سميحة أيوب لـ«المجلة»: أنا الممثلة العربية الوحيدة التي لعبت أدواراً في كل المدارس العالمية على مسارح العالم العريقة

قالت أن لقب «سيدة المسرح العربي» أطلقه عليها الرئيس السوري حافظ الأسد

سميحة أيوب لـ«المجلة»: أنا الممثلة العربية الوحيدة التي لعبت أدواراً في كل المدارس العالمية على مسارح العالم العريقة

* بعد يناير 2011 «طفحت» على مصر ظواهر غريبة انعكست سلبياً على المناخ الثقافي والفني
* اتخذت موقفاً رافضاً للمشاركة في هزل ما بعد 2011 واخترت البقاء في بيتي بصرف النظر عن حسابات المكسب والخسارة
* جمال عبد الناصر كان ملهماً للمبدعين وهو غير مسؤول عن نكسة يونيو... وما حدث لصدام حسين والقذافي وياسر عرفات تراجيديا مأساوية
* لم أحب السينما ومعظم أدواري فيها «أي كلام»! ولكني عملت بها لأنفق على عملي بالمسرح لأن المسرح فقير جداً
* محمد صبحي وعادل إمام وجلال الشرقاوي أصحاب مسرح محترم ... ومشروع مسرحي جديد قد يجمعني بـ «صبحي» لكني لا زلت أفكر
* ما يقدمه أشرف عبد الباقي في «مسرح مصر» ليس مسرحاً بل اسكتشات كاريكاتورية لسنا في حاجة إليها الآن
* «دراما رمضان» انعكاس لسيطرة رجال الأعمال وأدت إلى تردي المستوى
* تحديت عائلتي وعملت بالفن بأسماء مستعارة منها «ناهد شريف» و«سميحة سامي»
* محمود مرسي حزن لزواجي من سعد الدين وهبة، ولو كنت أعرف أنه يريد رجوعنا لبعض كنت انتظرته لكنه استفزني وتزوجت بعد أن طلقني!
* لا أشكو لكني إنسانة وضعيفة وأتألم وأدخل غرفتي وأغلق على نفسي لأني أحترم أحزاني جداً ومشاعري
* بحكم طبيعتي أتعرض للغش والخديعة من أشخاص أراهم طيبين ويتظاهرون بأنهم تحت الأمر وفي الخدمة، ثم أكتشف أن ذلك كله «رسم» لمعرفة من أين تؤكل الكتف، كما حدث في أزمتي الأخيرة.
* عندما كبرت تمنيت لو أن لي ابنة لأفضفض معها كما كنت أفعل مع أمي، وحفيدي هو الرجل الوحيد الذي قهرني!



قالت الفنانة سميحة أيوب إن جمال عبد الناصر كان أفضل رئيس لمصر وأنها تعتبره غير مسؤول عن نكسة يونيو (حزيران) 1967 وأكدت أن ثورة يناير 2011 أفرزت ظواهر سلبية كثيرة أجبرتها على البقاء في بيتها. وكشفت سيدة المسرح العربي في حوار خاص لـ«المجلة» أن الذي منحها هذا اللقب هو الرئيس السوري حافظ الأسد. وأضافت أن أزمتها الأخيرة مع مدير أعمالها جعلتها أكثر حذرا في التعامل بحسن نية مع الناس.
وكانت سميحة أيوب قد تعرضت لعملية استيلاء على أموالها بواسطة مدير أعمالها الذي حكمت عليه المحكمة بالسجن المشدد عشر سنوات.
تنتمي سميحة أيوب للتوجه القومي العروبي وتحرص على متابعة هموم الشارع العربي، ومن ثم سألناها في بداية الحوار عن رؤيتها لما يدور على الساحة العربية فقالت:
- ما يحدث في بلادنا العربية هو تراجيديا حقيقية بكل معاني الكلمة والحمد لله أنه حفظ مصر منها حتى الآن. ولا أريد الخوض في الحديث لأنها مأساة شعوب، فالأحداث فظيعة، فلم أكن أتخيل مثلا ما حدث لصدام حسين أو للقذافي أو لياسر عرفات أو أن تتعرض هذه القامات لهذه الوحشية، ولكنه حدث للأسف لذلك أجد نفسي أقف أمام هذه الأحداث ملجمة من هول الأحداث التي تأتي وراء العقل. كما أشعر بالحزن على أعداد اللاجئين والشعوب العربية المشردة والبلاد التي انقسمت وتشرذمت والبيوت التي خربت.
وإلى بقية الحوار...

