زيارة بوتين إلى السعودية والإمارات... تعاون اقتصادي وتفاهم سياسي

زيارة بوتين إلى السعودية والإمارات... تعاون اقتصادي وتفاهم سياسي

* ثمة رؤية مغايرة من الجانبين؛ الروسي والإماراتي – السعودي في ضرورة إعادة رسم مسار العلاقات في ضوء المستجدات والتحولات التي تشهدها المنطقة
* شهدت الرياض وموسكو خلال السنوات الماضية تطوراً مهماً في طريق تعزيز علاقاتهما الثنائية في مجالات عدة، بدءاً من الاستثمارات المشتركة والتعاون في مجال الطاقة، مروراً بالمشاريع الثقافية
* تأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السعودية لتستكمل هذه الخطوات الهادفة إلى تعزيز سبل التقارب بين البلدين، وهو ما أكد عليه العاهل السعودي في كلمته الترحيبية بالرئيس الروسي
* زيارة الرئيس بوتين إلى الإمارات تأتي أيضا بعد مرور 12 عامًا على زيارته الأولى إلى أبوظبي عام 2007. كما تعد الثانية لرئيس روسي إلى دولة الإمارات منذ تأسيسها.
* لعل ما جاء على لسان الرئيس الروسي بأن: «دولة الإمارات تسهم بدور مهم في حل أزمات المنطقة وتدعيم الاستقرار فيها... وأن روسيا تنظر إلى الإمارات كأحد شركائنا الواعدين والقريبين لها»، ليؤكد على مكانة الإمارات ودورها في كثير من القضايا الإقليمية

في واحدة من أهم اللحظات التي تمر بها المنطقة العربية، حيث تموج بالتحولات والتغيرات والصراعات بعدما أصبحت ساحة للتدخلات الدولية والإقليمية المباشرة وغير المباشرة، تأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، خلال يومي 14 - 15 أكتوبر الجاري (2019) على التوالي. صحيح أن هذه الزيارة لم تكن مفاجئة أو طارئة ارتباطا بحدث ما، وإنما كانت زيارة مخططا لها وإن لم يكن منذ وقت طويل، إلا أن الإعلان عنها قبل إتمامها بما يقارب عدة أشهر يعكس رغبة الأطراف كافة في استكمال مسار لعلاقات بدأت بينهم خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك بعدما قررت موسكو أن تعود لاعبا فاعلا في منطقة الشرق الأوسط عبر وجودها المباشر كما هو الحال في سوريا أو غير المباشر كما هو الحال في موقفها ودورها في كثير من الأزمات والملفات في المنطقة بدءا من الملف النووي الإيراني مرورا بالملف العراقي واليمني وصولا إلى الملف الليبي وإن ظل دورها في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واحدا من أكبر الملفات الذي يحمل في طياته الكثير من عدم الوضوح رغم مواقفها المؤيدة للحق الفلسطيني في استعادة أراضيه المحتلة.
ومن هذا المنطلق، كانت ثمة رؤية مغايرة من الجانبين؛ الروسي والإماراتي – السعودي في ضرورة إعادة رسم مسار العلاقات في ضوء تلك المستجدات والتحولات التي تشهدها المنطقة، وتمثل الزيارة الأخيرة والمهمة التي قام بها الرئيس الروسي «بوتين» إلى البلدين خطوة مهمة في هذا الخصوص.
وفي ضوء ذلك يستعرض التقرير ما تمخض عن هذه الزيارة التي وصفتها كثير من الصحف والتحليلات بالتاريخية، نظرا لما تم خلالها من التوصل إلى تفاهمات سياسة واتفاقات اقتصادية وتجارية بين روسيا وكل من المملكة العربية والسعودية والإمارات، وهو ما يتناوله هذا التقرير من خلال محورين:



