تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة «مسيسة»

سيطرة الدول العظمى على المنظمات الحقوقية الدولية

تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة «مسيسة»

* هناك تقارير مخابراتية صادرة من بعض الدول مثل سويسرا، لم تلفت انتباه هذه المنظمات لعدم وجود رغبة من الدول العظمى
* المفوضية خضعت لابتزاز بعض المنظمات والرضوخ لمطالبهم لتأجيل مؤتمر القاهرة الإقليمي لمناهضة التعذيب في المنطقة العربية


القاهرة:اعتادت بعض المنظمات الحقوقية الدولية مثل العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش وبعض المنظمات التابعة لهما على «تسييس» التقارير الصادرة عن حالة حقوق الإنسان وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية بسبب سيطرة بعض الدول العظمى عليها لاستخدامها في إصدار تقارير للضغط على الدول، الأمر الذي فسره الخبراء بأنه «تسييس» للتقارير واستغلال الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية لهذه المنظمات للتأثير على القرارات الصادرة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لتكون هي نفسها «مسيسة»، وهذا ما فرضه تأجيل المفوضية لمؤتمر القاهرة الإقليمي لمناهضة التعذيب في المنطقة العربية الذي كان من المقرر عقده في القاهرة.
وقد اتهم المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان بجنيف في خطاب أرسله إلى ميشيل باشليه المفوضة السامية لحقوق الإنسان بخضوع المفوضية لابتزاز بعض المنظمات «المسيسة» والرضوخ لمطالبهم لذلك تم تأجيل مؤتمر القاهرة الإقليمي لمناهضة التعذيب في المنطقة العربية، وهو ما يؤثر على استقلال وحياد المفوضية، ودعا المنتدى المفوضية لمراجعة موقفها وإعادة النظر في قرار التأجيل والقيام بدور أكبر لدعم جهود المجتمع المدني المصري في تحفيز الحكومة على تحسين أوضاع حقوق الإنسان، هذا الأمر فتح مجالا للخبراء في الهجوم على المفوضية التي اعتادت الاعتماد على تقارير منظمات حقوقية لابتزاز بعض الدول وعلى رأسها مصر ودول عربية أخري.
 
رداً على أكاذيب المنظمات الدولية
الخطاب الذي حصلت «المجلة» على نسخة منه والذي تم إرساله إلى مقر المفوضية بمدينة جنيف السويسرية تضمن ردا على ما أثارته تلك المنظمات من أكاذيب تجاه حالة حقوق الإنسان في مصر، مؤكدا أن مصر اتخذت خطوات مهمة لتحسين حالة حقوق الإنسان رغم تعرضها لهجمات إرهابية تفرض عليها اتخاذ إجراءات استثنائية لتحقيق الأمن والاستقرار، وأن الحركة الحقوقية تلمس توافر الإرادة السياسية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر، والتعاون مع المؤسسات المعنية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان.
وكشف الخطاب عن أن مصر شهدت خلال الفترة الأخيرة بتطبيق عدد كبير من التوصيات التي وجهت لمصر خلال المراجعة الدورية لملفها أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، كما تم الإفراج عن مئات المحبوسين في قضايا غير إرهابية بموجب قرارات العفو الرئاسي، وتعديل قانون الجمعيات الأهلية وإلغاء العقوبات السالبة للحرية من القانون، وقيام عدد من الوفود الدولية والحقوقية بزيارة السجون والاطلاع على الأوضاع بها، كما خضعت أيضا لرقابة من السلطة القضائية، كما تم خلال الفترة الماضية تقديم عدد من رجال الأمن المتورطين في جرائم تعذيب إلى القضاء والحكم عليهم بعقوبات مشددة، وقد قدم المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري جهدا عظيما للوصول إلى هذه النتائج غير المسبوقة.
وأكد الخطاب أن هذه التطورات الإيجابية التي تشهدها مصر كانت تتطلب من المفوضية جهدا أكبر في التعاون والانفتاح على جهود المجلس القومي لحقوق الإنسان، ودعمه لاستمرار النتائج الإيجابية والبناء عليها، معربا عن استيائه من خضوع المفوضية لابتزاز عدد من المنظمات الدولية التي سيست ملف حقوق الإنسان وتعادي الدولة المصرية منذ ثورة الشعب المصري على حكم الإخوان في 30 يونيو (حزيران) وحتى الآن، وهو ما أوقعها في كثير من الأخطاء المنهجية في الرصد والتوثيق لحالة حقوق الإنسان في مصر وهو الأمر الذي تم تفنيده من جانب المنتدى وعدد من المنظمات الحقوقية المصرية والعربية خلال الدورات الأخيرة لاجتماعات المجلس الدولي لحقوق الإنسان وحضرها مندوبو المفوضية.
كما اعتبر المنتدى التراجع الأخير للمفوضية وتأجيل المفوضية الحضور، مؤشرا خطيرا على تراجع قدرة المفوضية في القيام بدورها الأساسي في توفير المساعدة الفنية وتنمية القدرات ودعم تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان على الأرض كي تفي بالتزاماتها وتدعم الأفراد في الحصول على حقوقهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كما يعد قبولها طلب المنظمات التي طالبت بالتأجيل بهدف إحراج الدولة المصرية انحرافا عن الموضوعية المعهودة في حديثها عن انتهاكات حقوق الإنسان.

