مواقع التواصل الاجتماعي.. عندما يغرّد العرب

مواقع التواصل الاجتماعي.. عندما يغرّد العرب

[caption id="attachment_55237548" align="aligncenter" width="620"]تويتر الوافد الجديد على حياة السعوديين والخليجيين تويتر الوافد الجديد على حياة السعوديين والخليجيين[/caption]




الزخم الهائل الذي أحدثه تويتر في سنوات الربيع العربي، والجدل الاجتماعي التي رافق جنباته و"هاشتقاته" يقدم للباحثين والمراقبين مادة ثرية للدراسة والاستنتاج والتحليل، واستكشاف أنماط البشر وطرائق تفكيرهم، ودوافع صراعاتهم.
المشهد السّعودي كان الأكثر سخونة وإثارة.. انطلق السعوديون يتناقشون بضراوة لاتتوقف عن قضاياهم السياسية والدينية والاجتماعية، وكأنها كانت ملفات معلقة تنتظر فضاء مفتوحاً تتنفس فيه، وتظهر، وتكشف عن لثامها، وهذا ماحدث في تويتر مع الكثير من الشد والجذب والصخب وربما الغضب.
نوجه السؤال للمراقبين والمنخرطين في هذا المجتمع الافتراضي، مالذي غيره تويتر في حياتهم؟.. مالذي غيره تويتر في حياة السعوديين؟ هل صنع واقعاً جديداً؟ أم كشف فقط عن واقع مستور؟ هل هو موضة وطفرة، أم مرحلة جديدة لها مابعدها؟



تويتر أعاد الحارات "الافتراضية" وقرّب الناس..




بدأنا رحلتنا بالأكاديمي والكاتب السعودي عبدالعزيز الخضر، وهو مؤلف الكتاب التوثيقي (السعودية سيرة دولة ومجتمع) يقول في إفادته لـ"المجلة": "مع كثير من الظواهر في مجتمعنا يتورّط البعض بمقولات إعلامية وفكرية مبالغ فيها، تفسد علينا القدرة على فهم التفاصيل الحقيقية بين ضجيج الترحيب أو الإدانة"، ومضي وهو يضع عدسته على تأثير تويتر وسابرًا تحوّلات المجتمع السعودي "الحقيقة المباشرة والبسيطة تقول إن توتير أحدث تغيّرًا في المشهد السعودي". لكن الخضر يضع ذلك في حدودٍ ويعتبر أنّ "المشكلة تكمن في تقديره ووضعه في إطاره الواقعي".

فصّل الخضر ذلك، فيبدأ من أول الحكاية فيقول "قبل أكثر من عقد في الحالة الجنينية للإنترنت، وبدايتها في مجتمعنا، كانت هناك حالة انتشار وتطور متدرج زمنيا، محصور في فئات محددة"، وقد "صاحب ذلك مثلا منتديات الإنترنت وبرامج الدردشة والبالتوك". واستحضر الخضر ذلك ليساعده في توضيح ما سمّاه "المؤثِّرات وتوقعها، وهو ما حدث في قضايا كثيرة مرت بالمجتمع"، من حيث "تعامل الصحافة والمنتديات" فكان الجدال حول "أيهما الأكثر تأثيرا في توجيه الرأي العام". يواصل الخضر "تويتر جاء مع نضج كبير لتقنية الاتصال وسهولة مفرطة وانتشار واسع".

يوافق الخضر الرأي القائل بأنّ ازدياد نشاط تويتر جاء في أعقاب الأحداث العربية الدامية، فيقول "إلى الربع الأول من العام 2011 لم يكن تويتر بذلك النشاط اللافت محليًا، سوى انتقال بعض الناشطين في الفاس بوك إليه". الفاس بوك بحسب الخضر "قد دشّن مرحلة الانتقال للاعلام الجديد والهجرة من المنتديات والحريات المحجبة". ويرى أنّ الفاس بوك "كان يغلب عليه الجانب الاجتماعي التعارفي وبناء الصداقات قبل أن يتحول إلى ساحة جدل ثقافي وديني ثم سياسي لاحقا. أما مرحلة تويتر فجاءت في وقت لاحق، واقتضتها ظروف سياسية".




[blockquote]
عبد العزيز الخضر: ساعدت طبيعة تويتر وسرعته في صناعة خطابه وحريته الخاصة وأصبح خلال أشهر معدودة من أقوى المؤثرات في توجيه الراي العام وأصبح ميدانا تلتقي فيه مختلف وسائل الإعلام مع النخب الفكرية والإعلامية والدينية وجمهور واسع من مختلف شرائح المجتمع.. نعم غيّر تويتر الكثير في المشهد المحلي لكن السعوديين ما زالوا سعوديين في كثير من مظاهرهم
[/blockquote]




يقول الخضر "تويتر منذ اللحظات الأولى لطفرته التي صاحبت الثورات العربية كانت الشحنة السياسة طاغية فيه بصورة جعلت البعض لا يرى فيه إلا هذا الجانب". ولفت الانتباه إلى سرعة التواصل فيه فقال "وقد ساعدت طبيعة تويتر وسرعته في صناعة خطابه وحريته الخاصة، وأصبح خلال أشهر معدودة من أقوى المؤثرات في توجيه الراي العام، وأصبح ميدانا تلتقي فيه مختلف وسائل الإعلام من صحف ومجلات وقنوات مع النخب الفكرية والإعلامية والدينية وجمهور واسع من مختلف شرائح المجتمع. ظاهرة جديدة ومحيرة في زخمها في توجيه الرأي لكن تويتر يعاني من بعض الثقوب السوداء التي تضلل رؤيتنا وتقييمنا له وقوة تأثيره".



