مصر والأزمة الليبية... سنوات من الدعم السياسي

«إعلان القاهرة» آخر مبادرات مصر لاستكمال مسيرة الدفاع عن المصالح الليبية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (وسط) والقائد الليبي خليفة حفتر (يمين) ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، في مؤتمر صحافي مشترك في العاصمة القاهرة )الرئاسة المصرية)

مصر والأزمة الليبية... سنوات من الدعم السياسي

* مساعد وزير الخارجية المصري السابق: الوضع في ليبيا منذ عام 2011 يمثل تهديداً للأمن القومي المصري
* وكيل لجنة العلاقات الخارجية: الحل السياسي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة في ليبيا، وهذه المبادرة التاريخية تأتي في إطار حرص مصر الثابت على تحقيق الاستقرار السياسي والأمني لليبيا
* خبير شؤون دولية: «إعلان القاهرة»عزز الأدوات الديمقراطية من خلال اختيار كل إقليم ممثله للمجلس الرئاسي، ونائباً لرئيس الوزراء من ذوي الكفاءة والوطنية
* العامل المهم في «إعلان القاهرة»، لحل الأزمة الليبية أنه لا يتعامل بلغة الأمر الواقع مع أطراف النزاع، لأنه ترك ملفات ذات حساسية خاصة للأطراف الليبية

القاهرة : اهتمت مصر على مدار السنوات العشر الأخيرة بالأزمة الليبية، وما يحدث على الأرض من عمليات إرهابية، حفاظا على سلامة أرضيها، ودعما لعودة البلاد إلى ما كانت عليه قبل فبراير (شباط) 2011، لذلك سعت الدبلوماسية المصرية من خلال المؤسسات الدولية إلى دعم الحل السياسي ووقف إطلاق النار بين أبناء البلاد، مطالبه بنزع السلاح من العناصر الإرهابية والاحتكام إلى العقل. 
من هذا المنطلق تم طرح آخر مبادرة تحت عنوان «إعلان القاهرة»لتستكمل مسيرة الدفاع عن المصالح الليبية.
ورحبت المملكة العربية السعودية بـ«جهود مصر»الهادفة إلى حل الأزمة الليبية، معربة عن تأييدها دعوة السيسي وقف إطلاق النار في ليبيا. مؤكدة على الترحيب بكافة الجهود الدولية الداعية إلى وقف القتال والعودة للمسار السياسي، على قاعدة المبادرات والقرارات الدولية ذات الصلة.
وحثت الرياض جميع الأطراف الليبية، وفي مقدمتها حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي، على تغليب المصلحة الوطنية والوقف الفوري لإطلاق النار، والبدء في مفاوضات سياسية عاجلة وشاملة برعاية الأمم المتحدة.
ومن جانبها، أكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية وقوف دولة الإمارات مع كافة الجهود التي تسعى إلى الوقف الفوري للاقتتال في ليبيا، والعودة إلى المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة، بما يضمن سيادة ليبيا بعيدا عن التدخلات الخارجية كافة، وثمنت الإمارات المساعي المخلصة التي تقودها الدبلوماسية المصرية بحس عربي مسؤول وجهود مثابرة ومقدرة. 
ودعت الخارجية الإماراتية الجهات الليبية وعلى رأسها حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي، إلى «التجاوب الفوري مع هذه المبادرة حقنا للدماء، وتمهيدا لبناء دولة المؤسسات، وتفاديا لاستمرار الاقتتال بكل ما يحمله من أخطار تمد في عمر الصراع وتهدد الكيان الليبي العربي المستقل»، موضحة أن المسار السياسي هو الخيار الوحيد المقبول للوصول إلى حل سياسي للأزمة.
فيما وصف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، «إعلان القاهرة»لحل الأزمة الليبية بأنه إنجاز مهم ومبادرة منسجمة مع المبادرات الدولية، يجب دعمها للتوصل لحل سياسي للأزمة الليبية.
ومن جانبه، أشاد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، «بالمبادرة لإيقاف القتال في ليبيا والتوصل إلى تسوية سياسية متكاملة للأزمة في البلاد مرحبا بكافة الجهود- وبالذات العربية- الرامية إلى حقن الدماء بين الأشقاء الليبيين وتثبيت وقف شامل لإطلاق النار، داعيا إلى استكمال مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة التي ترعاها البعثة الأممية في ليبيا، واستئناف الحوار السياسي بين مختلف الأطياف والمكونات الليبية».
وجدد الأمين العام «التأكيد على موقف الجامعة العربية المرتكز على ضرورة الوصول إلى تسوية وطنية خالصة للأزمة الليبية، بعيداً عن كافة التدخلات العسكرية الخارجية في الصراع، وبالشكل الذي يحافظ على وحدة أراضي الدولة الليبية وسيادتها الإقليمية».
وثمن وزير الشؤون الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، مشاوراته مع نظيره المصري سامح شكري، ليعبر له عن دعمه للمبادرة المصرية بشأن إنهاء الصراع في ليبيا، وبحسب بيان الخارجية الفرنسية، هنأ لودريان شكري على الجهود التي بذلتها مصر بشأن الملف الليبي، ورحب بالنتائج التي تحققت والتي تهدف إلى الوقف الفوري للقتال واستئناف المفاوضات في إطار اللجنة المشتركة 5+5 معربا عن دعمه لاستئناف العملية السياسية على هذا الأساس تحت إشراف الأمم المتحدة، في إطار المعايير المتفق عليها في مؤتمر برلين.
كما أكدت الخارجية الفرنسية في بيانها على أهمية توحيد المؤسسات الليبية بما فيها الهيئات المالية وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية، مؤكدا حرصه على المساهمة في تحقيق كل الأهداف في سياق الجهود التي تبذلها فرنسا من أجل الإعلان عن استئناف المفاوضات في إطار لجنة 5+5
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد استقبل بقصر الاتحادية كلا من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، والمشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، وصرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن لقاء الرئيس بالقادة الليبيين يأتي من منطلق حرص مصر الثابت على تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا ولشعبها الشقيق، وباعتبار أن أمن ليبيا امتداد للأمن القومي المصري، بالإضافة إلى تأثير تداعيات الوضع الليبي الراهن على المحيط الإقليمي والدولي.