 
أولا: روسيا والسعودية... تفاهمات عدة واتفاقيات كثيرة
شهدت الرياض وموسكو خلال السنوات الماضية تطورا مهما في طريق تعزيز علاقاتهما الثنائية في مجالات عدة، بدءا من الاستثمارات المشتركة والتعاون في مجال الطاقة، مرورا بالمشاريع الثقافية، وصولا إلى العمل على تخفيف الإجراءات المتبادلة في مجال التأشيرات تسهيلا لتبادل الزيارات بين مواطني البلدين، وتأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري (2019) والتي تعد الأولى منذ 12 عاما والثانية في تاريخ العلاقات الروسية السعودية منذ أن جرت أول زيارة (2007)، لتعزز الشراكة متعددة الأوجه بين البلدين.
ومن الجدير بالذكر أن اهتمام موسكو بالمملكة العربية السعودية يعكس مدى حرصها على أهمية التنسيق المتبادل بينهما إدراكا من جانبها بالمكانة التي تشغلها المملكة دوليا وإقليميا، إذ تعد بدورها لاعبا رئيسيا في كثير من الملفات والقضايا التي تتراوح ما بين السياسية والاقتصادية والأمنية بل والإنسانية أيضا. 
على الجانب الآخر، يأتي الاهتمام السعودي بروسيا انطلاقا من إدراكها بأهمية روسيا كدولة محورية في العالم، فإلى جانب كونها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، لها حضور كبير في كثير من القضايا العالمية والإقليمية والتي تمثل نقاطا مشتركة بين البلدين.
ومن هذا المنطلق، يأتي حرص الطرفين على تعددية اللقاءات على أرفع المستويات، إذ مثلت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا عام 2015. نقطة الانطلاق الرئيسية في علاقات، عززتها الزيارة التاريخية التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو في أكتوبر 2017، ويوضح الجدول الآتي أبرز المحطات في مسار العلاقات السعودية الروسية:
 
محطات في مسار العلاقات السعودية الروسية
 

العام الحدث
1922 ابدت روسيا رغبتها في إقامة علاقات مباشرة مع المملكة 
1924 تم افتتاح قنصلية سوفياتية في الحجاز
1932 زار الأمير فيصل بن عبد العزبز موسكو عندما كان وزيرا للشؤون الخارجية 
1938 انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين
1962 زار موسكو الأمير فهد بن فيصل الفرحان آل سعود
1987 زار الأمير سعود الفيصل موسكو والتقى بأخر رئيس للاتحاد السوفياتي السابق «غورباتشوف»
1990 تكررت زيارات الأمير سعود الفيصل وكانت خاصة بشأن الموقف السوفياتي من احتلال العراق للكويت
1991 عودة العلاقات كاملة بين البلدين على مستوى السفراء
2004 زار الملك عبد الله بن عبد العزيز موسكو حينما كان وليا للعهد
2006 زار الملك سلمان بن عبد العزيز موسكو حينما كان أميرا لمنطقة الرياض وعقد لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
2007 استقبلت الرياض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز
2015 - 2017 زيارات متعددة للأمير محمد بن سلمان مهدت لمرحلة التعاون والشراكة السعودية الروسية
2017 زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو ولقاؤه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 
 

 
واليوم، تأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السعودية لتستكمل هذه الخطوات الهادفة إلى تعزيز سبل التقارب بين البلدين، وهو ما أكد عليه العاهل السعودي في كلمته الترحيبية بالرئيس الروسي بقوله: «إن ما سنعمل عليه من فرص استثمارية وتجارية مشتركة بين البلدين من خلال توقيع الكثير من الاتفاقيات، خصوصا في مجال الطاقة ستكون له نتائج إيجابية كبيرة على مصالح بلدينا وشعبينا»، وقد لاقى هذا الخطاب السعودي ترحيباً روسياً عبر عنه الرئيس الروسي بقوله: «أنا على يقين أنه من دون مشاركة المملكة العربية السعودية يستحيل تأمين التنمية المستدامة لأي من مشكلات المنطقة». 
وقد ترسخت هذه الرؤية المشتركة بين البلدين، من خلال ما استهدفته هذه الزيارة من العمل على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما، مع دفع عجلة الاستثمارات والمشاريع المشتركة، فضلا عن مناقشة المستجدات الطارئة في المنطقة والعالم، وهو ما أفرزته هذه الزيارة من خلال توقيع الطرفين على كثير من الاتفاقات في مختلف المجالات محل الاهتمام المشترك، ويمكن رصد ذلك من خلال ما يأتي:
 
