طهران و«حزب الله»... الرهان الخاسر بالأراضي السورية

المرصد السوري: 353.935 قتيلا منذ اندلاع الصراع... و5.4 مليون لاجئ

جندي من الجيش السوري يفتح برج دبابة في قرية خان طومان، (غيتي)

طهران و«حزب الله»... الرهان الخاسر بالأراضي السورية

* معهد الدفاع الأميركي: قادة «حزب الله» يتساقطون في ريف حلب
* نفقات طهران 16 مليار دولار سنويًا... وتخطت الـ700 مليار دولار
* 226 مليار دولار سنويًا، خسائر الصراع السوري، أي 4 أضعاف الناتج المحلي قبل النزاع
 

القاهرة: تحالف وتعاون مستمران منذ عشرات السنين، بين طهران و«حزب الله» اللبناني، سعيًا وراء السيطرة على ثروات ومقدرات دول الشرق الأوسط، يربط بينهما خلفية الفكر الشيعي، وحلم تجميع الطوائف الشيعية تحت راية واحدة، حتى وإن كانت الفاتورة هي دماء الأبرياء من الأطفال والعجائز.
تاريخ تحالف الشر مليء بالرهانات الخاسرة، والأرقام التي تكبدها هذا التحالف من خسائر، سواء على المستوى العسكري، والعناصر المسلحة، أو من الناحية المادية والاقتصادية، أصدر عدد من المراكز البحثية في الفترة الأخيرة دراسات أعلنت من خلالها أن خسائر طهران و«حزب الله» قدرت بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار.
وفي فبراير (شباط) 2020. صدر تقرير من «معهد الدفاع عن الديمقراطية الأميركي»، أعلن أن التحالف بين إيران و«حزب الله» اللبناني، تكبد خسائر وصفها بالفادحة خلال معركته على الأراضي السورية، سواء من الناحية العسكرية أو من الناحية البشرية، مشيرا إلى أن الفصائل السورية المعارضة لنظام بشار الأسد، أسقطت عشرات القادة البارزين في «حزب الله»، المدعوم من إيران للحرب بالوكالة عن النظام السوري.
التقرير الصادر عن المعهد الأميركي، أكد أنه في يناير (كانون الثاني) 2020، المواجهة بين الفصائل المعارضة والميليشيات الداعمة للنظام السوري، في ريف حلب، أسفرت عن مقتل عمار درويش وعباس يونس وعباس طه، وهم من أهم قيادات «حزب الله»، ليلحق بهم المقاتل مهيب النمر، ويلقى حتفه في مواجهة بالزهراء، موضحا أن خسائر «حزب الله» وصلت إلى 1.233 قتيلاً، أي ما يعادل 40 في المائة من إجمالي خسائر الميليشيات الشيعية الأجنبية التي قاتلت إلى جانب النظام والتي يبلغ عدد قتلاها 2.972 قتيلا.
التقرير كشف أن الأراضي السورية تحولت إلى معقل للجماعات المتشددة، بعضها يتبع تنظيم القاعدة، بدعم من تركيا، وبعضها مناهض للنظام السوري، ومنها جماعة هيئة التحرير، والتي شنت منذ أيام قليلة هجوما بثلاث سيارات مفخخة، وصواريخ مضادة للدبابات، في الزهراء، أسفر عن مقتل العشرات على رأسهم قائد لواء باقر جمعة الأحمد، وهو من أكبر الداعمين للأسد.
وفي نفس السياق، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في الذكرى السابعة للحرب في سوريا، مقتل نحو 122 ألف عنصر من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، بينهم 63.820 جنديا سوريا و1.630 عنصرًا من «حزب الله» اللبناني.
 

الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال مؤتمر صحفي في 2019 في أنقرة ، تركيا. (غيتي )
حسن نصر الله، زعيم حركة حزب الله الشيعي اللبناني ( أ.ف.ب عبر غيتي إيماجز)
 