 

سميحة أيوب والزميلة صفاء عزب


 
* كيف ترين الأوضاع في مصر وتأثيرها على المناخ الثقافي والفني؟
- يؤسفني وجود ظواهر غريبة «طفحت» علينا بعد يوم 25 يناير 2011. صحيح كانت هناك بوادر قبلها لكن الكيل طفح بالكامل بعد 2011. والدليل تغير كثير من الناس بل السواد الأعظم منهم وسلوكياتهم الغريبة في الشارع والاستهتار الكبير من الشباب مع أن هناك شبابا رائعين لكن السواد الأعظم تسيب. ولكني أعتقد أنه خلال العامين الأخيرين بدأت الناس تتغير نحو التفكير بالعقل. وقد انعكس هذا «الطفح» على المناخ الثقافي سلبيا للأسف بعد 2011.
 
* إلى أي مدى يؤثر الواقع السياسي على الحالة الفنية؟
- بالتأكيد هناك تأثير كبير، والسياسة لا تنعكس فقط على الفن بل على الحياة كلها، لأنها جزء من كل وكلها تعد منظومة واحدة لا يمكن فصلها أو تجزئتها عن بعضها البعض. ودور الفنان يأتي في هذا المناخ بموقفه الحاسم في أن يختار رفض أو قبول هذه التغيرات. وأنا من الناس الذين اتخذوا موقفا رافضا للمشاركة في هذا الهزل الموجود على الساحة، وفضلت أن أكون ضنينة بفني، وبنفسي واخترت البقاء في بيتي بصرف النظر عن حسابات المكسب والخسارة. ولا يهمني كيف أعيش أو كيف تسير الحياة! فهي تعاش بأي شكل وفي كل الحالات، والمهم عندي هو أن لا أنفق من رصيدي الفني وأنزل بمستواي وبما بنيته عبر تاريخي فهذا لا يصح، لأنني إن فعلت ذلك أكون كمن ينصب ويزيف. وللأسف كانت هناك انعكاسات سلبية لذلك على المسرح وهذا أمر طبيعي لأنه مرآة للمجتمع، فأصبحنا نرى ألفاظا غريبة ومستحدثة وأناسا يتصرفون تصرفات غريبة وأحيانا إيحاءات خادشة.
 

من فيلم امرأة في دوامة


 
* هل تشاركين الرأي الذي يعتبر فترة الخمسينات والستينات من الفترات الثرية في الإبداع على كل مستوياته؟
- بالفعل كانت تلك الفترة خصبة جدا وكان هناك مناخ ثقافي وعبق في مختلف المجالات من تمثيل وغناء وكتاب وشعر وثقافة وكانت كل روافد الفنون والثقافة عالية جدا. وكل ذلك كان راجعا للرئيس جمال عبد الناصر ونظامه.
 
* هل تعتبرينه نظاما ملهما للإبداع؟!
- نعم كان نظاما يبغي الارتقاء بشعبه، وكون الرئيس يمنح أوسمة لشباب صغير يتوسم فيه أنه شباب المستقبل وأنه سيقدم شيئا للبلد ويكرمه ليحمله المسؤولية، فكان هذا ذكاء خارقا وهذا هو عبد الناصر الذي كان أعظم رؤساء مصر. كنت في عمر السادسة والعشرين عاما وحصلت على وسام الجمهورية من ناصر، ومنذ هذا التاريخ وأنا لا أحيد عن تقديم عمل ينفع الناس. وكان لهذا الوسام دفعة مؤثرة جدا على نفسي وحياتي فلم يكن سهلا أن تحصل شابة عمرها 26 سنة على وسام من رئيس الجمهورية وأنا في البداية أتحسس الطريق لكني أثبت أني نواة لشيء خير فكافأني أنا وزملاء لي آنذاك. وأعتقد أن هذا هو الفكر الذي يشعر الشاب أنه ابنه، مما يعطي دفعة للجميع ويشجعهم ليكونوا أشخاصا جيدين.
 
