الاستحقاق النيابي في أذربيجان 2020... مسيرة إصلاحية جديدة

خطوة متطورة تتوافق مع رؤية الرئيس إلهام علييف

الاستحقاق النيابي في أذربيجان 2020... مسيرة إصلاحية جديدة

 
* السلطة في أذربيجان تقوم على أساس تقسيم السلطات، حيث يمارس مللي مجلس الدولة السلطة التشريعية، وتكون السلطة التنفيذية تابعة لرئيس الجمهورية؛ وتمارس المحاكم السلطة القضائية
* حرصت لجنة الانتخابات المركزية على اتخاذ حزمة من الإجراءات الهادفة إلى ضمان شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها مع توسيع حجم مشاركة الناخبين
* الاستحقاق النيابي الذي شهدته جمهورية أذربيجان في فبراير 2020 لاختيار مجلسها التشريعي في دورته السادسة 
* لا شك أن المسار الأذربيجاني يواجه في أحيان كثيرة بعض العراقيل أو التحديات التي تستوجب إعادة النظر في بعض ملفاته، وهو ما ينطبق على هذه الانتخابات أيضا 
 

باكو: في التاسع من فبراير (شباط) 2020 كان الشعب الأذربيجاني على موعد جديد مع استحقاق نيابي مبكر دعا إليه الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بناء على توصية من الهيئة البرلمانية لحزب أذربيجان الجديد الحاكم في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2019 والتي حظيت بموافقة البرلمان الأذربيجاني المعروف باسم «مللي مجلس Milli Majlis»، وذلك انطلاقا من أن استكمال المسيرة الإصلاحية تستوجب تجديد العهد بين الشعب ونوابه من خلال خوض غمار المنافسة الانتخابية لكسب الثقة من الشعب الأذربيجاني صاحب السيادة كما ينص على ذلك الدستور الأذري في ديباجته التي أكدت على أن بناء الدولة لا بد أن يكون معبرا عن إرادة الأمة، وفي مادته الثانية حينما نصت على أن: «الحق السيادي للشعب الأذربيجاني هو الحق في تقرير مصيره الحر والمستقل وإنشاء شكله الخاص من أشكال الحكم»، وهو ما حرص عليه الرئيس «إلهام علييف» حينما أرسل طلبا في 4 ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته إلى المحكمة العليا (الدستورية) لمراجعة مدى امتثال البرلمان في دعوته لحل للدستور، وقضت المحكمة بأن حل البرلمان يتفق وصحيح الدستور والقانون، ليصدر الرئيس إلهام علييف قرارا بحل مللي مجلس جمهورية أذربيجان وإجراء انتخابات مبكرة في 9 فبراير 2020. وهو ذلك التاريخ الذي يحدده النص الدستوري.
في ضوء ذلك يستعرض هذا التقرير الانتخابات النيابية التي شهدتها جمهورية أذربيجان من خلال عدة محاور على النحو الآتي:

 

