أسباب رفض الحراك الجزائري تعيين بن صالح رئيسا مؤقتاً للبلاد؟

الجيش يحذر من أطراف أجنبية تسعى لزعزعة استقرار الدولة

أسباب رفض الحراك الجزائري تعيين بن صالح رئيسا مؤقتاً للبلاد؟

* اعتبر الرئيس الجديد للجزائريين أن إقبال الشعب على إرساء اختياره بحرية وسيادة على ما يريده «سيمكننا من تنصيب رئيس جديد للجمهورية في الأجل الدستوري»
* رأى البعض تعيين بن صالح مؤشراً على بداية الثورة المضادة، فالنظام وبعد استقالة بوتفليقة يحاول استرجاع أنفاسه بعد أن باغته الحراك من حيث لا يدري
* بن فليس: التطبيق الحرفي للمادة 102 يصطدم بشكل مباشر بطموحات وتطلعات شرعية رفعتها الثورة الديمقراطية السلمية القائمة في بلدنا وبكل قوة
* جاب الله: تنصيب بن صالح مناورة ومحاولة التفاف على حراك الشعب ومطالبه، لأنهم بهذه الإجراءات يريدون الاستمرار في السلطة وتنظيم الانتخابات.
* بيان الجيش: سجلنا للأسف، ظهور محاولات لأطراف أجنبية لدفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة
 

الجزائر: لم يستقبل الجزائريون خبر تنصيب رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، كرئيس مؤقت لمدة تسعين يوما خلفا للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة بصدر رحب، ففور تنصيبه بدقائق عمت كبرى المدن مسيرات حاشدة منددة بالقرار الذي اعتبروه استفزازا لحراكهم الذي يدخل أسبوعه الثامن، في مقابل ذلك دعا الجيش الجزائريين للتحلي بالصبر واليقظة، محذرا من محاولات أجنبية لضرب استقرار البلاد بمحاولة اختراق المسيرات المليونية.

فبعد أن استشبر الجزائريون خيرا باستقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي جثم على صدورهم لمدة عشرين عاما في الثاني من أبريل (نيسان) الحالي، بعد ست جمعات شهدت فيها المدن الجزائرية مسيرات مليونية غير مسبوقة في شكلها وفي مضمونها، فالجزائريون الذين خرجوا عن بكرة أبيهم وجهوا رسائل واضحة لا لبس فيها وهي: رحيل بوتفليقة، ومعه كل رموز النظام ممن أطلق عليهم اسم «القوى غير الدستورية»، والتي استولت منذ مرض بوتفليقة في يونيو (حزيران) 2013 على صلاحياته، ونهبت المال العام، وباتت تقرر باسمه، لكن ذلك لم يحدث، فرغم استقالة بوتفليقة إلا أن رموز نظامه هم الذين يتحكمون في المشهد السياسي إلى غاية الآن.

وبعد التعديل الحكومي الذي جرى قبل يومين من استقالة الرئيس الأسبق، وتعيين الوزير الأول نور الدين بدوي الذي تتهمه المعارضة بالوقوف وراء عمليات التزوير في عدة محطات انتخابية، جرى الثلاثاء التاسع من أبريل تنصيب رئيس مجلس الأمة، والقيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي من أحزاب الموالاة على رأس الدولة كرئيس مؤقت حسب ما تنص عليه المادة 102 من الدستور، والتي تقضي بتولي رئيس مجلس الأمة تسيير شؤون الدولة لمدة تسعين يوما بعد استقالة الرئيس، أو وفاته، وهذا ما يفسّر رفض الحراك الشعبي الاكتفاء بتطبيق هذه المادة فقط، بل طالبوا أيضا بتطبيق المادتين السابعة والثامنة من الدستور، وهي المواد التي ذكرها البيان الأخير لقيادة الأركان الذي طالب بالاستقالة الفورية لبوتفليقة، وتنص هذه المواد على أن السيادة مصدرها الشعب وحده.

