مطامع أنقرة بالمنطقة

مخاطر التدخل العسكري التركي في ليبيا على الأمن القومي المصري

مطامع أنقرة بالمنطقة

* خبراء: مطامع أنقرة في الوطن العربي بدأت بعد اكتشافات الغاز الطبيعي أمام سواحل دول المتوسط وفي مقدمتها مصر بعد اكتشاف حقل ظهر أكبر حقل غاز طبيعي في البحر الأبيض المتوسط
* مدير إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة الأسبق: هناك سيناريوهات للأزمة الليبية أسوأها فشل المساعي السلمية والدبلوماسية وتعنت أحد الأطراف مع زيادة حجم الوجود العسكري في ليبيا سيزيد وجود المرتزقة والعناصر الإرهابية
* باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتجية: الوجود العسكري التركي في ليبيا تهديد إرهابي على الأمن القومي المصري... وسيساهم في صناعة جيوب للعناصر الإرهابية
* مساعد لوزير خارجية أسبق: تركيا بتدخلها في ليبيا ستكون قاعدة لهجمات المتشددين في أفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط
 

القاهرة: مما لا شك فيه أن الخلافات السياسية العميقة والجوهرية بين تركيا ومصر ما لبثت أن ألقت بظلالها على المشهد الليبي، على خلفية ما حدث بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) عام 2013 بعدما تمت الإطاحة بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، والتي يحتضنها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، حيث جاءت مساعي الرئيس التركي الجديدة للتواجد في الأراضي الليبية عسكريًا على غرار ما جرى في السيناريو السوري، ليتساءل مراقبون ومتخصصون عن مدى تأثير هذا الأمر على الأمن القومي المصري.
يقول اللواء سمير فرج مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق للقوات المسلحة المصرية إن الموقف اشتعل في منطقة شرق المتوسط ويقصد بهذا المصطلح الجديد (شرق المتوسط) سواحل دول ليبيا ومصر وإسرائيل ولبنان وسوريا وقبرص واليونان، حيث بدأت اكتشافات الغاز الطبيعي أمام سواحل هذه الدول وكانت أولها مصر بأهم اكتشاف وهو حقل ظهر الذي يعد أكبر حقل غاز طبيعي في البحر الأبيض المتوسط بطاقة نحو 30 تريليون قدم مكعبة وفي قبرص تم اكتشاف حقل أفروديت بطاقة 7 تريليونات متر مكعب ثم حقل ليفياثان في إسرائيل بطاقة 18 تريليون متر مكعب وغيرها من حقول الغاز علاوة على وجود الكثير من مناطق تحت الكشف حاليًا وخاصة بعد ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص وإسرائيل وهو الأمر الذي دفع كبرى الشركات العالمية للبحث والتنقيب في هذه المنطقة وبعدها بدأت الفكرة في إنشاء خط أنابيب لنقل غاز منطقة شرق المتوسط إلى أوروبا عبر قبرص واليونان.
 

