أزمة مالية غير مسبوقة… هل ستضرب المجاعة لبنان؟

55 % من الشعب اللبناني يصنفون فقراء

أزمة مالية غير مسبوقة… هل ستضرب المجاعة لبنان؟

* المجاعة التي قتلت ثلث اللبنانيين عام 1915... هل ستتجدد في القرن الـ21؟
* الليرة اللبنانية فقدت أكثر من 50 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في السوق الموازية
* ارتفاع أسعار السلع 25 % واختفاء سلع أخرى
* شمس الدين: 800 ألف لبناني دون خط الفقر غير قادرين على تأمين الغذاء
* حبيقة: لا مجاعة في لبنان، ثمة من يعمل على بث الشائعات والتهويل إما عن سوء نية أو عن جهل
* برو: الأمن الغذائي في خطر... إمكانية الاستهلاك والاستيراد على الطريقة القديمة انتهت
* علوش: لبنان ليس بعيداً عن المجاعة

بيروت: كشفت الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بؤر الفقر الآخذة في التزايد بسبب الظروف المالية والسياسية، فلم يسبق أن وصلت الأزمة الاقتصادية والنقدية في لبنان إلى هذه الدرجة من التدهور حتى خلال الحروب والاجتياح الإسرائيلي، جميع الوقائع تشير إلى أن الاقتصاد اللبناني لم يعد مأزومًا، إنما دخل مرحلة الانهيار. حتى الليرة اللبنانية لم تسلم من هذا المصير بعد فقدانها أكثر من 50 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في السوق الموازية مع تخطي سعر الصرف عتبة الـ2000 ليرة للدولار الواحد، (بعد أن كان ثابتا على 1507 ليرات منذ سنوات).
ومع شحّ الدولار في الأسواق وفرض المصارف قيودا وإجراءات قاسية على أموال المودعين وتحديد سقف لتلبية حاجاتهم من دولاراتهم لا يتجاوز الـ200 و300 دولار في اليوم إضافة إلى منع التحويلات المصرفية، يمكن الاستنتاج بوضوح أن ثمة كارثة اجتماعية ستحل على رؤوس المواطنين، كون الأزمة بدأت تفتك بكل القطاعات الإنتاجية والخدماتية، وهو ما بات يلمسه اللبناني عن قرب مع الارتفاع الجنوني الحاصل في أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية.
 
المزيد من الأزمات الاجتماعية والمعيشية
حبل الغلاء يشد الخناق على رقاب المواطنين، القدرة الشرائية انحسرت، الطبقة الوسطى العاملة اختفت، أما الرواتب فاقتُطِعت، وأمام هذا المشهد لا يمكن تفسير ما يحصل إلا في إطار توقّع المزيد من الأزمات الاجتماعية والمعيشية، يترافق ذلك مع انهيار كلّي لنظام شبكة الأمان الاجتماعي المُتهرئ أصلاً والتي بدأت تنعكس مع إنهاء 4 مواطنين حياتهم في أقل من 72 ساعة.
وقد دفعت الأزمة الكثير من المحال والمؤسسات التجارية إلى إقفال أبوابها، فيما تعاند مؤسسات أخرى وتواصل العمل ضمن شروط وإجراءات قاسية، إذ جرى تخفيض رواتب الموظفين إلى النصف وتسريح عدد كبير منهم. وتشير الأرقام إلى أن هناك نحو 560 ألف عائلة تعتاش من القطاع ‏الخاص، واليوم أكثر من نصفها مهدّد بأن يصبح في الشارع خلال الأربعة أو الخمسة ‏أشهر المقبلة مع استمرار الوضع على حاله، فيما أكد البنك الدولي أن خسارة الليرة اللبنانية نحو 25 في المائة من قيمتها، ستُدخل 50 في المائة من سكان لبنان في الفقر.


