فاروق الباز لـ«المجلة»: علمياً ننتظر نهاية العالم بعد 500 مليون سنة

لا خطر على الأرض من «سبات الشمس».. فهي لم تتغير منذ خُلقت قبل 4 مليارات ونصف المليار عام

فاروق الباز لـ«المجلة»: علمياً ننتظر نهاية العالم بعد 500 مليون سنة

* الباب مفتوح لاحتمالات انتعاش سياحة الفضاء وربما رحلات سياحية إلى القمر مستقبلا
* هناك نظريات فلكية ليس لها إثبات قاطع ولكنها تحاول أن تشرح ما يراه علماء الفلك بالكون الفسيح الذي لا يعلمه إلا الله
* أرسلتني «ناسا»مع خمسة علماء إلى موسكو للتشاور مع الروس في كيفية التعاون لإخراج خارطة للقمر تشتمل على أحسن صور من رحلات التصوير الأميركية والروسية معاً
* الحرب الباردة بين الأقطاب العظمى عالمياً لا تتجاوز الغلاف الجوي للأرض
القاهرة: تشغلنا اليوم الكثير من الأسئلة حول مصير كوكب الأرض والتغيرات في الفضاء التي يتم تداول أخبارها بكثافة بين المؤسسات الإخبارية الكبرى، وبالطبع هناك حالة من الترقب والقلق جراء تعليقات بعض منظري «نهاية العالم»،والاستشهاد بتغيرات كونية، ودائما في ظل ندرة المعلومات المؤكدة بشأن الفضاء لا يبخل العالم المصري الأميركي الجليل فاروق الباز (82 عاما) بالإجابات والشروح لكل ما يدور في أذهاننا بخبرته الطويلة في وكالة ناسا وإشرافه على رحلة أبوللو 15،وكمدير لمركز الاستشعار عن بُعْد في جامعة بوسطن الأميركية المرموقة، والملقب بين رواد الفضاء بـ«الملك». والذي كرمته الإدارة الوطنية الأميركية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) مؤخرا بإطلاق اسمه على كويكب مكتشف حديثاً، تقديرا لإسهاماته العلمية البارزة، فضلا عن حصوله على أكثر من 30 تكريماً وجائزة من كبرى الهيئات العلمية الدولية وأسست الجمعية الجيولوجية في أميركا جائزة سنوية باسمه أطلق عليها«جائزة فاروق الباز لأبحاث الصحراء».

في هذا الحوار حديث معه عن آخر المستجدات الكونية، وتأثيرات فيروس كورونا على الاحتباس الحراري للأرض، والجانب العلمي لنهاية العالم، وفقاً لعلماء الفضاء، فإلى الحوار:
 
* هل حقاً الأرض في خطر بسبب ما يسمى «السبات الشمسي الكارثي»التي تداولتها وكالات الأنباء مؤخرا بأننا مقبلون على عصر جليدي؟
- ليس هناك أي خطر على الأرض. هناك نظرية تقول إذا الشمس توقفت عن الحركة كلية وتماما فإن كل ما كان يجري في فلكها يكون معرضا للدمار بالارتطام، ما يكون نهاية الكون كما نعرفه. في نفس الوقت لا يوجد أي سبب لتوقف الشمس، فنحن نعلم أنها لم تتغير منذ خلقت أي منذ 4 مليارات ونصف المليار عام. 
 
وما هي هذه الظاهرة وهل لها أساس علمي؟ 
- نعلم أن الشموس أي النجوم تولد وتنمو وتعيش ثم تموت، أي إن هناك دورة لحياتها مهما طالت مدة هذه الحياة. ومن مشاهدات علماء الفلك فنحن نعتقد أن شمسنا سوف تتغير حجما بعد 50 ألف عام ويتضخم حجمها كما يحصل في نجوم أخرى بعيدة عن مجرتنا. طبعا في ذلك الحين لن تبقى حياة على كوكب الأرض كما ألفنا. وهذا بالطبع في علم الخالق عز وجل. 
 
* دينيا نعلم أنه من علامات القيامة طلوع الشمس من الغرب، هل هناك أي مؤشرات لذلك أو ما الذي يمكن أن يمهد لذلك فلكيا؟ 
- علميا، نحن ننتظر نهاية العالم كما نعرفه بعد 500 مليون سنة أي نصف مليار سنة. يأتي هذا المنظور من أن علماء الفلك قدروا الفترة التي تحتاجها شمسنا (وهي وحدة صغيرة نسبيا) للوصول لما سموه «العملاق الكبير»أي النجم الذي يكبر حجمه إلى أقصى درجة حيث تملأ الشمس نصف سماء الأرض ويحترق كل ما عليها وتسيل الكثير من الصخور. يعيش هذا العملاق فترة ثم ينكمش إلى حجم صغير جدا حتى لا تراه العين «القزم المخفي»ويتم ذلك أيضا بعد حوالي 500 مليار سنة. ويسمى أحيانا «المختفي»؛ لأن الجسم ثقيل للغاية حتى الضوء لا يستطيع أن يخرج عنه!!. 
كل هذه النظريات فلكية ليس لها إثبات قاطع ولكنها تحاول أن تشرح ما يراه علماء الفلك بالكون الفسيح الذي لا يعلمه إلا الله. 