وبعد تنصيبه رئيسا للجزائريين، أدلى بن صالح مساء الثلاثاء بأول خطاب له تعهد من خلاله باستحداث هيئة وطنية سيدة في قرارها تتكفل بتوفير الشروط الضرورية لإجراء انتخابات رئاسية نزيهة، وذلك بعد التشاور مع الطبقة السياسية وممثلي المجتمع المدني. وقال بن صالح في خطابه للجزائريين: «إنني عازم بالتشاور مع الطبقة السياسية، المدنية المواطنية على القيام من باب الأولوية والاستعجال بإحداث هيئة وطنية جماعية سيدة في قرارها تعهد لها مهمة توفير الشروط الضرورية لإجراء انتخابات وطنية شفافة ونزيهة والاضطلاع بالتحضير لها وإجرائها». وأكد على «تسخير الحكومة والمصالح الإدارية المعنية لدعمها في أداء مهامها بكل حرية ومرافقتها»، داعيا «الجميع لتجاوز الاختلافات والتوجسات والتوجه نحو عمل جماعي تاريخي في مستوى رهانات المرحلة قوامه التعاون والتكافل والتفاني للوصول إلى الهدف الأساسي، وهو وضع حجر الزاوية الأول لجزائر المرحلة المقبلة».

وتعهد في خطابه بأن «يتم إعداد العدة القانونية ذات الصلة بهذه الهيئة الوطنية وصياغتها في أقرب الآجال»، داعيا الطبقة السياسية والمواطنية إلى أن «تتحلى بالإبداع والإسهام والثقة من أجل بناء- معاً- هذا الصرح القانوني الذي سيمهد لبناء نظام سياسي جديد كليا يكون في مستوى تطلعات شعبنا».

واعتبر الرئيس الجديد للجزائريين أن إقبال الشعب على إرساء اختياره بحرية وسيادة على ما يريده «سيمكننا من تنصيب رئيس جديد للجمهورية في الأجل الدستوري»، مضيفا أن «هذا الاختيار سيكون حرا بقدر ما تكون ظروف ممارسته ظروفا يسودها الهدوء والرصانة فيما بيننا». ويتابع: «المهم بالنسبة لشعبنا هو أن يختار الشخص والبرنامج اللذين يتجاوبان مع تطلعاته إلى نظام سياسي جديد كفيل بمغالبة التحديات الجسام التي تواجه الجزائر التي ترتضي لنفسها اعتناق الحداثة والديمقراطية والعدالة والتنمية».

وأعرب عن أمله في أن ينصب قريبا رئيسا جديدا للجمهورية يتولى ببرنامجه «فتح المرحلة الأولى من بناء الجزائر الجديدة»، مؤكدا أن «مؤسسات البلاد جميعها ستلتزم تمام الالتزام بإطلاق هذا المشروع الوطني الهام ومرافقته ووضع لبنتها فيه خدمة لوطننا وشعبنا ووفاء لشهداء الأمة الأبرار».

بن صالح أشاد بسائر الفئات الاجتماعية التي شاركت «مشاركة سلمية رصينة ومسؤولة في المسيرات المتتالية التي شهدتها الساحة السياسية منذ22  فبراير (شباط) المنصرم وهي المسيرات التي أبهرت العالم بالوجه المشرق الحقيقي والواعد للجزائر». كما أعرب عن شكره لجميع قوات الأمن على ما تحلت به «من احترافية والتزام في ظروف غالبا ما كانت عصيبة، وكذا قوات الجيش التي لم تتوان عن ممارستها الأساسية لمهمتها الدستورية ولقيادته الحكيمة التي أصرت على الاحتكام للدستور كمرجعية وحيدة من أجل السماح للشعب من تحقيق تطلعاته وتجاوز الأزمة الراهنة».

تعهدات بن صالح اعتبرها الجزائريون لا حدث، ويعتبرون أن تنصيبه استفزازا لحراكهم، وتجاهلا لمطالبهم المرفوعة منذ بداية الحراك، وهو رحيل كل رموز النظام القديم وبناء الجمهورية الثانية.