1-           زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين، شهدت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقات الهادفة إلى تعزيز حجم التبادل التجاري بين البلدين، منها اتفاقية لإنشاء ملحقية تجارية بين البلدين، ومذكرة تفاهم في مجال تشجيع وحماية الاستثمارات، ومذكرة تفاهم في توسيع تصدير البضائع الغذائية الروسية، اتفاقية تعاون بين «سالك» وصندوق الاستثمارات الروسي المباشر بهدف بحث فرص الاستثمار في قطاعي الزراعة والغذاء. فضلا عن التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون الفني في مجال الإدارة الضريبية.
2-           تعزيز شراكة القطاع الخاص بين البلدين، حيث تم توقيع 17مذكرة تفاهم في مجالات عدة، أبرزها: الذكاء الاصطناعي والسكك الحديدية والأقمار الصناعية والطاقة والبتروكيماويات. كما تم منح 4 تراخيص استثمار لشركات روسية متخصصة في البناء والعقار وتقنية المعلومات والاستشارات المالية والهندسة المعمارية.
3-           النفط مرتكزا رئيسيا في جدول أعمال الزيارة، لن تكون مبالغة القول إن من بين أكثر النماذج المؤكدة على تعزيز التعاون المثمر بين البلدين، ذلك الاتفاق على خفض إنتاج النفط بين منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والبلدان غير الأعضاء في أوبك والمعروفة باتفاق «أوبك+»، حيث تنص الاتفاقية الموقعة في ديسمبر (كانون الأول) 2016. على خفض إنتاج 1.2 مليون برميل يوميًا حتى أبريل (نيسان) 2020. واستكمالا لما تحقق شهدت الزيارة توقيع الطرفين لميثاق التعاون بين الدول المنتجة للبترول، وذلك بهدف توفير دعامة قوية لمزيد من الاستقرار في سوق البترول ولتعزيز القدرة على التقلبات التي يتعرض لها هذا السوق من آن لآخر. كما تم خلال الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقات في هذا الخصوص، منها: اتفاقية تأكيد بين أرامكو السعودية وصندوق الاستثمار المباشر الروسي و«روسنانو» لشراء حصة أسهم «روسنانو» في شركة «نوفوميت»، وتبادل اتفاقية مشروع الميثانول في منطقة «أمور» في روسيا، كما تم تبادل مذكرة تفاهم بين «معادن» وشركة «فوس أجرو» للشراكات الاستراتيجية الروسية في مجال صناعة الاسمدة الفوسفاتية.
4-           الفضاء مجالاً لتعزيز علاقاتهما، إذ شهدت الزيارة توقيع اتفاقية تفاهم بين (الهيئة السعودية للفضاء) و(مؤسسة الفضاء الحكومية الروسية) تضمنت إعلان نوايا مشتركة في مجالات «الرحلات الفضائية المأهولة»، وتأتي هذه الاتفاقية استكمالا للاتفاقية التي وقعها الطرفان في أكتوبر 2017 إبان زيارة الملك سلمان لروسيا، في مجال استكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلمية، بحيث يتم التعاون في الرحلات الفضائية المأهولة، والاتفاق على تأهيل رواد فضاء سعوديين والتعاون في نظام الملاحة بالأقمار الصناعية– فلوناس. 
وفي السياق ذاته، جاء التعاون في مجال الطيران من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن الاستثمارات المشتركة في تأجير الطائرات لدعم صناعة الطيران الروسية، فضلا عن تبادل برنامج عمل بين هيئتي الطيران المدني للتعريف واعتماد المعايير الخاصة بصناعة الطائرات الروسية في السعودية.
5-           الثقافة والإعلام والسياحة... محاور مهمة ضمن ملفات الزيارة، حيث شهدت توقيع كثير من الاتفاقيات في هذا الخصوص، منها: مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، مذكرة تفاهم بشأن تسهيل وتنظيم منح تأشيرات الزيارة لمواطني البلدين، مذكرة تفاهم في مجال وسائل الإعلام العام، اتفاقية تعاون في مجال السياحة.
6-           التوافق بشأن كثير من قضايا المنطقة، رغم ما قد يبدو للبعض من أن ثمة تباين في رؤى الطرفين الروسي والسعودي بشأن بعض قضايا المنطقة، إلا أن ثمة توافق في الرؤى الكلية المتمثلة في أهمية استعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع المنطقة، من خلال توافق البلدين على رفض الأداة العسكرية في حل النزاعات التي تشهدها دول المنطقة واتفاقهما على ضرورة التوصل إلى حل سياسي يحافظ على وحدة أراضى الدول، التزاما بما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة وكافة المواثيق والمعاهدات الدولية احتراما لسيادة واستقلالية كل دولة، ورفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول. صحيح أن ثمة تباينا في مواقفهما في بعض الملفات على غرار الملف السوري وإن كان التباين في هذا الملف لم يكن شاملا بل ثمة توافق في بعض جوانبه مثل توافقهما على رفض التدخلات الإيرانية وأذرعها في الشأن السوري، كذلك رفضهما للعدوان التركي على الأراضي السورية. ولذا فمساحة التوافق بين الطرفين بشأن الملفات السياسية تشهد مزيدا من الاتساع في ظل التفاهم المشترك لدواعي ومصالح الطرفين معا وكذلك مصالح شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها، خاصة في ظل تزايد الدور السعودي وتشابكه في هذه الملفات مع ما تشهده السياسة الخارجية السعودية من تحولات مهمة ترتسم تحركاتها بناء على ملفات محددة وليس وفق محاور سياسة محسومة.


