدخل مضيق باب المندب، مفترق طرق التجارة الرئيسية في العالم. هذه المحطة تضطلع بمهام متعدّدة: خدمة الجهة، أساسًا دولة إثيوبيا الشقيقة، وكذلك التموقع في صورة منصة تهتمّ بعبور الشحن، على خطّ يرتبط مباشرة مع آسيا.
 
* على ماذا تمّ التركيز لجعل هذا القطب ناجحًا؟
- تم تجهيز البنية التحتية الجديدة للميناء التي تبلغ مساحتها 690 هكتارًا بأحدث المرافق التي يمكن أن تستوعب سفنًا ذات حمولة قصوى قدرها 100.000 طن. بتكلفة قدرها 590 مليون دولار أميركي. تم إطلاق هذا المشروع الرئيسي عام 2015 بتمويل مشترك بين هيئة ميناء جيبوتي الحرّة وهيئة المناطق الحرة (DPFZA) وشركة التجارة الصينية القابضة ((CMHC
هذا الميناء يمثّل بحقّ نافذة على جيبوتي الحديثة والناشئة، وهو مجهّز بآخر جيل من المعدات. مرتبط بشبكة السكك الحديدية والطرقات، بوصفه منصة متعدّدة الوظائف توفّر الوسائل القادرة على تحقيق طموحاتنا على مستوى الخدمات اللوجستية إقليميّا ودوليّا. كما هو قادر على التعامل مع سفن بحمولة أقصاها 100.000 طن، وعمق يتجاوز 15 مترًا. الميناء يملك قدرة التعامل مع 220.000 حاوية مكافئة و8.2 مليون طن من البضائع غير المحفوظة بالحاويات. سيتيح هذا الميناء الجديد رفع إنتاجية تفريغ السفن، بأداء يفوق ثلاث مرّات ما كان في السابق. إنجاز هذا المشروع يفتح آفاقا جديدة أمام مسار التنمية الوطنية. لتحقيق ذلك، قمنا أولاً بالاستثمار في الموارد البشرية. الكثير يعتبر موقعنا الاستراتيجي أداة المنافسة الأولى لدينا. على العكس، نحن فضلنا قبل كل شيء الاستثمار في تدريب الرجال والنساء الذين سيديرون هذا القطب. الأمر تكلّف ملايين الدولارات تمّ إنفاقها على هذا التدريب.
الاستثمار الموالي تجسّد في التكنولوجيات الجديدة ومعدات الرفع، وكذلك عمق الميناء، مما حسّن قدرة الرفع، إلى 80 طنًا حاليّا، حيث نستطيع تفريغ 4 حاويات في ذات الوقت من سفينة واحدة ومن خلال رافعة واحدة.
 
* هل أنتم راضون عن النتائج المسجّلة؟
- تقع جيبوتي في مفترق طرق التجارة العالمية، وتربط آسيا وأفريقيا وأوروبا. يعدّ الميناء بوابة إلى واحدة من أسرع المناطق نموًا في العالم، حيث تمرّ 30.000 سفينة عبر الميناء كل عام. تمثل المنتجات من آسيا 59 في المائة، و21 في المائة من أوروبا، و16 في المائة من أفريقيا. حاليا نسجّل 35 حركة لكل رافعة و80 حركة لكل رصيف. في السابق كنا 25 لكلّ رافعة، و20 لكل رصيف. نتيجة لذلك، تغادر السفن المكان بشكل أسرع. مع العلم أنّ مكوث السفينة على الرصيف يتكلّف 50 ألف دولار يوميّا. يمكننا القول إننّا نمكّن أصحاب السفن من تحقيق أرباح معتبرة. أمّا بخصوص إيصال البضائع، فقد انتقلنا من 57 دقيقة بما في ذلك دخول الشاحنات وخروجها، عوض 219 دقيقة سابقا.