إحدى السيدات تسجل بالجهاز بصماتها (تصوير أحمد طاهر(


 
أولا: مللي مجلس جمهورية أذربيجان.... التشكيل والاختصاصات
نظم الدستور الأذربيجاني الصادر عام 1995 وتعديلاته الأخيرة التي جرت في سبتمبر (أيلول) 2016، في كثير من نصوصه تشكيل البرلمان الأذري واختصاصاته، فقد نص في الفقرة الثالثة من المادة السابعة في الباب الثاني على أن: «سلطة الدولة في جمهورية أذربيجان تقوم على أساس مبدأ تقسيم السلطات، حيث يمارس مللي مجلس جمهورية أذربيجان السلطة التشريعية، وتكون السلطة التنفيذية تابعة لرئيس الجمهورية؛ وتمارس محاكم القانون في جمهورية أذربيجان السلطة القضائية»، وهو ذات النص الذي ورد في المادة (81) من الدستور ضمن فصل السلطة التشريعية، حيث حدد عدد أعضاء المجلس بـ125 عضوا، واضعا مجموعة من الشروط الواجب توافرها فيمن يترشح لعضوية المجلس، من بينها:
1 - أن يكون مواطنا أذربيجانيا يتمتع بممارسة حقوقه السياسية وبلغ من العمر 18 عاما.
2 - يحظر ترشح الأشخاص الذين يحملون جنسية مزدوجة والذين لديهم التزامات تجاه دول أخرى، والعاملين في هيئات السلطة التنفيذية أو القضائية، والأشخاص المشاركين في نشاط آخر مستحق الدفع باستثناء النشاط العلمي والتربوي والإبداعي، رجال الدين، الأشخاص الذين أكدت المحكمة القانونية عجزهم، كما لا يجوز انتخاب المدانين بارتكاب جريمة خطيرة والذين يقضون عقوبة قضائية بسبب صدور حكم في المحكمة.
وعليه، تسقط عضوية النائب في البرلمان إذا خالف هذه الشروط، حيث حدد الدستور حالات إسقاط العضوية على نحو محدد وفقا للإجراءات المنظمة لحالة إسقاط العضوية، من بينها ما يأتي:
 - وقوع تزوير في الانتخابات التي فاز فيها النائب وذلك بمقتضى حكم المحكمة.
 - التخلي عن جنسية جمهورية أذربيجان أو قبول الجنسية الأخرى.
 - ارتكاب الجريمة وصدور حكم نهائي بات من المحكمة المختصة.
 - تولي مناصب حكومية أو وظيفية في منظمات دينية أو المشاركة في الأعمال أو النشاط التجاري أو أي نشاط آخر مدفوع الأجر (باستثناء النشاط العلمي والتربوي والإبداعي).
 - في حالة انتهاك متطلبات الجزء الثالث من المادة 93 من هذا الدستور والتي نصت على أن التصويت داخل المجلس شخصيا.
 - في ارتكابه لانتهاكات صارخة للقواعد القانونية للسلوك الأخلاقي للنواب.
وفي السياق ذاته، وعلى غرار ما هو موجود في كافة الدساتير والقوانين العالمية التي تمنح النواب حصانة برلمانية كي يتمكنوا من أداء دورهم التشريعي والرقابي، نص الدستور على تمتع النائب في مللي مجلس بالحصانات المقررة، حيث لا يجوز تفتيشه أو اتخاذ تدابير تأديبية حياله أو القبض عليه إلا في حالة التلبس بالجريمة، وفي هذه الحالة الأخيرة يجب إخطار المدعي العام بما جرى فور القبض عليه. أما في الحالات الأخرى التي تتطلب رفع الحصانة عن النائب، فلا يجوز إلا بقرار من المجلس بناءً على طلب المدعي العام لجمهورية أذربيجان.
أما فيما يتعلق باختصاصات مللي مجلس، فقد ميز الدستور بين نوعين من الاختصاصات، وذلك على النحو الآتي:
 

اوراق الاقتراع فى صناديق التصويت (تصوير أحمد طاهر)