 
ثانياً: روسيا والإمارات... ملفات مهمة ولقاءات جوهرية
مثلت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الإمارات في الخامس عشر من أكتوبر الجاري (2019) عقب زيارته إلى المملكة العربية السعودية، ولقائه مع ولي عهد أبوظبي خطوة جديدة في مسار العلاقات الروسية الإماراتية التي شهدت تقاربا متزايدا منذ زيارتي الأمير محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى موسكو؛ الأولى في مارس (آذار) 2016، والثانية في يونيو (حزيران) 2018. ومثلتا نقلة نوعية في علاقات البلدين، خاصة زيارته الثانية التي تم خلالها توقيع البلدين لاتفاقية شراكة استراتيجية، حيث شملت الاتفاقية المجالات التجارية، والاقتصادية، والمالية، والاستثمارية، والثقافية، والإنسانية، والعلمية التقنية، إضافة إلى الطاقة والتعاون في مجال الأمن وغيرها.
وجدير بالذكر أن زيارة الرئيس بوتين إلى الإمارات تأتي أيضا بعد مرور 12 عامًا على زيارته الأولى إلى أبوظبي عام 2007. كما تعد الثانية لرئيس روسي إلى دولة الإمارات منذ تأسيسها عام 1971. ورغم أهمية ما حققته الزيارة الأولى عام 2007 إلا أن ما واجهته المنطقة منذ تلك الفترة كانت لها انعكاسات على مسار علاقاتهما التي شهدت تراجعاً استمر حتى تعززت بزيارتي ولي العهد التي سبقت الإشارة إليهما، لتأتي هذه الزيارة إضافة وتعزيزا لعلاقات البلدين من خلال ما تمخض عنها من اتفاقات وتفاهمات، تجلت في كثير من المؤشرات، أبرزها:
1-           توقيع المزيد من الاتفاقيات الثنائية الخاصة بالتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وذلك في إطار ما يشهده حجم التبادل التجاري بين البلدين من تزايد خلال السنوات الخمس الماضية، إذ ارتفع حجم هذا التبادل غير النفطي خلال هذه الفترة ليصل إلى نحو 14.1 مليار دولار، بينما بلغ التبادل غير النفطي بينهما خلال عام (2018) نحو 3.4 مليار دولار مقابل 2.5 مليار دولار في 2017، بنمو سنوي وصل إلى 36 في المائة، وسعى الطرفان إلى تعزيز هذا التعاون عبر توقيع مزيد من الاتفاقيات، فقد شهدت هذه الزيارة توقيع10 اتفاقيات تعاونية بين البلدين، تركزت في المجال الاستثماري، كان أبرزها الاتفاق الموقع بين الصندوق السيادي الروسي وشركة «مبادلة» للاستثمار (الصندوق السيادي الإماراتي) وذلك للعمل في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، والرعاية الصحية، والتعدين، والخدمات اللوجستية، والإنتاج الصناعي. ويذكر أن هذا ليس التعاون الأول بين الصندوق الروسي و«مبادلة»، حيث أبرم الجانبان في 2013 اتفاقا لإنشاء شراكة استراتيجية طويلة الأمد بقيمة 7 مليارات دولار، تم استثمار ملياري دولار منها في أكثر من 45 مشروعا تشمل مجالات مختلفة من الاقتصاد الروسي. وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى بدء التعاون الإماراتي الروسي في مجال الطاقة النووية السلمية، إذ أشار وزير الطاقة والصناعة سهيل المزروعي إلى أن «هناك تعاونا بين البلدين لشراء الوقود النووي الروسي وذلك في إطار برنامج الإمارات السلمي للطاقة النووية».
2-           زيادة توسيع حجم الشركات الروسية العاملة في السوق الإماراتية، إذ يذكر أن أكثر من 3 آلاف شركة روسية تعمل حاليًا في الإمارات، وتتركز أنشطتها في قطاعات العقارات والتجارة والتصنيع والاتصالات، إلى جانب 576 علامة تجارية و25 وكالة تجارية روسية مسجلة لدى الدولة.
