سيناريوهات الرد المصري على إعلان إثيوبيا ملء سد النهضة

وزير الخارجية المصري السابق لـ«المجلة»: قرار أديس أبابا ليس له علاقة بالتنمية أو توليد الكهرباء

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (يمين) والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يسار)

سيناريوهات الرد المصري على إعلان إثيوبيا ملء سد النهضة

* السفير محمد العرابي: أسلوب المراوغة هو المنهج الذي  تتبعه أديس أبابا منذ عام 2011 وحتى الآن 
*خبير موارد مائية:ستتكون بحيرة خلف السد الإثيوبي قدرها 5 مليارات متر مكعب بسبب أعمال البناء التي أدت إلى زيادة ارتفاع الجزء الأوسط من السد

القاهرة: آثار خبر إعلان وزير الري الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، البدء في عملية تعبئة سد النهضة، رغم تعثر الاتفاق مع كل من مصر والسودان حول المشروع، جدلا واسعاً داخل الأوساط السياسية بمصر وتزايدت مخاوف أكثر من 150 مليون مواطن مصري وسوداني خوفاً من تبعاته على حصة البلدين، وتأثير ذلك على حياتهم اليومية.
وزير الري الإثيوبي أكد خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه بدء عملية الملء أن ما وصلت إليه أعمال البناء في سد النهضة تتيح بدء الملء لبحيرة السد، بشكل طبيعي، وأن المفاوضات التي اختتمت بين الدول الثلاث، إثيوبيا والسودان ومصر، وبحضور مراقبين وخبراء أفارقة، شهدت اتفاقا حول بعض النقاط، إلا أن بلاده تحفظت على نقاط أخرى، وأن عمليتي بناء وتعبئة سد النهضة الإثيوبي تسيران بشكل طبيعي.
إعلان إثيوبيا بدء ملء سد النهضة، يأتي في ظل تعثر أكثر من جولة مباحثات مع مصر والسودان، حول عدد من الجوانب الفنية والقانونية المرتبطة بالمشروع.
الإعلان عن الملء بشكل رسمي جاء في الوقت الذي قامت فيه السودان بإرسال تقرير نهائي إلى رئاسة الاتحاد الأفريقي، بشأن مفاوضات سد النهضة بين السودان ومصر وإثيوبيا، عقب ختام المفاوضات التي انتهت في الثالث من يوليو(تموز) الحالي برعاية الاتحاد الأفريقى، حيث شمل التقرير النهائي، تقييم السودان لهذه الجولة من المفاوضات وتمت الإشارة إلى التقدم المحدود في القضايا العالقة، كما شمل التقرير مقترحات من جانب السودان لحل تلك القضايا.
يقول السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري السابق وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري إن الإعلان عن الملء كان متوقعا والمنهج الذي تتبعه إثيوبيا منذ عام 2011 وحتى الآن هو أسلوب المراوغة، مؤكدا أن الأمر بالنسبة لأديس أبابا ليس له علاقة بالتنمية أو بتوليد الكهرباء كما تدعي القيادة الإثيوبية وأن تعنتهم جاء من منطلق سياسة فرض السيطرة أمام العالم وتحديدا الاتحاد الأفريقي الذي يوجد مقره في أديس أبابا.

 

صورة من الأقمار الصناعية لسد النهضة ونهر النيل الأزرق في إثيوبيا (رويترز)
 