 
مجاعة
وأمام هذا الوضع الاقتصادي والمعيشي، بات السؤال الأكثر إلحاحا اليوم: هل أصبح لبنان على أبواب مجاعة لم يشهد مثلها منذ الحرب العالمية الأولى التي أدت قبل قرن من الزمن إلى هلاك ثلث سكانه؟ 
المواد الغذائية بدأت تختفي من الأسواق، والأسعار بلغت حدودًا قياسية، بحيث بات المواطن أعجز من أن يؤمن معيشته. والأخطر أيضا أن شح السيولة والدولار انعكس أيضا على القطاع الصحي والاستشفائي الذي رفع الصرخة في ظلّ التخوّف من انقطاع الدواء والنقص الكبير الذي تعاني منه المستشفيات في المعدات الطبية.
وما عكس سوداوية المشهد مناشدة رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، الدول الصديقة تأمين اعتمادات للتمكن من استيراد المواد الضرورية، ما يشير إلى أن لبنان فعلا قادم على أزمة كبيرة، وهو ما يتقاطع مع الحديث عن تحركات دولية منذ أكثر من أسبوعين ترتكز على مباحثات تجريها بعض السفارات الأجنبية في لبنان مع منظمات وجمعيات دولية تقدم المساعدات الغذائية، تطرح تلك الجهات خطوات جدية لتأمين مساعدات غذائية للبنان في عام 2020. إذ ترى الجهات الدولية أن اللبنانيين سيكونون بحاجة لمساعدات غذائية، بفعل انهيار عملتهم واختفاء المواد الغذائية من الأسواق، في ظل عدم القدرة على الاستيراد.


 

لويس حبيقة


في هذا السياق، أكّد الخبير الاقتصادي لويس حبيقة، لـ«المجلة» عدم وقوع مجاعة في لبنان، مشيرا إلى أن «ثمة من يعمل على بث الشائعات والتهويل، إما عن سوء نية وإما عن جهل».
ورأى حبيقة أن «الأزمة الحقيقية في لبنان تتمثل بعدم وجود أفق بالوضع السياسي، فمثلا لا أحد يستطيع تحديد وقت محدد لانتهاء الأزمة الحكومية، مضيفا: «هناك خلافات عميقة وجذرية في المجتمع اللبناني وهو ما ينعكس بدوره على إيجاد آلية عمل للخروج من الأزمات الواقعة»، وتابع: «في ظل هذا الوضع يصعب التوقع بما يمكن أن يحدث في الأيام المقبلة».
وأكد حبيقة أن «مجرد التكليف والتشكيل الحكومي من شأنه أن يحلّ 50 في المائة من الأزمة»، مشيرا إلى أن «طلب الحريري اعتمادات من الدول الصديقة للاستيراد يأتي في ظل أزمة الدولار الحاصلة ولا ضرر من المساعدة حتى استتباب الأوضاع»، لافتا أن «القيود المصرفية المتخذة هي وقائية ومؤقتة ولا تعني الوصول إلى الانهيار لا سيما في ظل عدم وضوح الأفق السياسي»، مؤكدا أنه «مجرد حدوث خرق ما في الملف الحكومي فإن المصارف حتما ستزيل القيود المفروضة».
ختاما، أشار حبيقة إلى أنه في حال استمر الوضع على حاله دون حل سياسي، فإن الوضع في لبنان سينحدر، وهو ما يعني نموا سلبيا، وفي العام الحالي سيكون النمو صفرا والعام المقبل قد ينخفض النمو إلى سالب 2. 
في الوقت نفسه رأى أنه «لا يمكن أن تستمر الأزمة السياسية إلى هذا الحدّ فالمجتمع اللبناني صحيح غير قادر على حلّ أزماته لكنه ليس انتحاريا، وبالتالي لا بدّ أولا وأخيرا الوصول إلى تسوية سياسية تساهم في الحدّ من الخسارة».


 
ارتفاع الأسعار واختفاء السلع
تحوّلت معالجات أزمة شحّ الدولار في الأسواق إلى عملية «ترقيع» لم تُفلح حتى الساعة في حل أزمة القطاعات الثلاث التي شملها مصرف لبنان في تعميمه (رقم 530)، المحروقات والأدوية والقمح. ولم تتمكّن من تأمين حاجتها من الدولارات.
 
سعر ربطة الخبز لا يزال صامدًا رغم إنقاص 100 غرام منها، إلا أنه «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان»، فالتجار رفعوا أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية التي أصبحت أسعارها تتقلّب بين يوم وآخر تبعًا لـ«بورصة» سعر صرف الدولار في السوق غير الرسمية، فبين أزمة اللحوم والدواجن والأجبان والألبان الحبل على الجرار، والمواطن وحده الضحية.
وفيما أشار وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال منصور بطيش، إلى أن التموين مؤمن على 3 أشهر ولن نصل إلى فقدان مواد غذائية ورفع الأسعار مراقب من قبل وزارة الاقتصاد، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو، لـ«المجلة» إنه «للمرة الأولى يشهد لبنان ارتفاعا في الأسعار بنسبة 20 – 25 في المائة في شهرين فقط»، مشيرا إلى أن «لبنان أمام أزمة خطيرة مع فقدان السلع المستوردة والتي من المتوقع أن تتضاعف في الأيام المقبلة نظرا لأن المحال التجارية في الوقت الحالي لا تزال تمتلك بضائع في مستودعاتها».
 

رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو



وأكد برّو أن «إمكانية الاستهلاك والاستيراد على الطريقة القديمة انتهت، وبالتالي لبنان يتجه نحو وضع جديد تماما، فعلى سبيل المثال الألبان والأجبان التي كان يتم استيرادها بكميات هائلة تقدر بمليار و200 مليون دولار سنويا من الخليج وأوروبا ستتوقف، وبالتالي سنفتقدها من الأسواق وستصبح فعلا من الكماليات»، مشددا على أنه «في ظل السياسات القائمة ومع نفاذ مخزون التجار يصبح الأمن الغذائي في لبنان في خطر».
وأمام ما يتم تداوله من إمكانية حدوث مجاعة، أكد برو أن «اليوم ثمة مطالبة بمد الدعم المصرفي من المحروقات والأدوية والطحين ليشمل اللحوم والدواجن والحبوب وكذلك الألبان والأجبان لأهميتها في مسألة الأمن الغذائي»، مشيرا إلى أن «الأموال المعدة للاستيراد وللاستخدام قليلة جدا وهي في الحقيقة أموال المودعين الموجودة في المصارف، وبالتالي ثمة صعوبات بالغة والاستنجاد بالخارج ليس هو المدخل الصحيح على الإطلاق إذ يجب الذهاب نحو إجراءات فورية تنقذ ما تبقى من سيولة في البلد».
هذا وشدد برّو على أن «الأزمة تكمن في الأساس بالتفاوت الكبير الحاصل بين التصدير والاستيراد، إذ لا يعقل أن يستورد بلد بنحو 20 - 30 مليار دولار ويصدر بحدود الثلاثة مليارات، وتابع أنه «عمليا ونتيجة وقف الاعتمادات للاستيراد وتقنينها بشكل كبير سيؤدي حكما إلى انخفاض عمليات الاستيراد»، لافتا إلى أن «الأزمة ليست فقط على المواد الغذائية إنما تمتد أيضا للأدوية والأدوات الكهربائية والسيارات وغيرها من السلع الاستهلاكية».
كما رأى برّو أن «هذه الأزمة هي فرصة للصناعة المحلية والزراعة كي تزدهر كما كانت في سبعينات القرن الماضي والتي انهارت بسبب الحرب ومن ثم بسبب السياسات الاقتصادية الريعية والمصرفية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة منذ التسعينات، وهو ما أوصل البلد إلى هذه المرحلة»، وأشار إلى أن هذا الأمر يتطلب وقتا ويتطلب أيضا وقف الفساد داخل هذه القطاعات إذ لا يمكن استمرار الاحتكارات في معظم القطاعات».


 
نسب الفقر في تزايد.. لبنان كما لم نره من قبل
كشفت الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ 17 أكتوبر الماضي بؤر الفقر الآخذة بالتزايد بسبب الظروف المالية والاقتصادية والسياسية، وساهمت جولات القنوات التلفزيونية على مختلف المناطق في التعرف على الوجه الآخر للبنان مع وجود حالات تعيش دون أي مقومات للحياة الكريمة.
بالأرقام، في العام 2015، كان في لبنان نحو 350 ألف مواطن، الواحد منهم يعيش بأقل من دولارين في اليوم بحسب أرقام الأمم المتحدة، ما يعني أنهم عاجزون عن تأمين حاجاتهم الأساسية. أما في العام 2018، فوصلت نسبة اللبنانيين الذين يرزحون تحت خطّ الفقر إلى أكثر من 35 في المائة، بحسب تقرير البنك الدولي.


 

