قانون المحروقات الجديد يثير عاصفة من الجدل بالجزائر

مخاوف من تحول الجزائر من مصدرة للطاقة إلى مستوردة

قانون المحروقات الجديد يثير عاصفة من الجدل بالجزائر

* مشكل الطاقة في الجزائر لا يتعلق بهبوط أسعار البترول فقط كما يروج المسؤولون بين الجزائريين، بل هو تراجع الإنتاج وعدم تجديد الاحتياطات منذ أكثر من 10 سنوات
* لخضر بن خلاف: تمرير مشروع قانون المحروقات في هذا الوقت من طرف حكومة تصريف الأعمال غير الشرعية والمرفوضة شعبيًّا يعدّ إجراءً غير دستوري وغير قانوني واستفزازاً للشعب الجزائري
* مراجعة قانون المحروقات الساري ليست وليدة اليوم، وأنه ليس من إعداد الحكومة الحالية أو بمبادرة منها
* خبير في شؤون الطاقة: أي تأجيل في إقرار قانون جديد للمحروقات سيتسبب في إضعاف القدرات التفاوضية للطرف الجزائري مستقبلاً
 

الجزائر: في خضم التجاذب السياسي الحادّ الذي تشهده الجزائر بسبب عدم التوافق على الذهاب لانتخابات رئاسية جديدة منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) القادم، برز في المشهد العام نقاش آخر لا يقل أهمية وخطورة بشأن مستقبل البلاد، ويتعلق الأمر بقانون المحروقات الجديد، الذي تمت المصادقة عليه هذا الأسبوع من طرف مجلس الوزراء، حيث اعتبره البعض مساسًا بالسيادة الوطنية، لأنه يمنح تسهيلات غير مسبوقة للشركات النفطية الأجنبية، في حين يراه آخرون ضرورة ملحّة، كون البلاد تواجه خطر نفاذ احتياطاتها النفطية التي لم تُجدد منذ عشر سنوات، ما يهدد الجزائر بأن تتحول من بلد مصدر للمنتجات النفطية إلى بلد مستورد بحلول عام 2030.

وضمن مسلسل مقالاته «الانتقال الطاقوي هو الحلّ» المنشورة قبل عامين، تنبأ رئيس «حركة مجتمع السلم» عبد الرزاق مقري بالأزمة التي تهدد الجزائر اليوم، حينما أشار إلى أن «الجزائر ليست من البلدان الغنية كثيرا بالنفط والغاز كما يعتقد كثيرون، وأن مشكل الطاقة في الجزائر لا يتعلق بهبوط أسعار البترول فقط كما يحاول المسؤولون ترويجه بين الجزائريين، وأن المشكل الذي هو أكبر من مشكل تراجع الأسعار هو تراجع الإنتاج وعدم تجديد الاحتياطات منذ أكثر من عشر سنوات»، مؤكدًا أن «مخاطر تراجع الاحتياطي سيصيب الجزائر قبل أغلب الدول المنتجة الأخرى المهددة بنفس الظاهرة، وأن المشكل الأكبر الآخر الذي لا يقل خطورة عن مشكل تراجع الإنتاج هو مشكل ارتفاع الاستهلاك المحلي بسبب ارتفاع عدد السكان وقلة الفعالية الطاقوية».

وفي تقدير مقري فإن «طبيعة هذه الأزمة وأبعادها الثلاثية هي التي تهدد تحول الجزائر من دولة مصدرة للطاقة إلى دولة مستوردة في آفاق 2030 إن لم تتغير السياسات».

ما حذّر منه مقري قبل عامين بات واقعًا اليوم، حيث دفع شُح الموارد المالية للبلاد، وانهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية بالجزائر، بالحكومة الحالية التي توصف بأنها «لا شرعية»، وأنها مجرد «حكومة تصريف أعمال وليست حكومة قرارات» إلى الإسراع بعرض قانون جديد للمحروقات على رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، قبل إرساله للبرلمان للتصويت عليه.
 

سونطراك الجزائرية


 

ويقترح مشروع القانون حوافز ضريبية للشركات الأجنبية، حيث أعفت نشاط المنبع «البحث والاستكشاف والتنقيب» من الرسم على القيم المضافة، بما فيها عمليات استيراد السلع والخدمات المرتبطة مباشرة بهذا النشاط، بالإضافة إلى إعفاء الشركات من الرسوم المفروضة على النشاط المهني. كما تم رفع آجال تراخيص البحث والاستكشاف من عامين إلى7  أعوام، يمكن تمديدها لعامين إضافيين، على أن تكون المدة القصوى لاستغلال حقول النفط والغاز32  عامًا.

