عودة الروس تحيي القطاع السياحي المصري وتنعش البورصة

بعد توقف دام 6 سنوات

سائحون روس على رحلة متوجهة نحو مصر في أغسطس 2021 (غيتي)

عودة الروس تحيي القطاع السياحي المصري وتنعش البورصة

 

القاهرة: تفاؤل كبير ساد الأوساط السياحية والسياسية المصرية، مع استقبال مطار الغردقة، لأولى الرحلات الجوية القادمة من روسيا في التاسع من الشهر الجاري، واستئناف روسيا، وأوكرانيا، وبيلاروسيا، 168 سيدة، و62 رجلا، و17 طفلا، بحيث تمت أولى الرحلات من موسكو إلى الغردقة، بعد انقطاع دام حوالي 6 سنوات، على خلفية سقوط طائرة روسية.

وبهذه الرحلة تبدأ مرحلة جديدة لعودة السياحة الروسية إلى مدينتي الغردقة وشرم الشيخ، وتشغيل شركة مصر للطيران، ولأول مرة، رحلات منتظمة مباشرة بين موسكو وكلا من مطاري الغردقة وشرم الشيخ، بواقع 4 رحلات يومية بين الغردقة وموسكو، وثلاث رحلات يوميا بين موسكو وشرم الشيخ، بجانب الرحلات اليومية بين القاهرة وموسكو، ما يضيف خدمات وخيارات سفر جديدة تساهم في جذب أعداد أكبر من السائحين والمسافرين القادمين من روسيا، والبلدان المجاورة لها.

فيما تتزايد توقعات عدد من المسؤولين بشركات السياحة المقيدة في البورصة بأن يُحدث قرار عودة السياحة الروسية لمصر استفادة كبيرة في هذا القطاع، حيث تأثرت كافة الشركات العاملة بالقطاع السياحي سلبا وبشكل كبير خلال الأعوام السابقة نتيجة توقف السياحة وانتشار فيروس كورونا، حتى وصلت نسبة الإشغالات خلال تلك الفترة للمعدلات الصفرية خلال الموجة الأولى للوباء، وسوف يؤدي قرار عودة السياحة الروسية إلى انتعاشة في القطاع بشكل عام، وبشكل مباشر للشركات التي تستقبل السياح الروس، وبشكل غير مباشر للشركات الأخرى من خلال تحسين أسعار الغرف الفندقية

كما فتح قرار عودة استئناف الرحلات السياحية الروسية لمصر التساؤلات حول أهمية الخطوة، ومردودها على الاقتصاد المصري بشكل عام، في ظل معاناة اقتصاديات العالم جراء وباء كوفيد-19 وتأثيراته السلبية، وما هي تأثيرات قرار عودة السياحة الروسية ومردوداتها الإيجابية على جذب الاستثمارات؟ وبشكل خاص تأثيراتها على حركة التداول، ونشاط البورصة المصرية، في ظل الوضع الوبائي لفيروس كورونا داخل الأراضي الروسية، وتأثيراته على الاقتصاد المصري.

فندق مطل على النهر في مدينة أسوان جنوبي مصر. يُعتقد أن الكاتبة البريطانية أجاثا كريستي أقامت هناك أثناء كتابة روايتها «الموت على النيل»عام 1937 (أ.ف.ب)

عودة لنشاط قطاع السياحة في البورصة

عودة السياحة الروسية إلى مصر تؤثر بشكل عام على الاقتصاد، وعلى موارد الدولة، لأن السياحة تعد مصدرا هاما من مصادر موارد الدولة، وكانت حركة السياحة المصرية قد تأثرت بشكل كبير بأحداث مهمة، أولها، أحداث 25 يناير عام 2011، وكذلك تأثرت بشكل خطير بعد سقوط الطائرة «بوينغ»الروسية فوق سيناء نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2015، والتي أودت بحياة 224 شخصا، وكذلك بالأزمة العالمية التي خلفها وباء كورونا. ومن المعروف أن أكبر الإيرادات تأتي من السياحة الروسية والتي تجلب معها السياحة الأوكرانية، والدول المجاورة لها.