* هل كان للحلم القومي تأثير على رواج المناخ الثقافي والإبداعي آنذاك؟ وهل اختفى هذا الحلم مؤخرا فتراجعت موجات الإبداع؟
- بالطبع كان حلم القومية العربية مؤثرا جدا حتى بعد الانفصال بين مصر وسوريا. ولكنها لم تكن المحرك بل كان الزعيم عبد الناصر هو المحرك لأنه يؤمن بما نعمل ويؤمن بالثقافة ودورها في صياغة كيان الإنسان وأنها ستسهم في وجود شعب فيه رقي كبير خالٍ من التردي.
 
* هل هناك عصور أخرى أو تجارب مشابهة عاشتها مصر بعد عبد الناصر؟
- أظن أننا بدأنا نقترب من تجربة مثيلة خلال العامين الأخيرين مع الرئيس السيسي. وأرى أن المسار بدأ يعود لطريقه الصحيح خلال هذه الفترة. وأشم ذلك في بعض الأعمال الموجودة على الساحة، كما ألحظ توجه الناس نحو الأصالة، حتى الشباب الصغير بدأ يبحث عن الأغاني الكلاسيكية لأم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهما بحثا وراء الأصالة بعيدا عما نسمعه الآن من أعمال «دربكة» متشابهة كلها مثل بعضها ولا تترك أي أثر في الوجدان ولا الذاكرة.
 
*في رأيك أيهما أفضل للفنان أن يكون قريبا أم بعيدا عن السياسة؟
- الفن سياسة لأن ما يقوله الفنان هو عبارة عن منظومة سياسية اجتماعية حضارية فالفن سياسة بل الحياة اليومية ورغيف العيش سياسة! فالفنان مرتبط بقدره وبما يدور حوله من أحداث.

 

الشاعر فاروق جويدة مع سيدة المسرح والراحل القدير عبد الله غبث


 
* هل معنى ذلك أنه لا يصح أن يتعمد الفنان اتخاذ موقف يعزل نفسه عن السياسة والأحداث السياسية؟
- إذا كنت تقصدين أنه لا يحب الكلام في السياسة فأنا أوافق على ذلك وعن نفسي شخصيا لا أحب الكلام في السياسة على الرغم من أن كل كلامنا الآن هو سياسة. لكن ما أعنيه أن التنظير السياسي هو أمر متروك للمختصين الدارسين والفاهمين.
 
* كيف ترى سيدة المسرح العربي حال المسرح في الوقت الراهن ووجود ظواهر مسرحية جديدة مثل مسرح مصر؟
- كما قلت عن تصويب المسار خلال العامين الأخيرين مع السيسي فإن نفس الحالة تنسحب على المسرح أيضا. وأنا حاليا أتابع مسرحيات كثيرة جيدة على المسرح القومي. ولاحظت وجود أعمال مسرحية جيدة خلال هذين العامين الأخيرين. وقبلها كنت أذهب وأشاهد مسرحيات دون المستوى لدرجة أنني كنت أغضب وأثور في وجه من يقدمونها عندما يسألونني عن رأيي. وكنت أقول لبعضهم لا تسألوني عن رأيي لأنه لن يسركم!! وبالنسبة للفرق الجديدة هي ظاهرة جميلة وجيدة وكون أن الشباب يفجرون مواهبهم في إبداعات كهذه فهي ظاهرة صحية جدا.
 
* هل ينطبق ذلك على مسرح مصر وفرقة أشرف عبد الباقي؟
- لا..! آسفة! ما يهمني هو المحتوى وما تقدمه للناس، ولا يمكن تسمية «مسرح مصر» بأنه مسرح إنما هو اسكتشات كاريكاتورية لسنا في حاجة إليها الآن حتى لو كانت تضحك الناس من خلال أساليب مفتعلة كأن يرتدي رجل ملابس امرأة أو يقوم بحركات وشقلبة فهذه ليست رسالة المسرح. ولكن بلغني أن أشرف عبد الباقي يقوم حاليا بمسرحية جديدة على مسرح الريحاني ويقولون إنها جيدة، وهو شيء صحي.

