صراع بين البنوك المصرية للحصول على حصة في السوق المصرفية

زيادة جاذبية القطاع بعد تنفيذ الإصلاح الاقتصادي... وفرص واعدة للمستثمرين

صراع بين البنوك المصرية للحصول على حصة في السوق المصرفية

* 3 بنوك محلية تطلب الحصول على رخصة بنك رقمي
* مفاوضات للاستحواذ على 3 بنوك... وطرح «القاهرة» منتصف العام
* توقعات بعمليات دمج في القطاع المصرفي بعد صدور قانون البنوك الجديد

القاهرة: تغييرات سريعة في القطاع المصرفي المصري، وتنافس بين المصارف في الحصول على حصة في السوق، مع اتجاه الحكومة المصرية لإقرار قانون البنوك الجديد، خاصة بعد ارتفاع أرباح البنوك في أعقاب تطبيق مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، واستفادة البنوك من إعادة تقييم سعر العملة في أعقاب تحرير سعر الصرف، وارتفاع سعر الفائدة، والذي حقق أرباحا عالية للبنوك بعد استثمار نحو 55 في المائة من الودائع في أذون الخزانة المصرية، والتي ارتفع سعر فائدتها إلى 18 في المائة.
وتزايدت جاذبية القطاع المصرفي الفترة الأخيرة، بعد إزالة كافة القيود على تداول النقد الأجنبي، واستقرار معدلات السيولة الأجنبية لدى البنوك بجانب تكثيف البنك المركزي جهوده لتعزيز الشمول المالي، بما يعني فرصا أكبر لنمو الأعمال المصرفية. وبلغ متوسط العائد في البنوك المصرية ما بين 30 إلى 40 في المائة على حقوق المساهمين، وفي بعض البنوك قفز العائد إلى 50 في المائة، بحسب البنك المركزي المصري.
وأظهر مسح الميزانيات الذي أجراه «بنوك وتمويل» تراوح العائد على حقوق الملكية ما بين 30 و43 في المائة لدى 10 بنوك، وتسجيله ما بين 21.76 في المائة و27.8 في المائة لدى 4 بنوك، في حين أنه تراوح بين 15 في المائة و17.5 في المائة لدى 5 بنوك، وسجل 4 في المائة و10 في المائة لدى 3 بنوك.
وحقق 18 بنكا نموًا ملحوظًا في صافي الأرباح خلال الـ9 أشهر الأولى من العام الحالي تراوحت بين 1.3 في المائة و150 في المائة وفقًا لإحصائيات البورصة.
ومع ارتفاع الجاذبية الكبيرة للقطاع المصرفي المصري، جاء قانون البنوك الجديد، والذي يرفع رأسمال البنوك إلى 5 مليارات جنيه، مما قد يعني اتجاه البنوك للاندماج أو طرح حصص في سوق الأوراق المالية. بالإصافة إلى اتجاه الدولة للتخارج من بعض البنوك التي تملكها ومنها بنك القاهرة، والمملوك لبنك مصر بالكامل، والمخطط طرح 45 في المائة من المصرف للبيع، سواء لمستثمر استراتيجي أو في سوق الأوراق المالية، خلال النصف الأول من العام الحالي، كما يخطط البنك المركزي المصري لبيع المصرف المتحد، والذي يمتلك البنك المركزي نسبة 99.9 في المائة من قيمته.
يذكر أن رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك عام 2003 أدى إلى اختفاء عدد كبير من البنوك، وتقلص عدد البنوك العاملة في مصر، إثر ذلك، من نحو 56 بنكا إلى 39 بنكا، وهو سيناريو يتوقع المحللون تكراره جزئيًا مع نشاط ملحوظ للاستحواذات والاندماجات، خاصة للبنوك الصغيرة والمتوسطة بحسب عمرو الألفي رئيس قطاع البحوث في شعاع لتداول الأوراق المالية.
ويحتاج 22 بنكًا لزيادة رؤوس أموالها بنسب متفاوتة، في حين أن 7 بنوك تمتلك قواعد رأسمالية أقل من 5 مليارات جنيه على رأسها التنمية الصناعية، مصر- إيران، المؤسسة المصرفية العربية، والأهلي الكويتي، وأبوظبي الإسلامي، وبلوم.
 
رخص خاصة
ويفتح مشروع قانون البنك المركزي والقطاع المصرفي الجديد المجال أمام الحصول على رخص خاصة للبنوك المتخصصة، والتي نصت على أن البنوك تمارس نشاطًا معينًا مثل المدفوعات الرقمية أو تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي يختلف هيكلها عن البنوك التقليدية، وتستثنيها البنوك من شرط الحد الأدنى لرأس المال، فالمشروع فتح مجالاً للبنوك المتخصصة وتم تحديد رؤوس أموال لها، بخلاف البنوك التجارية مثل بنوك خاصة في تقديم خدمات التكنولوجيا والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لإعطائها مرونة.
وتقدمت 3 بنوك محلية هي الأهلي، ومصر، والبركة، لطلب الحصول على رخصة بنك رقمي مؤخرًا، وتعاقدت مع بيوت خبرة عالمية لدراسة جدوى الأذرع الاستثمارية الرقمية ومن المتوقع أن تبدأ جميعها في الإجراءات نهاية العام الحالي.
وتهتم الأسواق في آسيا بدراسة السوق المصرفية المصرية، خاصة أن لديها تجارب مشابهة، بوسعها إعادة تنفيذها في مصر وكذلك البنوك الأميركية والأوروبية.