محمد شمس الدين


في هذا السياق، أكّد الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، في حديث لـ«المجلة» أن 55 في المائة من الشعب اللبناني بحسب المقاييس العالمية يصنفون فقراء، و25 في المائة (800 ألف لبناني) دون خط الفقر أي إن دخلهم لا يكفي لتأمين غذائهم، و35 في المائة (مليون ومائتا ألف لبناني) على خط الفقر أي إن الدخل كاف لتأمين الغذاء فحسب، لكن لا يستطيعون تأمين الحاجات الأخرى كالطبابة والملبس والسكن والتعليم.
وعن خريطة توزيع الفقراء قال شمس الدين، إنهم يتوزعون على طول الجغرافيا اللبنانية إلا أن النسب الأكبر في الهرمل وعكار، وطرابلس، وعرسال والمناطق القريبة من بيروت وضواحيها: كصبرا، وشاتيلا، والنبعة، وبرج حمود، وغيرها من المناطق.
إلى ذلك أشار شمس الدين إلى أنه «منذ 7 سنوات يرتفع مسار نسب الفقر من 5 إلى 7 في المائة سنويا»، مؤكدا أنه «لا شك في ظل الأزمة الحاصلة ومع ارتفاع نسب البطالة وتخفيض الرواتب سترتفع نسب الفقر في الأشهر القادمة في حال لم يتم إيجاد الحلول»، مشيرا إلى أنه لا صحة للأرقام التي تتحدث عن 160 ألفا صرفوا من وظائفهم أما الرقم الصحيح فهو دون الـ10 آلاف يتراوح بين 7 و8 آلاف».
وعن إمكانية حصول مجاعة في لبنان، نفى شمس الدين تماما، مشددا على أن ظروف الحرب آنذاك مختلفة عدا عن الحصار، أما اليوم فالمجاعة لا يمكن أن تحدث في لبنان في ظل التطور الحاصل مما يسهل وصول المواد الغذائية في البواخر والطائرات وغيرها».
وفي هذا السياق، أشار رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري لـ«المجلة» إلى أن «التدهور الحاصل في الوضع الاقتصادي أثر بشكل كبير على المجتمعات الفقيرة ذات الدخل المحدود، لا سيما أن وضعها المادي كان يعتمد على مدخولها اليومي الذي هو أساسا يعد مصروف هذه العائلة ويتم من خلاله تأمين قوتها اليومي وبالتالي مع توقف هذا المدخول ظهرت في عرسال حالات مأساوية».
ولفت الحجيري إلى أنه «في عرسال تحديدا لم يتجه الفقير يوما إلى طلب المساعدات إنما كان عدد كبير منهم يخفي فقره وعوزه ولا يقبل أي مساعدة، لكن مع اشتداد الأزمة لم يعد هناك مجال فأصبحنا نرى تهافتا كبيرا على طلب المساعدات والإعاشات».
كما أشار الحجيري إلى أن «البلدية تعمل على أن تكون همزة وصل بين الجمعيات والأيادي البيضاء والعائلات المحتاجة لتأمين المساعدات إلا أن هذه المساهمات ليست كافية للجميع وهو ما ولّد حالة من النقمة».


 
ظاهرة الانتحار تتفشى في لبنان
في ظل الأزمات المالية والاقتصادية التي تعصف باللبنانيين، بدأت ظاهرة الانتحار تتفشى في لبنان، المشهد ليس من عالم الخيال والخرافات، بل هو حقيقة موجعة مرّة في لبنان اليوم، وهو ما ترجم بانتحار 4 أشخاص خلال اليومين الماضيين بسبب الديون المتراكمة عليهم، وفقدانهم موارد أرزاقهم وعجزهم عن إعالة أسرهم.
المواطن ناجي الفليطي انتحر منذ أيام في عرسال يأسًا من وضعه التعيس بعدما أصبح عاطلاً عن العمل قبل شهرين، ولعجزه عن تأمين ألف ليرة لبنانية لطفلته ثمن منقوشة تقتاتها في المدرسة، وبسبب ديون متراكمة عليه بالكاد تتجاوز النصف مليون ليرة لبنانية.
وبعد أقل من 24 ساعة انتحر المواطن داني أبي حيدر، بسبب أوضاعه الاقتصادية، وهو الذي كان يتقاضى نصف راتبه منذ شهرين، فيما الديون المترتبة عليه من أقساط مدارس وسندات للبنك تكسر الظهر.
وقد زادت معدلات حالات الانتحار في الأيام القليلة الماضية أو محاولات الانتحار، فبعد أن كان متوسط عدد هذه الحالات 103 في العام 2008، بلغ 155 حالة في 2018، وحتى سبتمبر (أيلول) 2019 بلغ 105 حالات فضلاً عن زيادة 4 حالات في ديسمبر (كانون الأول).
وتشير هذه الأرقام إلى حجم معاناة اللبنانيين من الضغوطات المعيشية والاقتصادية التي بلغت حدّ الاكتئاب واليأس الشديدين، ودفعت البعض إلى خيار إنهاء حياتهم والانتحار.