 

زواج العمر مع سعد الدين وهبة


 
* في رأيك من أهم فناني المسرح في الفترة الحالية؟
- إذا تكلمنا عن مسرح القطاع الخاص المحترم فهناك طبعا مسرح محمد صبحي ومسرح عادل إمام ومسرح الأستاذ جلال الشرقاوي هؤلاء أصحاب مسرح محترم يمكن أن تدخله الأسرة مع أبنائها مطمئنين من عدم وجود أي شيء يمكن أن يخدش الحياء، بل تشعرين برسالة داخل الكوميديا التي يقدمونها على المسرح.
 
* ذكرت المسرح الخاص فقط، فهل هو اعتراف بسحب البساط من مسرح الدولة بعد حدوث تراجع له عن ريادته في فترات الخمسينات والستينات من القرن الماضي؟
- لا شك أن مسرح الدولة في ذاك العصر كان منتعشا جدا بالفعل ومعه أيضا مسرح القطاع الخاص وكانت هناك فرق مسرحية متنوعة. ولكن هناك أعمال مسرحية جيدة بدأت تعود لمسرح الدولة في الفترة الأخيرة.
 
* على ذكر الفنان محمد صبحي، هل صحيح هناك تعاون مستقبلي لتقديم عمل مسرحي مشترك معه؟
- عندما وجدت الساحة غير مناسبة لي ولا يصح أن أنزل إليها ابتعدت، لكن بالنسبة لمحمد صبحي فهو صاحب مسرح محترم وهو إنسان رائع ويسعدني أن نعمل معا لكن لا زلت أفكر في النص وأبحث فيه.
 
* ما رأيك في تجربة محمد صبحي بإعادة تقديم بعض الأعمال الفنية القديمة على مسرحه بأسلوب جديد ومنها مسرحية «سكة السلامة» التي قمت بتقديمها قديما في مسرح الأبيض والأسود؟
- لا شك أن إعادة تقديم العمل بشكل معاصر فكرة بناءة ولم يكن لدي أي اعتراض. وعندما أعطيته المسرحية كان ذلك بعد أن اتفق صبحي مع الأستاذ سعد الدين وهبة ولما أتيحت لصبحي الفرصة لإنتاج المسرحية أخذها وفقا لذلك الاتفاق.
 
* ما رأيك في المسرحية بعد عرضها؟
- طبعا لا يمكننا المقارنة بين المسرحية الأصلية وبين مسرحية صبحي فكل عمل له فريقه وله مناخه وكل ممثلين ولهم طعم مختلف، وبالتالي فالمقارنة تظلم الطرفين.
 
* وماذا عن دورك الذي جسدته الفنانة سيمون مع صبحي؟
- كان مختلفا تماما كما تم اختصاره ولكن بشكل عام كان العمل «حلو» وكانت تجربة جميلة لأننا يجب أن نعرف الجيل الجديد على كتابات الأجيال السابقة وأفكارهم وهي رسالة واجبة علينا.
 
* هل فعلا كنت الفنانة العربية الوحيدة التي قدمت أعمالا مسرحية عالمية؟
- فعلا أستطيع القول إنني الممثلة العربية
 
 
 الوحيدة التي لعبت أدوارا في كل المدارس العالمية. وأذكر أنه كان معي مخرجون أجانب منهم المخرج السوفياتي ليسلي بلاتون الذي أخرج لي «أونكل فانيا» والمخرج الفرنسي جون بيير لوروي الذي أخرج لي «فيدرا» كما تعاملت مع مخرجين إنجليز ومنهم برنار جوس واشتغلت أيضا مع مخرج ألماني. وكانت تجربة مهمة قدمت خلالها مختلف الأعمال الكبيرة على كبرى المسارح العالمية.