وفور تنصيبه شهدت مختلف المدن الجزائرية مسيرات منددة أبرزها مسيرة الطلبة في ساحة البريد المركزي، والتي تمت مواجهتها من طرف قوات الأمن بخراطيش المياه في محاولة منهم لتفريقهم، واعتبر البعض أن تعامل الشرطة غير المعهود مع المسيرة التي انطلقت في حدود الساعة الحادية عشرة من صبيحة يوم الثلاثاء9  أبريل، أي مباشرة عقب انتهاء اجتماع البرلمان الذي جرت أطواره في قصر الأمم، بنادي الصنوبر البحري (غرب العاصمة)، حيث نُصب بموجبه بن صالح رئيسا للدولة، يؤشر على إمكانية ممارسة عمليات تضييق على الحراك مستقبلا في محاولة لوأده ولإجهاضه.

تعيين بن صالح اعتبره البعض أيضا مؤشرا على بداية الثورة المضادة، فالنظام وبعد استقالة بوتفليقة يحاول استرجاع أنفاسه بعد أن باغته الحراك من حيث لا يدري، وهذا ما ذهب إليه المحامي والحقوقي مقران آيت العربي المدير الأسبق لحملة المترشح علي لغديري حينما كتب عبر حائطه في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» معلقا على تنصيب بن صالح: «بوصول بن صالح إلى قصر الرئاسة، وبقاء بدوي في قصر الحكومة، وبلعيز على رأس المجلس الدستوري، تدخل الثورة المضادة لإرادة الشعب مرحلتها العملية». واعتبر أن «تنظيم الانتخابات الرئاسية تحت قيادة مهندسي التزوير والفساد، وفي ظرف 90 يوما سيؤدي لا محالة إلى بقاء النظام لمدة جيل على الأقل»، وتابع: «النظام يقاوم ويصمد، ولكن كل هذه المحاولات ستصطدم بوحدة الشعب الراغب في القضاء على نظام الفساد، لا لسرقة الثورة الشعبية كما حدث عام 1962، لا لتحويل السيادة الشعبية عن طريق التدليس. لا لنظام الفساد».

وخاطب آيت العربي الحراك بقوله: «الطريق صعب وطويل، ولكن بوحدتنا ونضالنا واستمرار ثورتنا السلمية سننتصر على الطغاة وعلى الفساد. تعيش الثورة الشعبية السلمية. يسقط النظام بالوسائل السلمية».

وفي بيان له تسلمت «المجلة» نسخا منه، اعتبر رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس أن «الطريقة المنتهجة لسد شغور رئاسة الجمهورية لا تقرب الجزائر إطلاقا من مخرج آمن للأزمة، بل بالعكس تبعده عنه بشكل خطير».

وسجل بن فليس جملة مآخذ على التطبيق الحرفي والكامل للمادة 102 من الدستور، حينما أشار في بيانه بالقول: «ما فتئت القول: إن التطبيق الحرفي لهذه المادة لا يكفي لوحده للتكفل بحالة شغور رئاسة الجمهورية في ظروف من شأنها أن ترضي مطالب الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري». وتابع: «إن التطبيق الحرفي والكامل للمادة 102 يخالف بشكل قطعي هذه المطالب ويصطدم بشكل مباشر بطموحات وتطلعات شرعية رفعتها الثورة الديمقراطية السلمية القائمة في بلدنا وبكل قوة».

بن فليس اعتبر أيضا أن «فكرة التطبيق المتكامل والمتزامن للمادتين 7 و8 بالمادة 102 من الدستور قد بعثت الأمل بأنها ستكون القاعدة التي تمكّن من سد شغور رئاسة الجمهورية بصفة مقبولة ومرضية من طرف الجميع وبخاصة من طرف ملايين الجزائريات والجزائريين المطالبين، دون هوادة، برحيل كل رموز النظام السياسي الفاسد، وأصبح من الواضح اليوم أنه لم يتم العمل قط بالمادتين السابعة والثامنة من الدستور وانحصر الأمر فقط في المادة 102 كحلّ وحيد وحصري لمعضلة شغور المؤسسة الرئاسية». وهو حلّ برأيه «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشكل إجراء للتهدئة في السياق الحالي، الذي يتميز بحساسية استثنائية، بل بالعكس فهو من شأنه ومن طبيعته أن يغذي بشكل أكبر مرارة الشعب وغضبه، ويزيد الأزمة الاستثنائية المتسمة بالخطورة والحساسية، ويزيدها تشعبا وتعقيدا».