 

الامير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس إسماعيل عمر جيلة رئيس جمهورية جيبوتي


 
* هل سيعمل هذا الميناء على تعزيز التجارة مع المملكة العربية السعودية؟
- مبادلاتنا مع المملكة العربية السعودية لا بأس بها، خاصة مع ميناء جدة، الذي يفصلنا عنه يوم ونصف اليوم من الملاحة، مما يتيح للمملكة الوصول إلى القارة بأكملها، ولا سيما إلى شرق أفريقيا. يقع ميناء الملك عبد الله على بعد يوم ونصف اليوم كذلك. مع العلم بأنّنا سجلنا تطوّرا في عدد السفن القادمة من هذا البلد الشقيق. كما أننا على بعد 6 أيام من ميناء دبي وسنكون قريبًا على بعد يوم ونصف اليوم من هذا الميناء.
 
* هل تريدون إنشاء أكبر منطقة حرة في أفريقيا؟
- فعلا، خططنا لتصبح المنطقة الحرة الجديدة، من الآن إلى عام 2028، أكبر منطقة حرة في أفريقيا، بمساحة قدرها 4800 هكتار، وباستثمارات مجموعها 3.5 مليار. تم افتتاح المرحلة الأولى بـ240 هكتاراً من هذا المشروع الضخم في يوليو (تموز) 2018. هذه المنطقة الحرة ستعزز التجارة مع شرق أفريقيا. سلطات جيبوتي تريد من خلال هذه المنطقة الحرّة التأكيد على الرغبة في تحويل البلد إلى قطب في مجال الخدمات اللوجستية على المستوى الإقليمي. يمكننا أن ننطلق مستقبلا في مرحلة تصنيع البلد، من خلال إعطاء قيمة مضافة للبضائع التي تمر عبر موانئها. تجدر الإشارة إلى أن 21 شركة قد تعهدت فعلا بالاستقرار في الأسابيع المقبلة. تنشط هذه الشركات في قطاعات الأغذية وقطع غيار السيارات، والمنسوجات والتعبئة والتغليف. من المتوقع خلق 12.000 فرصة عمل، في المرحلة الأولى، من مجموع قدره 350.000 وظيفة يحققها هذا المشروع العالمي.
وفي المقابل، سيستفيد المستثمرون الأجانب من الإعفاءات الضريبية الموظفة على الشركات وعلى الدخل. إضافة إلى مجموعة من المزايا والخدمات التي يمكن أن تجذب الشركات من جميع أنحاء العالم.
 
* قامت جيبوتي بإعادة تشغيل خط السكك الحديدية مع أديس آبابا... ما هي الأهداف؟
- تاريخياً، هو أول خط سكك حديدية في أفريقيا، ويعود تاريخه إلى عام 1897. تشغيل الخطّ من جديد بدأ فعليا منذ شهر يناير (كانون الثاني) 2018.
خطّ بطول 752 كم يربط عاصمة إثيوبيا بميناء جيبوتي. هو أول خطّ سكة حديد يعمل بالكهرباء في القارة. هذه الطاقة النظيفة مصدرها السدود. مع التذكير بأنّ هذا الخطّ اشتغل بالفحم في أوّل عهده.
يضع هذا الخط ميناء جيبوتي على بعد 12 ساعة من أديس آبابا بدلاً من 72 ساعة بالشاحنة. وهو كذلك مدخل جيبوتي إلى جميع قارة أفريقيا من أجل تكامل أكبر بين بلدان القارّة. هذا الأمر يشكّل أول ثمار حقيقية للسوق المشتركة.
علمًا بأنّ الاقتصاد الإثيوبي بصدد تحقيق نمو معتبر على المدى الطويل. مع تذكير بالروابط الاستراتيجية والتجارية والثقافية العميقة والعريقة بين الدولتين. «الانفراج» المذهل على المستوى الإقليمي يوفر فرصًا أكثر للجميع. علاوة على ذلك، تمّ إبرام اتفاق في مجال الطاقة بين إثيوبيا وجيبوتي. ينص على تشغيل خط أنابيب الغاز بين حقول الغاز الطبيعي في أوقادين في إثيوبيا والساحل الجيبوتي. إثر ذلك، وفي خطوة ثانية، سيتمّ إنشاء وتشغيل مصنع تسييل الغاز الطبيعي ومحطة للغاز في منطقة دامرجوج. جميعها بتمويل خاص يبلغ إجمالا نحو 4 مليارات دولار.
 