 

شدد وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، على أهمية قيام المؤسسات والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها
 


 
الحل السياسي
وقال اللواء صلاح شوقي عقيل، وكيل أول لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة في ليبيا، وأن هذه المبادرة التاريخية تأتي في إطار حرص مصر الثابت على تحقيق الاستقرار السياسي والأمني لليبيا وشعبها الشقيق في ظل العلاقات الخاصة التي تربط البلدين، والتي تجعل من أمن ليبيا امتدادا للأمن القومي المصري، فضلا عن تأثير تداعيات الوضع الليبي الراهن على المحيط الإقليمي والدولي، مؤكدا على أن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لحل الأزمة الليبية والمعروفة بـ«إعلان القاهرة»تشتمل على احترام كافة المبادرات والقرارات الدولية بشأن وحدة ليبيا، ودعوة كافة الأطراف الليبية لوقف إطلاق النار.
وشدد وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، على أهمية قيام المؤسسات والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها حتى يتمكن الجيش الوطني الليبي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من القيام بمسؤولياتها ومهامها العسكرية والأمنية في البلاد.
بينما أشادت النائبة شادية خضير الجمل، عضو مجلس النواب، وعضو البرلمان العربي، ببنود المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية، والتي تضمنت التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، بالإضافة إلى احترام كل الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والعمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية، مع تحديد الآلية الوطنية الليبية الملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة، قائلة: «مصر دائمًا وأبدًا ترعى مصالح الدول العربية وتستهدف استقرارها ونهضتها».
 
وقالت الجمل، إن إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية بحضور المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، وعقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي، يؤكد حرص القيادة السياسية المصرية على الحفاظ على الأمن القومي العربي واستنكارها الشديد للتدخلات السافرة لأي قوة أجنبية على الأراضي العربية، مُشيرة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن سابقًا عن العديد من المبادرات التي تستهدف إحياء عملية السلام للدول العربية ومن أهمها القضية الفلسطينية.
 
مبادرة سياسية
من جانبه أشاد الدكتور عبد الرحيم علي، عضو مجلس النواب ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، بالمبادرة السياسية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لعودة الحياة الطبيعية إلى ليبيا، مؤكدا أنها مبادرة مهمة لسلامة وقوة الدولة الليبية الشقيقة، مؤكدا أن المبادرة هي بداية الحل للأزمة الليبية، مطالبا المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي والجامعة العربية بدعم إعلان القاهرة، والعمل على طرد الميليشيات الإرهابية التي تمولها تركيا من طرابلس. 
وأشار عبد الرحيم علي إلى أن المبادرة هي الحل الوحيد والسلمي لأزمة ليبيا، وأنها تؤكد أن أمن ليبيا من أمن واستقرار مصر، لافتا إلى أن المبادرة تشتمل على حلول مهمة وواقعية للأزمة الليبية، ومنها احترام كل المبادرات والقرارات الدولية بشأن وحدة ليبيا.
 وشدد النائب على أهمية مخرجات قمة برلين بشأن الحل السياسي في ليبيا والالتزام بإعلان دستوري لإحياء المسار السياسي مطالبا المجتمع الدولي بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، والتمثيل العادل لأقاليم ليبيا في مجلس رئاسي ينتخبه الشعب. ومحاربة الإرهابيين، وطرد الميليشيات من العاصمة الليبية.
ومن جانبه، قال حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري السابق: «إن الوضع في ليبيا منذ عام 2011 يمثل تهديدا للأمن القومي المصري، فخلال العشر سنوات الأخيرة تمثل ليبيا منصة لتجمع الجماعات الإرهابية بتكويناتها، بداية من جماعة الإخوان المسلمين مرورا بداعش وتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى أنها أصبحت مصدرا للسلاح لتلك التنظيمات الإرهابية، والتى لها عناصر موجودة فى مصر بالإضافة إلى استقدام فايز السراج مرتزقة إلى جانب دعم من تركيا من أجل إلحاق الهزيمة بالجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وبعد عدة هزائم لحقت قوات الجيش فى الغرب الليبي الأمر الذي جعل الوضع أكثر حرجا بالنسبة للأمن القومي المصري خصوصا بعد إعلان السراج اتجاهه إلى شرق البلاد».