 

سميحة ايوب ومحمود مرسي وزواج لم يستمر


 
* كيف جمعت بين مثل هذه التجارب الكبيرة في الوقت الذي كنت تقدمين أعمالا سينمائية خفيفة؟
- بالنسبة للسينما لم أحبها كثيرا ولكني عملت بها لأنفق على عملي بالمسرح. فالمسرح فقير جدا بينما السينما مردودها المادي جيد. فكنت أحتاج لها لأنفق على ملابسي وأحذيتي وركوب المواصلات لأن أجري في المسرح لم يكن يتعدى 12 جنيها وقتها ولا يكفي لمتطلبات الحياة اليومية. وبعض أدواري السينمائية كانت جيدة لكن معظمها كان «أي كلام» بالمقارنة بالأعمال العظيمة التي كنت أقدمها على المسرح آنذاك.
 
* هل كانت ثقافتك أو دراستك وراء خوضك تجربة المسرحيات العالمية؟
- أنا ثقفت نفسي بنفسي وكنت في مدرسة فرنسية وخرجت منها لأتعلم في معهد الفنون المسرحية. وأحضر لي خالي مدرسين لغة عربية وكان عمري 14 سنة وقتها وتعلمت العربية الفصحى.
 
* هل كنت تعدين نفسك لتكوني ممثلة مسرح رصينة بإتقانك للعربية الفصحى؟
- كان الهدف هو أن أتعلم كيفية النطق ومخارج الألفاظ حتى تصل للأسماع جيدا. لأنه في بعض الأحيان نسمع ممثلين تكون جملهم غير واضحة لذلك كان من المهم التدريب على مخارج الألفاظ وكيف تحب اللغة العربية وعن نفسي أنا أعشقها. وأتكلم بالفصحى بتلقائية ومن دون مجهود كأني أتحدث العامية هي فعلا لغتنا الجميلة.
 
* من المحطات المهمة في مسارك الفني والمسرحي تحديدا لقاؤك مع الفنان زكي طليمات. ما ذكرياتك عن هذه الفترة؟
- كان أستاذا عظيما وكل الممثلين الذين عاصرناهم خرجوا من عباءته. فهو علم جيلا قام بتعليم الأجيال التالية وصاروا بدورهم أساتذة لأجيال أخرى وهكذا. وقد حارب لينشئ معهد الفنون المسرحية الذي أنشأه أول مرة عام 1930 ثم تم إغلاقه ليعيد إنشاءه عام 1947. وفي الكويت أسس معهد الفنون المسرحية، كما أسس معهد الفنون المسرحية في ليبيا، وفي تونس. فكل العرب نهلوا منه وخرجوا من عباءته وصولا لهذا الجيل الذي ورث فنه على أيدي تلاميذه، لكنه لم يأخذ حظه في الإعلام، وما زال مظلوما لا يذكره كثيرون لأنه كان رجلا يهتم بالعلم وليس «المنظرة».
 
* هل واجهت صعوبات عائلية في تلك الفترة بسبب توجهك للعمل في الفن؟
- ساعدني خالي وسعى لإقناع الوالدين بالعمل في الفن لأنها كانت فترة صعبة ولم يكن هناك إقبال على التمثيل وقتها. وتحديت أهلي وأطلقت على نفسي اسم سميحة سامي كاسم مستعار لتجنب غضبهم، وأطلقت على نفسي في أعمال قديمة أيضا اسم «ناهد شريف»، ثم ثرت على نفسي، وقلت إذا كنت أقدم عملا بناءً مقتنعة به فليس لي علاقة بمن يعترضون وقلت «يتفلقوا» وقررت أن أعود لاسمي الحقيقي كما كنت وقلت من يريد أن يعرفني «أهلا وسهلا» ومن لا يريد «بالسلامة» رغم أنني كنت صغيرة جدا.
 
* هل كنت قوية من صغرك؟
- نعم لم أخش أحدا وتحديت الجميع وقلت طالما أمي وأبويا موافقين مع خالي فلا يهمني باقي العائلة.
 
