اليمن والمبعوثون الدوليون... إخفاقات سابقة وطموحات واعدة

آمال بانفراج الأزمة بعد سنوات من الفشل

نازحون يمنيون قرب بقايا أكواخهم المتفحمة بعد اندلاع حريق في مخيم بقرية الدريهمي ( ا ف ب)

اليمن والمبعوثون الدوليون... إخفاقات سابقة وطموحات واعدة

باكو: بعد ما يقرب من ثلاثة وسبعين عاما من انطلاق فكرة المبعوثين الدوليين لمنظمة الأمم المتحدة، والتي هدفت من وراء هذا المسعى لإحلال السلام في العالم، حيث تدخلت في أكثر من 36 دولة في قارات العالم المختلفة، وبعثت نحو 100 مبعوث أممي اختلفت مهامهم من ممثلين لمجلس الأمن والأمم المتحدة ووسطاء ومنسقين دوليين وإقليميين وغيرها، صحيح أنهم حققوا بعض الإنجازات المشهودة إلا أنها ظلت تمثل النسبة الأقل مقارنة بالإخفاقات التي أحاطت بدور هؤلاء المبعوثين، وكانت اليمن واحدة من الساحات التي شهدت حتى اليوم إخفاقا لدور المبعوث الأممي مع فشل ثلاثة مبعوثين سابقين.

ولكن لا يزال الأمل معقودا على دور المبعوث الجديد الذي يحمل كثيرا من المؤهلات والخبرات سواء في مجال الصراعات أو شؤون المنطقة، إذ جاء قرار الأمين العام للأمم المتحدة باختيار هانس غروندبرغ مبعوثا جديدا لليمن بعد إخفاق المبعوث السابق مارتن غريفيث، ليعيد بارقة الأمل نحو حلحلة الأزمة اليمنية التي تتفاقم أوضاعها وتتزايد مخاطرها داخليا وإقليميا بل ودوليا، ويثير ذلك تساؤلا حول مستقبل الدور المنتظر للمبعوث الدولي الجديد، فإلى أي مدى يمكن أن ينجح في اختراق الأزمة التي تكلست مع تعثر المفاوضات وتعطل كافة الاتفاقات التي تم التوصل إليها، وكان آخرها اتفاق استكهولم الذي وقعته الأطراف اليمنية، إلا أنه ظل حبرا على ورق؟ هل يملك المبعوث الجديد مقاربة جديدة تختلف عن المقاربات التي تبناها السابقون؟ ما مواقف الأطراف الفاعلة في الأزمة اليمنية تجاه المبعوث الجديد؟

هانس غروندبرغ المبعوث الجديد لليمن (تويتر)

عقد من الإخفاق

الأزمة اليمنية الحالية التي تفجرت منذ ما يزيد على عشر سنوات منذ الإطاحة بالرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح والتي تفاقمت أوضاعه بصورة دراماتيكية بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية عام 2014، لم تكن هي الأزمة الأولى من نوعها التي تدخلت الأمم المتحدة فيها بإرسال مبعوث دولي، إذ سبق أن عين الأمين العام الأسبق الدكتور بطرس بطرس غالي، السفير الأخضر الإبراهيمي كوسيط بين صنعاء وعدن لحل الأزمة التي اشتعلت مع اندلاع حرب عام 1994، إلا أنه قدم استقالته بعد انتهاء الحرب وتحديدا في 7 يوليو (تموز) من العام ذاته، بسبب الاتهامات التي طالته بالانحياز إلى جانب الرئيس السابق على عبد الله صالح.

التحالف يحبط هجوماً حوثياً بطائرة مفخخة باتجاه السعودية

* الإخفاق كان دوماً بسبب التعنت الحوثي ومحاولة الجماعة فرض هيمنتها بقوة السلاح

واليوم تدخل الأمم المتحدة أيضا على خط الأزمة بإرسال ثلاثة مبعوثين دوليين كان آخرهم المبعوث المستقيل مؤخرا مارتن غريفيث الذي حاول أن يدفع عملية السلام المتعثرة، غير أنه أعرب عن إحباطه الشديد في تصريحات سابقة جراء التصعيد الحوثي الأخير، مما أوصله إلى قناعة بفشل مهمته فقدم اعتذارا عن استكمالها.

