ماذا يعني تفويض البرلمان المصري القوات المسلحة في مهام قتالية خارج الحدود؟

الدستور يشترط موافقة ثلثي البرلمان

مجلس النواب المصري (وكالة الصحافة الفرنسية)

ماذا يعني تفويض البرلمان المصري القوات المسلحة في مهام قتالية خارج الحدود؟

* هذا الأمر لم تشهده مصر من قبل ومعظم الحروب التي خاضتهاخارج حدودها كانت بقرار من رئيس الجمهورية
* عضو لجنة الدفاع بالبرلمان المصري: معظم دول الاتحاد الأوروبي رافضة لموقف تركيا تجاه ليبيا 
* أتوقع أن يعيد الرئيس التركي حساباته ويبحث عن ورقة ضغط جديدة

القاهرة: شهدت الأحداث على الأراضي الليبية خلال الأيام الماضية احتداما قادته تركيا بتصريحات على لسان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ندد فيها بدور مصر في النزاع الليبي، وأن دعم القاهرة للقائد العسكري، خليفة حفتر، أمر غير شرعي، مما جعل القاهرة ترد في بيان رسمي لوزارة الخارجية المصرية أعربت فيه عن اندهاشها من تصريحات بعض المسؤولين الأتراك عن مدى شرعية مطالبة جهات ليبية منتخبة ومجتمعية بدعم مصري في مواجهة إرهاب وتطرف يتم جلبه إلى ليبيا من سوريا بعد أن تم نشره في سوريا عبر الحدود التركية السورية، وفي أرجاء مختلفة في المنطقة العربية. 
الخارجية المصرية رفضت خلال البيان التدخلات التركية السياسية والعسكرية في الشأن العربي، والتي تفتقر إلى أي سند شرعي، بل وتنتهك قرارات مجلس الأمن، سواء كان ذلك في العراق أو في سوريا أو في ليبيا، مؤكدا أن الشعوب العربية ترفض أي أطماع تستهدف تحقيق مصالح وأهداف لا علاقة لهم بها.
الرد المصري لم يقتصر على بيان وزارة الخارجية بل كان له صدى كبير داخل دائرة صنع القرار في القاهرة خاصة بعد اجتماع مجلس الدفاع الوطني المصري، حيث تحرك مجلس النواب في جلسة سرية عقدت لأول مرة منذ دور الانعقاد الأول عملاً بحكم المادة 152 من الدستور المصري والمادة 130 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري، بحضور 510 من أعضاء المجلس، للنظر في الموافقة على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي ضد أعمال الميليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات.
وخلال جلسة مجلس النواب تم استعراض مخرجات اجتماع مجلس الدفاع الوطني الذي عقده الرئيس المصري حول التهديدات التي تتعرض لها الدولة من الناحية الغربية، وما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومي المصري، حيث «ثمن وأيد أعضاء مجلس النواب المصري رئيسا وأعضاء الجهود المبذولة للقوات المسلحة درع الأمة وسيفها، ورعايتها الأمينة للثوابت الوطنية والعربية والإقليمية، فلا الشعب يوماً خذل الجيش، ولا الجيش يوماً خذل الشعب».
وفي آخر الجلسة وافق أعضاء البرلمان المصري بإجماع آراء النواب الحاضرين على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي ضد أعمال الميليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات.


 

بيان مجلس النواب (متداول)
 
 


ومن المعروف أن الدستور المصري الجديد يشترط موافقة ثلثي مجلس النواب على إرسال القوات المسلحة في أي مهمة قتالية. 
الرد التركي على ما دار في البرلمان المصري جاء سريعا، ولم يتوقعه أحد، حيث جاء على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، الذي أكد أن بلاده ليست مع تصعيد التوتر في ليبيا، وأن بلاده ليس لديها نية أو فرنسا أو غيرهما في ليبيا بحسب تصريحات نقلتها وكالة الأناضول التركية.
المتحدث باسم الرئاسة التركية أكد أيضا أن أنقرة ليست مع تصعيد التوتر في ليبيا، وليست هناك أي خطة أو نية أو تفكير لمجابهة أي دولة هناك، مؤكدا أن تركيا ستواصل تقديم دعمها لحكومة الوفاق، مشيرا إلى أنّ أنقرة وحكومة الوفاق تربطهما اتفاقية تعاون عسكري موقعة في ديسمبر (كانون الأول) 2019، وفي إطارها يقدم الدعم التركي، متابعا أنه عند النظر إلى المشهد العام، يتضح عدم وجود نية لدى تركيا لمواجهة مصر أو فرنسا أو أي بلد آخر هناك.
من جانبه، أكد اللواء يحيى كدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، أن موافقة البرلمان بالإجماع على إرسال جزء من القوات المسلحة للقيام بأعمال قتالية خارج الحدود جاءت ردا على التصدي لمحاولات إردوغان السيطرة على الأراضي الليبية والتي تعد جزءاً مهماً من الأمن القومي المصري. 
وأضاف وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري أن تفويض رئيس الجمهورية خلال الجلسة السرية للبرلمان المصري جاء من منطلق ضرورة مواجهة أي أخطار ضد الأمن القومي المصري سلماً أو حرباً، مؤكدا أن هذا الأمر لم تشهده مصر من قبل خلال تاريخها الحديث، موضحا أن معظم الحروب التي شهدتها مصر، وإرسال القوات المسلحة لأي أغراض قتالية كانت تتم بقرار من رئيس الجمهورية مباشرة.
ويقول العميد محمود محي الدين عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري إن مصر تواجه تحديات كثيرة، وعلى الشعب أن يكون واعيا لما يحدث، مؤكدا أن ما حدث من انعقاد مجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس الجمهورية وتفويض البرلمان المصري له دلالة كبيرة بأن أجهزة الدولة يقظة تجاه التهديدات المحيطة بالمنطقة.
وأشار عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري  إلى أن معظم دول الاتحاد الأوروبي رافضه لموقف تركيا تجاه ليبيا، مؤكدا أن موافقة البرلمان المصري علي  إرسال عناصر من القوات المسلحة في مهام قتالية خارج حدود الدولة، في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، ضد أعمال الميليشيات الأجنبية، سيدفع الرئيس التركي رجب إردوغان إلى إعادة حساباته والبحث عن ورقة ضغط جديدة للخروج من هذا المأزق. 

font change