«المرصد السوري» كشف أن حصيلة الضحايا من الصراع بالأراضي السورية، وصل إلى 353.935 قتيلا منذ اندلاع الصراع في 15 مارس (آذار) 2011، بينهم أكثر من 106.390 مدنيا، بينهم 19.811 طفلا و12.513 امرأة.
منظمة آنديكاب إنترناشيونال الفرنسية غير الحكومية، أوضحت أن 3 ملايين شخص أصيبوا بجروح، بينهم مليون ونصف المليون يعيشون اليوم مع إعاقة دائمة، وبينهم 86 ألفًا اضطروا للخضوع لعمليات بتر أطراف، وأن الحرب أرغمت أكثر من 5.4 مليون شخص على الفرار من سوريا، بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين.
تحالف الشر بين طهران و«حزب الله»، لم يتكبد الخسائر البشرية فقط، فمن الناحية المادية صدر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية البريطاني، دراسة حديثة، كشفت فيها أن ميليشيات الحرس الثوري الإيراني، تلقى دعما ماديا أكثر مما يتم إنفاقه على الملف النووي الإيراني.
وقد وصل الدعم المادي، من طهران، لميلشيات «حزب الله»، والحرس الثوري، كما ذكر تقرير المعهد البريطاني، إلى 16 مليار دولار سنويًا، لتتخطى قيمة الدعم المالي أكثر من 700 مليار دولار حتى الآن، مشيرا إلى أن طهران وصلت ميليشياتها المسلحة التي تتدخل في دول المنطقة الرمادية، أي دول الصراع، إلى 200 ألف مسلح، وحذر التقرير من امتلاك «حزب الله» ترسانة من الأسلحة والقذائف والصواريخ، تم مدها بها من قبل طهران لاستخدامها في المواجهات المسلحة، ليصل عدد الصواريخ التي يمتلكها «حزب الله» 100 ألف صاروخ.
وعلى جانب آخر، الكاتبة الصحافية جيلان جبر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمتخصصة في الشأن اللبناني، ترى أن «حزب الله»، بقيادة حسن نصر الله، أصبح منذ فترة أداة في يد النظام الإيراني، لتحقيق أهدافه ومصالحة التوسعية، مشيرة إلى أن الدستور الإيراني، ينص على تصدير الثورة إلى خارج الحدود، وتحقيق التوسعات في الدول العربية.
 

جندي من الجيش السوري يفتح برج دبابة في قرية خان طومان، (غيتي)


تستكمل جبر أن إيران لها مصالح في الأراضي السورية منذ نظام حافظ الأسد، ولكنها لم تكن معلنة، ولكن في عهد بشار الأسد، فإن طهران أعلنت عن محاولاتها نشر التشيع السياسي وليس الحزبي فقط، لأن الأغلبية المذهبية في سوريا تعود إلى السنّة والعلويين، وهذا يؤرق الملف والمصالح الإيرانية، وذراعها التنفيذية «حزب الله».
الكاتبة المتخصصة في الشأن اللبناني، ترى أن تدخل روسيا في المعادلة السورية، يغير خريطة الصراع، لأن روسيا تسيطر على مقاليد الأمور الآن، وهذا ما دفع إيران لاستخدام «حزب الله» بمحاولة السيطرة الشعبية بالانتشار، عن طريق المساجد وما شابه، خاصة بعد الأموال الطائلة التي أنفقتها طهران على «حزب الله»، دون الرجوع إلى الحكومة اللبنانية.
جبر، أضافت أن حسن نصر الله أعلن في جميع خطاباته، أن ولاءه إلى المرشد الإيراني، وتحقيق أهداف الثورة الإيرانية، ولكن تدخل روسيا في المشهد سيجعل، الفترة المقبلة تشهد ما يشبه المقايضة بين روسيا وإيران، والنظام السوري، وذلك لتحقيق توازن في القوى.
مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الأميركي، أعلن في دراسة له، أن الحرس الثوري الإيراني، دعم «حزب الله» ونقل له جزءًا كبيرًا من قوته العسكرية، لاستخدامها في أراضي الصراع بسوريا والعراق واليمن ولبنان.
الدراسة أشارت إلى أن أجهزة الاستخبارات الدولية، رصدت شحنات جوية إلى لبنان في الفترة الأخيرة، من بين هذه الشحنات، طائرة من طراز «بوينغ 747» تابعة للخطوط الجوية المدنية الإيرانية «فارس قشم للطيران»، تحمل أسلحة محظورة لـ«حزب الله»، وأجهزة «جي بي إس» لتحديد المواقع، والتي من شأنها أن تستطيع إنتاج صواريخ دقيقة التوجيه في المصانع التابعة لميليشيات «حزب الله» في لبنان.
وفي سياق متصل، أعلن البنك الدولي قيمة الخسائر الناجمة عن النزاع على الأراضي السورية، بـ226 مليار دولار، أي ما يوازي 4 أضعاف إجمالي الناتج الداخلي قبل النزاع.

font change