وقد شملت قائمة المبعوثين الدوليين إلى اليمن كلا من:

  1. الدبلوماسي المغربي البريطاني جمال بن عمر، عينته الأمم المتحدة في أبريل (نيسان) 2011 مبعوثاً دولياً إلى اليمن ليقود الوساطة بين أطراف النزاع في عام 2011، ومن ثم المفاوضات للخروج باتفاق تقاسم للسلطة في 2015، إلا أنه تبنى نهجا متساهلا بشكل كبير مع جماعة الحوثي، مما أدى إلى فشله في مهمته فاضطر إلى الاستقالة في أبريل عام 2015، إذ إنه مما يُؤخذ عليه أنه في الوقت الذي كان الحوثيون يضربون بمرجعيات السلام عرض الحائط ويتعنتون في تنفيذها، كان المبعوث الدولي في صعدة يفاوض زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي على منح جماعته مزيدا من المناصب والمراكز في الحكومة الانتقالية. وكان الحوثيون، في الوقت نفسه، يكرّسون واقعا جديدا في البلاد باستكمال الانقلاب على الدولة وعلى الشرعية واحتلال صنعاء والمحافظات الأخرى.
  2. الدبلوماسي الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، مع مواصلة الأمم المتحدة لجهودها في حل الأزمة اليمنية، اختارته مبعوثا دوليا فى 25 أبريل 2015، وقد حرص خلال فترة توليه المسؤولية على إعادة الشرعية اليمنية وحل الأزمة، إلا أنه قوبل بعدة عقبات وعراقيل جراء التمرد الحوثي، فرغم حرصه خلال جولات المفاوضات الثلاث بين الأطراف اليمنية، التي عُقدت في كل من الكويت وسويسرا، على حل الأزمة لإنهاء الحرب، لكنها لم تنجح في صناعة السلام بسبب تعنت الحوثيين، ورفضهم كل مبادرات السلام، مما اضطره للاستقالة في 22 يناير (كانون الثاني) 2018.
  3. الدبلوماسي البريطاني مارتن غريفيث، تم تعيينه مبعوثا دوليا في 15 فبراير (شباط) 2018، وهو أول مبعوث غربي لليمن على عكس أسلافه، وقد تم اختياره بالأساس استناداً إلى خبراته في مجال حل النزاعات والتفاوض والشؤون الإنسانية، حيث كان يشغل منصب المدير التنفيذي للمعهد الأوروبي للسلام في بروكسل. ورغم نجاحه في قيادة مشاورات استكهولم في السويد بين وفدي الحكومة اليمنية والحوثيين بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حيث عقدت محادثات فى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2018، تمخضت عن اتفاق لوقف كامل لإطلاق النار، وانسحاب عسكري لكافة الأطراف من محافظة الحديدة. كما تضمن الاتفاق إشراف قوى محلية على النظام في المدينة، لتبقى الحديدة ممراً آمناً للمساعدات الإنسانية. يقضي الاتفاق أيضا بانسحاب ميليشيات الحوثي من المدينة والميناء خلال 14 يوماً، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قِيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها. إلا أنه أخفق في تنفيذ مقررات استكهولم بسبب التعنت الحوثي ومراوغتهم في تنفيذ أية التزامات بمقتضى القرارات الدولية، بل لم يقتصر الإخفاق على هذا فحسب، وإنما مثّل موقفه المتساهل مع التجاوزات والاختراقات والاعتداءات من جانب الحوثيين سببا رئيسيا في إخفاقه كوسيط دولي نزيه حاول أن يكون محايدا بين الأطراف كافة، الأمر الذي أفشله في مهمته فاضطر إلى تقديم استقالته بعدما أرسل إفادة إلى مجلس الأمن في مارس (آذار) 2021 وصف خلالها الوضع في اليمن بالمأساوي بسبب الهجوم الذي شنته جماعة الحوثي على محافظة مأرب، فضلاً عن فتح جبهات أخرى في محافظات أخرى مثل حجة وتعز. كما عبر في الرسالة ذاتها عن القلق من مواصلة جماعة الحوثي هجماتها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ضد البنية التحتية المدنية والتجارية في المملكة العربية السعودية.

في ضوء القراءة المتأنية لمواقف المبعوثين الثلاثة من الأزمة والبحث في أسباب إخفاقهم يمكن تسجيل ملاحظتين:

الأولى، أن الإخفاق كان دوما بسبب التعنت الحوثي ومحاولة الجماعة فرض هيمنتها وسيطرتها بقوة السلاح وهو ما يؤكد على أن هدفها الرئيسي من المشاركة في أية جولات للتفاوض هو كسب الوقت لتكريس واقع جديد على الأرض.