* هل لذلك تزوجت مبكرا جدا من الفنان محسن سرحان؟
- لم يكن الزواج قراري النابع من تفكير لأني كنت في سن المراهقة وكنت ككل البنات في هذه السن أحلم بأن أكون عروسة أرتدي الفستان الأبيض والطرحة ولكن لا أعرف «يعني إيه جواز»، ولذلك تعثرت وانتهت التجربة بالطلاق.
 
* هل كانت تجربة صعبة؟
- كانت تجربة ككل تجارب الحياة لكنها تحسب لأنني فنانة معروفة، وكنت كأي امرأة أحلم بتأسيس بيت ولكن أحد الأطراف لم يكن منسجما مع الآخر فانتهت المسألة، فالعشرة هي التي تبين هذه الأمور.
 
* كانت أطول عشرة مع الكاتب الكبير سعد الدين وهبة. ما سر هذا الاستمرار الذي لم يوقفه إلا رحيله؟
- التناغم بيننا، فأنا ممثلة مسرح وهو يكتب للمسرح.
 
* كيف تحمل بيت الزوجية وجود قامتين مسرحيتين معا طوال هذه الفترة التي قاربت 35 سنة؟
- الأمر رجع للقامتين نفسيهما، فكان من الممكن أن توجد غيرة عمل، لكنه كان يفرح جدا بنجاحي وكان يسعد عندما أقدم عملا جيدا وأنا كذلك لأننا كنا أصدقاء أولا ثم يأتي بعدها أننا زوجان وليس العكس لأنه شيء صحي جدا أن تتكلمي مع زوجك وتقولي له نقاط ضعفك وهو أيضا، ويكون الطرفان متناغمين دون أن يخفي أحدهما أمرا عن الآخر. وكنا نفهم بعض بمجرد النظر، وإذا غضب أحدنا لا يتكلم مع الآخر وهو ملتهب بل ينتظر حتى يهدأ، بمعنى أنه كان هناك نضوج في العلاقة، وهذا هو سر نجاحنا كزوجين طوال هذه الفترة. وهو أمر لم يحدث في زواجي وأنا صغيرة لأن خبرتي كانت محدودة كما كان الزواج وقتها في وقت بنائي لنفسي ومن ثم كان شريك الحياة وقتها مظلوما.
 
* أظن أن هذا هو سبب أزمتك في الزواج الثاني من الفنان محمود مرسي؟
- طبعا هو كان مظلوما وهو إنسان راقي جدا وكانت «حباله طويلة»، ولما انفصلنا كان يظن أننا يمكن أن نعود لبعض ولكنه فوجئ بزواجي من سعد الدين وحزن ولو كنت أعرف أنه ينوي ذلك كنت انتظرته لكنه استفزني وتزوجت!
 
* هل تعتبرين نفسك امرأة قوية أم عنيدة؟
- والله لا أعرف! هم يقولون عني قوية بينما الحقيقة لست قوية ولا شيء. إنما ربما نوع القوة التي يرونها في أنني إنسانة لا أشكو لكني إنسانة وضعيفة وأتألم وأدخل غرفتي وأغلق على نفسي لأني أحترم أحزاني جدا ومشاعري. لكني عندما أخرج من غرفتي أحرص على أن لا يبدو أي شيء على وجهي لأنني لا أحب أن أظهر ضعفي لأي أحد.

 

سميحة ايوب في مسرحية دماء علي ستار الكعبة


 
* حتى عن الأهل؟
- نعم! فلا أحد يشعر بالإنسان إلا نفسه فهو القابض على الجمر ومهما أصف فلا أحد سيشعر بما أعانيه وبالتالي أرى أنه لا داعي للشكوى لأحد. ولا يمسح دموعي إلا يدي.
 