وبخصوص حالات بيع وتنازل الشركات الأجنبية عن حصصها في المشاريع المقامة، فقد أعطى مشروع القانون الجديد الأولية لشركة سوناطراك الجزائرية في الحصول على الحصص ضمن ما يعرف بحق «الشفعة»، حيث يمنحها الحق في تقديم عرض الشراء خلال فترة لا تتجاوز 60 يومًا من تاريخ إخطارها من طرف وكالة تثمين موارد المحروقات الجزائرية.

طرح مشروع القانون جاء تزامنًا مع مساعٍ تقوم بها شركة سوناطراك النفطية الحكومية مع الشركات النفطية الأجنبية أبرزها شيفرون وإكسون موبيل الأميركيتان من أجل عقود الاستكشاف وإنتاج النفط، إلى جانب عدة شركات أخرى أرسلت لها وفودًا إلى الجزائر للاطلاع على القانون الجديد، ومعرفة التحفيزات التي يقدمها.

وفي المقابل أثار عدم طرح مشروع القانون للنقاش العام بين الخبراء والسياسيين عضب الجزائريين الذين تظاهروا أمام البرلمان تعبيرا عن رفضهم للقانون، خاصة بعد تمريره من خلال الحكومة الحالية التي يعتبرها الجزائريون حكومة «غير شرعية»، واتهمت مجموعة من القوى والشخصيات السياسية، الحكومة بإشاعة مزيد من أجواء التوتر، والسعي لتفجير الأوضاع في البلاد، على خلفية طرح القانون، معتبرة أن التوقيت غير مناسب لذلك، ولا سيما قبيل الانتخابات الرئاسية، ونظرًا لطبيعة الحكومة الحالية كحكومة تصريف أعمال لا تملك الشرعية السياسية الكافية لصياغة وطرح قانون بحجم قانون المحروقات، الذي ترتبط به موازنة البلاد واقتصادها ومنظومتها الاجتماعية، ووصفت القانون المقترح بأنه «تسليم مقنن لثروات البلاد للأجانب».

وفي السياق أعلن رئيس الحكومة السابق، والمرشح الرئاسي المحتمل علي بن فليس، أنه يرفض طرح القانون دون حوار شامل وموسع. وقال في بيان، الأحد «لا يتصور إطلاقًا أنّ ملف المحروقات يفتح دون حوار شامل واستشارات واسعة مع كل الفعاليات المكونة للشعب الجزائري، لأنه ملف استراتيجي ومصيري بالنسبة إلى الشعب وللبلد». ومضى قائلا: «لا يعقل في هذا الظرف الخاص الذي يتميز بعدم شرعية المؤسسات وبالخصوص الحكومة والبرلمان أن يتصرف في مصير خيرات الجزائر»، وطالب بـ«إرجاء بتّ هذا الملف المصيري إلى غاية تنصيب مؤسسات تتمتع بالشرعية ولها القدرة على فتح حوار جاد ومعمَّق في هذا الموضوع المصيري بالنسبة إلى الأمة».

 

عبد العزيز رحابي

وفي منشور له عبر صفحته الرسمية في «فيسبوك»، كشف وزير الاتصال السابق عبد العزيز رحابي أن «النص الأولي للقانون ظهر في 2002 في شكل مشروع صاغه خبير أميركي سابق للبنك العالمي هو روبرت بليزنت، ووافق عليه البرلمان الجزائري في عام 2005»، وكشف رحابي أن «القوى الوطنية حاربت القانون، واتهمت بكل الأوصاف وبضرب المصالح العليا للدولة، ثم تم سحب هذا القانون تحت ضغط أكبر الدول المنتجة للبترول وهي السعودية وفنزويلا ونيجيريا، بحكم أنه يعطي امتيازات خارقة للعادة، قد تمثل سابقة خطيرة في التعامل مع الشركات العالمية».