1 - الاختصاصات المتعلقة بوضع القواعد الناظمة لعدد من الموضوعات البالغ عددها على سبيل الحصر (27 موضوعا) وذلك على النحو الآتي:
 - استخدام الحقوق والحريات للشخص والمواطن المحددة في هذا الدستور، وضمانات الدولة لهذه الحقوق والحريات.
 - الاستفتاء والانتخابات الأذربيجانية والتي تشمل (انتخاب رئيس الجمهورية، وانتخابات مللي مجلس واختصاصات أعضائه، وانتخابات البلديات واختصاصاتها).
 - النظام القضائي والتي تشمل (وضع القضاة؛ مكتب المدعي العام، ونقابة المحامين، ومكاتب كاتب العدل، والإجراءات القانونية، وتنفيذ أحكام المحكمة) وكذلك تفسير الجريمة والانتهاكات الأخرى للقانون؛ وتحديد المسؤولية عن هذه الأفعال.
 - حالة الطوارئ؛ والقوانين العسكرية.
 - جوائز الدولة.
 - وضع الأشخاص الطبيعيين والكيانات القانونية.
 - القانون المدني ويشمل (المعاملات والعقود المدنية القانونية والتمثيل والميراث).
 - حق الملكية بما في ذلك النظام القانوني للدولة، والملكية الخاصة والبلدية، وحق الملكية الفكرية، وحقوق الملكية الأخرى؛ وحق المسؤولية.
 - العلاقات الأسرية، بما في ذلك الوصاية.
 - أساس الضرائب والنشاطات المالية والرسوم والجمارك والتجارة والبورصة والأعمال المصرفية، والمحاسبة، والتأمين والإحصائيات والمقاييس والمعايير.
 - علاقات العمل، والوظائف الحكومية.
 - الخدمة العسكرية والدفاعية والأمنية.
 - الترتيب الإقليمي؛ نظام حدود الدولة، التصديق على المعاهدات الدولية ونقضها.
 - الاتصالات والنقل.
مع الأخذ في الحسبان أن ممارسة المجلس لهذه الاختصاصات، تتطلب الحصول على الأغلبية العادية (63 صوتا) باستثناء ما يتعلق بالإجراءات الخاصة بالاستفتاء والانتخابات بجميع أشكالها يتطلب الموافقة عليها الحصول على (83 صوتا).


 

سيطرة للمرأة الاذربيجانية فى الانتخابات عضوات إحدى لجان الاقتراع(تصوير أحمد طاهر)


2 - الاختصاصات المتعلقة بضرورة موافقة المجلس على موضوعات محددة على سبيل الحصر والتي حددها الدستور في (20) موضوعا تستوجب موافقة المجلس عليها، وذلك على النحو الآتي:
 - تنظيم عمل مجلس مللي بجمهورية أذربيجان.
 - بناءً على توصية من رئيس جمهورية أذربيجان بإنشاء التمثيل الدبلوماسي لجمهورية أذربيجان.
