حكايات إنسانية سجلتها الأزمة العالمية... تبرز تضحيات الجيش الأبيض

الأطباء في الصفوف الأولى للحرب ضد كورونا

مسح درجة حرارة الجسم للمسافرين الوافدين في مطار القاهرة الدولي (غيتي)

حكايات إنسانية سجلتها الأزمة العالمية... تبرز تضحيات الجيش الأبيض

* مستشفى العزل به فريق طبي على أعلى مستوى، يضم عدداً كبيراً من التخصصات، ويستقبل الأطباء الحالات، وهم يرتدون بدلات وقاية كاملة وماسكات ونظارات حماية
* د. عبد الستار يؤكد أن الأيام التي قضاها مع المصابين، تمثل له مهمة قومية لا يستطيع أن يتخاذل عن القيام بها أي طبيب مصري
 

القاهرة: مع إعلان أول إصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19)، في ديسمبر (كانون الأول) 2019. بمقاطعة ووهان الصينية، وتوالي ظهور الإصابات في عدد كبير من دول العالم، حيث تخطى عدد المصابين بالوباء الفيروسي مليونينونصف المليون مصاب، ليتكاتف جميع طوائف وفئات الشعوب بالدول المنكوبة، وكان في المقدمة «الجيش الأبيض»، الأطباء، الذين لم يخشوا المفترس الذي سبب رعبا وهلعا للجميع.
وقد سجلت الأسابيع الماضية عددا من البطولات التي سيذكرها تاريخ هذة الفترة الحالكة في عمر الأمم، ما بين طبيب ترك أسرته وأطفاله، ليقضي الليل والنهار بجوار المصابين، يتابع ويباشر طرق تعقيمهم وعزلهم، وتناولهم العلاج، وآخر يحمل رسائل طمأنة، لهؤلاء لرفع روحهم المعنوية لمواجهة الفيروس، ومساعدتهم على التعافي.
 
45 حالة بمركب الاقصر... وقائد عملية العزل حتى الشفاء
مع بداية ظهور الحالات في مصر، وتسجيل ظهور 45 حالة إيجابية حاملة لفيروس كورونا على متن باخرة نيلية بالأقصر، بدأت تظهر تضحيات الأطباء بكل ما هو غال ونفيس، للقيام بواجبهم تجاة وطنهم، ليظهر اسم الدكتور طبيب بكري عبد الستار نائب مدير المستشفيات بمديرية الصحة بالأقصر، والذي أعلن قيادته للفريق الذي سيقضي فترة الـ14 يوما مع المصابين في الحجر الصحي بمستشفى العزل.
وقد قال دكتور عبد الستار في تصريحات خاصة لـ«المجلة»، إنه كان مسؤولا عن 45 مريض كورونا، ما بين أجانب ومصريين، في مراحل عمرية مختلفة، لمدة 14 يوما منذ اكتشاف الإصابات، وحتى التعافي مع آخر تحليل لهم، مؤكداً أن المتبقي من هذة الحالات لم يتماثل للشفاء 6 أشخاص فقط، موضحا أن الأيام التي قضاها مع المصابين، تمثل له مهمة قومية لا يستطيع أن يتخاذل عن القيام بها أي طبيب مصري.
وعن الدقائق الأولى لوصول الحالات مستشفى العزل بالأقصر، أضاف نائب مدير المستشفيات بمديرية الصحة بالأقصر، أن المصابين كانوا في حالة ذعر وهلع غير طبيعية، وسيطرت على بعضهم هستيريا الخوف، فكان دور الأطباء في هذة الفترة ليس العلاج فقط، ولكن الدور هنا كان الرفع من حالتهم المعنوية، وتوصيل رسالة إليهم بأن الأمر ستتم السيطرة علية، لوضعهم على أول طريق للعلاج.
وأوضح نائب مدير المستشفيات بمديرية الصحة بالأقصر، أن من بين الحالات كان هناك شباب مؤمن جدا بقضاء الله، وهذا ساعدنا على طمأنة باقي المرضى، ولا أنسى يوم أن قررنا سفر عدد من الحالات إلى مستشفى العزل بمرسى مطروح، فكانت هناك سيدة فرنسية تحليلها إيجابي، ونجلها تحليلة سلبي، وعانينا ساعات لإقناعها، بأن تتركه لتذهب إلى مستشفى العزل.
وما بين قيامه بمهمتة الوطنية، وأسرتة، أكد نائب مدير المستشفيات بمديرية الصحة بالأقصر، أنه لم يخبر زوجته وأطفاله، بأنه موجود مع المرضى المصابين بالفيروس، وأنه سيسافر معهم إلى مستشفى العزل بمطروح، حتى لا ينتابهم الفزع أو يتعرض لضغط منهم، يؤثر على قيامه بواجبه، ولكن جعل صديقا له يخبرهم، وهاتفهم بمجرد وصوله وطمأنهم على صحته وأنه بخير.