الثانية، أن التساهل أو تقديم التنازلات لجماعة الحوثي من جانب المبعوثين الدوليين أفشلهم في مهمتهم بسبب انحيازهم الذي يُمكّن الجماعة المدعومة من إيران من تحقيق أجندتها في كسب مواقع جديدة تعزز من إمكاناتها وتقوي من شوكتها بما يزيد الأمر تعقيدا.

الأخضر الإبراهيمي (رويترز)

المبعوث الدولي الجديد... مواقف مساندة وعراقيل مستمرة  

في السادس من أغسطس (آب) 2021، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن تعيين السويدي هانس غروندبرغ مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، خلفاً للبريطاني مارتن غريفيث الذي تم تعيينه وكيلاً للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة لشؤون الطوارئ.

ويحمل المبعوث الجديد كثيرا من الخبرات والمؤهلات، فإلى جانب خبرته الأكاديمية حيث حصل على ماجستير العلوم في إدارة الأعمال والاقتصاد من كلية استكهولم للاقتصاد، فقد عمل دبلوماسيا في قسم الشؤون الخليجية بوزارة الشؤون الخارجية السويدية في استكهولم خلال الفترة التي استضافت فيها السويد المفاوضات التي أدت إلى اتفاقية استكهولم في ديسمبر (كانون الأول) 2018، كما شغل منصب سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن منذ سبتمبر (أيلول) 2019. هذا فضلا عما لديه من خبرة لأكثر من عشرين عاماً في الشؤون الدولية، منهم ما يزيد على 15 عاماً في مجال حل النزاعات والتفاوض والوساطة، مع تركيز خاص على منطقة الشرق الأوسط.

* التساهل أو تقديم التنازلات لجماعة الحوثي من جانب المبعوثين الدوليين أفشلهم في مهمتهم

ولا تقتصر الطموحات في أن يُحدث المبعوث الجديد اختراقا في الأزمة اليمنية استنادا إلى مؤهلاته وخبراته فحسب، بل تمثل البيئة الداعمة له إقليميا ودوليا ومحليا فرصة للنجاح، خاصة في ظل ترحيب مختلف الأطراف بتعيينه، إذ أكدت المملكة العربية السعودية على دعمها الدائم لكل جهود الأمم المتحدة لإقرار السلام في اليمن، كما جاء ذلك في تهنئة نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، للمبعوث الجديد عبر «تويتر»، برسالته أن «السعودية ستستمر في تعاونها الوثيق مع الأمم المتحدة لإحلال السلام والازدهار في اليمن وإنهاء الصراع فيه»، وهو ما كان قد سبقه وزير الخارجية السعودي إليه، الأمير فيصل بن فرحان، أيضا بتأكيده على أن «المملكة ستستمر في دعمها لكل الجهود الهادفة للوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية ينهي معاناة الشعب اليمني الشقيق ويضمن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لليمن والمنطقة». كما نال تعيين المبعوث الجديد ترحيبا من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي عبر عنه الدكتور نايف الحجرف الأمين العام للمجلس بتأكيده على أن المجلس يعمل معه من أجل مواصلة جهود المجتمع الدولي نحو إيجاد حل شامل للأزمة اليمنية، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

هل تفضي المبادرة السعودية تجاه اليمن إلى «اتفاق طائف» جديد؟

وفى السياق الإقليمي أيضا أكدت الخارجية الإماراتية على دعمها للمبعوث الجديد ودوره في التنسيق مع الدور المحوري الذي تقوم به السعودية في تحقيق الاستقرار والأمن لليمن.

وعلى المستوى الدولي، عبر البيان الصادر عن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بترحيب بلاده بتعيين المبعوث الجديد الذي تتطلع بلاده للعمل معه من أجل تحقيق حل دائم للصراع في اليمن. مؤكدا على أن «الوقت قد حان من أجل السلام، وأن ثمة إجماعا دوليا وإقليميا غير مسبوق على ضرورة إنهاء هجوم الحوثيين على مأرب، وغير ذلك من المعارك»، ليتفق في ذلك مع الموقف الأوروبي الذي عبرت عنه نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بيانها الذي أكد على تقديرها لتعيين المبعوث الجديد مع أهمية العمل على حل النزاع المدمر في اليمن الذي دخل عامه السابع مؤخراً، فيما الوضع الاقتصادي والإنساني مريع، على وحد وصفها.

