لبنان... هل من مواجهة عسكرية أخرى؟

تساؤلات عن مصير القرار 1701؟

لبنان... هل من مواجهة عسكرية أخرى؟

* هل تشهد الجبهتان اللبنانية والإسرائيلية مواجهات عسكرية أخرى؟
* سليم: التطورات العسكرية الأخيرة هي إحياء مؤقت لتفاهمات نيسان وكان أمرا قاتلا من الضجر
* سعد: القرار 1701 قرار أممي لا يعدل ولا يغير إلا بقرار أممي آخر
* الحجار: ليس من مصلحة أحد التنصل من هذا القرار الدولي الملزم

بيروت:بين الحرب واللاحرب عاش اللبنانيون ساعات من حبس الأنفاس الأحد الفائت على وقع التطورات العسكرية على الجبهتين اللبنانية والإسرائيلية، وذلك مع تنفيذ «حزب الله» وعيده بالردّ على هجمات إسرائيل التي تعرّض لها في سوريا ولبنان عبر استهدافه لآلية عسكرية إسرائيلية عند طريق ثكنة أفيفيم في القطاع الأوسط للحدود..
وعلى الرغم من أن الضربة كانت محدودة ومدروسة نظرا لكون الآلية العسكرية فارغة لم ينتج عنها أي قتلى أو إصابات، بحسب الرواية الإسرائيلية إلا أن ذلك لم يمنع إسرائيل من الردّ بإطلاق أيضا عدد محدود من القذائف على أطراف الحدود اللبنانية ولكن سرعان ما عاد الهدوء وسط دعوات دولية بضبط النفس، في حين حرص كل طرف على تأكيد أن ما جرى كان لصالحه. ولكن انتهت الأحداث على الطريقة اللبنانية لا غالب ولا مغلوب.
 

لقمان سليم



في هذا السياق، رأى مدير مركز أمم للأبحاث والتوثيق لقمان سليم، في حديث لـ«المجلة» أن «قرار الحرب والسلم في لبنان هو قرار إيراني، وفي حال رأى الإيرانيون أن من مصلحتهم أن يراهنوا بلبنان لشن حرب من داخل أراضيه، فهذا سوف يخضع لحسابات إيرانية فقط فلا الرئيس عون ولا نصر الله ولا لبناني آخر يملك هذا القرار»، مشيرا إلى أن «لبنان هو الطلقة الأخيرة في المخزن الإيراني».
ورأى سليم أن الأحداث الأمنية والعسكرية الأخيرة ذكرته بالاتفاق الذي انتهت به حرب 1996 عندما توصّل الطرفان الميدانيان أي «حزب الله» وإسرائيل برعاية أممية وأميركية على تحديد قواعد الاشتباك بمساحة جغرافية معينة وترك المدنيين وشأنهم، وتابع: «لذا ما جرى كان عمليا إعادة أحياء مؤقت لتفاهم نيسان وكان أمرا قاتلا من الضجر».
وفي الختام قال سليم: «يبقى السؤال كيف يمكن لجمهور حزب الله أن يصدق بأن الحزب لا يبيع ويشتري»، وتابع: «لكل داءٍ دواءٌ يُسْتَطَبُ بهِ...إلا الحماقَة أَعيتْ من يُداويها».
 
القرار 1701 بين الخرق والسقوط
ليس بجديد تعرّض قرار مجلس الأمن 1701 للخروقات من قبل طرفي النزاع «حزب الله» وإسرائيل. فمنذ اليوم الأول لإصدار القرار في تاريخ 17 أغسطس (آب) 2006 عقب انتهاء حرب يوليو (تموز) لم يجر الالتزام الفعلي بمضمونه وذلك مع استمرار إسرائيل بخرق السيادة اللبنانية عبر سلاحها الجوي من جهة ونشاط «حزب الله» في الداخل اللبناني وعلى طول الحدود.
وقد أعادت الأحداث الأخيرة القرار 1701 إلى الواجهة مجددا من حيث استمرارية نفاذه أو سقوطه لا سيما أن التطورات العسكرية على الجبهتين لم تكن مسبوقة ما جعل الحرب قاب قوسين أو أدنى من الاندلاع.
وخلق خطاب أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله يوم الاثنين الفائت مزيدا من الجدل حول هذا القرار، حيث أكّد أنه لم يعد لدى حزبه أي خطوط حمراء في مواجهة إسرائيل التي هدّد باستهدافها في العمق في حال شنّت هجومًا ضدّ لبنان.
فتغيير نصر الله قواعد الاشتباك المحددة منذ عام 2006 دفع بالبعض إلى الاعتقاد بأن «حزب الله «كسر مفاعيل القرار 1701. ومنهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي توجّه إلى الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري عبر «تويتر» بالقول: «هل أخذتم علما قبل أو بعد كلام نصر الله بإلغاء قرار مجلس الأمن 1701؟ وهل أنتم موافقون على ذلك؟». ليعود رئيس الحكومة سعد الحريري إلى التأكيد في حديث إعلامي على أن «القرار 1701 لم يسقط ولا يزال موجودًا وما يهمنا هو الاستمرار بتطبيقه وحماية لبنان».
فهل ما جرى مؤخرا هو خروقات للقرار 1701 كسابقاتها أم أنّ ما حصل هو إبطال للقرار؟
 