 

الرحلات السياحية A-Sara Nileترسو في مدينة الأقصر بجنوب مصر(غيتي)
 


 
توفير مستلزمات التطهير والتعقيم بكثافة للأطباء
وتعليقا على الدور البطولي الذي يقدمة أصحاب «البالطو الأبيض»، قال الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء المصري، لـ«المجلة» إن الأطقم الطبية، من أطباء وتمريض، وفرق معاونة، يضربون مثلا للبطولة كل واحد منهم في موقعه، مؤكداً أن وقت الأزمات يظهر معدن الطبيب المصري، في مواجهة الخطر الذي يحيط بالبشرية، متمثلا في فيروس «كوفيد-19»، ومضيفًا أن النقابة تحاول بكل الطرق متابعة أعضائها في المستشفيات، سواء التي تستقبل الحالات أو الخاصة بالعزل.
نقيب الأطباء المصري، ثمّن إشادة الدولة المصرية، وعلى رأسها القيادة السياسية، بما يقدمة الأطباء من تضحيات يومية، في الاحتكاك المباشر بالمصابين بالفيروس، موضحاً، أن هذة الإشادة رفعت من الروح المعنوية، للأطباء والأطقم المعاونة، ودفعتهم لتقديم المزيد من المجهود، كما يفعل الجندي على الجبهة في حالة الحروب، مشيرا إلى أن الدور السامي والحكايات الإنسانية كثيرة، ولكن حفاظاً على حقوق المرضى في السرية، فإن كل طبيب لا يبوح بهذة الأسرار.
نقيب الأطباء المصري، ناشد الدول كافة ووزارة الصحة المصرية خاصة، بضرورة توفير مستلزمات التطهير والتعقيم، للكوادر الطبية بشكل مكثف، لأنهم أول المخالطين للمصابين، واحتمال إصابتهم بالفيروس عالية جدا، وحفاظا على الجيش الأبيض وأسرهم، يجب تأمينهم بتوفير هذه المستلزمات والأدوات.
 
مستشفى «النجيلة» تصد هجمات كورونا بمطروح
من جانبة، أعلن نائب مدير مستشفى النجيلة بمطروح، محمد طالب، أن مستشفى العزل بها فريق طبي على أعلى مستوى، يضم عددا كبيرا من التخصصات، ويستقبل الأطباء الحالات، وهم يرتدون بدلات وقاية كاملة وماسكات ونظارات حماية، ويتم تسليم كل مريض أدوات شخصية خاصة به.
نائب مدير مستشفى النجيلة بمطروح، أوضح أن الأمر لا يقتصر في المستشفى على العلاج فقط، ولكن هناك أطباء مسؤولون عن التوعية، ومتابعة الحالة النفسية للمرضى، موضحاً أن الإجراءات الاحترازية، من تعقيم وتطهير تتم بشكل دوري، وأن التحاليل مستمرة لجميع المصابين، ولا يتم خروج حالة إلا بعد التأكد من أن جميع تحاليلها سلبية، مشيرا إلى أن جميع الأطباء يعتبرون أنفسهم على الجبهة يخوضون حربا شرسة ضد فيروس مفترس، للقضاء عليه.
 
إصابات بالفرق الطبية في مصر
من جانبه، قال عضو مجلس نقابة الأطباء المصرية، الدكتور إبراهيم الزيات، في بيان صحافي، إن التضحيات كبيرة، وما يقدمه الأطباء هو واجبهم نحو بلادهم وقت الأزمات، مؤكدا أن الإصابات بين الفرق الطبية في مصر جراء فيروس كورونا، وصلت إلى 26 حالة، مشيرا إلى أن المصابين هم 6 أطباء، وصيدلي، و4 مراقبين صحيين، و7 من التمريض، و3 فنيين أشعة، و5 فنيين معامل.
 

font change