وأوضح رحابي أن «بوتفليقة الذي كان يراقب دون منازع ولا مراقب، قانون المحروقات وظّف الموارد المعدنية كوسيلة لشراء الود أو الصمت الأجنبي كلما اقترب موعد انتخابي.. يظهر أنه لم يكن لديه ما يعطيه غير ذلك... الثروات للأجانب والوعود للجزائريين». ويتساءل: «هل يعقل اليوم أن حكومة تصريف أعمال، منبوذة شعبياً وسياسياً تستقوي برضا قيادة الجيش على سياسة الحكومة للفصل في ملفات مصيرية، في هذا الظرف الحرج؟». ويتابع: «لا أفهم لماذا السلطة تستعطف الشعب لِيَنتخب وتستصغره في القضايا الأساسية!».

ويرى رحابي أن الحلول تكمن في «سياسة طاقوية تراعي ترشيد الاستهلاك، مع تشجيع الانتقال الطاقوي عن طريق مصادر أخرى للطاقة، والاستثمار في صناعة تحويلية للبترول والغاز، مع تنويع الاقتصاد وخلق ثروات جديدة للخروج من التبعية الهيكلية للمحروقات، وأخيرا الحد من البيروقراطية والفساد لاستقطاب الاستثمار الأجنبي»، ما سبق لا يتم برأيه إلا «في ظل مراقبة شعبية للثروات الوطنية».

 

لخضر بن خلاف

وبالنسبة للقيادي في «جبهة العدالة والتنمية»، وعضو البرلمان لخضر بن خلاف فإن «تمرير مشروع قانون المحروقات في هذا الوقت من طرف حكومة تصريف الأعمال غير الشرعية والمرفوضة شعبيًّا يعدّ إجراءً غير دستوري وغير قانوني واستفزازا للشعب الجزائري». وأضاف في تصريح لـ«المجلة» أن «قانون المحروقات يُعدّ قانونًا حساسا وسياديا يرتبط أساسًا بالملكية العامة التي هي ملك للمجموعة الوطنية وفقًا للمادة18  من الدستور، وتشمل باطن الأرض والمناجم والمقالع والموارد الطبيعية للطاقة والثروات المعدنية الطبيعية والحيّة في مختلف مناطق الأملاك الوطنية والبحرية والمياه والغابات، حيث إن المادة19  من الدستور تلزم الدولة أن ترشّد استعمال الموارد الطبيعية والحفاظ عليها لصالح الأجيال القادمة».

ورغم أن مشروع القانون حافظ على قاعدة (51-49)  في مجال الاستثمار، كما حافظ على حق الشفعة لصالح شركة سوناطراك، وحدّد مدة العقود بالنسبة للشركاء الأجانب، إلا أن بن خلاف تحفّظ في نفس الوقت في «منحهم تحفيزات كبيرة وضخمة في المجال الجبائي»، ويرى أن القانون إلى جانب ما سبق كان «محل جدال منذ أن وضعه شكيب خليل سنة2005  وتعديله سنة2013  ومحاولة مراجعته وتمريره من طرف العصابة سنة 2017».

لكل هذه الأسباب وغيرها، يعتبر بن خلاف وهو أيضا مهندس دولة في استغلال المناجم أن الإصرار «على تمرير هذا القانون اليوم والجزائر تعيش فترة انتقالية يُعدّ مخالفًا للدستور»، والواجب في تقديره «يفرض بأن مثل هذه القوانين الحساسة والسيادية تدرس وتمرر من طرف رئيس شرعي يحوز ثقة الشعب وحكومة شرعية وبرلمان شرعي يأتي عن طريق الانتخابات النزيهة التي تحترم فيها الإرادة الشعبية».

 

سليمان ناصر

الخبير الاقتصادي سليمان ناصر لخص لـ«المجلة» أهم بنود مشروع القانون من خلال نسخته الأخيرة التي صادق عليها مجلس الوزراء الأحد، وأوضح أن «القانون يحتوي على 57 صفحة، ويمكن تلخيصه في عدة نقاط أساسية أبرزها، منحه صلاحيات واسعة لسلطة ضبط المحروقات من حيث الرقابة واحترام شروط العمل والحفاظ على البيئة من جميع الأطراف، رخصة التنقيب لا تعطي الحق الحصري للمتعامل في التنقيب، بمعنى قد تمنح رخص أخرى لمتعاملين آخرين في نفس المساحة، كما أن العقود المتعلقة بالمحروقات تخضع للقانون الجزائري، وينص على استخدام الطرق الودية في فض النزاعات، وقد يسمح عند الضرورة باللجوء إلى التحكيم الدولي».