الدكتور أنطوان سعد



أوضح الخبير الدستوري الدكتور أنطوان سعد، في حديث لـ«المجلة»، أن قرار 1701 هو قرار أممي صادر عن مجلس الأمن ولا يغيّر أو يعدّل إلا بقرار آخر صادر عنها»، لافتا إلى أن «ما جرى مؤخرا يعتبر مجرّد خروقات للقرار وهو ما اعتدنا على حصوله من قبل «حزب الله» من جهة وإسرائيل من جهة ثانية».
ورأى سعد أن «حزب الله يعتبر أن الخروقات الإسرائيلية وصلت إلى حدّها وهو بالتالي ما يحرّره من القيود التي فرضها قرار 1701»، مشيرا إلى أن «من غير الضروري أن يعلن حزب الله التنصل من القرار 1701 لأنه لم يلتزم به يوما، لجهة نشاطه على الحدود إذ يمنع القرار 1701 أي تواجد للحزب في جميع أماكن تواجد اليونيفيل إضافة إلى أن الوقائع تشير إلى وجود مخازن أسلحة تابعة للحزب، كذلك البند الذي يحظر فيه نقل السلاح للحزب برا وبحرا وجوا وهو ما يحدث بل أكثر من ذلك فقد أعلنت إسرائيل مرارا أنها أسقطت طائرات مسيرة أطلقت من جانب حزب الله».
 

النائب محمد الحجار



إلى ذلك شدّد عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب محمد الحجار في حديث لـ«المجلة» على أن «القرار 1701 صدر عن الشرعية الدولية وهو يلزم لبنان وإسرائيل وكل المعنيين الالتزام به ولا يمكن لأحد التنصل منه»، لافتا إلى «نحن نواجه إسرائيل عبر تقديم شكاوى أمام مجلس الأمن والمجتمع الدولي ضد الخروقات التي تنفذها في الأجواء اللبنانية».
وأشار الحجار إلى أن البعض فسر قول نصر الله في خطابه من أن الخطوط الحمراء سقطت بأنه لم يعد يعمل بالقرار 1701، وأضاف: «بتقديري ليس في مصلحة أحد التنصل من هذا القرار الدولي الملزم، غير أن حزب الله كان من المؤيدين والداعمين لهذ القرار».
وفي الختام شدّد الحجار على أنّ «تيار المستقبل يعمل دائما لأن يكون القرار لا سيما فيما يخص الحرب والسلم بيد الدولة اللبنانية وليس بيد أي حزب إن كان حزب الله أو غيره». مشيرا إلى أن «الردّ كان يجب أن يكون بالتنسيق مع الدولة اللبنانية ضمن استراتيجية دفاعية يكون القرار فيها للدولة وليس لحزب الله».
 
ما هو القرار 1701؟
الجدير ذكره أن القرار 1701 هو قرار أممي صادر في تاريخ 17 أغسطس (آب) 2006. وقد تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701 الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان خلال حرب يوليو (تموز) من قبل الجهتين.
وقد دعا القرار الحكومة اللبنانية لنشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق. كما يدعو إسرائيل ولبنان لدعم وقف دائم لإطلاق النار وحلّ بعيد المدى.
إضافة إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أي مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات يونيفيل.
لا شكّ أن قرار 1701 لم يكن «حزب الله» ليرضى به لولا الضغط العسكري الذي تعرّض له خلال حرب تموز، لا سيما أن القرار ينص على التطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 بما فيها تجريد كل الجماعات اللبنانية من سلاحها، إضافة إلى منع بيع وتوفير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى لبنان إلا تلك التي تسمح بها الحكومة، إلا أنه مع ذلك لم يتم العمل بهذين البندين ما يطرح تساؤلات حول جدية الالتزام بهذا الاتفاق من قبل الأطراف قبل السؤال عن سقوطه أو لا.
لكن من جهة ثانية كان اللافت تحديد «حزب الله» أن هذه العملية جاءت ردّا على مقتل عنصرين له هما حسن زبيب وياسر ضاهر خلال استهداف السلاح الجوي الإسرائيلي للمواقع التابعة للحزب في سوريا، ما يعني أن هذا الردّ لا يشمل الهجوم الذي نفذته الطائرات المسيرة الإسرائيلية على معقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، وما ترافق أيضا مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء الفائت، بأن الجيش الإسرائيلي اكتشف منشأة أخرى لـ«حزب الله»، تصنع صواريخ دقيقة يمكن توجيهها، مباشرة إلى ضواحي مدينة حيفا. ما يعني أن جولات الردّ والردّ المقابل لم تنته بعد.
وفي الختام يمكن القول إن سيناريو الحرب الكبرى إن وقعت في المستقبل بات معروفا، إذ تبدأ إسرائيل بضرب العمق اللبناني، يتبعه رد لـ«حزب الله»، ثم تكون شرارة المعركة الكبرى، لكن يبقى موعدها مجهولا إلى حين الضوء الأخضر الدولي.

font change