وعودة السياحة الروسية مهمة جدا في حد ذاتها وذلك حسب أستاذ الاقتصاد والاستثمار الدكتور إبراهيم مصطفى، في تصريحات خاصة لـ«المجلة»،مؤكدا أنه بالعودة للمستويات الطبيعية فسوف تزيد الإيرادات السياحية، والتي يترتب عليها عدة مكاسب أخرى، إضافة إلى زيادة حجم التشغيل في الفنادق التي لم تكن تصل لحجم الإشغالات الطبيعية لها، كما تسهم في تحسن موارد الدولة من قطاع السياحة والتي تحقق إيرادات أكثر من 13 مليار دولار، وكلما زادت أعداد السياح الروس ومن الدول المجاورة لها فسوف تعود الفنادق إلى إعادة التشغيل بطاقة إنتاجية أعلى وبالتالي إعادة تشغيل العمالة التي تضررت من انقطاع السياحة.

كما يستطيع قطاع السياحة، حسب دكتور إبراهيم مصطفى، تعويض الأضرار التي تعرض لها خلال الفترة الماضية جراء انقطاع السياحة الروسية، وتداعيات أزمة وباء كورونا، وقد ساهمت الدولة في تخفيف آثار الأزمة خلال الفترة الماضية بعدة إجراءات متعلقة بالضرائب العقارية ومنها تأجيل الأقساط المستحقة على المنشآت السياحية والفندقية، وعودة السياحة الروسية لمصر سوف تعيد التوازن لقطاع السياحة وسوف يحقق إيرادات وأرباحا جيدة ستساعده على الاستمرار، وفي نفس الوقت سيحسن اقتصاديات الدولة، فقطاع السياحة مورد مهم وله أثر كبير على آداء البورصة المصرية وانتعاش الموارد وانتعاش مداخيل الناس، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تحسن الموارد لكافة قطاعات الدولة ومن المعروف أن قطاع السياحة في البورصة قطاع منهار، وعودة النشاط لقطاع السياحة عبر عودة السياحة الروسية هي عودة لهذا النشاط داخل البورصة، وهو ما ينعكس بالإيجاب على أداء البورصة عموما، وعلى أسهم قطاع السياحة في البورصة وعودة نشاطها مرة أخرى، مما يسهم خلال الفترة القادمة مع عودة السياح الروس وبقية الجنسيات في أن تكون هناك نظرة من المستثمرين على الاستحواذات على الشركات السياحية أو الفنادق السياحية، وبالتالي إعادة تطوير الفنادق مرة أخرى وضخ استثمارات جديدة، وكل هذا من العوامل المهمة.

ومن المهم- والكلام ما زال للدكتور مصطفى- أن نعي أن العالم كله لم يتخلص من تداعيات أزمة كورونا السلبية على الاقتصاد، ومصر من أفضل الدول التي لم تتأثر بشكل كبير بأزمة كورونا مثل دول كثيرة، وبالتالي فمصر مؤهلة لعودة الحياة للاقتصاد بشكل أسرع عن بقية الدول الأخرى، وبالتالي فإن كافة القطاعات الاقتصادية سوف يكون لديها نفس الفرصة للقيام والنهوض بشكل أسرع. وخلال الفترة الماضية اعتمد قطاع السياحة على السياحة الداخلية للأقصر وأسوان والبحر الأحمر، ودعمت تذاكر الطيران حتى وصل الدعم لحوالي 50 في المائة، ودعم هذا القطاع كان أمرا مهما، وساهم بشكل كبير جدا في تحسن موارد الدولة وعودة النشاط لهذا القطاع مرة أخرى وبالتالي تحسن نشاط وآداء قطاع السياحة داخل البورصة من حيث الأسهم المقيدة في البورصة وإعادة الطلب عليها مرة أخرى.