* هل تعاملت مع أزمتك الأخيرة بنفس المنطق؟ وكيف خرجت منها؟
- لا أحب الحديث عن هذه الأزمة لأنها في القضاء، والحمد لله، أنها مرت بسلام والضربة التي لا تقتل تقوي. عندما أتأمل سلوك مثل هذه الأنماط البشرية أكفر ببعض الإنسانيات لكني سرعان ما أقول لنفسي إنه لا يمكن أن يكون كل الناس طيبين ووقتها أستطيع السماح لنفسي بأن تحدث هذه الغلطة لأنني كنت أظن أن جميع الناس بنفس درجة نقائي. لكن الواقع أن الله خلق شياطين وملائكة ومثل أولئك الناس الأشرار من زمرة الشياطين. لكن طبعا لا بد أن أخرج من هذه التجارب أكثر حذرا وإلا يكون الإنسان «مغفلا». لكن في بعض الساعات وبحكم طبيعتي التي تغلبني فمن الوارد أن أتعرض للغش والخديعة من أحد الأشخاص لأني أراهم طيبين وكلامهم جميل ويتظاهرون بأنهم تحت الأمر وفي الخدمة، ثم أكتشف أن ذلك كله «رسم» لمعرفة من أين تؤكل الكتف.
 
* واجهت صدمات حياتية كبيرة على رأسها فقدانك لابنك بالإضافة للأزمات الأخرى ومع ذلك تبدين قوية دائما. من أين جئت بهذا الصبر والقوة؟
- من الله تعالى، فهو مع العبد المخلص في أزماته وكنت مؤخرا في أزمة كان يمكن أن تعرضني لأن «أطب ساكتة» وهو ما كان يتمناه خصومي، حتى لا ينكشف أمرهم أمام القضاء حتى «يزوغوا بالسريقة»! لكن ربنا هو الذي قواني ودعمني وكنت بمفردي في مواجهة هذه الأزمة ولم ألجأ لأي اسم من الأسماء الكبيرة التي أعرفها ولا أي شيء، وحتى أقرب الناس لا يعرف شيئا إلا بالصدفة. وكنت أنام وأغلق حجرتي على نفسي رغم أن أي شخص غيري لم يكن يستطيع النوم من الحزن كنت أضع رأسي على الوسادة بعد قراءة بعض القرآن ثم أنام، والله هو الذي ساعدني ولا أهتم بكلام الناس فما يهمني هو من أنا.
 
* هل تمنيتي للحظة أن يكون لديك ابنة؟
- أعترف بسر أنني فعلا تمنيت في الفترة الحالية لو أن عندي ابنة رغم أني كنت دائما لا أفضل ذلك وسعيدة بإنجاب ذكور فقط. ولكني لما كبرت احتجت لمن أتكلم معها وتسليني لأن الولد يكون مشغولا في حياته وحاله. لكن البنت حبيبة أمها وكنت سأتكلم وأفضفض معها كما كنت أفعل مع أمي.
 
* ماذا عن أحفادك؟
- لدي حفيد واحد ربنا يحفظه وأنا أعتبره الرجل الوحيد الذي قهرني حبا وأي شيء يقوله لا بد أن يكون. وهو حاليا يدرس في أميركا وعمره 11 سنة، ولم أكن أصدق المثل القائل أن أعز «الولد ولد الولد» حتى رأيت حفيدي.
 
* أي الألقاب التي حصلت عليها أقرب لقلبك؟
- لا أفضل أي لقب ومن أطلق علي لقب سيدة المسرح العربي الرئيس السوري «حافظ الأسد» وهو يسلمني الوسام فناداني: «تقدمي يا سيدة المسرح» وخرجت من القصر الجمهوري لأجد الجميع في الشارع والتلفزيون ينادونني بهذا اللقب. لكن لعابي لا يسيل لهذه الألقاب وما يهمني أكثر هو ابتسامة الجمهور وحبه فهذا هو الوسام. ولا زلت حتى الآن أعمل ألف حساب للجمهور، ونفس القلق والخوف من رد فعله مع كل عمل جديد. وسيظل الأمر هكذا حتى أموت فأنا أخشى على مكانتي رغبة في الارتفاع أو على الأقل الاحتفاظ بما حققته وأبقى متوترة.

 

محمد صبحي في استقبال سميحة أيوب ومديحة حمدي


 
* كيف حافظت على هذه المعادلة؟
- أحافظ عليها بأن لا أقبل أي شيء حتى لو بقيت في بيتي 11 سنة كما يحدث الآن. وما يعرض علي لا يعجبني لذا أفضل الاحتفاظ بنفسي ومكانتي على النزول عن مستواي قيد أنملة.
 