مجتمع الأحياء الطينية إلكترونيًا..




يواصل الخضر، مخففًا حدة حديثه، ولافتًا إلى الجانب الاجتماعي المهم، الذي جدّده تويتر "وحتى لا يُعطِّل البُعد الصحفِي والسِّياسِي رؤيتنا للمؤثرات الأخرى فالواقع أن أهمّ ما أحدثه في نسيج المجتمع السعودي هو التقارب". ويضيف "والتواصل الفكري، والحميمية بين مختلف الفئات الكبار في مناصبهم والصغار، المثقف والشيخ". ويواصل "حيث تفتت الكثير من البروتوكلات الرّسمية المصطَنعَة في مجتمعٍ نقلته طفرة النِفط من أحياء بيوت الطين المتقاربة.. إلى الأحياء الحديثة، وسجّلت نهاية عصر الحارات مع حالة انقطاع اجتماعي طويل، ليعود مرةً أخرى ليلتقي إلكترونيا ليبني صراعاته وصداقاته وأفكاره في هذه الأجواء". ويقول، مجملاً "نعم غيّر تويتر الكثير في المشهد المحلي لكن السعوديين، ما زالوا سعوديين في كثير من مظاهرهم!".



الحوار يخفف التشدّد.. ويفتح الآفاق




فضيلة الجفال، الكاتبة والإعلامية السّعودية، سلّطت الضوء على الجانب الإيجابي لتويتر، من حيث تقريبه لطبقات المجتمع، ولكنها تُوسِّع تأثيرَه، ليشمل تجسير الهوّة بين الثقافات على تنوعها واختلافها أيضًا، وليس فقط بين الطبقات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد، تقول الجفال "تويتر كان له أثر كبير في كسر الحواجز بين الناس على كل مستوياتهم، من كل الاتجاهات والتوجهات، سواء بين السعوديين أنفسهم، أو بينهم وبين العالم، أو بين العالم وبين السعوديين". ولكنها توضح أنّ هذا الإشراق مشوبٌ بمحاذير، وأن الطريق في هذا الاتِّجاه قد لا يكون مفتوحًا وسالكًا على طول المدى، فتشير إلى الصعوبات والتشنجات التي تلقاها التيارات فتقول "وإن كانت البدايات، لا بد أن تكون صعبة، ومليئة بالتشَنجَات مع التَّيارات المختَلفة".

الجفال تعود لبذر التفاؤل وتبين فائدة التلاقح الفكري، وأثره على كسر الجمود، وإذابة شوائب سوء الفهم، فتقول عن التشنجات والخلافات "وهذا ليس بجديد، لكنني متفائلة من أن ذلك سيؤسس لتعزيز الحوار في المستقبل، وهذا قد يخدم في انفتاح التيار المتشدد على العالم وتغيير منهجيته مع السنوات، ففي حين يكون التيار المتشدد منغلقا على ذاته، قد تأتي التجربة بالعكس تماما إذا ما واكب هذا التيار العصر وشعر بالمنافسة، فسيتأثر بالأفكار الليبرالية ليسير قسرا مع متغيرات الزمن. إنه طريق يفتح على احتمالات عدة واردة". وتأتي إشارة الجفال، وآمالها، في سياق الآمال العريضة التي يبذلها المتابعون، في أن تتلاقح التيارات الفكريّة داخل المجتمع بدلاً من التناطح الذي عجّت به ساحة تويتر خلال الفترة الماضية، في قضايا غالبها مفتعل، ومتخذ مدخلاً لتفجير خلافات مبيّتة. فرصة لتصفية الحسابات، غالبها ارتبط بقضايا سوّقها المتشددون، وسجالات أطلقها كتاب واتهامات متبادلة، شاعت معها فهوم متناقضة.

تقول الجفال عن تجربتها في عصر الإعلام الجديد، وقصتها مع التجوال في الفضاء الافتراضي قبل ظهور التفاعل اللحظي، تويتر أو فيس بوك، موضحة دور المنتديات الثقافية التي كان المثقفون ينادون بها، وبيّنت أنها عاى الرغم من أهميتها، إلا أن عيبها الأكبر في حصريتها على شريحة معينة، فتقول "بالنسبة لي شخصيًا، عِشتُ قبل ظهور تويتر تجربة حياتية منفتحة مع العالم، ولدي فضاء - قبل تويتر - واسع للحوار مع النّاس بشكل مُباشر، ربما في الخارج أكثر منه في الداخل، كما كنت - شأن نسبة كبيرة من المثقفين - مُنخرِطة في منتديات ثقافية على الشّبكة العنكبوتية (الانترنت) قبل ظهور تويتر، لكنها كانت محصورة بشريحة معينة". وتنتقل للحديث عن الواقع الراهن فتقول "اليوم نحن أمام المجتمع بكل أطيافه وطبقاته الفكرية والاجتماعية". وتشير الجفال إلى الوافدين إلى التفاعل الاجتماعي الجدد، أولئك الذين كان المجتمع ينعزل عنهم أو ينعزلون عنه، ولا يشيع اتصالهم بالجماهير إلا في المناسبات، لتوضح أنّ تويتر جمّع الناس، وأن "من بين هؤلاء مسؤولين كانوا منعزلين عن الناس، وهذا سيفتح المجال لفهم أكبر للمتغيرات".