* كيف هي علاقاتكم مع الصينيين؟
- يوفر الميناء الجديد منصة للتجارة البحرية وخدمات لوجستية عالمية المستوى. ستعمل المرافق الجديدة على تحسين كفاءة وظروف ممارسة الأعمال في القرن الأفريقي. يعزز هذا المشروع موقع جيبوتي كمحطّة رئيسية على «طريق الحرير الجديد».
تجدر الإشارة إلى أن جمهورية الصين شاركت بفاعليّة في هذا الجهد، سواء من خلال الاستثمار المباشر أو تمويل المشاريع في جيبوتي. كلّ ذلك ضمن إطار طريق الحرير الجديد، والرؤية التي وضعها هذا البلد لأفريقيا. من ذلك رسّخت الصين نفسها في صورة الشريك الأساسي.

 

ميناء جيبوتي، مفترق طرق استراتيجي (© Elias Messeret-AP-SIPA).


 
* ما الطموحات البحرية لجيبوتي؟
- لا تقتصر طموحات جيبوتي على ميناء دوراليه. محطة الحاويات هي واحدة من ركائز مشروع تطوير وطني طموح: حوّل جيبوتي قطبًا تجاريًا ولوجستيا رائدا، يربط بين آسيا وأفريقيا وبقية العالم. الميناء هو الأحدث في سلسلة من المشاريع العملاقة في جيبوتي. هناك أربعة موانئ جديدة ومحطة للغاز الطبيعي المسال ومحطة نفط ومطاران اثنان جديدان. جميعها، ستوسّع إلى حدّ كبير من قدرة جيبوتي لتكون مركزاً تجارياً في المنطقة. بذلك، سيضيف تطوير دوراليه منفذاً جديداً متعدد الأغراض على نفس الموقع (ميناء جيبوتي، مايو/ أيار 2017) وفتح موانئ جوبت وتاجورا (يونيو/ حزيران 2017).
 
* ما الآفاق على المدى الطويل؟
- من ناحية التمويل، ومن ناحية أخرى الموارد والخدمات اللوجستية، معادلة يمكن أن تؤسّس لتكامل بين ضفتي البحر الأحمر.
من جانبها، استثمرت جيبوتي على نطاق واسع لسنوات كثيرة في تطوير بنية تحتية واعدة وفي إطار قانوني مواتٍ بقوة للقطاع الخاص وشركات الخدمات. يبرز التقدم المحرز من خلال القفزة التي بلغ عددها 55 مكانًا في تصنيف تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2018 (Doing Business). من الواضح أن مشروع التطوير في جيبوتي مستمر. تشهد الاستثمارات الرئيسية والمبالغ الملتزم بها، على ثقة الشركاء الدوليين في الرؤية الطويلة الأجل لجيبوتي.
يستند «طموح جيبوتي العظيم» هذا، إلى توازن جيواستراتيجي دائم. تقع جيبوتي على طريق الشحن الحيوي للتجارة العالمية، وهي تضطلع بدورها الكامل في الحفاظ على الأمن في خليج عدن وفي الحرب ضد الإرهاب. كما برزت جيبوتي كمركز إنساني رئيسي، خاصة لمساعدة السكان المدنيين المتضررين من النزاع في اليمن.
إن جمهورية جيبوتي، الحريصة على مسؤولياتها وتحالفاتها، ملتزمة في جميع الأحوال بتعهدها بالانفتاح، واستعدادها للدفاع عن مصالح الجميع، في احترام لقانون جيبوتي وكذلك وفق مبدأ الإنصاف.

font change