 

عصام شيحة


 
دعم جهود المجتمع المدني
وطالب المنتدى العربي بمراجعة موقفها وإعادة النظر في قرار التأجيل وعدم التفات المنظمات التي لها توجهات سياسية والقيام بدور أكبر لدعم جهود المجتمع المدني في تحفيز الحكومة على تحسين أوضاع حقوق الإنسان أن موافقة الدولة المصرية ممثلة في وزارة الخارجية والمجلس القومي لحقوق الإنسان على طلب المفوضية السامية لحقوق الإنسان على انعقاد مؤتمر في القاهرة سبتمبر (أيلول) القادم لمناقشة تعريف التعذيب وكيفية مواجهته.
ومن جانبه أكد عصام شيحة الناشط في شؤون حقوق الإنسان أن وصف مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بأن قراراتها «مسيسة» وصف غير دقيق، لكن هناك بعض المنظمات العاملة في حقوق الإنسان وجماعة الإخوان استثمرت تأجيل مؤتمر القاهرة الإقليمي لمناهضة التعذيب في المنطقة العربية باعتبار أن هذا التأجيل يحرج مصر بسبب ما تقوم بها الجماعة من دعوات في إعلامها على أن هناك تعذيبا «ممنهجا» فيها. مع العلم أن موافقة المفوضية على عقد المؤتمر في مصر اعتراف بعدم وجوده، لكن تأجيل المؤتمر ترتب عليه أن بعض المنظمات الأهلية محسوبة على الدولة المصرية وجماعة الإخوان استغلت ذلك، ورغم ذلك فإن قرار التأجيل لم يصادف صحيح القانون الدولي وعلى المندوب السامي للمفوضية إعلان مبررات التأجيل.
وكشف شيحة أن حالة حقوق الإنسان في مصر تحسنت كثيرا عنها قبل 2013 حيث يواجه أكثر من 30 ضابط شرطة التحقيق الآن في قضايا انتهاك حقوق الإنسان وهذه حالات فردية ولم يعد التعذيب في مراكز وأقسام الشرطة «ممنهجا» وهذه أخطاء فردية وتجاوزات من أشخاص، وأن الموافقة على تنظيم المؤتمر في مصر يؤكد على احترام حقوق الإنسان، وسيتم تنظيم ندوتين في مقر المفوضية في جنيف خلال الأسابيع المقبلة حول ضحايا العمليات الإرهابية وجرائم تمويل قطر للمنظمات الإرهابية وتبريرها للعمليات الإرهابية عن طريق قناة «الجزيرة» ومن خلال مراكز الأبحاث التابعة لها وهناك مناقشة التقرير السنوي عن مصر الذي يحتاج إلى مساندة من كافة مؤسسات الدولة والعاملين في المنظمات الأهلية.

 

أحمد غازي


 
تحت مظلة الأمم المتحدة
أما أحمد غازي المدير الإقليمي للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان فقال إن المفوضية السامية لحقوق الإنسان تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة وهي تعمل على حفظ السلم والأمن الدوليين ولكن نتيجة لعورات شديد جدا في ميثاق الأمم المتحدة، مثل ما يسمى بحق «الفيتو» الذي منح دولا بعينها حق الاعتراض على قرارات تخص دولا أو ضد دول، من هنا أصبحت تمارس على الأمم المتحدة ضغوط سياسية، حيث تمارس الدول العظمى ممارسات غير قانونية عن طريق حلفاء لهذه الدول من أجل تعطيل قرار بعينة أو تمرير قرار بعينه، حيث إن أميركا وبريطانيا في جانب وروسيا والصين في جانب وكلاهما له حلفاء وبالتالي هذا يحدث في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من أن ميثاق المفوضية يؤكد حيادها إلا أن الأمر يخالف ذلك تماما.
وكشف غازي عن أن هناك الآلاف من المنظمات الدولية المسجلة في قاعدة بيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان عند ضخ تقارير عن دول بعينها سواء بالإيجاب أو بالسلب في الاستعراض الدولي الذي يعقد كل أربع سنوات لكل مجموعة يتم دائما النظر في تقارير مقدمة من منظمات دولية معينة مثل العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش، ومؤسسات حليفة تعمل تحت مظلة هذه المنظمات مثل منظمة حقوق الإنسان في لندن وهي تابعة لمنظمة هيومان رايتس ووتش، وبالتالي هذه المنظمات تلعب دورا بارزا في تحريك القرارات التي تصدر من المفوضية السامية لحقوق الإنسان عندما يكون هناك رغبة سياسية من الدول العظمى تجاه دولة معينة في نفس الوقت هناك دول بعينها عليها علامات كثيرة حول دعمها للإرهاب مثلا ولا يتم تحريك قرار ضدها على الرغم من سهولة إثبات هذه الأمور.
واعتبر غازي أن إثبات تورط هذه الدول عن طريق تقارير مخابراتية ومؤسسات دولية صادرة من بعض دول كبيرة مثل سويسرا التي رصد فيها ضخ أموال إلى منظمات متطرفة تقوم بعمليات إرهابية، لم تلفت انتباه هذه المنظمات العاملة في حقوق الإنسان والسبب في ذلك أنه ليس هناك رغبة من الدول العظمى في تحريك هذه القضايا ضد هذه الدول، لكن عندما يكون هناك رغبة يتم تحريك هذه المنظمات لإصدار تقارير ضد بعض الدول تحت إطار الأمم المتحدة حيث يتم تحريك هذه المنظمات بشكل سري وليس علنيا.

 

 

font change