 

الباز مع رواد فضاء رحلة أبوللو


 
* هل يمكن أن يحدث ضعف للمجال المغناطيسي للأرض لأي سبب؟ 
- لم يحصل ضعف للمجال المغناطيسي للأرض من قبل، ولكن تغيير موقع اليابسة ودوران الأرض حول نفسها قد يغير موقع الشمال المغناطيسي.
ولكن هذا التغيير لم يؤثر على الحياة، فقط أبانت بعض المعادن الممغنطة أن اتجاه الشمال المغناطيسي تغير أثناء دوران الأرض. 
 
* هل أثر كورونا وتحسن المناخ نسبيا على الغلاف الجوي؟ وإغلاق ثقب الأوزون؟
- طبعا فيروس كورونا في حد ذاته لا يؤثر على الأرض وطبيعتها. في نفس الوقت إذا تغير نشاط الإنسان وكان لذلك أثر على البيئة فيمكن لذلك أن يغير من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يزيد من حرارة الأرض بخاصية الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. لكن لا يوجد أي تأثير آخر.  
 
* هل أثر فيروس كورونا على برنامج ناسا لسياحة الفضاء التي أعلن عنها من قبل؟ وأيضا برنامجها لتأسيس مستعمرات على المريخ؟  
- لا لم يؤثر فيروس كورونا على برامج ناسا بعد. إلى وقتنا هذا لم يتأثر رواد الفضاء المعد إرسالهم في رحلات قريبا، وكذلك لم يتأثر إنتاج الصاروخ الجديد الذي تعده شركة «سبيس إكس»(space-x) فرحلات المستقبل سوف تكون على متن مركبات يقوم بإعدادها القطاع الخاص الأميركي. وللعلم فمنذ انتهاء رحلات مكوك الفضاء الأميركي (أبريل/ نيسان 1981 إلى أبريل/ نيسان 2011) فإن رواد الفضاء الأميركيين كانوا يسافرون إلى محطة الفضاء الدولية التي تدور في مدار حول الأرض على صاروخ روسي بتكلفة 70 مليون دولار للفرد؛ لهذا السبب بدأ القطاع الخاص الأميركي في إعداد صواريخ تحمل رواداً إلى مدار الأرض. 
معنى هذا أن الباب مفتوح لاحتمالات انتعاش سياحة الفضاء وربما رحلات سياحية إلى القمر مستقبلا. أما عن مستعمرات لمعيشة الإنسان على كوكب المريخ فإن ذلك سابق لميعاده، فلن يبدأ التفكير في ذلك حتى تصبح الرحلات إلى القمر شبه طبيعية ومجدية من الناحية المالية. 
 
* قرأنا مؤخراً عن اكتشاف ثقب أسود جديد، هل هذا صحيح؟
- نعم. تم مؤخرا الكشف عن مكان جديد لثقب أسود. ويعتقد الفلكيون أن الثقوب السوداء سوف يزداد عددها مع ازدياد دقة المعدات التي يتم استخدامها في تصوير الكون الفسيح. 

 

فاروق الباز أثناء عملة في ناسا


 
* مهدت إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) المجال، لنقاش عالمي بشأن المبادئ الأساسية التي ستحكم سبل إقامة وعمل الإنسان على سطح القمر، وذلك بنشر القواعد الأساسية لمعاهدة دولية لاستكشاف الكوكب تحت اسم اتفاقات أرتميس، هل يمكن أن تمتد الحروب البشرية للفضاء بمعنى الحرب الباردة اليوم بين الصين وأميركا، كما كانت بين أميركا وروسيا؟ هل هناك مناوشات مماثلة بينهما للوجود في الفضاء؟ 
- إلى يومنا هذا يمثل اكتشاف الفضاء مجالا للتعاون بين الدول، مثلا أثناء العراك في موضوع كورونا وكيف أن الصين لم تخبر أميركا عنه كان هناك تعاون وتبادل معلومات عن رحلة الصين إلى القمر؛ لذلك فإنني أعتقد أن الحرب الباردة بين الأقطاب العظمى عالميا لا تشمل ما بعد الغلاف الجوي للأرض، أي إن الفضاء سوف يمثل مجالا للتعاون والتشاور.
 أعطي لك مثلا، أثناء مشاركتي في رحلة أبوللو، كنا نسابق روسيا بكل ما أوتينا من قوة وكسبنا الرهان بالوصول إلى القمر قبل الاتحاد السوفياتي. وفور إنهاء برنامج أبوللو وقبول روسيا مكسب أميركا أرسلتني ناسا مع خمسة علماء إلى موسكو للتشاور مع الروس في كيفية التعاون لإخراج خارطة للقمر تشتمل على أحسن صور من رحلات التصوير الأميركي والروسي معا. مع أن الرحلة لم تحقق نتائجها ولكنها بدأت احتمال التعاون الفضائي بين المعسكرين الشرقي والغربي وكان ذلك في ديسمبر (كانون الأول) 1973. 
 
* أشارت صحيفة «ديلي ستار»إلى أن علماء وكالة «ناسا»عثروا على دليل يشير إلى احتمال وجود كون مواز يسير فيه الزمن إلى الوراء، بناء على قواعد فيزيائية مناقضة لعالمنا. ما صحة ذلك؟ 
- لم أسمع عن هذا الكلام بالأوساط العلمية التي أتصل بها. وربما تم ذلك بناء على فهم فيزيائي معقد، ولذلك لا أستطيع أن أعلق عليه. ربما سألتِ فيزيائياً عن هذا الموضوع، وإذا وصلتك إجابة سأسعد كثيرا إذا أخبرتني بها. 

font change