[blockquote]
فضيلة الجفال: تويتر كان له أثر كبير في كسر الحواجز بين الناس على كل مستوياتهم، من كل الاتجاهات والتوجهات، سواء بين السعوديين أنفسهم أو بينهم وبين العالم أو بين العالم وبين السعوديين.. هذا الإشراق مشوبٌ بمحاذير والطريق في هذا الاتِّجاه قد لا يكون مفتوحًا وسالكًا على طول المدى، ككل البدايات لا بد أن تكون صعبة ومليئة بالتشَنُّجَات مع التيارات المُختلفة
[/blockquote]


تعود الجفال لتوضح الفائدة الشخصية وتوثقها، وتفتح الباب أمام مشهد التأثير والتأثر الشخصي، فتقول"أضاف لي تويتر التعرّف على تفكير المجتمع بشكل أوضح"، وهو ما عنيناه بالتفكير الأفقي التشاركي، وهو أن يتبادل النّاس فكرهم بشكل أفقي، لا "أستذة" فيه لأحد، وهو ما يبدو في حديث الجفال إذ تقول "إنه أمر مهم بالنسبة للصحافيين والكتاب وقادة الرأي على وجه الخصوص، سواء في جسِّ نبض الشارع أو في التأثير على الرأي العام أيضا حول قضايا سياسية أو اجتماعية أو حقوقية".



تويتر لا يستر.. لا يغير.. لكنه يجلي




تضيف الجفال إلى الحديث فكرة جديدة، عن كشفه لستار الناس، وتمحيص معدنهم، وبيان نمط التفكير فتقول "التَّواصل المباشر مع الناس أفادنا نحن كسعوديين لغربلة الفكر ولتشخيصه أيضا تحت اختبارات لا يستهان بها". وتواصل "في تويتر، تعرفت على فكر زملاء وأناس مختلفين بعضهم لم تتح لي الفرصة للالتقاء بهم في الواقع سواء من سعوديين أو عرب أو أجانب". وتضيف "بعضهم أبهرني بفكره، وآخرون العكس تماما"!.

تشرح الجفال فتقول "في تويتر هناك نقاش فكري ثقافي أحيانا، إنه يكشف عورات الفكر والمبادئ". وتعود لتشدد محذّرة "لكن في المقابل تويتر قد يخدعك أيضا، فهو قد يرسم صورة مثالية عن واقع غير موجود وعن أشخاص غير مثاليين أبدا، بعضهم قد يكون مأسورا تحت تأثير الجماهيرية وإعجاب الناس فيظهر شخصية مثالية غير حقيقية له". وفي تصنيفها للمتوترين تقول "تعرّفت على شخصيات مثقفة مستنيرة وبفكر صاف من الشباب من الجنسين وهؤلاء يثير فكرهم إعجابي، بعضهم حصد نجومية بسبب تويتر وبعضهم مغمور، ففي تويتر يتابع البعض الأسماء المعروفة من الصحافيين سواء من كانوا أسماء لامعة سابقا أو ممن خلق تويتر لهم هذه الشهرة والوجود والذي لم يكن ليتوفر لهم قبل تويتر، كما وجدت أيضا مغردين إمّعات وعقولهم مغسولة تماما تحت تأثير أفكار آخرين وبآراء مسبقة جاهزة من دون وعي، وهؤلاء أراهم فأعرف الوجه الآخر للمجتمع".

ثم تتناول تغوّل العالم الافتراضي الجديد، على حياتنا الشخصية، فهو يسرقها منا، أحيانًا، ويأخذ الفرد في همّ المجموعة، حتى لا يجد وقتًا يجلس فيه مع ذاته، فتختم الجفال قائلة "تويتر يستهلك الوقت إذا لم نُنَظِّم دخولنا لا سيما في متابعة الهذر الذي ليس من ورائه طائل. وعن نفسي، كنت أقرأ أكثر قبل تويتر، وأحاول الآن أن أضع حدا للمتابعة والعودة إلى حجم القراءة السابقة، لقد شغلتنا قضايا تويتر كثيرا".



أعاد تعريف السخافة.. فجّر اللغة والمفاهيم




الإعلامي السعودي وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، فهد السنيدي مضى أبعد من ذلك، حينما تحدّث عن قدرة تويتر على تفجير اللغة، والخروج عن المألوف، وخلق ضمير عام يعزز من قيمة الوعي، ويُكاثر منه فيقول "تويتر في السعودية أعاد صياغة الوعي بهجومه على اللاوعي، وأخرج المكنون المكتوم، حتى لو كان في مفهوم البعض سخيفا، تويتر أعاد تعريف السخافة ليصحح مفهومها، ليس ما تعتبره أنت سخيفاً بحكم عاداتك يظل سخيفاً دائما" ويواصل "تويتر أخرج أقواماً لانجدهم في المجالس والمنتديات والأماكن العامة". يشير السنيدي إلى نمط جيد وجديد من الاجتماعيين، ففي دنيا تويتر لم تعد مضطرًا لأن تخرج إلى الشارع لمقابلة الناس، ولكنك مضطر للتأهب، فقط، ما فعله تويتر هو أن أخرج المختبئين الكسولين، يقول السنيدي "إنهم مختبئون لكنهم في تويتر يظهرون، تويتر كشف نفوسا وفضح أقلاما وسل سخائم".