 - التقسيم الإداري الإقليمي.
 - التصديق على الاتفاقات الدولية والاتفاقيات الحكومية الدولية التي تتضمن قواعد مخالفة لقوانين جمهورية أذربيجان ونقضها.
 - بناءً على توصية من رئيس جمهورية أذربيجان بالموافقة على ميزانية الدولة لجمهورية أذربيجان والسيطرة على تنفيذها.
 - انتخاب مفوض لحقوق الإنسان في جمهورية أذربيجان بناءً على عرض من رئيس جمهورية أذربيجان.
 - بناءً على توصية من رئيس جمهورية أذربيجان بموافقة العقيدة العسكرية لجمهورية أذربيجان.
 - في الحالات المحددة في هذا الدستور الموافقة على مراسيم رئيس جمهورية أذربيجان.
 - بناءً على توصية من رئيس جمهورية أذربيجان يمنح الموافقة على تعيين رئيس وزراء جمهورية أذربيجان.
 - بناءً على توصية من رئيس جمهورية أذربيجان بتعيين قضاة المحكمة الدستورية لجمهورية أذربيجان والمحكمة العليا لجمهورية أذربيجان ومحاكم الاستئناف في جمهورية أذربيجان.
 - بناءً على توصية من رئيس جمهورية أذربيجان يمنح الموافقة على تعيين المدعي العام لجمهورية أذربيجان وعزله.
 - إقالة رئيس جمهورية أذربيجان عن طريق المساءلة بناءً على توصية من المحكمة الدستورية لجمهورية أذربيجان.
 - عزل القضاة من المناصب المشغولة بناءً على اقتراح رئيس جمهورية أذربيجان.
 - اتخاذ قرار بشأن التصويت على الثقة في مجلس وزراء جمهورية أذربيجان.
 - بناءً على توصية من رئيس جمهورية أذربيجان بتعيين وعزل أعضاء مجلس إدارة البنك الوطني لجمهورية أذربيجان.
 - بناءً على توصية من رئيس جمهورية أذربيجان يمنح الموافقة على تجنيد القوات العسكرية لجمهورية أذربيجان في عمليات غير مهامها العادية.
 - بناء على طلب من رئيس جمهورية أذربيجان يعطي الموافقة على إعلان الحرب وإبرام معاهدة السلام.
 - الإعلان عن الاستفتاء.
 - العفو.
 - الاستماع إلى التقارير المقدمة من المجالس البلدية.
مع الأخذ في الحسبان أن الدستور حدد النصاب القانوني المطلوب لإقرار هذه الموضوعات، حيث نص على أنه وفقا للموضوعات الواردة في الفقرات (1 - 5) يتطلب الموافقة على تشريعاتها بأغلبية 63 صوتًا وهي ذات الأغلبية لإقرار الموضوعات الأخرى ما لم ينص الدستور الحالي على خلاف ذلك.