السياحة المصرية وتداعيات فيروس كورونا

عوامل زيادة حجم التداول داخل البورصة

هناك عدة عوامل أثرت بالإيجاب على ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية، منها إيجابية نتائج أعمال الشركات والبنوك خلال الفترة الأخيرة، والتصفيات الائتمانية للاقتصاد المصري، والنظرة الإيجابية للتصنيف الائتماني للبنوك، إضافة إلى عودة السياحة الروسية واستقبال مطار الغردقة أول رحلة طيران، وهو ما يؤثر بالإيجاب على قطاعات السياحة والنقل، والأغذية، وتسيير القطاعات اللوجستية في ذات المضمار، حسب الاقتصادي محمد كمال، حيث إن السياحة الروسية تمثل جزءا مهما من حركة السياحة العالمية، وتمثل أحد أهم موارد العملة الأجنبية بالنسبة لمصر، وجميع هذه العوامل تؤدي إلى زيادة حجم التداول داخل البورصة، والاستثمار الأجنبي في البورصة المصرية، ومن المتوقع أن يكون الربع الأخير من هذا العام، أفضل ربع لاستثمارات الأجانب، حيث إن تمركز المؤسسات الأجنبية والمحلية في المؤشر الرئيسي يعبر عن الرجوع مرة أخرى للاستثمار المؤسسي في البورصة المصرية، كما أن تغيير منهجية المؤشرات لن يؤثر بالسلب أو بالإيجاب على حركة التداولات والسيولة والاستثمار، لكنها تؤثر على التحليل الفني وإغلاقات المؤشرات ومن شأنها قراءة السوق بشكل أفضل.

تُظهر هذه الصورة منظرًا لقلعة شالي التي تم ترميمها، في واحة سيوة الصحراوية المصرية، على بعد 600 كيلومتر جنوب غربي العاصمة القاهرة، في 6 نوفمبر 2020 (أ.ف.ب)

توقعات بزيادة عدد الرحلات رغم أزمة كورونا

ومن المتوقع زيادة عدد الرحلات خلال الفترة المقبلة مع عودة الطيران العارض بين المقاصد السياحية المصرية على البحر الأحمر، وقلة تأثير ومخاطر الوضع الوبائي لفيروس كورونا في روسيا على قطاع السياحة المصري، حسب عضو هيئة تنشيط السياحة المصرية، أحمد يوسف، حيث اتخذت مصر الإجراءات اللازمة لحماية السياح والعاملين في هذا القطاع وتم تطعيم جميع العاملين في جنوب سيناء والبحر الأحمر، كما يطلب من السائح تسليم شهادة (بي سي آر) حديثة لا تتجاوز 72 ساعة، أو شهادة تفيد حصوله على اللقاح، وهذه الإجراءات يتم اتباعها منذ أشهر عديدة، وأثبتت فاعليتها في مواجهة الوباء.

وهناك أهمية كبيرة لعودة السياحة الروسية لمصر والتي بدأت تباشيرها بأولى الرحلات إلى مدينتي الغردقة، وشرم الشيخ، على ضوء الإيرادات التي تدرها السياحة على الميزانية المصرية، وسيكون لها تأثير إيجابي على قطاع السياحة، والاقتصاد المصري بشكل عام باعتبار أن السياحة تسهم بحوالي 15 في المائة من الناتج القومي المحلي في مصر، كما تستفيد عدة صناعات مرتبطة بها، وتخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى كونها مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي والعملة الصعبة، وستفتح عودة السياحة الروسية الباب لعودة الرحلات السياحية من الأسواق الأخرى واستئناف حركة السياحة لمصر، ومساهمة ذلك في عودة الاستثمار في أسهم الشركات السياحية داخل البورصة المصرية.

خالد الشافعي لـ«المجلة»: السعودية ومصر وفرتا بيئة جاذبة للاستثمار.. وتجاوزتا جائحة كورونا بكفاءة  

فيما قال محلل القطاع العقاري بإحدى شركات تداول الأوراق المالية، محمد جاد، إن هناك استفادة بشكل مباشر لشركات السياحة العاملة بالسوق المحلية، من خلال استقبالها السياح، وبشكل غير مباشر بدعم أسعار الغرف الفندقية، كما أن رواج الحركة السياحية بشكل عام يعمل على تحسين أسعار الغرف الفندقية لكافة الشركات العاملة.

السيسي: مشروع «حياة كريمة» لتطوير الريف سيكون إنجازا غير مسبوق

font change

مقالات ذات صلة