حاول السنيدي المقارنة بين كتابة "تغريدة" وكتاب الصحف فيقول "تويتر قال لنا إن كتاباً في الصحف جثموا على قلوبنا سنين لايعرفون في تويتر كتابة ١٤٠ حرفاً، سبقهم شباب مبدعون ونشطاء ومفكرون بعضهم لم يقفز حاجز الثلاثين" وهو بذلك يعيد إلى الأذهان صراعا طويلا، شهدته الصحافة السعودية، بعنوان "هل يجعل منك تويتر صحافياً وكاتباً"، شهدت مجلة "المجلة" بعضه.




[blockquote]
فهد السنيدي: تويتر في السعودية أعاد صياغة الوعي بهجومه على اللاوعي، وأخرج المكنون المكتوم، حتى لو كان في مفهوم البعض سخيفا.. تويتر أعاد تعريف السخافة ليصحح مفهومها، ليس ما تعتبره أنت سخيفاً بحكم عاداتك يظل سخيفاً دائما.. تويتر أخرج أقواماً لانجدهم في المجالس والمنتديات والأماكن العامة.. إنهم مختبئون لكنهم في تويتر يظهرون
[/blockquote]



يواصل السنيدي "تويتر بين لنا خطأ بعض قيادات الصحوة لأنهم احتفوا بأتباعهم وتركوا من اعتقدوا أنهم ليسوا منهم وهاهم في تويتر أكثر إبداعاً من أتباعهم.. تويتر يدعوك للتوتر والتريث والتعجل والتدهور والتوبة".



لم يغير شيئاً.. زاد القدرة على التعبير




حينما سألنا ناصر الصرامي، الإعلامي والكاتب السعودي، لم يكن متحمسًا لطروحات تعبر عن تغيّر جوهري أحدثه "التويتر"، ولكنه لم ينف حدوث تغير طفيف، ويبدو عنده تغيّرًا باردًا، وهامشيًا، فتويتر في كلام الصرامي، أعاد تموضع الأشياء، ولكنه لم يغيّر الجوهر، يقول عنه "غيّر القليل، لكنه كشف الكثير المستور من خبايا المظهر المثالي، او توقعاتنا الطيّبة، إنه كشف حسابا جديدا لثقافتنا، حتى إن كان صاخبا". يواصل مستحضرًا جيل المنتديات، ومحاولًا تبيين أنّ هذه الحقب مرتبطة ببعضها، وأن ما نراه اليوم مرتبط بحصاد زرع سابق، والانفجار التكنلوجي لم يبدأه تويتر وإنما توّجه "وبعد تجربة المنتديات وغرف الدردشة في البدايات، وبعد الكثير من الترقب والخوف والمجاملة والتجربة، الآن نحن مع شبكات التواصل الاجتماعي نرى صورة ثقافتنا المحلية بحدة لم نشهدها من قبل في اختلافها وحساباتها، و تباينات ملفتة جدًا كنا ننظر إليها بتواضع او بساطة او لنقل تفاؤل."

يواصل الصرامي "الشيء الوحيد الذي تغيّر، هو سقوط الخجل والخوف من التعبير، رغم تحول الحدية والمغالاة في اللغة وأخلاق الحوار والاختلاف". ويقول في لحظةٍ بين التفاؤل والخجل من اليأس "وهنا طريقنا طويل".



مثله مثل غيره...




لم يقف المدون الساخر إبراهيم القحطاني كثيرًا عند المقدمات، وولج مباشرة في عمق ما يُرتب إجابته، فقال إن "تويتر عبارة عن برنامج تواصل مثله مثل غيره من البرامج الأخرى والتي تم استغلالها في التواصل وتبادل الروابط والصور، وهكذا كانت بداية تويتر مع السعوديين" ولكن ماذا حدث! وكيف انقلب برنامج التواصل وتبادل الصور، إلى ساحة من ساحات السِّياسَة ومعاركها، يعزو القحطاني ذلك إلى العام 2009، فيقول "ولكن بعد انطلاق الثورة الخضراء في إيران عام 2009، بدأت تغطية أحداث الثورة عن طريق تويتر، وكان هذا الأسلوب جديداً نوعاً ما، وهو نقل الأحداث على أرض الواقع إلى تويتر".

حديث القحطاني، يُذكِّر بما صرّحت به الإعلامية الفلسطينية والصحافية الناشطة "ديمة الخطيب"، التي دخلت إلى عالم تويتر وظلت "تويترية" ممتنعة عن التغريد، إلى أن جاء اليوم الذي كانت تغطي فيه حادثة احتجاز مجموعة من عمال المناجم التشيليين (أكتوبر 2010)، بداخل أحد المناجم جرّاء انهيار جزء منه، فأرادت أن تقدِّم المعلومات بشكل مختلف عما تقدمه للقناة التلفزيونية التي تعمل بها، فلقيت تغريداتها يومها رواجًا كبيرًا، وأصبحت محط أنظار الصحف والقنوات والقرّاء.