بن فليس جدد تأكيده على أن بلاده وصلت إلى «نقطة تقلب وتأرجح بين تمديد يائس في عمر النظام السياسي الفاسد البائد، وفتح ورشة إعادة التأسيس الديمقراطي الذي ينادي به الشعب الجزائري وينتظر تحقيقه».

وفي حديثه لـ«المجلة» أكد رئيس حزب «جبهة العدالة والتنمية» عبد الله جاب الله أن «تنصيب عبد القادر بن صالح نفسه رئيسا مؤقتا للجزائريين هو خيانة كبرى للشعب الجزائري الذي طالب في مسيرات مليونية برحيله جميع رموز النظام الذين ذكرهم بالاسم، وبشكل خاص بن صالح وبدوي رئيس الحكومة والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري».

تجاهل تطبيق المادتين السابعة والثامنة من الدستور، برأي جاب الله «تجاهل للشعب الذي هو سيد نفسه وسيد قراره، ومارس سلطته التي يقرّها الدستور من خلال المسيرات السلمية، ورأي الشارع قرار ملزم»، لذلك اعتبر «تنصيب بن صالح مناورة ومحاولة التفاف على حراك الشعب ومطالبه، لأنهم بهذه الإجراءات يريدون الاستمرار في السلطة بالإشراف والاستمرار في تنظيم الانتخابات».

المخرج برأي جاب الله لا يكون إلا «بالاحتكام إلى الشرعية الشعبية، وإقالة الحكومة والرئيس المؤقت»، واعتبر أن «الاستناد إلى الدستور من خلال تطبيق المادة 102 أمر لا يستقيم في الوضع الراهن»، لأن هذه المادة في تقديره «تعالج شغور منصب الرئاسة في الأوضاع العادية، بينما ما تعيشه الجزائر اليوم هو وضع غير عادي، لذلك يجب أن يتم التعامل معه بمخرجات غير عادية تستجيب لمطالب الشعب».

وبينما كان الجزائريون ينتظرون دعما من كلمة قائد الأركان الفريق قايد صالح خلال إشرافه على تمرين عسكري في وهران بغرب البلاد لمدة ثلاثة أيام، نشرت وزارة الدفاع صبيحة الأربعاء كلمة القايد صالح خلال هذا التمرين، وهي الكلمة التي أثارت جدلا واسعا لأنها لم تنتقد تعيين بن صالح رئيسا مؤقتا، بل أشارت إلى استمرار الجيش لمرافقة التحول الديمقراطي خلال العملية الانتقالية التي تشهدها البلاد، وهو ما فسّر على أن الجيش لا يعترض علي تولي بن صالح رئاسة الدولة خلال هذه الفترة.

وفي معرض حديثه عن التهديدات الأجنبية ذكر بيان الجيش: «ومع انطلاق هذه المرحلة الجديدة واستمرار المسيرات، سجلنا للأسف، ظهور محاولات لبعض الأطراف الأجنبية، انطلاقا من خلفياتها التاريخية مع بلادنا، لدفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسبا لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة، بل كان هدفهم الوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية، وهو ما رفضناه بشدة منذ بداية الأحداث، فمن غير المعقول تسيير المرحلة الانتقالية دون وجود مؤسسات تنظم وتشرف على هذه العملية، لما يترتب عن هذا الوضع من عواقب وخيمة من شأنها هدم ما تحقق، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، من إنجازات ومكاسب تبقى مفخرة للأجيال».