* ما تقييمك لتجربة «تيتا رهيبة»؟ وهل كانت مغامرة محفوفة بالمخاطر؟
- عندما قدمت تيتا رهيبة كسبت جمهورا من الأطفال وعندما أذهب لأي مكان وأجد الأطفال يحيطون بي أشعر بفرحة كبيرة تغمرني وأجد نفسي صبورة جدا على إلحاحهم في التصوير معي لحبي لهم. وكانت تجربة جديدة علي ورفضتها في البداية، لكن المخرج ألح علي ولما فكرت وسألت نفسي لماذا أنا جامدة هكذا ولماذا أنا مقاطعة للسينما! فقلت لنفسي إن المقاطعة سببها أن المخرجين كانوا يعملون في نفس القوالب من دون تجديد أو ابتكار أما الآن فقد ظهرت نماذج لمخرجين مجددين خارج إطار القوالب وهناك شباب وأطفال فلم لا أتغير معهم! فوافقت بعد أن قرأت السيناريو. وكانت تجربة ظريفة جدا مع الفنان محمد هنيدي، وأجمل نتائجها هؤلاء الأطفال الذين يقابلونني في كل مكان.
 
* هل يمكن تكرار تجربة العمل الكوميدي؟
- بالطبع أنا مستعدة جدا ويسعدني تكرار التجربة بشرط أن تتضمن كوميديا جادة من خلال مواقف وليست هلسا.
 
* ما رأيك في ظاهرة «دراما رمضان»؟
- هي بدعة ظهرت منذ نحو 15 سنة سببها دخول رجال الأعمال والإعلانات وللأسف أصبح الفنان الآن يقاس بكم الإعلانات وليس بقيمة ما يقدمه في ظل سيادة منطق الشباك، وللأسف هذا المنطق هو الذي أدى إلى تردي الساحة.
 
* هل يراودك أي إحساس بالظلم أو عدم الرضا بالمقارنة بمستويات الأجور الضخمة التي يحصل عليها فنانو هذا الجيل؟
- أقول دائما الحمد لله فيما أعطاني وكنت دائما راضية ولأني موظفة حكومة يكون أجري صغيرا ومع ذلك لا يهمني ولا أقارن أجري بأجر غيري فأنا أبحث دائما عن القيمة وليس المال والقيمة التي حققتها لا يمكن شراؤها بأموال قارون. فأنا أمتلك الشيء الذي لا يمكن لأحد أن يشتريه بالمال، وهو القناعة والرضا بما قسمه الله.

 

سميحة أيوب رائدة المسرح العربي

ولدت الفنانة الكبيرة سميحة أيوب في 8 مارس عام 1932 بحي شبرا في القاهرة، وتخرجت من معهد التمثيل عام 1954. وتتلمذت على يد مؤسس وعميد معهد الفنون المسرحية الفنان الراحل زكي طليمات والذي أسس كذلك معاهد الفنون المسرحية في عدة دول عربية من بينها تونس وليبيا والكويت. 
وتعد الفنانة سميحة أيوب من رواد المسرح والدراما في مصر والعالم العربي، واشتهرت بتقديم المسرح الجاد والتراجيدي على مدى فترة زمنية طويلة كما قدمت مجموعة من روائع الأدب العالمي على المسارح الأوروبية العريقة ومع كبار المخرجين الأجانب. كما مارست الإخراج في عملين فنيين وتولت منصب مدير المسرح الحديث بين عامي 1972 و1975. ومنصب مدير عام المسرح القومي خلال الفترة من عام 1975 وحتى 1981. وقد نالت عبر مشوارها الفني الذي يزيد على 60 سنة الكثير من الجوائز المحلية والعربية والعالمية حيث حصلت على وسام الجمهورية من الرئيس جمال عبد الناصر وكرمها الرئيس السادات وحصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من سوريا كما حصلت على وسام بدرجة فارس من الرئيس الفرنسي جيسكار دستان عام 1977. ومن مصر فازت مؤخرا بجائزة النيل وهي أعلى جائزة مصرية للفنون.
 
 

font change