 

صندوق شفاف للاقتراع خارج اللجنة فى حالات كبار السن والمعاقين (تصوير أحمد طاهر)


 
ثانيا: اللجنة المركزية للانتخابات النيابية... الضوابط والإجراءات الناظمة
أقر الدستور الأذري بوجه عام في مادته الـ56 ضمن باب الحقوق والحريات حق جميع مواطني جمهورية أذربيجان من بلغ منهم الثامنة عشرة من عمره انتخاب أعضاء الهيئات الحكومية وكذلك المشاركة في الاستفتاء. مع تقييد هذا الحق بالنسبة لمشاركة الأفراد العسكريين والقضاة وموظفي الدولة والمسؤولين الدينيين والأشخاص المسجونين يكون بقرار من محكمة قانونية. كما نص على أنه لا يحق لأولئك المعترف بهم غير القادرين بموجب القانون أن يشاركوا في الانتخابات وفي الاستفتاء.
أما فيما يتعلق بانتخابات مللي مجلس، فقد أورد الدستور في مواده الواردة في فصل السلطة التشريعية مجموعة من الضوابط الحاكمة للعملية الانتخابية، تمثلت أبرزها فيما يأتي:
تجرى الانتخابات على أساس نظام التصويت بالأغلبية في انتخابات عامة حرة وسرية، تضمن تحقيق المساواة والنزاهة.
تجرى الانتخابات كل 5 سنوات يوم الأحد الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني).
تتولى المحكمة الدستورية فحص دقة نتائج الانتخابات والموافقة عليها.
وفي ضوء ذلك اتخذت لجنة الانتخابات المركزية الأذربيجانية مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى تنظيم العملية الانتخابية، والتي يمكن أن نجملها فيما يأتي:
1 - بدء تلقي طلبات الترشح من جانب المرشحين وفحصها، وقد تم استبعاد ما يزيد على 300 مرشح تم تقديم أوراقهم ليخوضوا غمار المنافسة الانتخابية 1314 مرشحا، موزعين ما بين 246 مرشحا من قبل الأحزاب السياسية، 11 مرشحا من قبل مجموعات مبادرة الناخبين، إضافة إلى 1057 مرشحا مستقلا. كما بلغت نسبة الذكور المرشحين 79 في المائة بينما بلغت نسبة الإناث 21 في المائة.
2 - تنظيم الدوائر الانتخابية البالغ عددها (125) دائرة انتخابية لاختيار 125 نائبا، وضمت هذه الدوائر الانتخابية 5573 مركز اقتراع، منها 5442 مركزا يعمل بشكل دائم و131 منها يعمل بشكل مؤقت. وتم توزيع الناخبين البالغ عددهم 5.329.461 على هذه المراكز، حيث أدرج 5.238.000 ناخب في قوائم الناخبين في مراكز الاقتراع الدائمة، وأدرج 91.461 ناخبا في قوائم الناخبين في مراكز الاقتراع المؤقتة.
3 - تم تشكيل 523 مركز اقتراع للنازحين داخليا وذلك ضمن 4 دوائر انتخابية، بهدف السماح للنازحين من مناطق الاحتلال الأرميني في إقليم كاراباخ والأقاليم المجاورة له، والبالغ عددها 340.689 ناخبًا مهجرًا داخليًا للتصويت بحرية واستقلالية.
4 - تنفيذ حملة تثقيفية واسعة للمواطنين لدفعهم للمشاركة في العملية الانتخابية، وقد تم تنظيم هذه الحملة بالاشتراك مع المنظمات ذات الصلة، ومنها:
 - جلسة إعلامية عن «بث الانتخابات في وسائل الإعلام» في إطار مشروع مشترك مع تمثيل باكو لمجلس أوروبا.
 - حلقات نقاشية للتعريف بإجراءات التحقيق في الطعون المتعلقة بانتهاك الحق الانتخابي.
 - حلقات نقاشية بشأن تسوية المنازعات الانتخابية (بالاشتراك مع المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف).
 - دورات تدريبية مخصصة لإجراءات E - Dayلأعضاء لجان الانتخابات في الدوائر الانتخابية.
 - مؤتمرات توعوية لمنتسبي الشرطة الأذرية للتوعية بدورهم الخدمي في الانتخابات (بالاشتراك مع وزارة الشؤون الداخلية).
 - دورات توعوية في مصلحة السجون بالتعاون مع لجنة الانتخابات المركزية مع وزارة العدل (ترتيب وإجراء الانتخابات في أماكن الاحتجاز).
 - ندوات للمتخصصين في تكنولوجيا المعلومات في اللجان الانتخابية للدوائر الانتخابية.
5 - تدشين مركز الإعلام المستقل في 13 يناير (كانون الثاني) 2020 بإحدى فنادق العاصمة باكو، مع إطلاق موقعه الإلكتروني باللغات الثلاث (الأذربيجانية - الروسية - الإنجليزية) وذلك بهدف توفير كافة المعلومات والبيانات حول سير الانتخابات والحملات الانتخابية وآراء مسؤولي ومفوضي المرشحين وخبراء وبيانات وتصريحات تصدر عنهم وكذلك صور ومقاطع فيديو حول الانتخابات.