صانع الأحداث.. مجمّع الشباب




يشير القحطاني إلى أمر شبيه لذلك فيقول "وهذا الأسلوب من وجهة نظري أثر في التعاطي مع تويتر لدينا، فأصبحنا نرى التغطيات الإعلاميّة لكثيرٍ من الأحداث ومن أشهرها كارثة جدة". يتذكر القحطاني فيقول "كيف اعتبره الكثير مصدرا رئيسا لمعرفة جديد الكارثة، إلى درجة أن الصحف الرسمية بدأت في النقل من تويتر، هذا التحول أعطى تويتر صبغة جادة ومصداقية و تأثيرا، فلم يعد يعتبر برنامج تواصل فقط، بل صانعا للأحداث". يعزو لهذا التغير توافد المسؤولين إلى تويتر فيقول "وهذا الشيء أدى إلى دخول الكثير من الشخصيات المعروفة إلى تويتر وبدء تعاطيهم معه كمنصة رئيسة لطرح آرائهم حول القضايا التي تدور من حولنا، وسرعة تناقل المعلومة وسهولة النقاش أعطى تويتر المزيد من الشعبية".




[blockquote]
ناصر الصرامي: بعد تجربة المنتديات وغرف الدردشة وبعد الكثير من الترقب والخوف والمجاملة والتجربة الآن نحن مع شبكات التواصل الاجتماعي نرى صورة ثقافتنا المحلية بحدة لم نشهدها من قبل في اختلافها وحساباتها و تباينات ملفتة جدًا كنا ننظر إليها بتواضع او بساطة او لنقل تفاؤل.. الشيء الوحيد الذي تغيّر هو سقوط الخجل والخوف من التعبير
[/blockquote]



ويضيف القحطاني: "أصبحنا نرى تكتلات شبابية ربطها نفس الميول والاهتمامات في تويتر مما أدى إلى تطور العلاقة إلى لقاءات على أرض الواقع" ويلمس هنا التغيير الكبير "وهذا من وجهة نظري أكبر تأثير على السعوديين، ففي السابق من الصعب أن تجد من يشابهك في الاهتمامات، ولكن بعد هاشتاقات تويتر و إضافاته ونقاشاته، أصبح من السهل أن أجد من يشابهني في فكري وطرحي، وهذا الشيء الصحي أنتج لنا مجموعات شبابية تجتمع على أرض الواقع يجمعها همها ورؤيتها، وهذه التجمعات ساعدت على صناعة رأي عام لقضاياها التي يؤمنون بها عن طريق تسليط الضوء على قضية معينة بحيث يشدو انتباه الشعب لها".



مجلس للجنسين.. قضايا المرأة.. أسقط التابو




إذن تويتر أشبه بالمجلس العام، ولكنّه لا يختص بجنس واحد، ولا يقتله جدل الاختلاط، ليس ظاهرةً تختص بالذكور، بل هي طفرة مجتمعيّة عامة، أثّرت على الرجال والنساء، وأثرا فيها، وفي اطرادها، لذلك كانت إفادة النّاشِطة السُّعودية في حقوق المرأة خلود الفهد، إيجابيةً، عوّضها تويتر ما تفقده في الواقع فتقول "من أهم ما غيّره تويتر في حياتي وحياة الكثيرات هو أنه استطاع أن ينقلنا فعلياً من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع، خصوصاً وأنه في ظل انعدام مؤسسات المجتمع المدني، كان من الصعب علينا قبل تويتر أن نلتقي، ونتابع قضايانا أو نسهم في حل بعضها، أما اليوم وبفضل تويتر أسهمت المرأة السعودية فعلياً في خدمة الكثير من قضاياها، وعلى أكثر من صعيد، وكوّنا مجموعات نسويّة نلتقي كل فترة في بعض مدن المملكة وتجاوزنا بمواقع التواصل الاجتماعي الإعلام التقليدي في طرح قضية المرأة، وبما أنّ الإعلام الجديد هو إعلام تفاعلي اصبح العالم كله يستطيع أن يرى الفرق بين الحراك النسوي قبل وبعد التويتر، أما بالنسبة لي على المستوى الشخصي بالإضافة لما ذكرته فإن أفضل ما قدم لي تويتر هو أنّه أسقط التابو السِّياسي العربي وجعل الحديث في السياسة أمرا مشروعا وكسر كذلك هيبة الإعلام التقليدي الذي كان يروّج لشخصيات معينة ومحددة ومدعومة وأسقط حصانة الكثير من الأشخاص ذوي النفوذ والسلطة فأصبح التويتر لا يستثني احداً دون آخر إلا من خلال ما يطرحه فقط.



بين الفيسبوك وتويتر .. الحكومات تشوّه سمعة النّاشطين




في إفادته لـ"المجلة" عن تويتر والفيسبوك، وما غيّراه، قال عالم الاجتماع الكويتي الدكتور غانم النجار "لم أدخل الفيس بوك، ولكني أعلم أنّ مجاله الواسع، لم يفقد بريقه، ولكن تويتر أسرع منه في تعاطيه مع الخبر وتفاعله مع الأحداث، لا يمكنك أن تفصله عنك، وهنا أشير إلى نقطة مهمة وهي أنّ التطورات التي جرت في تويتر مرتبطة، بثقافة الهواتف الذكية، التي يَحمَا سوقها، في ملائمة تطبيقات الفاس بوك أو تويتر، وهنا تبدو الميزة التقنيّة التي نُسجِلها، من حيث مواءمَة تويتر التقنية لثقافة استخدام الهاتف النقال في منطقتنا، وسبق تويتر الفاس بوك في ذلك، واستشرى ذلك لدى الشباب فيندر في هذه الأيام أن تجد شخصًا بعيدًا عن هاتفه، وهذا يعني بالضرورة متابعته لما يربطه بالعالم وهو في هذه الحالة تويتر".