 
مساعدات ومساهمات 
وأمام تكرار حالات الانتحار مؤخرا، وفي ظل الأزمة المالية الصعبة بادرت جمعيات وأفراد للقيام بمساعدات إنسانية لإعالة أكبر قدر ممكن من المحتاجين في مختلف المناطق اللبنانية، وذهبوا نحو جمع التبرعات وإعداد الطعام وتبادل أرقام المراكز التي تعتني بالصحة النفسية لتجنّب الأسوأ.
وعمد كثيرون، من تكوين حلقات ومجموعات أهلية واجتماعية متنوعة هدفها مساعدة الناس الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة جدا أو مهددون بالبقاء في الشارع دون منزل يؤويهم نظرا لعدم توفر الأموال لدفع الإيجارات أو من خلال مساعدات مالية لعائلات ليس لديها القدرة على شراء أبسط المواد الغذائية المطلوبة.
ودعا كُثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» لمساعدة المواطنين بدءا بمساعدات عينية ومالية لعائلات محتاجة وصولا إلى توزيع المواد الغذائية المختلفة.
وتحت هاشتاغ #togetheragainsthungeأطلق بنك الغذاء الباب من أجل توزيع حصص غذائية على كل شخص محتاج.
وكان لـ«المجلة» حديث مع باتشي جروج من بنك الغذاء اللبناني، التي أشارت إلى أنه من خلال مهامها كجمعية خيرية «تعمل على تأمين المساعدات لجمعيات أخرى في سائر المناطق اللبنانية، وهي عبارة عن توزيع حصص غذائية وبطانيات وملابس»، لافتة إلى «المساهمة التي قاموا بها مؤخرا في وسط بيروت وصيدا وعرسال، إضافة إلى مشاريع أخرى تتمثل بمساهمة الكثير من السيدات في مختلف المناطقة بطهي مأكولات تكفي لخمسين شخصا ومن ثم توزيع الحصص الغذائية على الجمعيات التي تعمل بدورها على تقديمها للعائلات المحتاجة».
كما أكدت جروج، أن أعداد المحتاجين في ظل هذه الأزمة تضاعفت بشكل كبير، لذا يعمل بنك الغذاء على تكثيف حملاته لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الأيادي البيضاء لتأمين المساعدات لأكبر عدد ممكن.
 
مؤتمر باريس
إنسداد الأفق محليًا، استوجب تحركًا دوليًا تقوده فرنسا سعيًا إلى إيجاد مخرج للأزمة تجنبًا لانزلاق لبنان إلى وضع كارثي، وقد أنهت «مجموعة الدعم الدولية للبنان» اجتماعها في باريس يوم الأربعاء بالدعوة إلى تبني سلة إصلاحات مستدامة وموثوق بها وفق جدول زمني محدد لمواجهة التحديات طويلة الأمد في الاقتصاد اللبناني، وإلى جانب تشديدها على ضرورة تشكيل فوري لحكومة تتمتع بالقدرة والمصداقية للقيام بالإصلاحات الاقتصادية، رأت المجموعة أن الدعم المقدم من المؤسسات المالية الدولية أمر محوري، وكرر أعضاء المجموعة «استعدادهم لدعم تنفيذ مجموعة من هذه الإجراءات، بما في ذلك من خلال المساعدة لضمان وصول لبنان إلى السلع الأساسية».
وقد رأى عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، في حديثه لـ«المجلة»، أنه من «المؤكد أن فرنسا لا تزال تضع لبنان على سلم أولوياتها وهذه مسألة تاريخية لكنها في الوقت نفسه مصلحية، ذلك أن لبنان على أبواب أوروبا التي تعاني من أزمة اللاجئين السوريين ومشكلة البحر المتوسط، وبالتالي لا شك أن هذا المؤتمر جزء منه هو لمساعدة لبنان ولكن الجزء الآخر هو لمساعدة الذات».
وعن سوء الأوضاع وما يحكى عن مجاعة ستصيب لبنان، رأى علوش أن «لبنان ليس بعيدا عن هذا الأمر وما يقال ليس بعيدا عن المنطق، خصوصا أن لبنان دولة تستورد معظم حاجياتها والقدرة الإنتاجية والزراعية فيه محدودة لأسباب عدة». 
وتابع: «من غير المستبعد الوصول إلى المجاعة في حال عدم تدارك الأمور، مشيرا إلى أن «أي مساعدة يمكن أن تؤخر الوصول إلى هذا الوضع الحرج، لكن الأهم يبقى تدارك التدهور والعمل على الخروج من الوضع السياسي القائم والبدء بعملية الإصلاح».

font change