 

وكلاء الاحزاب والمرشحين داخل احدى لجان الاقتراع (تصوير أحمد طاهر)لمتابعة التصويت


 
ثالثا: الانتخابات النيابية... ضمانات الشفافية وتوسيع المشاركة
حرصت لجنة الانتخابات المركزية على اتخاذ حزمة من الإجراءات الهادفة إلى ضمان شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها مع توسيع حجم مشاركة الناخبين وخاصة من ذوي الإعاقة، وكانت من أبرز ما تم اتخاذه في هذا الخصوص ما يأتي:
1 - اعتماد 883 مراقبًا دوليًا (58 مواطنًا من 59 منظمة دولية)، و77.790 محليًا (4.264 في CEC، و73.526 في Con.EC) لمراقبة الانتخابات. كما يوجد أيضًا 35.152 مراقبًا من 24 حزبا سياسيا و2.737 مراقبًا من 21 منظمة من المنظمات غير الحكومية الوطنية. وهو ما يعكس حرصا واسعا من جانب اللجنة المركزية على ضمان الشفافية، حيث ارتفع عدد المراقبين مقارنة بعددهم في الانتخابات السابقة التي جرت عام 2015، حيث شارك 465 مراقبا دوليا من 53 دولة و36 منظمة دولية، واقتصر عدد المراقبين المحليين على 57.656 مراقبا محليا.
2 - السماح للأحزاب السياسية المشاركة في العملية الانتخابية بتعيين ممثلين عنها للمشاركة في العملية الانتخابية، حيث تم تعيين 7.690 عضوًا يتمتعون بحقوق استشارية في اللجان الانتخابية. وفي الوقت نفسه شارك 989 ممثلاً مفوضًا و2.125 وكيلاً للأحزاب السياسية والمرشحين في الانتخابات.
3 - السماح لـ199 ممثلاً عن 132 من وسائل الإعلام الأجنبية أيضًا بالمشاركة في مراقبة الانتخابات.
4 - تثبيت كاميرات الويب في لجان الاقتراع، مع السماح لمستخدمي الإنترنت بمراقبة جميع العمليات بشكل مستقل وبلا انقطاع في يوم E - Dayعبر موقع CECدون الحاجة إلى أي تسجيل.
5 - تقديم أوراق الاقتراع باليستنسل مع أبجدية برايل ليصوت الناخبون المعاقون بصريا في مركز الاقتراع التابعون لها. مع تزويد 1.389 مركز اقتراع بسلالم للناخبين المعوقين جسديًا للحضور إلى مراكز الاقتراع للتعبير عن إرادتهم.
ولكن رغم كل هذه الإجراءات الهادفة إلى تشجيع المشاركة، مع امتداد يوم التصويت منذ الصباح الباكر وحتى الساعة السابعة مساء دون توقف على مدار اليوم، إلا أن نسبة المشاركة سجلت نحو 48 في المائة كما أعلنتها اللجنة المركزية للانتخابات، وهو ما يجد تفسيره في ضوء الظروف المناخية شديدة البرودة في كثير من مناطق الجمهورية بما قد يحول دون ذهاب المواطنين إلى لجان الاقتراع، وهو ما يمكن أن يكون ثمة دعوة أولية لتعديل النص الدستوري الذي يجعل توقيت الانتخابات في يوم الأحد الأول من فبراير، فمن الأفضل أن يترك التوقيت لملاءمة الظروف المناخية والسياسية معا دون أن يكون هناك نص دستوري على اليوم والشهر الذي تجرى فيه الانتخابات حتى يتسنى اختيار توقيت مناسب.
ولكن رغم ذلك تظل نسبة المشاركة البالغة 48 في المائة نسبة مرتفعة سواء مقارنة بنسب المشاركة في الاستحقاقات التي تجرى في كثير من دول العالم والتي قد لا تتجاوز نسبة المشاركة في بعضها 30 في المائة أو مقارنة بنسبة المشاركة في الانتخابات النيابية الأذرية السابقة والتي بلغت أقصى ارتفاع لها عام 2015، حيث سجلت نسبة المشاركة 42 في المائة خلال الانتخابات البرلمانية في عام 2005، و46 في المائة في عام 2010، و55 في المائة في عام 2015، وهو ما يعكس تزايد مستوى الوعي لدى المواطنين من خلال حرصهم على المشاركة في الاستحقاق النيابي بنسبة تتجه دوما نحو الارتفاع.
كما تظل ثمة ملحوظة مهمة واجبة التسجيل فيما يتعلق بالمشاركة في العملية التصويتية، إذ مثلت المرأة الأذربيجانية رقما مهما في معادلة العملية الانتخابية بدءا من الترشح مرورا بالتواجد داخل لجان الاقتراع وصولا إلى حرصهن على الإدلاء بأصواتهن، وهو ما يؤكد أن الدور السياسي للمرأة الأذربيجانية يتزايد يوما بعد يوم بما يعكس وعيهن بالمشاركة في مثل هذه الاستحقاقات الوطنية. يضاف إلى ذلك ملاحظة أخرى تتعلق بكبار السن، حيث حرصن على التواجد والمشاركة كذلك. وهو ما يعكس أيضا الفهم المجتمعي لأهمية ما حققته الدولة من نجاحات وحرصهم على المحافظة على ما تحقق من إنجازات رغم كل التحديات التي تواجه أذربيجان في حربها ضد الاحتلال الأرميني لأراضيها.