وكشف ناصر أن «عقد المحروقات يتم إبرامه لمدة 30 سنة، تبدأ من تاريخ دخول العقد حيز التنفيذ، وهذه المدة تشكل فترة تنقيب لا تتجاوز 7 سنوات زائد فترة استغلال، ويجوز تمديد العقد لمدة لا تزيد على 10 سنوات»، وبيّن أن «عقد استغلال حقل أو عدة حقول يمتد لـ25 سنة، ويمكن أن تمد يده لـ10 سنوات كحد أقصى».

وبالنسبة لحدود الإنتاج بالنسبة للمحروقات يحددها وزير الطاقة، ويمكن تطبيق قيود على الإنتاج لأسباب تتعلق بالسياسة الوطنية في إشارة إلى التزامات الدولة تجاه أوبك، وتعطي الأولوية لتلبية احتياجات السوق الوطنية، بمعنى لا يجب أن تنقص حصة الاستهلاك المحلي لزيادة التصدير، كما يمكن تخفيض الضرائب والرسوم على دخل المحروقات بالنسبة للمؤسسة الجزائرية، والأطراف المتعاقدة معها لتمكينهم من تحقيق عائد اقتصادي مقبول في حالة ارتفاع تكاليف الاستغلال، أو انخفاض كبير في أسعار المحروقات، بشرط أن لا تقل هذه المعدلات بالنسبة للرسم أو الإتاوة على المحروقات عن 5 في المائة، وبالنسبة للمعدل الأقصى على دخل المحروقات 20 في المائة، وبين ناصر أن «التخفيض الضريبي جاء لجميع الأطراف وليس للأجانب فقط».

وكشف ناصر أن «الحكومة حافظت على قاعدة51-49  للاستثمار مع الأجانب في مجال المحروقات والطاقة عمومًا، ومنح الأولوية للشركات الجزائرية في مجال المناولة خاصة في المشاريع المشتركة بين سوناطراك الجزائرية والأجانب. كما منح الأولوية في التوظيف للكفاءات الجزائرية خاصة فيما يتعلق بأنشطة المنبع».

وأوضح أن أنشطة المنبع (البحث، والاستكشاف، والتنقيب، والإنتاج)معفاة من الضريبة على القيمة المضافة TVA، ومن الرسم على النشاط المهني TAP، ومن الرسوم الجمركية على واردات السلع الرأسمالية المستخدمة في الأنشطة المذكورة سابقًا، مع إلغاء الرسوم على التوطين البنكي عند استيراد السلع المذكورة أيضًا. مؤكدًا أن «الإعفاء لجميع الأطراف، سوناطراك والأجانب، ولم يقل القانون بالنسبة للأجانب فقط كما يُروّج له».

وبالنسبة لحق الشفعة الذي يكفله القانون للطرف المحلي يجب أن يطبق خلال 60 يوما من تاريخ إعلام هذا الأخير بالبيع أو التنازل، وإلا تعتبر الشركة المحلية متنازلة عن حقها، واعتبر ناصر أن «هذه المدة تعتبر قصيرة نسبيًا نظرا للتعقيدات الإدارية إلى تسود مثل هذه القضايا، وأوضح مثال على ذلك بيع أصول شركة أناداركو إلى توتال والتي تجاوز هذه المدة بكثير».

واختتم ناصر حديثه بالقول: «لست هنا لأبيّض هذا القانون، ولكن أعتقد أنه لا يستحق كل هذه الضجة من حيث المضمون، خاصة في ظل تراجع إنتاجنا من المحروقات وارتفاع الاستهلاك المحلي منها، حيث تشير الأرقام إلى تزايد الاستهلاك المحلي على حساب التصدير، وتشير التوقعات إلى أننا قد لا نجد ما نصدره في غضون 2030. وربما قبل ذلك في ظل مستوى الإنتاج الحالي. وتلك الإعفاءات الضريبية جاءت كتحفيزات للمستثمرين الأجانب في قطاع المحروقات إذ إن الكثير من المناقصات التي أطلقتها وزارة الطاقة في السنوات الأخيرة انتهت من دون جدوى أو بعدد قليل جدًا من المستثمرين، فكان لا بد من معالجة الأمر».

