الوضع تحت السيطرة... مع فرض حظر التجوال

فيروس كورونا في تونس

الوضع تحت السيطرة... مع فرض حظر التجوال

* قيس سعيد يفرض حظر التجوال ويدعو التونسيين للتضامن والمسؤولية
* تونس التي سجلت أكثر من 93 حالة عدوى ووفاة مصاب، لديها فقط 200 سرير إنعاش، مما يلقي بظلال الموت على المئات إذا انتشر الفيروس هناك
* الحل بين أيدي التونسيين، ولكن لا بد من صرامة كبيرة وانضباط كبير في ضوء الوضع الحالي الذي نعيش فيه، لمحاربة هذا الوباء

يتحدثون التونسيون عن فيروس كورونا بأصوات مرتجفة وبخوف كبير في داخلهم. كيف لا وهم على بعد بضعة أميال بحرية من إيطاليا الدولة الأكثر انتشارا لذلك الوباء في أوروبا، حيث قتل الفيروس أكثر من 3000 شخص متجاوزة عدد الضحايا المسجل في الصين.
لكن أكثر ما يخشاه التونسيون هو عدم قدرة منظومة الدولة الصحية على التعامل مع انتشار الفيروس على الأرضي التونسية. ففي الواقع، يواجه النظام الصحي لهذا البلد العالق في أزمة اقتصادية ومالية لأكثر من تسع سنوات، كثيرا من الصعوبات.
ووفقا للمسؤولين، فإن الدولة، التي سجلت بالفعل أكثر من 27 حالة عدوى وأول وفاة بسبب هذا الفيروس القاتل، لا يتوفر فيها سوى عدد ضئيل من أسرّة الإنعاش لا تتجاوز طاقة استيعابه 200 شخص فقط، مما يلقي بظلال الموت على المئات إذا انتشر الفيروس.
 
تدابير إضافية
وهذا هو السبب الذي دفع برئيس الجمهورية، قيس سعيد، إلى فرض حظر التجول منذ يوم الأربعاء 18 مارس (آذار)، من الساعة 6:00 مساءً حتى الساعة 6:00 صباحًا.
وفي تصريح تلفزيوني مساء الثلاثاء خاطب قيس سعيد التونسيين، قائلا إنه بعد التشاور مع رئيس الحكومة ورئيس البرلمان والخبراء، قرر اتخاذ هذه الإجراءات الصارمة للحد من انتشار الفيروس.
وقال: «إن تونس يمكن أن تلجأ إلى إجراءات إضافية»، مشيرا إلى أنه لا يوجد إجراء «يمكن أن يحقق أهدافه دون وعي جاد للتونسيين»، داعيا تجنب التنقل، إلا في الحالات الضرورية.


 
الوضع تحت السيطرة؟
وأضاف أن «الحل بين يدي التونسيين»، مشددا على ضرورة الامتثال بصرامة كبيرة للتعليمات الصحية والانضباط في ضوء الوضع الحالي الذي تعيش فيه البلاد»، وحث التونسيين على الاحترام الكامل للتدابير الوقائية التي قررت لمجابهة هذا الوباء.
وللتذكير، فقد سبق لرئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، الذي أكد أن «الوضع لا يزال تحت السيطرة»، أن أعلن، في اليوم السابق، عن سلسلة من الإجراءات الجديدة التي تهدف إلى مكافحة انتشار الفيروس، حيث أعلن أنه تقرر تعليق جميع خطوط نقل الركاب البرية والبحرية والجوية وغلق كل المعابر الحدودية، باستثناء الرحلات المخصصة لإجلاء المواطنين والسياح، وحظر التجمعات واعتماد نظام العمل بالحصة الواحدة بمعدل خمس ساعات في اليوم وتأجيل جميع الفعاليات والأنشطة الرياضية بما في ذلك البطولات الوطنية.
 
الامتثال للحجر الذاتي
وقد تم اتخاذ جميع الإجراءات الجديدة خلال مجلس وزاري مصغر، وبعد التشاور مع رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان وكذلك مع رؤساء المنظمات الوطنية، على ضوء آخر التطورات في العالم وفي أوروبا على وجه الخصوص.
 
وتجدر الإشارة إلى أنه تقرر تشديد هذه التدابير الوقائية الجديدة بعد أن تبين أن بعض الأشخاص لا يمتثلون لإجراءات الحجر الذاتي.
وكما كشف رئيس الحكومة عن وضع خطتي عمل لمجابهة الفيروس. تتمثل الأولى في وضع استراتيجية وقائية في حالة المرور إلى مرحلة متقدمة من انتشار الفيروس، عن طريق تعبئة أسرّة المستشفيات، والعاملين الصحيين الضروريين، وتوفير الأدوية، بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك القطاع الخاص واللجون إلى التعاون الدولي في هذا المجال.
 
خطتا عمل
تتمثل خطة العمل الثانية للحكومة في تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي على الفاعلين الاقتصاديين وعلى التونسيين. وبالتالي، ٱفاد رئيس الحكومة بأنه سيتم قريبا اتخاذ تدابير لدعم الشركات ومساعدة المواطنين. وقال: «سنعلن هذه الإجراءات في أقرب وقت ممكن».
كما ناشد رئيس الحكومة تضامن رجال الأعمال والشركات والتونسيين حتى لا يدخروا جهدًا لدعم صندوق دعم قطاع الصحة العامة وتمويل استراتيجية مكافحة انتشار الوباء. كما أكد أنه ستتم تعبئة جميع أجهزة الدولة، بدعم من المنظمات الوطنية والمجتمع المدني، لمكافحة انتشار هذه الآفة.


 
نداء
وقال: «أناشد الجميع أن يواصلوا مساعدة تونس في هذه الظروف الصعبة وأطالب أولئك الذين هم في الحجر الصحي أن يحترموا الإجراءات المتعلقة بالعزل الذاتي».
ولتجنب مرحلة جديدة من الانتشار السريع للفيروس، لا بد من احترام التدابير الوقائية المقررة حيث «لا يزال لدينا إمكانية احتواء هذا الفيروس».
وفي السياق ذاته، أبرز رئيس الجمهورية أهمية التضامن بين التونسيين في هذه المرحلة الدقيقة، داعيًا إياهم إلى التبرع بجزء من رواتبهم. ووعد بأن يكون في الطليعة في هذه الظروف الاستثنائية.
والتأكيد على ضرورة «تكريس قيمة التضامن، لا كشعار، بل كممارسة».
كما توجه الرئيس التونسي بالتحية للعاملين في المجال الطبي وشبه الطبي، وكذلك رجال الشرطة، الذين يتكفلون بتطبيق القانون، بتفانيهم، وإنكارهم لذاتهم، مذكرا بأن المعركة ضد هذا الوباء هي «مسؤولية الجميع».
وعلى صعيد آخر، دعا رئيس الدولة المؤسسات المالية الدولية إلى إدراك الوضع في تونس وبلدان العالم الأخرى، مؤكدًا ضرورة العمل من الآن فصاعدا ليس من أجل السلام والأمن الدولي بمعناهما الكلاسيكي، ولكن من أجل الإنسانية والإنسان أيا ما كان.

font change