 

مقاتل موال لحكومة الوفاق الوطني الليبية يحمل رشاشًا ثقيلًا خلال الاشتباكات يوم 25 مايو 2019 في منطقة طريق المطار، جنوب العاصمة الليبية طرابلس. (وكالة الصحافة الفرنسية)
 


 
العمليات العسكرية
وأضاف هريدي أن إعلان السراج زحفه إلى الشرق يعتبر بمثابة تهديد للحدود المصرية في ظل وجود مستشارين عسكريين وجنود أتراك والتي ساعدت قوات الوفاق الوطني الليبي على الاستيلاء على بعض المدن، ويعتبر هذا تطورا في العمليات العسكرية للاستيلاء على بنغازي وهذا يعني قرب العمليات العسكرية من الحدود المصرية ولعل المبادرة التي تم طرحها في القاهرة الأيام القليلة الماضية تعتبر رسالة لحكومة الوفاق الوطني بالتراجع عن العمليات العسكرية تجاه الشرق وأن مصر تؤكد على أن لديها مبادرة دبلوماسية، وفي نفس الوقت فإن القاهرة كانت من أول الداعمين لمؤتمر برلين الذي يستبعد الحلول العسكرية ويركز على الحلول السياسية وهو الخيار الوحيد لحل الأزمة الليبية، معتبرا أن مؤتمر برلين هو المسار الوحيد الذي تحدث عن ثلاثة مسارات للتوصل إلى حل، وهي: المسار العسكري الأمني، والمسار الاقتصادي، والمسار السياسي، معتبراً أن «إعلان القاهرة»دفعه إلى المصالحة الليبية.
ومن جانبه، اعتبر رمزي الرميح مستشار المنظمة الليبية لدراسات الأمن القومي، أن حل الأزمة الليبية يكمن في وقوف مصر إلى جانب الدولة الليبية، وأن الآباء المؤسسين لليبيا، انطلقوا من مصر؛ لتحرير الدولة من الاستعمار الإيطالي، بعد تكوين ائتلاف سياسي وعسكري (الجيش السنوسي)هنا على أرضها، بعد ذلك لجأ الآباء المؤسسون للقاهرة، وقاموا بتشكيل ائتلاف ذهب للأمم المتحدة وأجهض مشروعا كان يهدف إلى تقسيم ليبيا آنذاك، نتج عنه إصدار قرار من الأمم المتحدة عام 1949 باستقلال ليبيا، وتوج القرار الأممى بإعلان الاستقلال 1951 وما يحدث في الدولة الليبية هذا العام 2020 هو ما كان يحدث معها في عشرينات القرن الماضى، عندما تكالبت الدول للوصاية على ليبيا، وخرج الحل من مصر، مطالبا بتنفيذ إعلان القاهرة بشكل فوري.
 
المجتمع الدولي
كما اعتبر رمزي الرميح كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اللقاء الذي عقده مع عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، والمشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، موجهة إلى المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته تجاه الأزمة الليبية وأنه كان على ثقة تامة بقيام مصر بالتحرك في الوقت المناسب لإنهاء الأزمة الليبية بعد إطلاق إعلان القاهرة متضمناً مبادرة ليبية- ليبية كأساس لحل الأزمة في ليبيا، مضيفا أن حل الأزمة الليبية جاء من مصر الشقيقة الكبرى أرض الكنانة التي وضعت التشخيص المناسب للأزمة الليبية، مؤكداً أنه لن يتم السماح لأي دولة بالمزايدة فالرئيس عبد الفتاح السيسي خاطب العالم وكأنه يقول لهم أنتم عليكم الالتزام القانوني والأخلاقي والسياسي يا من أوقعتم ليبيا في مستنقع الإرهاب.
وأشار رمزي الرميح إلى أن الرئيس السيسي قام بجولات مكوكية مع وزير الخارجية سامح شكري لإنجاح المبادرة المصرية وتم التواصل بخصوص ذلك الشأن مع الرئيس الأميركي والروسي والفرنسي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مؤكدا أنه يعي من هي مصر، وأن المبادرة المصرية في طريقها إلى مجلس الأمن من أجل اعتمادها وتنفيذها لحل الأزمة الليبية.
وقال إبراهيم الدراوي، الخبير في الشؤون الدولية، إن «إعلان القاهرة» شكلخارطة طريق متكاملة يمكن البناء عليها لحل الأزمة الليبية، لا سيما أنها لم تغفل في الوقت نفسه كل الجهود الدولية (خاصة مقررات مؤتمر برلين في يناير/ كانون الثاني الماضي) التي حاولت حل الصراع الذى قارب عامه العاشر، ومما يضفي مشروعية على المبادرة أن ممثلها على الجانب الليبي، رئيس مجلس النواب الليبي المنتخب من الشعب الليبي، عقيلة صالح، وقائد القوات المسلحة الليبية، المشير خليفة حفتر.
 