ولإحباط محاولات تسلل هذه الأطراف التي وصفها بـ«المشبوهة»، يقول البيان «بذلنا في الجيش الوطني الشعبي كل ما بوسعنا، من أجل حماية هذه الهبة الشعبية الكبرى من استغلالها من قبل المتربصين بها في الداخل والخارج، مثل بعض العناصر التابعة لبعض المنظمات غير الحكومية التي تم ضبطها متلبسة، وهي مكلفة بمهام اختراق المسيرات السلمية وتوجيهها، بالتواطؤ والتنسيق مع عملائها في الداخل، هذه الأطراف التي تعمل بشتى الوسائل لانحراف هذه المسيرات عن أهدافها الأساسية وركوب موجتها لتحقيق مخططاتها الخبيثة، التي ترمي إلى المساس بمناخ الأمن والسكينة الذي تنعم به بلادنا».

الفريق قايد صالح أكد أن «هذه المرحلة الحاسمة تفرض على كافة أبناء الشعب الجزائري المخلص والوفي والمتحضر، تضافر جهود كافة الوطنيين باتباع نهج الحكمة والرصانة وبعد النظر، الذي يراعــي بالدرجة الأولى وأساسا المصلحة العليا للوطن، والأخذ بعين الاعتبار أن تسيير المرحلة الانتقالية يتطلب مجموعة من الآليات يقتضي تفعيلها حسب نص الدستور، أن يتولى رئيس مجلس الأمة الذي يختاره البرلمان بغرفتيه، بعد إقرار حالة الشغور، منصب رئيس الدولة لمدة ثلاثة أشهر، بصلاحيات محدودة، إلى حين انتخاب رئيس الـجـمـهـوريـة الجديد». مؤكدا في هذا الصدد أن «سير المرحلة الانتقالية المخصصة لتحضير الانتخابات الرئاسية، سيتم بمرافقة الجيش الوطني الشعبي، الذي سيسهر على متابعة سير هذه المرحلة، في ظل الثّقة المتبادلة بين الشعب وجيشه، في جو من الهدوء وفي إطار الاحترام الصارم لقواعد الشفافية والنزاهة وقوانين الجمهورية».

وطلب صالح من الجزائريين فهم وإدراك كافة جوانب وحيثيات الأزمة، خلال الفترة المقبلة، لا سيما في شقها الاقتصادي والاجتماعي، التي ستتأزم أكثر إذا ما استمرت هذه المواقف التي وصفها بـ«المتعنتة والمطالب التعجيزية»، مما سينعكس برأيه «سلبا على مناصب العمل والقدرة الشرائية للمواطن، خاصة في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر وغير مستقر، بالإضافة إلى ضرورة التحلي بالصبر والوعي والفطنة، من أجل تحقيق المطالب الشعبية والخروج ببلادنا إلى بر الأمان وإرساء موجبات دولة القانون والمؤسسات».

الفريق قايد صالح أشار أيضا إلى أن «العدالة وبعد استرجاعها لكافة صلاحياتها، مُنتظر منها الشروع في إجراءات المتابعات القضائية ضد العصابة التي تورطت في قضايا فساد ونهب المال العام، وأن الأمر سيمتد أيضا إلى ملفات فساد سابقة، كقضايا الخليفة وسوناطراك والبوشي وغيرها من الملفات المتعلقة بالفساد والتي تسبب أصحابها في تكبيد الخزينة العمومية خسائر فادحة».

 

سيرة الرئيس الجديد للجزائريين

 

وُلد عبد القادر بن صالح في24  نوفمبر (تشرين الثاني)1941 ببني مسهل، بلدية «المهراز»، دائرة فلاوسن، محافظة تلمسان، وهي المحافظة نفسها التي ينحدر منها الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة. 

زاول دراسته الإعدادية بمسقط رأسه، وفي سنة1959  التحق بثورة التحرير الجزائرية انطلاقا من المغرب، ولم يبلغ بعد سن الثامنة عشر. كلّف خلال الثورة كمحافظ سياسي بقاعدة جيش التحرير الجزائري على مستوى المنطقة الثامنة، التابعة للولاية الخامسة التاريخية، إلى غاية استقلال البلاد عام 1962.