 
عمليات استحواذ
اتسعت السوق المصرفية لعمليات الاستحواذ في القطاع المصرفي، خاصة في ظل وقف إصدار تراخيص جديدة، لكن العام الحالي قد يشهد تغييرا كبيرا لهذه القاعدة، واتجاه بعض البنوك الأجنبية للتخارج من السوق المصرية، التي شهدت تغييرا في اللاعبين في السوق.
وشهد القطاع المصرفي المصري نحو 5 صفقات استحواذ منذ عام 2011. كان أبرزها في عام 2013. عندما استحوذ بنك الإمارات دبي الوطني على بنك بي إن بي باريبا بقيمة 500 مليون دولار، كما شهد ذلك العام بيع البنك الأهلي سوسيتيه جنرال لبنك قطر الوطني بقيمة 2.55 مليار دولار عام 2013.
وفي عام 2015، استحوذ البنك الأهلي الكويتي على بنك بيريوس مصر بقيمة 70 مليون دولار، وفي العام نفسه، قام البنك التجاري الدولي بالاستحواذ على محفظة التجزئة التابعة لسيتي بنك في مصر. واستحوذ البنك العربي الأفريقي الدولي على محفظتي القروض والودائع لبنك «سكوشيا» الكندي، بقيمة مليار جنيه.
 
تفاوض... وتقييم
ويشهد القطاع الآن عمليات تفاوض على عدد من الصفقات في وقت واحد، سواء نتيجة رياح معاكسة تواجهها مراكزها الأم أو اندماجات، أو تخارج البنك المركزي وجهات حكومية من استثماراتها ببعض البنوك.
وتشمل الصفقات بيع بنك عوده اللبناني وحدته في مصر، وتخارج البنك المركزي من المصرف المتحد، وبيع حصة من بنك القاهرة في البورصة، واستئناف الأهلي اليوناني التفاوض بعدما كاد بنك عودة اللبناني على إنهاء الصفقة لصالحه، وزيادة رأسمال بنك الاستثمار العربي عبر مساهمات من مستثمرين. وقد ينضم الأهلي المتحد إلى الصفقات قريبا بعد تحول البنك الأم إلى بنك إسلامي بالكامل مؤخرا. وقد يسعى إلى بيع وحدته بالقاهرة إلى أحد البنوك الأخرى كوحدة مستقلة بعد استحواذ بيت التمويل الكويتي عليه. وأعلن البنك الأهلي المتحد، في بيان لبورصة البحرين، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي حصول شركة بيت التمويل الكويتي (بيتك)، على موافقة مصرف البحرين المركزي على إجراءات الاستحواذ على البنك.
وفي حين أكدت مجموعة عودة، أنها اختارت فرعها في مصر للبيع لما يمثله من جاذبية خاصة للمستثمرين تمكنهم من تحقيق عوائد جيدة على الاستثمار، وأنها تجري مفاوضات حصرية مع بنك أبوظبي الأول - مصر.
ويسعى الصندوق السيادي المصري لجذب مستثمر للاستحواذ على حصة أغلبية في بنك الاستثمار العربي عبر زيادة رأسمال البنك الذي وصل إلى 1.84 مليار جنيه في أبريل (نيسان) الماضي، ليتوافق مع قانون البنوك الجديد في ظل اهتمام الصندوق بالقطاع المصرفي، ووفقًا للبروتوكول الموقع مع بنك الاستثمار القومي ضمن الأصول المستهدف طرحها على المستثمرين.
 



سوق الأوراق المالية
وتوقع بنك الاستثمار فاروس، في تقريره السنوي عن القطاع البنكي، ارتفاع أسهم 8 بنوك تحت تغطيته، وتراجع تقييم سهمين فقط، وحدد القيمة العادلة لسهم التجاري الدولي عند 95 جنيها بزيادة 22 في المائة عن مستويات نهاية العام الماضي، وكذلك قطر الوطني إلى 60 جنيها بزيادة 33 في المائة، وكريدي أجريكول إلى 57.7 جنيه بزيادة 37.7 في المائة. وفيصل إلى 13.5 جنيه بزيادة 10.8 في المائة. والتعمير والإسكان إلى 60.4 جنيه بزيادة 47.3 في المائة، والبركة إلى 14 جنيها بزيادة 42.8 في المائة، والمصري لتنمية الصادرات إلى 12.5 جنيه بنمو 61.5 في المائة.
كما تتوقع بلتون المالية في تقريرها السنوي ارتفاع قيمة 7 أسهم ضمن تغطيتها لنحو 9 بنوك، وذلك نتيجة تحسن مناخ الفائدة في مصر، وانخفاض تكلفة الأموال وانخفاض آجال الالتزامات نتيجة زيادة حصة الحسابات الجارية والتوفير.
وقالت فاروس إن القطاع البنكي تم تداوله عند مضاعف ربحية 4.2 في المائة وهو دليل على تقييم الأسهم المنخفض مقارنة ببنك مثل ستاندرد بنك في جنوب أفريقيا حيث يتداول عند مضاعف ربحية 9 في المائة. ولفتت إلى أن كريدي أجريكول، وفيصل يتداولان عند مضاعف ربحية 6.4 في المائة و2.5 في المائة رغم أن كليهما يوزع أرباحا بنحو 10 في المائة.

font change