[blockquote]
محمد الحمادي: تويتر ليس نخبويا أبدا ولا أعتقد أنه نخبوي في أي مكان فهذه وسيلة عامة ويستخدمها الجميع، ولكن النخبة استفادت منها فبرزت من خلالها بشكل اكبر.. تويتر بلا شك تويتر وسيلة إعلامية حقيقية وقوية وفرضت وجودها بشكل سريع، لكنها ليست مأمونة كما أن المعلومات فيها ليست موثوقة دائما، لذا فإن اعتمادها كوسيلة إعلامية يتوقف على "من" يغرد فيها وليس "ماذا"، فالمصداقية فيها تكون من مصداقية "المغرد"
[/blockquote]


واصل النجار حديثه عن الحالة الكويتية "في الكويت وهي من أعلى الدول العربيّة وجودًا في الفضاء الافتراضي، شهدنا ميلاد سجالات، وأحداث، وأصبح صانعًا للحدث، الكثيرون من الوجهاء في تويتر تنتقل تصريحاتهم منه إلى الصحف والمجالات، وربما القنوات الفضائية، صار مغريًا لأن فيه يمكنك القول، والرد، والحصول على رد فعل على ردك، هذه التشاركية خلقت نوع من الوعي، بالرأي المفتوح على العامة، وهو أمر جديد". واصل الدكتور قائلاً "الوسيلتان لا زالتا في طور الممارسة، لا يمكننا دراستهما، دراسة كاملة، يمكننا مطالعة موجهات عامة، وقراءتها، ولكن الخروج بالتصريح بالتأثير أو عدمه، فهذا يحتاج إلى وقت". يواصل "نعم هو ساهم في انضاج الحقوق والمساءلة وعزّز الحوار، ولكن تعزيزه وسيلة وليس تعزيز مبدأ".

وفي حديثه عن ارتفاع نسب المتابعة، سألناه إن كان يقرأ من نسبة متابعي الدعاة الكبيرة، توجهًا دينيًا، قال "لا توجد نظرية علمية راسخة توضح إمكانية فهم سلوك الشخص حينما يتابع أيًا من نجوم تويتر، سواء كان داعية أو غيره، ولا يمكنك استخدام هذه الأرقام، دليلاً على قدرة تأثيرية، لا يوجد سند علمي على ذلك، ليدي غاغا لديها ما يربو على 26 مليون متابع، هل ينافسها داعية أو كاتب، هل يمكنك قراءة شيء واضح، الظاهرة التويترية تحتاج إلى دراسة، بعد فترة" وعند الهواجس الحالية "تويتر أعاد تعريف سقف الحرية، وأصبحت هي الأمر المهم، وهي محيرة، هل نضبطها، حتى لا تجرّح المجتمعات والأشخاص، أم أنّ ذلك هامش لا يجوز تقييد الناس فيه". يقول النجار "الحكومات دخلت الآن بشكل سلبي لهذا المجتمع، هي وبعض التنظيمات، في حروب الكترونية، لتشويه سمعة المعارضين والناشطين.

حديث النجار عن هامش الحرية، لم يكن جديدًا، فقد شهد المتابعون في الفترة الماضية، طلب بعض الدول، من إدارة تويتر، حظر بعض المفردات، وتقييدها، وثار جدل كبير، بين المحافظين الذين يرون، أن المعلومة سر، والسر سلطة، ولا ينبغي تمليكها وإشاعتها، بين الناس، وبين المتحررين الذين يرون الحرية حق مطلق.



الفايس بوك وثقافة الشعوب السردية




بمسح عام للدول العربية، نجد أن ثقافات محددة، تمارس تويتر بشكل أكبر من الأخريات، وقسم يلج الفايس بوك وحده. بعكس الآخرين نرى الكاتبة والباحثة التونسية ألفة يوسف وهي ناشطة على موقع الفايس بوك وتحضى بشعبية كبيرة، تصل لمائة ألف مشترك على موقعها، تغيب عن تويتر، سألناها، عن الفرق الذي يجعل ثقافة الفاس بوك رائجة بينما تبور ثقافة تويتر، تقول "بين الفايس بوك وتويتر ما يجمع وما يفرّق... فأمّا ما يجمع فهو سرعة انتقال المعلومة عبر الشبكة الاجتماعية، وأمّا ما يفرّق فهو أمران أولهما الإيجاز الذي يميّز "تويتر" وإمكان التبسّط والتوسّع عبر الفايس بوك وثانيهما أن التويتر لا يمكّن من فتح باب للتحاور المباشر ممّا يسمح به الفايس بوك، ولئن كان تويتر يلائم إيقاع الحياة أكثر فإننا نلاحظ أن العرب أكثر استخداما للفايس بوك. ويمكن أن نفسّر ذلك بأنّ التويتر بإيجازه يسمح بتمرير المعلومات والأخبار أساسا. ولا ينكر إلاّ مكابر أن موقع العرب من صنع الأحداث والأخبار اليوم ضئيل، ولذلك يقل استخدامهم لتويتر. ومن جهة أخرى فلئن أكّد الجاحظ أن البلاغة الإيجاز فإنّ المخيال السرديّ العربيّ يجنح إلى الإطالة والتكرار والمداورة... فمن منّا لا يتذكّر أمّهات كتب التراث التي تراكم الأخبار والأحاديث والحكايا؟ ثمّ إنّ الشعوب العربية التي عانت طويلا من سياسة عسر التعبير وجدت في الفايس بوك مجالا للتنفيس وتبادل الآراء والأفكار.. ومن جهة ثالثة فإنّ وتيرة الحياة الغربية أسرع من مثيلتها لدى العرب بما يفسّر أن الشعوب العربيّة أكثر ميلا للفايس بوك".