 

رئيس لجنة اقترع تشرح لوفد المراقيين (تصوير أحمد طاهر)آلية التصويت


 
رابعا: مللي مجلس أذرى جديد... أغلبية للحزب الحاكم
جاء إعلان اللجنة المركزية للانتخابات عن النتائج الأولية التي أفزتها العملية التصويتية عن فوز الحزب الحاكم بأغلبية المقاعد، حيث حصد 69 مقعدا من 125، لتتوزع المقاعد المتبقية والبالغ عددها (56) مقعدا ما بين الأحزاب والمستقلين وإن كانت الغلبة للمستقلين. 
وإذا كان صحيحا أن هذه النتيجة لا تزال أولية طبقا للقانون الذي يلزم اللجنة بالإعلان النهائي لنتائج الانتخابات خلال عشرين يوما على الأكثر من إجرائها، أي إعلان النتيجة النهائية قبل التاسع والعشرين من فبراير (شباط) 2020، إلا أن التصويت لصالح الحزب الحاكم بشكل يضمن له الأغلبية العادية وليست المطلقة، إنما يعكس الثقة الكبيرة التي يحظى بها لدى المواطنين نتيجة الإنجازات الملموسة التي حققها سواء في الجانب السياسي بما وصلت إليه البلاد من مكانة مميزة على الساحة العالمية، وما تنعم به من استقرار داخلي معزّز بحزمة من الإصلاحات التي تنال رضا معظم المواطنين، أو في المجال الاقتصادي من حيث رفع مستوى معيشة المواطن، والتطور الكبير الذي تعكسه تقارير المؤسسات المالية الرائدة في العالم.
نهاية القول إن الاستحقاق النيابي الذي شهدته جمهورية أذربيجان في فبراير 2020 لاختيار مجلسها التشريعي في دورته السادسة، يمثل خطوة في مسار إصلاحي متطور يتوافق مع الرؤية التي تطرحها القيادة السياسية لمستقبل أذربيجان، ولا شك أن هذا المسار يواجه في أحيان كثيرة بعض العراقيل أو التحديات التي تستوجب إعادة النظر في بعض ملفاته، وهو ما ينطبق على هذه الانتخابات أيضا. فمن الصعوبة بمكان أن تجرى انتخابات في أي بلد دون أن تكون هناك ملاحظات أو تقييمات تستوجب المعالجة أو التصحيح، شريطة أن لا تؤثر هذه الملاحظات أو التقييمات على مجمل العملية الانتخابية، وهو ما أشار إليه صراحة مساعد رئيس الجمهورية حكمت حاجييف والذي يشغل منصب رئيس قسم السياسة الخارجية لدى الديوان الرئاسي وذلك في معرض تعليقه على تقارير بعض الجهات التي أبدت ملاحظات رأى أنها مهمة وإن كانت ملاحظات فنية دقيقة تتعلق ببعض الإجراءات التنظيمية التي لم تؤثر على النتيجة العامة للانتخابات، إذ أشار إلى ذلك صراحة بقوله: «نعتبر كل انتخابات كل عام تقدما مقارنة بالانتخابات السابقة وكذلك فرصة لمعالجة القصور. وفي هذا الصدد، إننا على استعداد دائمًا للتعاون بشكل بناء مع المنظمات الدولية وفقًا لالتزاماتنا الدولية وسيتم تحليل المقترحات والتوصيات ذات الصلة لجميع منظمات مراقبة الانتخابات، بما في ذلك مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بعناية». 
ولا شك أن مثل هذه التصريحات من جانب مساعد رئيس الجمهورية تؤكد على مدى عمق الرؤية التي تسير بها جمهورية أذربيجان في استكمال المسيرة الإصلاحية التي تتطور باستمرار وفقا لرؤى مستقبلية وآليات تنفيذية قادرة على نقل هذه الرؤى إلى حقائق ملموسة ونجاحات محققة، مكنت جمهورية أذربيجان وهي تحتفل بمئوية تأسيسها من أن تصبح واحدة من الدول الفاعلة في كثير من ملفات جوارها الإقليمي ودورها العالمي.

font change