ربما الشيء المتفق عليه في تقدير ناصر في «الرفض هو التوقيت، أي إقراره من طرف حكومة تصريف أعمال مرفوضة شعبيًا، ثم المصادقة عليه من طرف برلمان مطعون في شرعيته». وللذين يقولون إن هذا القانون قد تأخر كثيرًا يجيبه ناصر بالقول بأن «إكمال ذلك التأخر بشهرين أو ثلاثة لغاية انتخاب رئيس وبرلمان شرعيين لن يضر بهذا القانون، حتى تتم مناقشته وإقراره من طرف جهات شرعية، وحتى يتم حسم بعض القضايا العالقة والخطيرة مثل الغاز الصخري، وهذا ما يعطيه في النهاية مصداقية وشرعية أكبر».

وفي مساهمة شخصية له نشرها عبر صفحته الرسمية في «فيسبوك» يرى الخبير في الشؤون الطاقوية مهماه بوزيان أن «أي تأجيل في إقرار قانون جديد للمحروقات سيتسبب في إضعاف القدرات التفاوضية للطرف الجزائري مستقبلاً»، مشددًا على أن أي تأجيل «سيسقط المفاوض الجزائري في فخ الاضطرار لتقديم تنازلات غير واردة إطلاقًا الآن للشريك الأجنبي، وليس العكس حسب ما يروج له الآن حول مضامين هذا القانون».

وكشف مهماه أن «مراجعة قانون المحروقات الساري ليست وليدة اليوم، وأنه ليس من إعداد الحكومة الحالية أو بمبادرة منها، لأن جوهر العمل مرتبط بمؤسسة سوناطراك كمؤسسة وطنية تقود المنظومة الاقتصادية الوطنية وتمولها، حيث المراجعات الجوهرية بدأت منذ سنة 2012، فأدخلت تعديلات جوهرية على الجباية عام 2013. لكن لم تأت هذه المراجعات بالنتائج المرجوة، واستمر التفكير بتعديل القانون لكن الوزراء المتعاقبين لم يباشروا بالخوض في هذا الموضوع الحساس حتى عام 2017. 

أين تم تنصيب فوج عمل متخصص من إطارات قطاع الطاقة؟ خلص بداية إلى اقتراح مراجعة شاملة تتجاوز تعديل القانون الحالي الذي أثبت محدوديته، وضرورة التوجه لوضع قانون جديد، الأمر الذي استغرق أكثر من سنة ونصف السنة من البحث والتقصي والاستشارة الموسعة وتقييم الخبرات، بعد ذلك تم عرض المشروع في مجلس وزاري مصغر لمرتين في عهد الحكومة السابقة ثم مجلس مصغر آخر في عهد هذه الحكومة»، ويرى مهماه أن «إقرار المشروع خلال ثلاثة مجالس وزارية مصغرة، ثم عن طريق مجلس حكومة موسع يعطي صورة عن أهمية المشروع وثقله، وأنه حظي بما لم يحظ به أي مشروع قانون آخر».

وفي تقدير مهماه فإنه «في النهاية لم يكن كل هذا الوقت المستغرق في صالح القانون، وليس في صالج قطاع الطاقة، ولا في صالح الاقتصاد الوطني»، لأن «أمننا الطاقوي دخل مرحلة التهديد الجدي، وأي مزيد من التأخر تحت أي مبرر كان سيجرنا إلى تعقيدات غير محمودة العواقب، لذلك ينبغي تحرير هذا القانون في أقرب وقت، حتى نتيح لقطاع الطاقة الشروع في إطلاق مناقصات جديدة».

وبخصوص انتقادات البعض لإقرار القانون من أطراف حكومية توصف بأنها «لا شرعية» أكد مهماه أن «الحكومة القائمة قامت بالإفراج فقط عن القانون المحتجز منذ مدة في أروقة مسارات النقاش، وأقدمت على تحريره من التعطيل والتأخير»، وأشار إلى أن «الرئيس الذي سينتخب مستقبلا له كامل النظر في القانون، فإن تبين له أي قصور بإمكانه تعديله أو إلغاؤه، باعتبار أن للرئيس كامل الأهلية في إلغاء أي عقد يجده يمس بالسيادة الوطنية ويخل بمبدأ الثروة ملك للمجموعة الوطنية».

font change