تأثر الدراما العربية بالتنظيمات الإرهابية

تجسيد الإرهابيين بالدراما تجاهل البعد النفسي

تأثر الدراما العربية بالتنظيمات الإرهابية

* طارق الشناوي: الفن العربي واجه الإرهاب بشكل مبكر... وبعض الأفلام والمسلسلات العربية عالجت هذه القضية... وقراءة ما يدور في عقول الإرهابيين أمر ضروري لصناع السينما والفن
* متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية: صناع الدراما أطلقوا العنان لخيالهم لممارسة الصدمة والرعب خارج حدود الواقع
 

القاهرة: تناولت الدراما العربية ظاهرة الإرهاب في عدة أعمال فنية، وحاولت مناقشة تلك الظاهرة من حيث أسبابها، وطرق القضاء عليها، وصولا إلى محاولة الوصول لحلول جذرية للأسباب التي أدت إلى تنامي الظاهرة، باعتبار أن الفن يمثل مرآة للمجتمع، تعرض همومه وأوجاعه حيث تحاول الدراما التلفزيوينة الاستحواذ على ذهنية المشاهد، وخطف بصره ووجدانه، بمشاعر كثيرة ومتناقضة، وكلّما استطاعت ذلك، وصفت بالنجاح.
وعن تأثر الفن العربي بالأعمال الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية في عدد من الدول العربية وتجسيد تلك الأعمال بالدراما العربية يقول الناقد الفني المصري طارق الشناوي إن الفن العربي وخاصة المصري واجه الإرهاب بشكل مبكر، وحتى قبل أن يأخذ الشكل المباشر الحالي، موضحا أن صناع السينما لا يقدمون أعمالا عن الإرهاب إلا عندما تتعرض مصر أو غيرها من الدول العربية لعمليات إرهابية، مطالبا بضرورة التعامل مع هذا الملف بشكل أفضل.
وأوضح الناقد الفني المصري، أن بعض الأفلام، والمسلسلات العربية التي قدمت مؤخرا، عالجت هذه القضية، مشيرا إلى أنه يمكن أن تقدم الدراما والسينما العربية الأعمال الفنية بنفس الطريقة، التي قدمت بها في الثمانينات والتسعينات، لأن الإرهاب نفسه يتطور، ويأخذ مناحي جديدة، وعلى صناع السينما والفن تدارك هذه المسألة، ومحاولة قراءة ما يدور في عقول الإرهابيين والجماعات التكفيرية للقدرة على التأثير عند العرض.
وأكد الشناوي، أن الرقابة في الدول الأجنبية، تسمح بالتفكير، وتقديم الأعمال الإرهابية بلا حدود، وهو ما يساهم في إنتاج أعمال متميزة على عكس الرقابة في بعض البلاد العربية، التي تقلق من التعاطف مع الإرهابيين، موضحا أنه على الرغم من تعرض الدول العربية للكثير من العمليات الإرهابية، فإنها لن تسمح بالخيال المطلق في تقديم الأعمال السينمائية، وستراقبه معتمدة على مواصفاتها فقط لتقديم مثل هذا النوع من الأعمال تخوفا من نشر العنف وتأثر البعض بمشاهد العنف فيه.




وفي دراسة للباحث صلاح الدين حسن المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية يؤكد أن صناع الدراما دائما يرددون أنّ مادتهم الخام هي الواقع، إلا أنّهم يطلقون العنان لخيالهم، لممارسة الصدمة والرعب، خارج حدود الواقع، وهذا حقّ، لكنّ الإشكالية هي في نقل ممارسة تنظيم متوحش كداعش إلى قلب الدراما الاجتماعية دون الإشارة إليه، فيقعون في فخّ تحوّل الاستنثاء الكريه إلى فعل اجتماعي معتاد، وهو ما تترتب عليه محاولة تقليده عند ممارسة العنف والانتقام بين المجتمع، وهنا قد تكمن الخطورة.
ويضيف الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية لـ«المجلة» أن تنظيم داعش حاول عبر عناصره من ذوي الخبرة الغربية في الميديا، أن يبثّ الرعب في قلوب الناس، بالوصول إلى أقصى خيال متوحش، في تعذيب وقتل خصومه من الأسرى والمعتقلين لديه، مستندًا بعد ذلك إلى وقائع تاريخية ذات سياقات قديمة، هي في الواقع ابنة تاريخها وظروفها وملابساتها موضحا أن الإشكالية هي في تأثّر خيال كاتب الدراما التلفزيونية والسينمائية بالمجتمع العربي، في الخيال المتوحش لـ«داعش»، فيستخدم البطل المنتقم، وصاحب الحقّ في أنّ ينكل بالشخصية الشريرة، من خلال فعل «إجرامي»، يتصور أنّه يصل بالمشاهد إلى أقصى حالات التشفي والشعور بالرضاء لما حلّ بذالك الشرير.
وأشار حسن أن مشهد قتل الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، من قبل تنظيم داعش، كان مشهدا مؤثرًا على الرغم من أن التنظيم الإرهابي بثّ فيديوهات للتعذيب والقتل أكثر قساوة من مشهد حرق «الكساسبة»، إلا أنّها لم تحظَ بمشاهدات كبيرة كالمشاهد العنيفة التي يمارسها ضد أناس من البشر بالمناطق التي كان يتواجد بها في أعمال لا تمت للإنسانية بأي صلة.

من جانبه، أكد الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي أن تجسيد الإرهابيين بالدراما يكمن على وجه التحديد، في تشخيص الإرهابي اعتمادًا على شكل نمطي مبالغ فيه، وغير مطابق للواقع الفعلي، وفي أحيان كثيرة يفضل كتاب الدراما صياغة شخصية الإرهابي باعتباره مجرمًا وأفّاقًا وباحثًا عن المال، علمًا بأن ذلك تعميم خاطئ،/ موضحا أنّ هذه المبالغة في تشخيص صورة الإرهابي في الدراما لن يصدقها المشاهد العادي.
وأكد أستاذ الطب النفسي أن دور صناع الدراما العربية يجب أن يتمثل في كشف الأفكار التي يعتنقها هؤلاء الإرهابيون حتى لا يتأثر بها غيرهم من العامة والعمل على كشف المفاهيم الخاطئة في الدين لما يمثله هذا الأمر من تأثير سلبي على المشاهدين وهو أمر وارد، فقد يتأثر المشاهد حتى بمشاهد الأكشن في الأعمال الأجنبية الأميركية فعلى سبيل بعض الأعمال الفنية التي جسدت الإرهابيين جسدتهم في إحدى المرات بشكل كوميدي وهو أمر خاطئ يجب أن تتلاشاه الدراما العربية حتى لا يميل إليهم المشاهدون والبعض الآخر جسد الأعمال الإرهابية والإرهابيين بشكل غير دقيق أو مبالغ فيه وتجاهل الجانب النفسي لدى الإرهابي وهو أمر يجب الالتفات إليه وكشفه أمام المواطن العربي حتى يعرف أن هذا الذي يقوم بمثل تلك الأعمال هو شخص غير سوي ومريض نفسي لأنه يعتقد أمورا بعيدة كل البعد عن المنطق والعقل والاتزان النفسي.

font change