[blockquote]
مريم بن فهد: تويتر قال للإعلام العربي والدولي إن لم تنقل الحقيقة كاملة، سيقوم غيرك بذلك، وإن لم تكن سباقاً فغيرك سيفوز بالسبق، تويتر أجبر الإعلام على التعاطي معه كمنصة للتفاعل والأخبار على الرغم من كونه لم يرق لأن يصبح مصدراً موثوقاً 100 في المائة للمعلومة.. تويتر آلة إعلامية تنقل خبر الحدث كما أنها أداة لصنع الحدث فهي تتفاعل مع أبعاد الخبر الذي تنقله وتبعات هذه التفاعل وتصنع الأحداث وتبادر لها أحياناً
[/blockquote]


‫مالذي غيّره تويتر في الإماراتيين؟‬‬




هذا ما توجهنا به لمحمد الحمادي، رئيس تحرير مجلة الناشيونال جيوغرافيك بأبوظبي، الحمادي قال بالإيجاب، وأقر بقدرة تويتر على خلق مساحات جديدة وملئها، ولامس قدرته على التأثير. يقول الحمادي: "تويتر بحجمه ومساحته الصغيرتين فتح نافذة كبيرة للحوار والنقاش بل وحتى الالتقاء بين الإماراتيين، لقد تحولت هذه الوسيلة إلى أداة حية وحيوية يتبادل فيها الإماراتيون الآراء ووجهات النظر، ويطرحون القضايا التي تهمهم ويعبرون فيها عن مواقفهم السياسية والإجتماعية والرياضية بشكل لم يسبق له مثيل من قبل".‬‬
ولكننا لا نستطيع أن ننفي مفارقة العالم الافتراضي، سواء في الفايس بوك أو تويتر للحقيقة على الأرض، أو لظروف معينة، ربما لأن تويتر محصور في فئات معينة، وهنا يجود الباحثون بالحديث عن النخبوية، فتوجهنا بالسؤال للحمادي، هل تويتر نخبوي؟ فقال "ليس نخبويا أبدا، ولا أعتقد أنه نخبوي في أي مكان، فهذه وسيلة عامة ويستخدمها الجميع، ولكن اعتقد ان النخبة استفادت منها فبرزت من خلالها بشكل اكبر".

وحول الموثوقية في تويتر، والمصداقية يقول الحمادي "بلا شك تويتر وسيلة إعلامية حقيقية وقوية وفرضت وجودها بشكل سريع لكنها ليست مأمونة كما أن المعلومات فيها ليست موثوقة دائما، لذا فإن اعتمادها كوسيلة إعلامية يتوقف على "من" يغرد فيها وليس "ماذا"، فالمصداقية فيها تكون من مصداقية "المغرد". وهنا يوجه الحمادي إلى الفاعل الإنساني، ويصرف إليه نسبة المصداقية، لا إلى الآلة، تماماً كأن نجد قناة تلفزيونية ذات مصداقية عالية وأخرى، ذات مصداقية منخفضة. يواصل الحمادي "أما الخطاب فيه فللجميع فما دام ليس هناك رقيب أو حسيب على تويتر فسيكون ساحة للجميع وبشكل متساو". ويضيف "‫وهي وسيلة ديمقراطية بامتياز فمن يقتنع بك وبتغريداتك وأفكارك يستمر في متابعتك ومن لا تعجبه فبكبسة زر يستبعدك فتخرج من حسابه ومن حياته. ‬‬‬‬
‫‬‬‬‬


متابعون لا أتباع!




في قراءة ماسحة لنسب المتابعة نجد الدعاة يتربعون على قمة الهرم، فإلى ماذا يعزو الحمادي ذلك، قال "تحظى الشخصيات المشهورة بمتابعة أكبر، إما بسبب شغف الناس بمعرفتهم عن قرب ومتابعة أخبارهم أو محاولة التقرب اليهم، وتويتر نجح في تحقيق ذلك فخلق علاقات جديدة بين الجمهور والمعجبين. أما الدعاة والشخصيات الإسلامية فتجد الكثيرين يتبعونهم لأن مجتمعاتنا متدينة بطبيعتها فالناس تتابع رجال الدين. والحقيقة أن تويتر لم يكن خيرا لكل رجال الدين فبعضهم فضح وبانت سطحيته وخسر كثيرا من معجبيه بعد أن أصبح يغرد ويتفاعل مع الجمهور بشكل مباشر". يوضح الحمادي "‫ومن الأشخاص الذين يحظون بمتابعة كبيرة هم المتخصصون الذين يتكلمون في تخصصهم، فالطبيب الذي يتكلم في الأمور الصحية تجد له متابعين والرياضي الذي يهتم بالشؤون الرياضية تجد من يتابعه والسياسي الذي يتكلم في الشأن السِّياسي تجد من يتابعه أيضا، وهلم جرا"‬‬‬‬.