3-           زيادة حجم السياحة الروسية، إذ باتت الإمارات تشكل إحدى الوجهات المفضلة للسياح الروس الذين يتصدرون قائمة أكثر الجنسيات زيارة للدولة خلال السنوات الثلاث الماضية. وبلغ عددهم خلال العام 2018 نحو 820 ألف سائح، وترجع هذه الزيادة في ضوء القرار الذي تم اتخاذه بشأن الإلغاء المتبادل للتأشيرات بينهما اعتبارا من فبراير (شباط) 2018.
4-           النفط... محور الارتكاز في ملف الزيارة، من غير شك تستفيد الإمارات من ميثاق التعاون الموقع بين روسيا والسعودية في مجال النفط في إطار صيغة «أوبك+» الهادفة إلى كبح الزيادة المفرطة في إنتاج النفط، خاصة في ظل تزايد حجم استثمارات مبادلة للبترول في قطاع النفط الروسي والتي تتجاوز 300 مليون دولار، وذلك بالتعاون مع الصندوق الروسي للاستثمار المباشر التابع للحكومة الروسية، حيث تم تأسيس مشروع مشترك مع شركة «غازبروم نفط» لتطوير عدد من حقول النفط في منطقتي «تومسك» و«أومسك» في غرب سيبيريا، وهو ما يعكس التطور الملموس في الشراكة والتعاون بين الجانبين نحو آفاق أرحب.
5-           الثقافة... حاضرة بقوة في ملف الزيارة، إذ شهدت الزيارة افتتاح «نورة بنت محمد الكعبي» وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتية فعاليات الأسبوع الإمارات الروسي، والذي عكس إدراكا من الجانبين أن التفاعل الثقافي بين المجتمع الإبداعي في البلدين سيسهم في التقريب بين ثقافتيهما ويوفر دفعة قوية لتنمية العلاقات الثنائية في المجالات كافة، والمجال الثقافي على وجه الخصوص والذي شهد تطورا بشكل متسارع خلال الشهور الماضية، حيث شاركت إمارة الشارقة ضيفًا مميزًا في معرض موسكو الدولي للكتاب في سبتمبر (أيلول) الماضي (2019) وذلك احتفاء بمكانتها الثقافية العربية والعالمية بعد اختيارها عاصمة عالمية للكتاب. كما استضافت العاصمة الروسية موسكو قمة «أقدر» العالمية الهادفة إلى بناء استراتيجيات وسياسات لتمكين المجتمعات وتعزيز قدراتها المعرفية والثقافية لتحقيق التطور الحضاري والرخاء الإنساني، كما تم اختيار روسيا ضيفة شرف الدورة الثلاثين في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2020. وتمثل هذه الفعاليات بداية لشراكة ثنائية مهمة في هذا المجال.
6-           الفضاء... محوراً مهماً للتعاون، حيث أكد رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديمترييف، على أهمية التعاون في هذا المجال بقوله: «لدينا شراكات ليس فقط على الأرض بل أيضا في الفضاء»، موضحا أن «إمكانيات التعاون غير محدودة». وفي هذا الخصوص، تجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت قد أرسلت في نهاية سبتمبر الماضي (2019) رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري (35 عاما) إلى محطة الفضاء الدولية في مهمة استمرت لثمانية أيام، وهو أول إماراتي يخرج إلى الفضاء، بما يفتح معه مزيدا من التعاون المشترك في هذا المجال.
7-           التنسيق الروسي الإماراتي في معالجة كثير من قضايا المنطقة، ولعل فيما جاء على لسان الرئيس الروسي بأن: «دولة الإمارات تسهم بدور مهم في حل أزمات المنطقة وتدعيم الاستقرار فيها... وأن روسيا تنظر إلى الإمارات كأحد شركائنا الواعدين والقريبين لها»، ليؤكد على مكانة الإمارات ودورها في كثير من القضايا الإقليمية.
نهاية القول إن ما تمخضت عنه زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من اتفاقات ومذكرات تفاهم، من شأنها أن تعزز مسار العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين موسكو وكل من الرياض وأبوظبي خلال المرحلة القادمة، وهو ما من شأنه أن تنعكس آثاره الإيجابية على علاقات التعاون بين كل من الطرفين.

font change