وعلى مستوى الداخل اليمني، عبرت الحكومة اليمنية في بيانها عن أملها في نجاح المبعوث الجديد بما لديه من خبرة ودراية بالشأن اليمني، على استئناف الجهود السياسية الرامية للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، في ظل الإجماع الدولي على ضرورة إنهاء الحرب، والتوصل إلى تسوية سياسية عبر الحوار والتفاوض، وهو ما أكد عليه رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك خلال اتصاله الهاتفي بالمبعوث الجديد، بأن «حكومته الشرعية ستقدم كل العون والمساندة لإنجاح مهام المبعوث الأممي الجديد وفق مرجعيات الحل السياسي الثلاث المتوافق عليها محليا والمؤيدة دوليا والمتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومنها القرار 2216».

ولكن على العكس من كل ما سبق، يواجه المبعوث الجديد العقبة الكؤود المعرقلة لكل جهود السلام في اليمن، والمتمثلة في موقف الجماعة الحوثية غير الداعم، إذ إنه على الرغم من الموقف الأولى الذي تبنته الجماعة في ترحيبها بتعيين المبعوث الجديد، كما جاء في بيان وزير خارجية الانقلاب هشام شرف وعبر فيه من باب الترحيب البروتوكولي بهذا التعيين بقوله: «إنه يتمنى له النجاح في مهمته». إلا أنه سرعان ما تراجعت الجماعة عن ذلك لتؤكد في تغريدة للمتحدث باسمها محمد فليتة على «تويتر»، جاء فيها أن «تعيين مبعوث جديد لا يعني شيئا ما لم يكن هناك إعلان صريح بوقف ما سماه بالعدوان ورفع الحصار»، في إشارة إلى العمليات القتالية التي يخوضها الجيش اليمني بإسناد من تحالف دعم الشرعية وإلى القيود المفروضة على تهريب الأسلحة للجماعة عبر المنافذ الخاضعة لها. ليؤكد هذا التراجع على نهج الجماعة في تبنيها لمسلسل المراوغات الذي دأبت عليه أثناء عمل المبعوثين السابقين، سعيا من جانبها لإفشال مساعي السلام، والرهان على عامل الوقت لمواصلة تصعيدها العسكري، على غرار رفضها للخطة الأممية للسلام القائمة على المبادرة السعودية التي تقترح وقفا شاملا لإطلاق النار.

جمال بن عمر

المجتمع الدولي والأزمة اليمنية... نحو مقاربة مغايرة

يكشف ما سبق أنه رغم كل الجهود التي تبذلها بعض الأطراف الدولية لحل الأزمة اليمنية إلا أن الواقع يؤكد أن ثمة تفهما غير صحيح من جانب المجتمع الدولي لما يحدث في اليمن، وهو ما أدى إلى فشل النهج النموذجي المتبع من جانب المجتمع الدولي للوصول إلى السلام في البلاد، مع الأخذ في الحسبان أن هذا لا يعني أن المجتمع الدولي ضد السلام، وإنما يعني أن النهج الحالي لدى المجتمع الدولي في إدارة الملف اليمني يغلب عليه النهج البيروقراطي التقليدي، في حين أن الأوضاع على الأرض اليمنية تتأثر بما يحدث من تحولات إقليمية على غرار ما يحدث في إيران وتأثير مستجدات الملف النووي والانتخابات الرئاسية، وما يجري من تطورات دولية على غرار تأثيرات صعود الديمقراطيين إلى الحكم والموقف الذي تبناه الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن تجاه جماعة الحوثيين بانتفاء صفة الإرهابيين عنها.

ولذا، فإن إحلال السلام في اليمن لا يتطلب فحسب تغيير المبعوث الأممي رغم ما قد يتمتع به من خبرات طويلة في إدارة الصراعات، ومعارف عديدة بالأوضاع الراهنة، وإنما يحتاج الأمر إلى البحث عن مقاربة جديدة مغايرة للنهج المتبع في إدارة الصراع في اليمن، مقاربة تأخذ في حسبانها أربعة أبعاد:

الأول: التعنت الحوثي ومراوغاته المستمرة والتي يخفيها بفعل التعتيم الإعلامي لكل ما يجري في صنعاء والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها الجماعة، خاصة مع رفضها الشرط الأساسي لإقرار السلام واستعادة الاستقرار وهي الموافقة على نزع السلاح كبادرة أولى رئيسية تعكس حسن نواياهم. وذلك على حد وصف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، حينما اتهم الميليشيات الحوثية في يونيو (حزيران) 2021 بأنها جماعة «لا تؤمن بالتعايش والسلام، وأنها لا تجيد غير لغة السلاح». ولذا فعلى المبعوث الجديد أن يعي الدرس جيدا في أن الضغط على الحكومة الشرعية لتقديم تنازلات لجماعة الحوثي لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعنت من جانب الجماعة، بل مما يثير الدهشة أن المبعوثين الدوليين ينظرون إلى الجماعة على قدم المساواة من الحكومة الشرعية، وهذه النظرة تحتاج إلى تعديل كلي لأنه من الصعوبة بمكان المساواة بين حكومة شرعية وجماعة متطرفة تتبنى منهج المراوغة والتدليس والكذب في سبيل ترسيخ وجودها على الأرض.

* يواجه المبعوث الجديد العقبة المعرقلة لكل جهود السلام، والمتمثلة في موقف الجماعة الحوثية غير الداعم

الثاني، مدى الحاجة إلى دراسة جادة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي يمثل مرتكز عمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة. فالخبرة السابقة في ضوء جهود المبعوثين الدوليين إلى اليمن تؤكد على محدودية قراراتهم التي ربما لا تتوافق مع تحولات الأوضاع على الأرض اليمنية اليوم، وهو ما يستوجب أن يصدر مجلس الأمن قرارات جديدة تضغط على الحوثيين لتنفيذ كافة التزاماتها السابقة، إلى جانب قبولها للجلوس مع الحكومة الشرعية إلى طاولة المشاورات للتوصل إلى تفاهمات تنقذ اليمن من مصير محتوم.

الثالث، سرعة حل بعض المهام العالقة ومنها؛ استعادة مؤسسات الدولة، ودعم دور البنك المركزي داخل عدن، والبحث عن آليات تنشيط المؤسسات الرسمية والخدماتية.

الرابعة، أهمية العمل على إشراك منظمات المجتمع المدني الحقيقية في عملية السلام في اليمن والابتعاد عن المجموعات التي لديها أجندات خاصة، مع إفساح المجال لمشاركة المرأة والشباب بصورة فاعلة في المسارات التفاوضية، لما لهم من أهمية في صياغة شكل السلام المستدام الذي يطمح إليه جميع اليمنيين.

 

* المبعوثون الدوليون ينظرون إلى الجماعة على قدم المساواة من الحكومة الشرعية، ومن الصعوبة بمكان المساواة بين حكومة شرعية وجماعة متطرفة تتبنى منهج المراوغة والتدليس والكذب

ملخص القول، إن الأزمة اليمنية ستظل تراوح مكانها في المدى المنظور، ما لم تشهد موقفا دوليا مغايرا تجاه ما تقوم به جماعة الحوثيين من أعمال إرهابية ليس فقط في الداخل اليمني وإنما على الحدود مع المملكة العربية السعودية. والموقف الدولي المطلوب لا يقتصر على مجرد الإدانة فحسب، بل يجب أن تكون هناك قرارات فاعلة وسياسات رادعة وضغوطات نافذة تجبر الجماعة على احترام الشرعية الدولية والمشروعية القانونية التي أقرتها قرارات الأمم المتحدة في احترام الحكومة الشرعية التي تسعى إلى إعادة ترتيب البيت اليمني وفقا لمبدأ اليمن لليمنيين، مع نزع السلاح من كافة الجماعات المسلحة وانخراطها في الحياة السياسية اليمنية، هذه هي الخطوة الأولى في سبيل الحل الذي سيأخذ مراحل عدة تحتاج خلالها اليمن لاتخاذ قرارها بالابتعاد عن أطراف إقليمية لم تقدم للشعب اليمني سوى الدمار والخراب تحت شعار دعم الطائفية في إشارة صريحة إلى إيران.

في مقابل ذلك تحتاج اليمن أيضا إلى عون أصدقائها الذين كانوا دوما سندا لها فى أزماتها ولا يزال دورهم فاعلا في دعمها لإقرار السلام ومساندة حكومتها الشرعية، وعونا لتخفيف المعاناة عن شعبها من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية في تأكيد صريح على الدور الإنساني والتنموي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في اليمن.

 

 

 

 

 

 

 

 

السعودية تعلن مبادرة لإنهاء الأزمة في اليمن.. وترحيب عربي وإسلامي ودولي بها

 

 

 

font change

مقالات ذات صلة