في نفس العام، وبطلب منه، تمّ تسريحه من جيش التحرير واستفاد من منحة دراسية إلى الشرق الأوسط، مكّنته من الانتساب لكلية الحقوق بجامعة دمشق، بعد حصوله على شهادة الليسانس، التحق بمهنة الإعلام كصحافي بيومية «الشعب» الحكومية الجزائرية.

وخلال مساره المهني، تقلد بن صالح الكثير من الوظائف والمناصب السامية ومن أهمها: 

صحافي بالجريدة الوطنية اليومية «الشعب». 

مراسل ومدير مكتب الشرق الأوسط لمجلة «المجاهد» (الأسبوعية)،وجريدة «الجمهورية» (اليومية).وقد ساهم بكتاباته وتحليلاته في كثير من الجرائد والمجلات العربية. 

وعمل مديرا للمركز الجزائري للإعلام والثقافة ببيروت (لبنان).

وتميزت هذه الفترة بإشرافه على إصدار مجلة «الجزائر»، و«أحداث»، و«وثائق». 

ومن 1974إلى1977عمل مديرا عاما للجريدة الوطنية اليومية «الشعب».

وفي سنة 1977انتخب نائبا في البرلمان عن محافظة تلمسان (دائرة ندرومة)، ثلاث عهدات متعاقبة((15سنة)، كما تولى مسؤولية رئاسة لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان لمدة عشر سنوات.

وفي عام 1989عين سفيرا للجزائر لدى المملكة العربية السعودية، وممثلا دائما لدى منظمة المؤتمر الإسلامي (بجدة). 

وفي سنة 1993عُيِن مديرًا للإعلام وناطقًا رسميًا لوزارة الشؤون الخارجية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 1993عين عضوًا وناطقًا رسميًا «للجنة الحوار الوطني» التي قادت الحوار والتشاور بين مختلف القوى السياسية وممثلي المجتمع المدني، وأعدت ندوة الوفاق المدني (فبراير 1994) التي انبثقت عنها أرضية الوفاق الوطني التي قامت بموجبها هيئات المرحلة الانتقالية في مرحلة الأزمة التي واجهت البلاد يومها.

في مايو 1994تم إنشاء المجلس الوطني الانتقالي (برلمان المرحلة الانتقالية)الذي أوكلت إليه مهام التشريع خلال المرحلة الانتقالية (لمدة ثلاث سنوات) وفي نفس الفترة انتخب بن صالح رئيسا للمجلس الوطني الانتقالي.

وفي فبراير1997أسس بمعية مجموعة من السياسيين، حزب التجمع الديمقراطي الموالي وانتخب رئيسا له. وفي 14  يونيو  1997انتخب رئيسا للبرلمان في أول مجلس تعددي.

في فبراير 2000. انتخب رئيسًا للاتحاد البرلماني العربي لمدة عامين (2000 - 2002). وفي 2 يوليو (تموز) 2002انتخب رئيسا لمجلس الأمة بعد تعيينه من قبل بوتفليقة ضمن الثلث الرئاسي. وبعد التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة في29  ديسمبر (كانون الأول) 2015، تمت إعادة انتخابه في منصب رئيس المجلس للمرة السادسة على التوالي.

في أبريل2011 عينه بوتفليقة رئيسًا لهيئة المشاورات الوطنية، وهي اللجنة التي تولت قيادة المشاورات مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية وأيضا الشخصيات الوطنية، وخلصت إلى وضع تقرير عن هذه المشاورات قامت بتقديمه إلى رئيس الجمهورية الذي من مضمونه استخلصت التوجيهات التي انبثقت عنها نصوص إصلاحية.

قُلِّد بوسام جيش التحرير الوطني، ووسام الاستحقاق الوطني. ونظير جهوده في المجالين السياسي والبرلماني سلّمت له جامعة شونغ نامChungnam» » في كوريا الجنوبية شهادة دكتوراه فخرية في العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

font change