اللواء سمير فرج



وأضاف مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق للقوات المسلحة المصرية أن أطماع تركيا في الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط ظهرت بعد كل تلك الاتفاقيات بين مصر وقبرص واليونان حيث بدأت أولاً بالتحرش بدولة قبرص وأرسلت سفن التنقيب عن الغاز أمام سواحل قبرص مما أثار استياء كل دول الاتحاد الأوروبي التي وقفت مع قبرص باعتبارها إحدى دول الاتحاد الأوروبي، ثم جاءت الضربة الكبرى بتوقيع الاتفاق غير الشرعي بين الجانبين التركي وحكومة السراج والذي تضمن شقين الأول هو الاتفاقيات الأمنية والثاني هو اتفاقية ترسيم الحدود وجاءت نقاط الاتفاق التركي الليبي الجديد التي اعتبرها البعض تحمل عبارات مطاطية تسمح للطرفين بالكثير من الأمور وهو ما يتضح في قراءة ما بين السطور حيث اشتملت هذه الاتفاقية على تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين تركيا وليبيا ثم مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية والجريمة ثم حماية الحقوق البحرية للبلدين ثم جاء النص على السيادة على المناطق البحرية بما يهدف إلى حماية حقوق البلدين ثم جاء بند التأسيس لمهام التدريب والتعليم وتطوير الإطار القانوني وتعزيز العلاقات بين الجيشين التركي والليبي، وأخيرًا جاء بند التعاون في تبادل المعلومات الأمنية ما بين ليبيا والحكومة التركية مع تغطية جميع الجوانب الأمنية، ليبدأ الحديث عن مدى شرعية تلك الاتفاقية التي يعرف المجتمع الدولي أنها غير شرعية، حيث إن هذا الاتفاق من وجهة نظر الجانب الليبي وطبقًا لاتفاق الصخيرات فإنه ليس للسراج رئيس الحكومة حق الموافقة على هذه الاتفاقيات الدولية كما أن حكومة السراج المكونة من 12 عضوا لم يعد معه في طرابلس غير خمسة أعضاء فقط، لذلك فقدت الحكومة أهليتها للتوقيع على هذا الاتفاق، والأهم من ذلك كله أنه طبقًا للدستور الليبي فإن هذا الاتفاق يجب أن يتم التصديق والموافقة عليه من البرلمان الليبي وهو ما اعترض عليه البرلمان الليبي المنتخب من الشعب برئاسة عقيلة صالح الذي أرسل رسالة إلى الأمم المتحدة يطلب فيها عدم الاعتراف بهذا الاتفاق الليبي التركي لافتقاده الشرعية المتمثلة في عدم موافقة البرلمان الليبي عليه.
وكشف مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق للقوات المسلحة المصرية عن السيناريوهات المتوقعة في الملف الليبي خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث أكد أن السيناريو الأول هو إجبار جميع الأطراف على قبول وقف إطلاق النار فورًا والجلوس على طاولة المفاوضات والتي يمكن أن يكون مؤتمر برلين القادم هو أساس بدء الوصول إلى حل سياسي بعيدا عن ميدان القتال بشرط الإعداد المبكر لهذا المؤتمر من خلال أجندة يتفق عليها معظم الأطراف من حيث المبدأ وأن يشترك في هذا المؤتمر الأطراف الثلاثة في ليبيا رئيس البرلمان الليبي ورئيس حكومة الوفاق وقائد الجيش الوطني وبعدها دول الجوار الثلاث، مصر وتونس والجزائر ثم يأتي بعد ذلك دول منطقة شرق المتوسط وهم قبرص واليونان وتركيا ومن القوى العالمية هناك الولايات المتحدة وروسيا ثم من دول الاتحاد الأوروبي هناك فرنسا وإيطاليا وممثل الاتحاد الأوروبي في حل النزاع الليبي... وأخيرا ألمانيا دولة استضافة هذا المؤتمر.
وأشار مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق للقوات المسلحة المصرية إلى أن السيناريو الثاني سيأتي بعد رفض أحد الأطراف تنفيذ السيناريو الأول وهو في الغالب تركيا وفايز السراج حيث سيعمل كلاهما على عدم الوصول إلى تنفيذ انتخابات شرعية داخل البلاد نظرا لعدم احتمال فوز السراج في هذه الانتخابات لضعف شعبتيه في الشارع الليبي وبين القبائل الليبية، كذلك تركيا التي سترى أنه بفقد السراج مكانه في ليبيا فإنه سوف تفقد أي شرعية أو أي دعم يسمح لها بالتواجد في طرابلس.
وأكد أن السيناريو الثالث سيأتي في حالة رفض أي طرف من الأطراف الليبية سواء حكومة الوفاق أو الطرف الثاني وهو البرلمان الليبي المنتخب أو قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء حفتر فإنه من المنتظر أن يتم تكوين تحالف دولي اقتصادي عسكري لاتخاذ الإجراءات التي يتفق عليها هذا التحالف الدولي لحل المشكلة الليبية وأعتقد أن مصر لن تؤيد أو توافق على أي تدخل عسكري وهو ما سبق لمصر أن رفضته منذ عدة سنوات عندما كانت هناك سيناريوهات مطروحة بقيام حلف الناتو بعملية عسكرية محدودة داخل ليبيا موضحا أن السيناريو الأخير في الأزمة الليبية هو أمر لا يتمناه الجميع، حيث يتمثل في فشل المساعي السلمية والدبلوماسية وتعنت أحد الأطراف مع زيادة حجم الوجود العسكري في ليبيا والذي يعتمد أساسا على وجود المرتزقة والعناصر الإرهابية.
من جانبه، أكد مصطفى كمال الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن مخاطر التدخل العسكري التركي في ليبيا على الأمن القومي المصري له عدة أوجه أبرزها صناعة جيوب للعناصر الإرهابية والتي تعد من أهم المخاطر الاستراتيجية من وجود قوات تركية في طرابلس، موضحا أن التواجد العسكري التركي يمثل تهديدًا إرهابيًا، من خلال السماح بفتح الأجواء والمياه الإقليمية أمام الجيش التركي، بمباركة حكومة الميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس، الأمر الذي يسهل على إردوغان نقل الميليشيات المسلحة سواء من داعش أو القاعدة أو الإخوان، من سوريا إلى ليبيا، وهي الرغبة التي تتملكه منذ أعوام بهدف خلق وطن بديل لهذه العناصر التي رفضت دولهم تسلّمهم أو عودتهم.
وأضاف الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الهدف الأساسي للأتراك من ذلك هو خلخلة الأمن القومي المصري وعدم السماح بعودة القاهرة إلى خلق توازن إقليمي بعدما اعتادت أنقرة على اللعب منفردة في منطقة الشرق الأوسط من خلال مشروعها بتمكين الإسلاميين في كافة دول الشرق الأوسط لتوسيع نفوذها وتحقيق مصالحها.

 

السفير أحمد القويسني


وأوضح السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن تركيا تكثّف دعمها العسكري للميليشيات التي تسيطر على طرابلس، مما سيكون له أثر كبير على أمن مصر واستقرارها وشمال أفريقيا ككل، وأنها أرسلت في 18 مايو (أيار) الماضي شحنة كبيرة من المعدات العسكرية إلى الميليشيات المسلحة التي تسيطر على طرابلس وتحارب الجيش الوطني الليبي، كما يشتبه في تسهيلها حركة الجهاديين الأجانب من سوريا والعراق إلى ليبيا لتحويل الدولة الواقعة في شمال أفريقيا إلى قاعدة لهجمات المتشددين في أفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط.

font change