[blockquote]
غانم النجار: تويتر أعاد تعريف سقف الحرية، وأصبحت هي الأمر المهم، وهي محيرة، هل نضبطها، حتى لا تجرّح المجتمعات والأشخاص، أم أنّ ذلك هامش لا يجوز تقييد الناس فيه.. لا توجد نظرية علمية راسخة توضح إمكانية فهم سلوك الشخص حينما يتابع أيًا من نجوم تويتر، سواء كان داعية أو غيره، ولا يمكنك استخدام هذه الأرقام، دليلاً على قدرة تأثيرية، لا يوجد سند علمي على ذلك، ليدي غاغا لديها ما يربو على 26 مليون متابع، هل ينافسها داعية أو كاتب[/blockquote]






استذكرنا مع الحمادي تعليقًا راج في الآونة الأخيرة، لأحد الدعاة يصف فيه متابعيه على التويتر بالأتباع، وقد لاقى هذه الوصف، هجومًا ضاريًا من قبل كثيرين، سألنا الحمادي، عن دقة التوصيف، فقال إنه "غير دقيق أبدا، فهم متابعون وليسوا تابعين، فهم يتابعون تغريدات من يتابعونهم ويتفقون ويختلفون معهم، وفي كثير من الأحيان يتابع البعض من يختلفون معهم ليتصيدوا أخطاءهم وينتقدونهم. أما إذا لم يقتنعوا بهم فإنهم يتوقفون عن متابعتهم بزر "ان فلو".

عن هذه النقطة، سألنا أحمد حسين بن الشيخ رئيس مجلس إدارة شركة دوكاب بدبي، فقال "الفلورز في لغة تويتر أو الفايس بوك أو المواقع الاجتماعية، لاتعني أتباعًا لهذا الشخص، إنما هناك محركات عديدة، مثل الميول السياسية أو المتابعة لأحدث ما يصدر من تصريحات، أو الاستزادة من العلم لمعرفة علوم معينة، وأيضًا بعض الأسامي تجذب الفلورز ، سواء الشخصيات السياسية أو الشخصيات الغنائية والفنية، كل واحد منهم يكون له نوع من المحبين لهذا الشخص، الأتباع صفة غير دقيقة، التابع دائما يأتمر بما يأمره صاحب الطريقة، واعتقد أننا هنا نغير المعنى بوصفهم بالاتباع".



ما الذي غيره تويتر في العرب.. والإعلام العربي




للإجابة على هذا السؤال، توجهنا للمديرة التنفيذية لنادي دبي للصحافة، مريم بن فهد، وسألناها ما الذي غيّره تويتر في العرب؟ فتناولت الموضوع بشكل شامل، وهي تعيد تعريف التغيير، لتبين أن تويتر جلّى الموجود، وفك الحرز عن المكبوت، وأطلق القياد، هذه العمليات عند مريم بن فهد هي التي أوحت بالتغيير ومنحته، قالت "كان هناك العديد من السلبيات والإيجابيات في تعاطي العرب مع تويتر، ولا أعتقد أنه قد غير بالمعنى الشامل والعميق للكلمة، وإنما ربما قد أخرج ما لدينا من قيم أصيلة للحوار والتسامح وقبول الآخر، كما نفّس عن الكبت السِّياسي والاجتماعي والفكري في بعض المجتمعات. في تقديري، أن العرب رأوا في تويتر منصة للتعبير، وقد ساهم في استكشاف العديد من المواهب كونه أداة فاعلة للتدوين المصغر". وتشرح مريم محيط تناوله، والعوامل التي ساهمت في ذلك فتقول "وجاء في سياق التطور الطبيعي لنمو وثورة الاتصالات في المنطقة، وقد تمكنت على الصعيد من استخدامه للتواصل مع العديد من الكتاب والإعلاميين وصناع القرار وقادة الفكر، وساهم بشكل أو بآخر بتوثيق وتوطيد العلاقات الإنسانية والمهنية معهم".

مريم بن فهد، تدير منتدى الإعلام العربي بدبي، لذلك أردنا أن نعرف عبرها التغيير الذي أحرزه تويتر على صعيد الإعلام العربي، فتقول "تويتر قال للإعلام العربي والدولي إن لم تنقل الحقيقة كاملة، سيقوم غيرك بذلك، وإن لم تكن سباقاً فغيرك سيفوز بالسبق، تويتر أجبر الإعلام على التعاطي معه كمنصة للتفاعل والأخبار رغم كونه لم يرق لأن يصبح مصدراً موثوقاً مائة في المائة للمعلومة".

تويتر يغرّد أحيانًا بنميمة علنية، ويدججها بروح مرحة، تقول عنه مريم "بالنسبة لي هو منصة للتواصل المهني والإنساني على حد سواء، والنميمة كما وصفتها على صفة غير حميدة، ويستطيع المرء أن يمارسها في تويتر وغيره، ولكنه يستفز في رواده روح الاستكشاف والتواصل".

وعن المستقبل وآفاقه، سألنا مريم بن فهد فقالت "من يصنع مستقبل تويتر هم رواده، وفي ظل نموه وانتشاره في الوطن العربي أعتقد أنه مازال أمامه العديد من الفرص للدخول في منافسات أكبر مع المنصات الاجتماعية الأخرى، وبعض المؤشرات تفيد بأنه سيتم الاستحواذ عليه من قبل غوغل كما حدث مع يوتيوب في فترة ليست بالبعيدة".
غانم النجار يتوقع أن يأفل تويتر، ويأتي جيل من التقنية جديد.. إن كانت توقعات النجار صحيحة فماذا عسانا فاعلون ولمن سنغرّد أم هو الصمت مجددا.
font change