إعلان القاهرة
وأكد الدراوي على أهمية «إعلان القاهرة»، والتي تظهر من واقع 3 نقاط أساسية: «التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن، والتزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار، حيث ارتكزت المبادرة على مخرجات مؤتمر برلين، التي نتج عنها حل سياسي شامل يتضمن خطوات تنفيذية واضحة (المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية) واحترام حقوق الإنسان، واستثمار ما انبثق عن المؤتمر من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية». 
كما أكد الدراوي على تركيز المبادرة على «استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) بجنيف، برعاية الأمم المتحدة، وقيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، حتى تتمكن القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياتها ومهامها العسكرية والأمنية في البلاد»، والعامل المهم في «إعلان القاهرة»، لحل الأزمة الليبية أنه لا يتعامل بلغة الأمر الواقع مع أطراف النزاع، لأنه ترك ملفات ذات حساسية خاصة (آلية نزع سلاح الميليشيات، وتشكيل اللجان التي ستقوم بهذه المهمة... وطريقة التعامل مع المعطلين لحل الأزمة) للأطراف الليبية.
وكشف الدراوي عن أنه يظهر سوء النوايا في قيادة الميليشيات في طرابلس، بقيادة السراج، أنها لم تنتظر حتى قراءة مسودة المبادرة، بل بادرت بإعلان رفضها، زاعمة أنها «من سينهي هذا النزاع»، وقال محمد قنونو، المتحدث باسم فايز السراج: «الميدان ميدان... نحن من يحدد زمان ومكان نهايتها»، ما يوضح أن رد المتحدث باسم السراج صادر من مقر الرئاسة لتركية في أنقرة... لأن المبادرة تعيد تذكير السراج بصلاحياته: «يقوم المجلس الرئاسي باتخاذ قراراته بالأغلبية، عدا القرارات السيادية المتعلقة بالقوات المسلحة، فيتم اتخاذ القرارات أو البت في المقترحات التي يقدمها القائد العام للقوات المسلحة في هذه الحالة بالإجماع وبحضور القائد العام للقوات المسلحة».
واعتبر الدراوي أن المبادرة المصرية تخاطب مكونات الشعب الليبي، وقطعت الطريق على عملية التآمر على محاولات تفكيك وتفتيت البلاد، حيث نص «إعلان القاهرة»على: «قيام كل من الأقاليم الليبية الثلاثة (المنطقة الشرقية- المنطقة الغربية- المنطقة الجنوبية) بتشكيل مجمع انتخابي يتم اختيار أعضائه من مجلسي النواب والدولة الممثلين لكل إقليم، بجانب شيوخ القبائل والأعيان، ومُراعاة نسبة تمثيل مقبولة للمرأة والشباب، إضافة إلى النخب السياسية من المثقفين والنقابات، بحيث تجتمع اللجان الثلاث تحت رعاية الأمم المتحدة ويتم التوافق عليها ويتولى كل إقليم اختيار الممثل الخاص به سواء بالتوافق أو بالانتخاب، وذلك خلال مدة لا تتجاوز 90 يوما.
 
الأدوات الديمقراطية
وأشار الدراوي إلى أن إعلان القاهرة عزز الأدوات الديمقراطية من خلال «اختيار كل إقليم ممثله للمجلس الرئاسي، ونائبا لرئيس الوزراء من ذوي الكفاءة والوطنية، بهدف تشكيل مجلس رئاسة من رئيس ونائبين، ومن ثم قيام المجلس الرئاسي بتسمية رئيس الوزراء، والذي يقوم بدوره هو ونائباه بتشكيل حكومة وعرضها على المجلس الرئاسي، تمهيداً لإحالتها لمجلس النواب لمنحها الثقة، وحصول كل إقليم على عدد متناسب من الحقائب الوزارية طبقاً لعدد السكان عقب التوافق على أعضاء المجلس الرئاسي الجديد وتسمية رئيس الحكومة.

font change