وأضاف وزير الخارجية المصري السابق لـ«المجلة»أن إثيوبيا تثبت كل يوم أنها دولة لها أطماع وأهداف تنبع من تصورات تحمل الكثير من الغرور بإظهار أنهم دولة كانت مظلومة في الماضي، وأن سعيهم لبناء السد جاء من أجل التنمية للنهوض بحياة الإثيوبيين، مؤكدا أن مصر قدمت لهم مبادرة تمثلت في مبدأ «الحق في الحياة مقابل الحق في التنمية»،موضحا أنهم بتلك الخطوة يفتتون الوحدة الأفريقية التي يدعون أنهم يحافظون عليها. وتابع أنه بعد إعلان إثيوبيا البدء بعملية الملء يجب أن يقوم المجتمع الدولي باتخاذ خطوات جادة لوقف هذا التعنت الإثيوبي، مشيرا إلى أن سياسات إثيوبيا تشبه إلى حد كبير سياسات تركيا، فهم يسيرون في نفس الطريق ويتبعون نفس السياسة وهي سياسة فرض الأمر الواقع، مؤكدا أن مصر ستظل على نهجها على الرغم من هذا التعنت وستراقب الوضع عن قرب وستتمسك بالعملية السياسية، مؤكدا أن هناك قمة ستعقد خلال الأيام المقبلة بين الأطراف الثلاثة مشيرا إلى أنها لن تجدي أي نفع في ظل سياسة أديس أبابا التعنتية.
وحول موقف مجلس الأمن أكد وزير الخارجية المصري السابق أن عليه دورا كبيرا حتى لا تحتدم الأمور وتسوء، مشيرا إلى أنه يجب عليه أن يقوم بتطويع السلوك الإثيوبي، متسائلا: كيف تتوافق جائزة نوبل للسلام مع ما يفعله رئيس الوزراء الإثيوبي من تعنت في سياساته تجاه قضية السد الإثيوبي، مشيرا إلى أن سياساته تتعارض مع الجائزة التي حصل عليها، وأن سياسات إثيوبيا تجاه جيرانها تتعارض مع مبادئ السلام، مؤكدا أنه يضرب بالسلام عرض الحائط بسيره على مبدأ من يملك الأرض يملك المياه. وأشار العرابي إلى أن هذا المبدا يتنافى مع الأعراف والقوانين الدولية، فالأنهار إذا تجاوزت حدود الدول لها قوانين أخرى دولية تحكمها.

 

السفير محمد العرابي


وأشار وزير الخارجية المصري السابق أن مصر أبدت حسن النية في تعاملها مع إثيوبيا، مؤكدا أنه كان من المفترض أن يحدث العكس ولكنهم تصرفوا بمبدأ الأرض أرضنا والمياه مياهنا وهو أمر غير مقبول، مؤكدا أن مصر ملتزمة بضبط النفس والعملية السياسية. وتوقع أن يكون هناك رد فعل دولي تجاه تصرفات إثيوبيا كفرض عقوبات أو تقييدها بمحاذير معينة بسبب تعاملها في قضية السد الإثيوبي مع كل من مصر والسودان.
من جانبه، أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرةالمصرية أن تصريح إثيوبيا ببدء عملية الملء لسد النهضة الإثيوبي ضرب بالمفاوضات عرض الحائط، موضحاً أن مصر ستتخذ طريقها إلى مجلس الأمن في ظل تلك التصريحات المستفزة ولن تترك الأمور بهذا الشكل، مؤكدا أن الأمر مسألة حياة بالنسبة لمصر والسودان. 
الدكتور شراقي قال أيضا إنه من الناحية العلمية ستتكون بحيرة خلف السد الإثيوبي قدرها 5 مليارات متر مكعب بسبب أعمال البناء التي أدت إلى زيادة ارتفاع الجزء الأوسط من السد من 40 مترا إلى 70 مترا بعرض 120 مترا، مؤكدا أنها بحيرة مؤقتة تكونت بسبب موسم الأمطار الذي سينتهي في شهر سبتمبر(أيلول)المقبل، وأن هذا الرقم غير مؤثر على مصر. 
وأوضح أستاذ الموارد المائية أن التصريحات التي أعلنها وزير الري الإثيوبي بالبدء في عملية ملء سد النهضة عنترية، وجاءت بسبب الضغط الشعبي الموجود في الشارع الإثيوبي بسبب تأجيل الانتخابات، ووجود معارضة قوية، فضلا عن المظاهرات التي اجتاحت البلاد الأسبوع الماضي وأسفرت عن سقوط قتلي بها وأن الحكومة الإثيوبية تحاول أن تمتص غضب الشعب الإثيوبي بتلك التصريحات لتهدئة الرأى العام لديها، محذرا من إقدام إثيوبيا على عملية الملء دون التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا. 

font change